المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القضاء و القدر : كيف يفرق الانسان بين الفعل الاختياري والفعل الإجباري


المحبة في الله
11-18-2012, 11:44 PM
:1:


الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .وأشهد أن لا اله آلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،.. أما بعد



فيا أيها الاخوة الكرام : إننا في هذا اللقاء نبحث في أمر مهم يهم جميع المسلمين ألا وهو (( قضاء الله وقدره )) والأمر ولله الحمد واضح، ولولا أن التساؤلات قد كثرت ولولا أن الأمر اشتبه على كثير من الناس، ولولا كثرة من خاض في الموضوع بالحق تارة وبالباطل تارات ونظرا إلى أن الأهواء انتشرت وكثرت وصار الفاسق يريد أن يبرر لفسقه بالقضاء والقدر ، لولا هذا وغيره ما كنا نتكلم في هذا الأمر .


القضاء والقدر ما زال النزاع فيه بين الأمة قديما وحديثا فقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يتنازعون في القدر فنهاهم عن ذلك وأخبر أنه ما أهلك الذين من قبلكم الا هذا الجدال.
فالإيمان بالقدر هو من ربوبية الله عز وجل ولهذا قال الإمام احمد رحمه الله تعالى : القدر قدرة الله.ا.هـ لأنه من قدرته ومن عمومها بلا شك وهو أيضا سرٌ الله تعالى المكتوم الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى .



ان الأمة الإسلامية انقسمت في القدر :
فكان منهم فريق: غلوا في إثبات القدر وسلبوا العبد قدرته واختياره وقالوا : أن العبد ليس له قدرة ولا اختيار وإنما هو مسير لا مخير كالشجرة في مهب الريح ، ولم يفرقوا بين فعل العبد الواقع باختياره وبين فعله الواقع بغير اختياره . ولا شك أن هؤلاء ضالون لأنه مما يعلم بالضرورة من الدين والعقل والعادة أن الإنسان يفرق بين الفعل الاختياري والفعل الإجباري.



فما كان من الذين آمنوا فهداهم الله لما اختلف فيه من الحق وهم أهل السنة والجماعة ان سلكوا في ذلك مسلكاً وسطاً قائماً على الدليل الشرعي وعلى الدليل العقلي وقالوا إن الأفعال التي يحدثها الله تعالى في الكون تنقسم إلى قسمين :


القسم الأول : ما يجريه الله ـ تبارك وتعالى من فعله في مخلوقاته فهذا لا اختيار لأحد فيه كإنزال المطر وانبات الزرع والإحياء والإماتة والمرض والصحة وغير ذلك من الأمور الكثيرة التي تشاهد في مخلوقات الله تعالى وهذه بلا شك ليس لأحد فيه اختيار وليس لأحد فيها مشيئة وإنما المشيئة فيها لله الواحد القهار .

القسم الثاني :ما تفعله الخلائق كلها من ذوات الإرادة فهذه الأفعال تكون باختيار فاعليها و أرادتهم لان الله تعالى جعل ذلك إليهم قال الله تعالى :(لمن شاء منكم أن يستقيم ) (التكوير :28) وقال تعالى(منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ) (آل عمران 152) وقال تعالى : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ( الكهف : 29 ) والإنسان يعرف الفرق بين ما يقع منه باختياره وبين ما يقع منه باضطرار واجبار فالإنسان ينزل من السطح بالسلم نزولاً اختيارياً يعرف انه مختار ولكنه يسقط هاوياً من السطح يعرف انه ليس مختاراً لذلك ويعرف الفرق بين الفعلين وأن الثاني إجبار والأول اختيار وكل إنسان يعرف ذلك .


