المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طفل على أعتاب الدراسة


ابو أمير
09-15-2012, 09:44 AM
طفل على أعتاب الدراسة

عمر السبع


الأب: أنت أيها المدرس لا تقوم بدورك على أكمل وجه.
المدرس: بل أنت الذي لا تقوم بدورك.
الأب: وهل تدريس الطفل هو دوري أم دورك.
المدرس: بل دوري ولكن دوري أن أشرح الدرس وأن أبسط المعلومة وأن أعطي الواجب لا أن أعمل الواجبات للطفل.
الأب: إذا كان طفلي لا يعمل الواجب فذلك بسبب أنك لم تشرح الدرس جيدًا.
المدرس: وإذا كنت لا أجيد الشرح لما قام طلاب الفصل كلهم بعمل الواجب.
الأب: واجب عليك أن تعطيه وقتًا إضافيا.
المدرس: بل واجب عليك أنت أن تتابع طفلك وأن تساعده في حل واجبات وأن يكون لك دور معه.
الأب: وهل أترك أنا عملي وأشغالي لأقوم بعملك أنت.
المدرس: لا بل شارك في أفضل استثمار تستثمره في حياتك ألا وهو الاستثمار في طفلك فهو والله خير من المال و وخير من الدنيا وما فيها!
مسكين هذا الطفل:
يتيم وهو يعيش في بيت أبيه وأمه!
نعم انه يتيم، لأنه أمه تخلت عنه في أحوج لحظات حياته وعاش أبوه عنه مشغولًا وصدق الشاعر حين قال:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من هم الحياة وخلفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له أمًا تخلت أو أبًا مشغولًا
إن مشكلة التأخر الدراسي لطالما نلحظها في مجتمعاتنا خاصة وقد غلبت عليها الماديات وافتقرت إلى روح الحياة وجوهرها ألا هو الإيمان وغابا فيها الأب و الأم عن أداء دورهما الرئيسي في الحياة ألا وهو تربية الأولاد.
وإننا إن تأملنا مشكلة التأخر الدراسي سنعترف بالتأكيد أن المدرسة لها دور كبير في حل هذه المشكلة أو على العكس يكون لها الدور السلبي بالمساعدة على نموها. فالمدرسة بلا شك هي نصف عمر الطفل أو أكثر من النصف يعيش فيها الطفل أغلب ساعات طفولته، ولا يمكن أن نهمل دور المعلم وتأثيره على الطفل، ولكننا رغم ذلك كله وإن قلنا بأن للمدرسة وللمعلم دور كبير فإننا نؤكد أن للبيت الدور الأكبر، وهذا الأمر قتل بحثًا بالدراسات والإحصائيات و الواقع.
الطفل المتأخر دراسيًا حصاد مر ولكنه نبت بذرته في بيتك:
إننا إن أردنا أن نكون صادقين مع أنفسنا سنوجه اللوم لأنفسنا أولًا وما هذا إلا مصداقًا لقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
ومن ثم نوجه الاتهام للمدرسة، ولكن بعد أن نكون قد انتهينا عن كل الأخطاء التي فعناها من قبل مع أبنائنا.
إن كثيرًا من الآباء يظن أن المدرسة عليها أن تفعل كل شيء وأن البيت ليس له دور على الإطلاق في تعليم أطفالهم وبالتالي تكون الاتكالية التامة على المدرسة والتقصير من جانب البيت بل إن بعض الأسر تجد فيها الأب يعمل والأم كذلك تعمل ويعود الأولاد للبيت فلا يجدون من يهتم بهم أو يأبه لأمرهم أو حتى يقوم بالتوقيع على شهاداتهم أو كراساتهم.
إن الواقع يشهد أيها الآباء أن الطفل المتفوق دراسيًا ما هو إلا حصاد اهتمام الآباء والطفل المتأخر دراسيًا ما هو إلا حصاد إهمال الآباء بل إن الواقع يشهد أيضًا أن تأخر مستوى الطفل لفترة طارئة يكون ذلك غالبًا بسبب ظرف طاريء في البيت كسفر أحد الوالدين مثلًا أو مرض أحدهما، فحتى الظرف الطاريء يؤثر على مستوى الطفل المتفوق فكيف إذا ً بالطفل المتأخر.
حال الطفل في المدرسة ما هو إلا معبر حقيقي عن حال البيت:
فمهما حاولت أن تخفي خطئك أو أن تتبرأ منه أيها المربي فإن واقع طفلك سيفضحك وسيكشف الغطاء عن أخطائك التربوية فما الغصن إلا فرع من أصل الشجرة فلو صلحت الشجرة لصلح الغصن كما قال الشاعر:
