المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : واجب الأمة نحو نبيها الجزء الثاني


almojahed
04-12-2011, 11:36 PM
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

متابعةً لِرِسالَتِنا الأولى والتي كانت بعنوان واجبُ الأمة نحو نبيِّها صلى الله عليه وسلم والتي ذكرنا فيها عدةَ واجبات على الأمة اتجاهَ نبيِّها
*- ذكرنا أولاً محبَّته صلى الله عليه وسلم في كل مكان وفي كل زمان وعلى جميع المُستَوَيات ، محبةً أكثرَ من المال والنفس والأهل والوالدِ والولد والناس أجمعين
*- وذكرنا الواجبَ الثاني نحوَ نبيِّنا  وهو طاعتُه في كل زمان وفي كل مكان وفي كل الأمور
*- وذكرنا الواجبَ الثالثَ نحو نبينا  وهو أن نستجيب له إذا دعانا لما يحينا

*- رابعاً واجبُنا أيضاً نحو نبينا أن نحافظَ على الأمانة التي تركها لنا عليه الصلاة والسلام ، ولا نخونهُا قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }
وهذا هو مدار حديثي مع حضراتكم في هذا اللقاء الميمون المبارك ، فالله أسأل التسديد والرشاد
*- إذن الواجبُ على المسلمين أن يحافظوا على هذه الأمانةِ التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،والمحافظةُ على الأمانة لا يكون إلا إذا أُدِّيَت كما أُستلمت من غير زيادة ولا نقصان
والأمانةُ التي تركها لنا النبيُ عليه صلى الله عليه وسلم هي ما جاء وصفُها في هذا الحديث الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام " تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدَهما ما تمسكتم بهما كتابَ الله و سنتي و لن يتفرقا حتى يردا الحوض "
ومِنْ غَيرِ زيادة ولا نقصان تضَمَّنها هذا الحديثُ " فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ "
وبهذا أوصانا الله تعالى حيث قال { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
قال ابن عباس في تفسيره لهذه الآيةِ " أي لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة " .

أي بمعنى : أنه لا واجبَ إلا ما أوجبه الله ورسولُه ، ولا حرامَ إلا ما حرمه الله ورسوله ولا دينا إلا ما شرعه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم 0
جاء عن أبي ذر قال : " تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم و ما طائرٌ يُقَلِّبُ جناحيه في الهواء إلا ذَكَر لنا منه علماً "

وجاء عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه أنه قِيلَ لَهُ قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ
فَقَالَ أَجَلْ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ "

ولهذا إنكم لترون هذا القرآنَ العظيمَ قد بين اللهُ تعالى فيه أصولَ الدينِ وفروعَه ابتداءً من التوحيد وانتهاءً بآداب المجالس والاستئذان، واللباس إلى آخره وهذا هو مصداقُ قولهِ تعالى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}
فما من شيء يحتاج الناس إليه في مَعادهم ومعاشهم إلا بينه الله تعالى في كتابه العزيز إما نصّاً أو إيماءً وإما منطوقاً وإما مفهوماً.
وأيضاً إنكم لترون السنةَ النبويَّةَ قد بَيَّن لنا فيها صاحبُها عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أصولَ الدين وفروعَه متمثلا بقوله صلى الله عليه وسلم " الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا ، أَفْضَلُهَا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأذى عَنِ الطَّرِيقِ ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ. "
فالرسول صلى الله عليه وسلم ما انتقل من هذه الدنيا إلا بعد أن أكمل لنا هذا الدينَ وهو القائل " والذي نفسي بيده ما تركت شيئا يقربكم من الجنة ويباعدكم عن النار إلا أمرتكم به وما تركت شيئا يقربكم من النار ويباعدكم عن الجنة إلا نهيتكم عنه "
فصلوات ربي وسلامه عليه بلغ الرسالة و أدى الأمانة و لم يدع لأحد شيئاً يَستَدْرُكُه عليه صلى الله عليه و سلم
ولذلك قال ربُنا تبارك و تعالى مؤكداً لقيامه صلى الله عليه وسلم بحق كونه رسولاً ،
مُمتَناً بذلك على عباده فقال سبحانه { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
و قد نزلت آيةٌ عظيمةٌ و رسولُ الله في عرفةَ في حَجَّةِ الوَداع تأكيداً لهذا المعنى أي أن النبي صلى الله عليه و سلم أدى الرسالة كاملةً غيرَ منقوصة فقال سبحانه {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا }
و لقد عَرَفَ هذه الحقيقةَ حَبْر من أحبار يهود ، كان قد أسلم بعد أن هداه الله إلى هذا الدين و اسمه كعبُ الأحبار على قلة ممن أسلم من اليهود فلمَّا عَرَف مما درس من كتاب الله هذه الآيةَ الكريمةَ جاء إلى عمرَ بنِ الخطاب فقال يا أمير المؤمنين آيةٌ في كتاب الله لو علينا معشرَ يهود نزلت لاتخذنا يومَ نزولِها عيداً قال عمر رضي الله عنه و ما هي تلك الآية يا كعب قال : قوله تعالى { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا} المائدة ،
فَقَالَ عُمَرُ فَقَدْ عَلِمْتُ الْيَوْمَ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ وَالسَّاعَةَ ، وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَزَلَتْ ، نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ – أي ليلة العيد - وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ
إذن اجتمع ثلاثةُ أعياد بمناسبة نزول هذه الآية – يوم عرفة – يوم جمعة – وليلة عيد -