إن الفروع من الأصول ولن ترى فرعًا يخيب وأصله قد أينعا
(فأثر الوالدين في الولد وما يلهمانه به من تربية وآداب لا ينكره منكر، فالولد يتأثر بوالديه تأثرًا مشهودًا، وجميل في تصوير ذلك ما أنشده الشاعر العربي:
مشى الطاووس يومًا باعوجاجٍ فقلد شكل مشيته بنوه
فقال: علام تختالون؟ قالوا بدأت به ونحن مقلدوه
فختل سيرك المعوج واعدل فإنك إن عدت معدلوه
أما تدري أبانا كل فرع يجاري بالخطى من أدبوه
وينشأ ناشيء الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
إن التاريخ الإسلامي يثبت أن (الأسرة تستطيع أن تمد المجتمع بنشء متحضر يأخذ بيد المجتمع ويسهم في تقدمه، فهؤلاء أبناء علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأولهم الحسن والحسين رضي الله عنهما ثم محمد بن الحنفية وغيرهم، وهؤلاء أبناء عمر رضي الله عنه وأهمهم عبد الله رضي الله عنه وهؤلاء أبناء العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه وأهمهم عبد الله بن عباس حبر الأمة وأبناء أبي بكر الصديق رضي الله عنه وجابر بن عبد الله وغيرهم ممن نشأ في أسر تمكن الإسلام من قلوب أصحابها ولقد ضرب الله تعالى لنا أمثلة كثيرة منها ما ذكره الله تعالى عن نصائح لقمان، ومنها ما ذكره عن نبي الله يعقوب عليه السلام وما نشأ عليه بنيه من فهم وعلم وايمان) [الأسرة المسلمة وتحديات العصر، حسن محمد الحفناوي].
ولكن ما هو الدور الذي يقوم به الوالدين؟
هذا هو السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه الآن، لابد لكل أب ولكل أم أن يعرفا ما هو دورهما تجاه ولدهما ليساعداه على التفوق والنجاح في الدراسة، والحقيقة أن الأدوار كثيرة ومتشعبة ولكن يمكن جمعها في أربع مهام رئيسية:
المهمة الأولى: ارفع من مستواك أيها المربي:
هل تعلم أيها المربي أن حالتك العلمية والثقافية بل والاقتصادية أيضًا تؤثر على تفوق طفلك، نعم فهذا ما أثبتته الدراسات فبهذا ينبئك الدكتور محمد عماد الدين إسماعيل وهو يتحدث عن البيئة المنزلية وأثرها على الطفل في كتابه الطفل من الحمل إلى الرشد فيقول : (وإذا كنا نتحدث عن البيئة المنزلية باعتبارها مجالًا مؤثرًا في التحصيل المدرسي للطفل فإن ذلك يتضمن في الواقع عوامل متعددة ذكرنا منها بالفعل المستوى التعليمي للوالدين والمستوى الاقتصادي الاجتماعي لهما وهناك إلى جانب ذلك نوع الشخصية التي يتميز بها الوالدين)
وهنا نركز بالذات على مستواك التعليمي أيها المربي، فالجانب الاجتماعي والجانب الاقتصادي هما محل اهتمام منك وجهاد، أما الجانب التعليمي فقليل من الآباء من يهتم به، وهذا خلل كبير في منظومة القدوة بالنسبة للطفل فكيف تطلب من طفلك مثلًا أن يكون متميزًا في اللغة الإنجليزية وأنت لا تملل له قدوة في ذلك وكيف تطلب منه أيضًا أن يكون متميزًا في القرآن الكريم وحفظه وأنت لا تحفظ شيئًا من كتاب الله بل كيف تريد منه أن يكون محبًا للقراءة وأنت لا تعطي للقراءة قسطًا من وقتك الثمين، يقول حسن محمد الحفناوي: (إن رب الأسرة الذي يواظب على القراءة سوف تستفيد أسرته من ثقافته، وسوف يشب أبناؤه محبين للإطلاع الذي نشأوا وترعرعوا في أحضانه وليس بمقبول الاعتذار بالأعذار الواهية كمن يقول إني مشغول لا أجد وقتًا للقراءة، ألا يجد وقتًا للطعام بلى يجد بالقطع، فإذا كان الطعام غذاء الأجسام، فإن القراءة غذاء العقول والأفهام، كما لا يقبل أن يقال: إن جهاز المرناة (التليفزيون) شغل الناس، وحسب ذلك الزعم فسادًا أن الذين اخترعوا المرناة جلهم يواظبون على القراءة أذكر أني كنت في مبنى المرناة لتسجيل بعض البرامج ثم عن لي أن أخرج للحديث في الهاتف فرأيت عامل الإضاءة وهو مجرد عامل وهو أوروبي من بولندا رأيته ينفرد بنفسه في مكان قصي ويقرأ في كتاب فسألته فقال انه كتاب في بعض برامج الحاسوب (الكمبيوتر) وأنه لا بد أن يقرأ ساعتين يوميا مهما كان الظرف حتى ولو كان مريضًا ألا يمكن أن نعود للقراءة والإطلاع وأن نرجع لصداقة الكتاب من جديد حتى نبني ثقافتنا ونستعيد حضارتنا)
المهمة الثانية: تابع مع طفلك:
وهذه هي المهمة الجوهرية في الحقيقة التي لا بد أن يقوم بها الوالدان وأن يقتسما العمل فيها معًا، المتابعة أهم دور يقوم به الوالدان مع ولدهما والتي تشمل نقاط رئيسية:
1. الاهتمام بالمواعيد:
والتي تهدف إلى أن يصل الطفل دائمًا إلى المدرسة في الوقت المطلوب وقد أدى واجباته، وتتضمن أن يكون الولدين منظمان في حياتهما وأن يتركا حياة الفوضى والفشل، فالطفل الذي يعيش في أسرة منظمة يكون منظمًا في فصله وفي مدرسته وفي أداء واجباته أما الطفل الذي اعتاد العيش في بيت يعمه الفوضى سيكون فوضويًا بالطبع، لابد أن يكون هناك موعدًا محددًا للنوم، ومن ثم للاستيقاظ ومن ثم لتناول الإفطار ومن ثم للغداء ثم لعمل الواجبات ثم النوم مرة أخرى.
2. الاهتمام بالواجبات:
وذلك كما ذكرنا أن يكون لها وقتًا محددًا ثم أن يساعد الأب ابنه وتساعد الأم ابنها في حل الواجبات ولا نقصد بهذا أن يقوما بحلها ولكن نقصد أن يشرحا له وأن يعطياه اهتمام , إن حالة الطفل يوميًا في المدرسة تختلف بحسب مساعدة الأب والأم للطفل في حل الواجبات أو عدم مساعدتهما له , ونحن لا نعني بهذا أن لا يعود الطفل تحمل المسؤولية أو أن يتكل على ذلك ولكن المساعدة تكون بحسب الحاجة وعلى حسب سن الطفل ومدى حاجته للمساعدة , فالمساعدة تقل تدريجيًا مع كبر سن الطفل وكذلك التوجيه والمتابعة .
3. قلل من الطواريء بقدر الإمكان:
إن الطفل يتأثر جدًا بالظروف المحيطة , وهي أي الظروف تؤثر بالفعل على تحصيله الدراسي , فمثلًا السفر المفاجيء يؤثر على تحصيل الطفل , فلا يكون السفر إلا لسبب ضروري قهري أما السفر بدون سبب فلا حاجة له , لأنه قد يؤثر سلبًا على الطفل , إن غياب الطفل عن المدرسة يؤثر سلبيًا عليه وعلى تحصيله ويشعر بعدها أنه متأخر عن أقرانه , ومع تكرار الغياب يقل التحصيل أكثر وهكذا ولهذا فعلينا أن نقلل من الأسباب الداعية للغياب بقدر الإمكان حتى لا نتسبب في تأخر أولادنا دراسيًا .
4. زيارة المدرسة أمر ضروري:
ما أجمل شعور الطفل في الحقيقة عندما يجد أحد والديه في المدرسة يسأل عن أحواله وكم نرى في عيني الطفل حينها فخرًا وعزًا وكأنه يريد أن يصرخ بأعلى صوته وسط زملائه ويقول بكل سرور وفرح : هذا هو أبي أو هذه هي أمي , ولكن على العكس تمامًا فإننا قليلًا ما نجد الآباء في اجتماع أولياء الأمور متواجدون إلا من رحم ربي
عزيزي المربي إن وجودك في المدرسة ومتابعة أحوال طفلك له أثر كبير على تفوق الطفل وزيادة مستوى تحصيله الدراسي.
وأخيرًا:
ساعد أبناءك الصغار على تنظيم وقتهم وأدواتهم لأداء الواجب المدرسي، ولتجعل لهم مفكرة تتابع فيها أداءهم للواجبات المدرسية، فحقائب ابنك التي تحوي الكتب والدفاتر قد تكون تتحول إلى سلة مهملات من الفوضى، ويحتاج ابنك إلى المساعدة في تنظيم حقيبته ودفاتره، فساعده ولكن لمرة أو مرتين، ثم اجعله بعد ذلك يخصص خمسة دقائق قبل أداء واجبه ليرتب أغراضه وعليك أن تشرف على ما يفعله، ولكن لا تقم به نيابة عنه، وفي النهاية سوف يعتاد على ذلك) [انظر "الفطرة السليمة"، د.راي بيرك، (224-225)، "كيف تساعد طفلك في واجباته المنزلية"، د.مارجريت سي، ود.جان شاي، ص(30)، بتصرف].