إذا تقرر ذلك عندك أيها المسلم – أي أن رسولَ الله بلغ الرسالة وأدى الأمانة وأنه صلى الله عليه وسلم ما خرج من هذه الدنيا إلا بعد كمالِ هذا الدين - فاعلم أن كلَ من ابتدعَ شريعةً في دين الله ولو بقصدٍ حسنٍ فإن بدعتَه هذه مع كونها ضلالةً ، تُعتَبرُ طعناً في دين الله عز وجل،
تعتبر تكذيباً لله تعالى في قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ --- }
وتكذيبا للرسول صلى الله عليه وسلم في قوله " والذي نفسي بيده ما تركت شيئا يقربكم من الجنة ويباعدكم عن النار إلا أمرتكم به وما تركت شيئا يقربكم من النار ويباعدكم عن الجنة إلا نهيتكم عنه "
فلسان حال هذا المبتدع يقول لا ، لم يُكْمِلْ الله هذا الدين ، ويريد أن يستدركَ على الله بما لم يَشْرَعْهُ الله 0
أخوتي في الله من المعلوم كما ذكرت لكم سابقا واذْكُرُه لكم اليومَ وأُذَكِّر به نفسي ما حييت في هذه الدنيا أن الله تعالى ما أوجدنا في هذا الكون إلا لعبادته وتوحيده حصرا ، والعبادةُ يجسدها القيامُ بالأعمال الصالحة والطاعات واجتنابِ النواهي والمحرمات
والعمل الصالح لا يكون صالحا إلا إذا تحقق فيها شرطان :
الأول : الإخلاص
الثاني : المتابعة
وهذان الأصلان شرطان لكل عمل ديني ظاهرٍ وباطن
ودليل الإخلاصِ من القرآن : قولُه تعالى { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )
وقولُه تعالى { أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ }
ودليل الإخلاص من السنة ما جاء عن أبي أمامة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أرأيتَ رجلا غزا يلتمس الأجرَ والذكرَ ما له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شيء له فأعادها ثلاثَ مرات يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شيء له ثم قال " إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِىَ بِهِ وَجْهُهُ "
ودليل المتابعةِ من القرآن : قوله تعالى { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا

ودليل المتابعة من السنة : قولُه عليه الصلاة والسلام " وتَفْتَرِقُ أمتي على ثلاثٍ وسبعين ملة كلُهم في النار إلا ملةً واحدةً قالوا ومن هي يا رسولَ الله قال ما أنا عليه وأصحابي "

ودليل الإخلاص والمتابعة مُجْتَمِعَيْن " قوله تعالى { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ }
معنى - أسلم وجهه لله - : أي حقق التوحيد والإخلاص
ومعنى - وهو محسن - : حقق المتابعة للنبي عليه الصلاة والسلام
وقال الله تعالى { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }
فإذا اختل شرطُ من هذين الشرطين فإن العمل مردود مهما عَظُمَ وأشير إليه بالبنان ، متمثلا بقوله تعالى { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا}
ومتمثلا بقوله عليه الصلاة والسلام " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وفي رواية " من صنع أمرا على غيرِ أمرِنا فهو رد وفي رواية " من عَمِل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد "

والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم لا تتحقق إلا بستة أمور
* الأول: السببُ فإذا تعبد الإنسان لله عبادةً مقرونةً بسببٍ ليس شرعيّاً فهي بدعةٌ مردودة على صاحبها، مثال ذلك أن بعضَ الناسِ يحيي ليلةَ السابعِ والعشرين من رجب بحجة أنها الليلةُ التي عُرِجَ فيها برسول الله صلى الله عليه وسلّم أو يحيي ليلةَ النصفِ من شعبان ،
فالتهجد وقيام الليل بحد ذاته عبادة ، ولكن لما قُرِنَ بهذا السبب كان بدعةً ؛ لأنه بنا هذه العبادةَ على سبب لم يثبت شرعاً.
وهذا الوصف ـ أي موافقةُ العبادةِ للشريعةِ في السبب ـ أمرٌ مهمٌ يتبين به ابتداعُ كثيرِ مما يُظَنُّ أنه من السنة وليس من السنة ، ويندرج تحت هذا البَنْدِ الاحتفالُ بما يسمى بالمولد النبوي ، وكذلك الاحتفال بالسَنَةِ الهجرية وغيرِهما

* الثاني: الجنس فلابد أن تكونَ العبادةُ موافقةً للشَّرْعِ في جنسها فلو تَعبَّد إنسانُ لله بعبادة لم يُشْرَعْ جنسُها فهي غيرُ مقبولةٍ، مثال ذلك أن يضحيَ رجل بغزال، فلا تصح أضحيتُه؛ رغم أن الغزال أغلى ثمنا من الشاة وأطيبُ لحما ولكن لا يُقْبَلُ منه ذلك لأنه خالف الشريعة في الجنس،
فالأضاحي لا تكون إلا من بهيمة الأنعام، الإبل، البقر، الغنم.

كذلك عقيقةُ المولودِ تكون بالشاة ، فالبعض يشترك في عجل للعقيقة قياساً على الأضحية ، فهذا خلاف السنةِ المعهودةِ عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
حيث جاء عن عطاء قال : قالت امرأةٌ عند عائشةَ : لو وَلَدَت امرأةُ فلانٍ نحرنا عنه جَزورا ، قالت عائشة : لا ، و لكن السنةُ عن الغلام شاتان و عن الجاريةَ شاةٌ واحدة "

بل وُلِدَ لعبد الرحمن بن أبي بكر غلامٌ فقيل لعائشة : يا أمَ المؤمنين : عُقي عنه جَزورا فقالت : معاذَ اللهِ ولكن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : شاتان مُكَافِئَتَانِ أَيْ مُسْتَوِيَتَانِ أَوْ مُقَارِبَتَانِ
وهكذا زكاة الفطر تُخرَجُ صاعا من طعامِ قوتِ البلد ، فهذا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والأصحابُ والأتباعُ ، فمن أخرجها نقودا أو ثيابا فلا يُقْبَلُ منه على القول الراجح من أقوال جماهير أهل العلم
وذلك لعمومِ قولهِ عليه الصلاة والسلام " من عَمِلَ عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه مسلم
* الثالث: القدر فلو أراد إنسانُ أن يزيد صلاةً على أنها فريضة ، فنقول: هذه بدعةُ غيرُ مقبولةٍ لأنها مخالفةٌ للشرع في القدر، ومن باب أولى لو أن إنساناً صلى الظهر مثلاً خمساً فإن صلاته لا تصح بالاتفاق.
وكذلك لو زاد في عدد الأشواط في طوافه حول الكعبةِ أو رجمَ الجمراتِ بأكثر من الحصوات المحدودة لذلك ، كلُّ هذا بدعةٌ غيرُ مقبولة لأنها مخالفةُ للشرع في القدر
* الرابع: الكيفية ، ومثالُه : قال عليه الصلاة والسلام " صلوا كما رأيتموني أصلي "رواه البخاري
فلو صلى إنسانٌ خلافَ ما أَمَرَ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم وغيَّر في الركوع والسجود وذكر أذكارَ القيامِ في الركوع وأذكارَ الركوع في السجود وأذكار السجود مكان التحيات وهكذا ،
ولو طاف طوافَ الإفاضةِ قبل الوقوف على عرفةَ ، أو رمى الجمراتِ قبل النزولِ إلى مُزدَلِفةَ ، فهذا لا يُقْبَلُ منه لأنه مخالفٌ للنبي صلى الله عليه وسلم في الكيفية وهو القائل خذوا عني مناسككم