منقول

آمال
09-15-2012, 10:10 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
لا بد من التعاون الايجابي بين جميع الاطراف للوصول الى المستوى المطلوب!
والابتعاد عن القاء الاتهامات !
اخي ابو امير موضوعك رائع , ولكني اليوم انظر الى التربية على انها في سلم الاولويات وهي الاهم من التعليم!
يجب تكريس كل الجهود والقوة للتربية السليمة
اللهم اصلح حال المسلمين
جزاكم الله الجنة اخونا الفاضل

ابو أمير
09-15-2012, 10:21 AM
اختي الفاضلة
شكرا على تواجدك وانا اشاطرك الرأي فان التربية السليمة والصحيحة انا اعتبرها
برأي هي المفتاح لكل علم جزاك الله خيرالجزاء على هذه المداخلة الطيبة
ودمتم باااالف خيررررر

المؤمنة بالله
09-15-2012, 02:26 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع مميز بارك الله بك
بالفعل لابد من التعاون من طرفين المدرس والعائله لضمان جيل متكامل وتربيه سليمه
جزاك الله خير

ام هُمام
09-16-2012, 11:58 AM
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جزاكم الله كل خير موضوع قيم فعلا وهام

ابو أمير
09-16-2012, 02:09 PM
شكرا لكن اخواتي الفاضلات
على تواجدكن وتفاعلكن مع الموضوع
ودمتافي رعاية الله عز وجل

المحبة في الله
11-06-2012, 08:49 PM
بارك الله فيك اخي الفاضل على الموضوع القيم
و الذي اعتبره دعوة لاستفاقة الاهل .. و تحملهم مسؤولية ابنائهم

و اشد على يدك بخصوص اخر نصيحتين .. خصوصا في ظل الاوضاع الاقتصادية القائمة
التي دفعت بالاباء " الام و الاب " على حد سواء الى خلق جو من التوتر و القلق للابناء فيما يتعلق بمستقبلهم فكان له انعكاس سلبي اكثر منه ايجابا
و الثقة الزائدة بالابناء و عدم فهمهم الحقيقي ان الابناء مهما كبروا في العمر فهم بحاجة لرعاية و اظهار الاهتمام بهم مما جعل الاباء يتخلون عن فكرة زيارة المدرسة للاطمئنان على مستواهم حتى و ان كان جيد على الاقل من باب التشجيع

اسأل الله التوفيق للجميع .. خصوصا انها فترة امتحانات

و جزاكم خيرا اخي الفاضل

حافظة القرآن
11-07-2012, 05:55 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بك اخي فيجب ان يتم الاهتمام بالابناء من قبل الوالدين اولا لانهم الاكثر تأثيرا عليه
اما المدرسين والمدرسات يهتمون بجميع الطلبه لأفهامهم الدرس ويوضحون لهم ثانيا مع التشجيع
لغرض الحصول على جيل واعي مثقف يعتمد عليه