* الخامس: الزمان فلو أن رجلاً ضحى في أوَّلِ أيَّامِ ذي الحجة فلا تقبل الأضحيةُ لمخالفةِ الشرع في الزمان.
ولو أن رجلا صلى الظهرَ قبل الوقت أو صلى أيَّ فريضةٍ سواء صلاها قبل الوقتِ أو بعدَه متعمدا فلا تقبلُ منه لأن الصلاةَ كانت على المؤمنين كتابا موقوتا
وهكذا رمضان ، فمن صام رمضانَ في شعبان أو في شوال فهذا لا يُقبَلُ منه ، وهكذا الحج ،
فجبلُ عرفةَ موجود الآن ولم يتزحزح من مكانه فهل لو وقف إنسانٌ ما ، عليه ، في غيرِ اليومِ المحددِ له وهو يومُ عرفةَ ، فهل يقبل حَجُّهُ ؟ بالطبع لا لأنه مخالف للنبي عليه الصلاة والسلام في الزمان
* السادس: المكان فلو أن رجلاً اعتكف في غير مسجد فإن اعتكافَه لا يصح؛ وذلك لأن الاعتكاف لا يكون إلا في المساجد ولو قالت امرأةٌ أريد أن أعتكف في مصلى البيت. فلا يَصِحُّ اعتكافُها لمخالفة الشرع في المكان.
ومن الأمثلةِ أيضا
لو أن رجلاً أراد أن يطوف فوجد المطافَ قد ضاق ووجد ما حوله قد ضاق فصار يطوف من وراء المسجد فلا يصح طوافه لأن مكانَ الطواف البيت ،
قال الله تعالى لإبراهيم الخليل: {وَطَهِّرْ بَيْتِىَ لِلطَّآئِفِينَ وَالْقَآئِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ لِلطَّآئِفِينَ وَالْقَآئِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ }.
أو لو أن انساناً وقف على جبل أحدٍ في يومِ عرفةَ عِوَضاً عن جبل عرفة مستندا على قوله صلى الله عليه وسلم " أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ"
هل يُقبل منه ذلك بالطبع لا ، لأنه خالف النبيَ صلى الله عليه وسلم في المكان ، إلى غير ذلك من الأمثلة 0
وهكذا تقاس جميعُ العبادات التي يُتَقَرَّبُ بها لرب البريات على هذه القواعد الأصولية الست في السنة النبوية المطهرة
السبب – الجنس – القدر – الكيفية – الزمان -المكان
فمن وافقها كان ممن قال الله فيهم { وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
ومن خالفها كان ممن قال الله فيهم { وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }
فمن تمسك بهذا الميراثِ وأدى الأمانةَ كما تَحمَّلَها وكما أنزلها الله تبارك وتعالى غَضَّةً طريةً كان هذا ثوابه على لسان النبي عليه الصلاة والسلام القائل " فإن من ورائكم أيام الصبر الصبر فيهن مثلُ القبضِ على الجمر للعامل فيهن مثلُ أجرِ خمسين رجلا يعملون مثل عمله " قيل يا رسول الله أجر خمسين رجلا منا أو منهم قال بل أجر خمسين منكم "
وكان هذا ثوابه ، قال عليه الصلاة والسلام " [ إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غيبا كما بدأ فطوبى للغرباء . قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : الذين يُصلحون إذا فسد الناس ] .الصحيحة
أما من ضيع الأمانة وخان الرسالة ضيعه الله تعالى في الدنيا والآخرة
أما في الدنيا فإن الله تعالى يَحْجِبُ التوبةَ عنه حتى يدعَ بدعتَه للحديث " ( إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعتَه )

وعندها تتغلغلُ البِدَعُ في جسد المبتدع ويُشْرِبُها قلبُه ويُزَيَّنُ له سوءُ عمله
فيصبح هذا حاله ، قال عليه الصلاة والسلام " "إِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَتَجَارَى بِهِمُ الأَهْوَاءُ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلْبُ بِصَاحِبِهِ، فَلا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلا مَفْصِلٌ إِلا دَخَلَهُ"
فتكون له المعيشة الضنكا في الدنيا وفي القبر والعياذ بالله ،
وأما في الاخرة فيتبرأَ منه النبي صلى الله عليه وسلم ، للحديث " أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ وَرَدَ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا وَلَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونَنِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فََأَقُولُ إِنَّهُمْ مِنِّي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ أَوْ مَا بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي "
فكان هذا جزاؤهم في الآخرة لأنهم كذبوا على الله وعلى رسوله ، وويل لمن كذب على الله وعلى رسوله ، قال تعالى { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ}
قال ابن عباس في قوله تعالى { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } يعني: يومَ القيامة، حين تبيضُ وجوهُ أهلِ السنة والجماعة، وتسودّ وجوه أهل البِدْعَة والفرقة.
أخوتي في الله هذا ما تيسر لي إيراده في هذا الباب ،
وأختم بهذه الكلمةِ أنه من عظَّم نبيَّه وأحبَّه أكثرَ من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين ، عظَّم سنتَه بل طبق نبيه على جوارحه في وضوئه يتوضأ كما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم ، في صلاته يصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم
يزكي كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، يحج كما حج النبي صلى الله عليه
وسلم وهكذا في باقي أركان وواجبات وسنن الاسلام والذي من تمامه حسن الخلق
وإلا تعصي الرسولَ وأنت تَزْعُم حُبَّه هذا لَعمري في القياس شنيع
لو كان حبُك صادقا لأطعته إن المحب لمن أحب مطيع

فاللهَ أسأل أن يجعلنا ممن تُبَيَّضُ وجوهُهُم وتُنَضَّرُ بلذة النظر إلى وجه ربها يوم تلقاه وأن يجمعنا على منابر من نور مع سيد الخلق أجمعين بجواره سبحانه وهو أرحم الراحمين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

كتبه أبو محمود رزوق


:2:

ابو احمد قنديل
04-13-2011, 06:20 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موضوع جميل جزاك الله خيرا

ابو عبد الرحمن
04-13-2011, 07:31 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وإلا تعصي الرسولَ وأنت تَزْعُم حُبَّه هذا لَعمري في القياس شنيع
لو كان حبُك صادقا لأطعته إن المحب لمن أحب مطيع

جوزيت خيرا واحسن الله اليك

أبوالنور
04-13-2011, 07:53 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
http://img199.imageshack.us/img199/8384/94220338.gif
وجزاك الله خير الجزاء
اخي أبوجبريل

almojahed
04-13-2011, 05:58 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفيكم بارك الله إخوتي و جزاكم الله خيرا على مروركم الكريم و حفظ الله شيخنا ابو محمود رزوق .. أللهم آمين

ابونواف
09-24-2011, 12:28 PM
جزاك الله خير اخي مجاهد واشكرك علي متابعه الاخبار

ام هُمام
04-05-2012, 05:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
بارك الله فيكم واحسن اليكم