وكذلك الإنسان يعرف انه إذا أصيب بمرض سلس البول فإن البول يخرج منه بغير اختياره وإذا كان سليما من هذا المرض فإن البول يخرج منه باختياره . ويعرف الفرق بين هذا وهذا ولا أحد ينكر الفرق بينهما . وهكذا جميع ما يقع من العبد يعرف فيه الفرق بين ما يقع اختياراً وبين ما يقع اضطراراً وإجباراً بل إن من رحمة الله عز وجل أن من الأفعال ما هو باختيار العبد ولكن لا يلحقه منه شيء كما في فعل الناسي والنائم ويقول الله تعالى في قصة أصحاب الكهف :( ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) (الكهف : 18 ) وهم الذين يتقلبون ولكن الله تعالى نسب الفعل إليه لان النائم لا اختيار له ولا يؤاخذ بفعله ، فنسب فعله إلى الله عز وجل ويقول صلى الله عليه وسلم ( من نسى وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه )

فنسب هذا الإطعام وهذا الإسقاء إلى الله عز وجل لأن الفعل وقع منه بغير ذكر فكأنه صار بغير اختياره وكلنا يعرف الفرق بين ما يجده الإنسان من آلم بغير اختياره وما يجده من خفة في نفسه أحياناً بغير اختياره ولا يدرى ما سببه وبين أن يكون الألم هذا ناشئاً من فعل هو الذي اكتسبه أو هذا الفرح ناشئاً من شي هو الذي اكتسبه وهذا الآمر ولله الحمد واضح لا غبار عليه .




أيها الاخوة : إننا لو قلنا بقول الذين غلوا في إثبات القدر لبطلت الشريعة من أصلها لأن القول بأن فعل العبد ليس له فيه اختيار يلزم من أن لا يحمد على فعل محمود ولا يلام على فعل مذموم لانه في الحقيقة بغير اختيار وارادة منه وعلى هذا فالنتيجة إذن أن الله تبارك وتعالى يكون ـ تعالى عن ذلك علواً كبيراً ـ ظالما لمن عصى إذا عذبه وعاقبه على معصيته ، لأنه عاقبة على أمر لا اختيار له فيه ولا إرادة وهذا بلا شك مخالف للقران صراحة يقول الله تبارك وتعالى : ( وقال قرينه هذا ما لدى عتيد (23) القيا في جهنم كل كفار عنيد(24) مناع للخير معتدٍ مريبٍ (25)الذي جعل مع الله آلها آخر فالقياه في العذاب الشديد (26)قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد(27) قال لا تختصموا لدى وقد قدمت إليكم بالوعيد(28) ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد ) [ ق :23- 29 ] .



فبين سبحانه أن هذا العقاب منه ليس ظلما بل هو كمال العدل لانه قد قدم إليهم بالوعيد وبين لهم الطرق وبين لهم الحق وبين لهم الباطل ولكنهم اختاروا لانفسهم أن يسلكوا طريق الباطل فلم يبق لهم حجة عند الله عز و وجل ولو قلنا بهذا القول الباطل لبطل قول الله تعالى : ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) [ النساء : 165 ] فإن الله تبارك وتعالى نفى أن يكون للناس حجة بعد إرسال الرسل لأنهم قامت عليهم الحجة بذلك فلو كان القدر حجة لهم لكانت هذه الحجة باقية حتى بعد بعث الرسل لان قدر الله تعالى لم يزل ولا يزال موجودا قبل إرسال الرسل وبعد إرسال الرسل أذن فهذا القول تبطله النصوص ويبطله الواقع كما فصلنا بالأمثلة السابقة .




-----------------------------------------------------------------------------

منقول من : رسالة في القضاء و القدر محمد بن صالح العثيمين
-----------------------------------------------------------------------------



دمـــــتم بـــود



:2:

ابو عبد الرحمن
11-19-2012, 01:19 AM
جزاكِ الله خيرا وبارك فيكِ على هذا النقل
ورحم الله شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين واسكنه الفردوس الاعلى

ام هُمام
11-19-2012, 05:32 PM
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جزاك ربي كل خير ورزقك من نعيم الدنيا والاخرة
(من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب)

المحبة في الله
11-19-2012, 07:54 PM
جزاكِ الله خيرا وبارك فيكِ على هذا النقل
ورحم الله شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين واسكنه الفردوس الاعلى

و جزاكم الله عنا كل خير شيخي الفاضل

نسأل الله الرحمة لكل علمائنا الافاضل و ان يسكنهم فسيح جناته و ان يجمعنا بهم باذنه تعالى

المحبة في الله
11-19-2012, 07:55 PM
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جزاك ربي كل خير ورزقك من نعيم الدنيا والاخرة
(من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب)

و جزاك خيرا اختي الفاضلة و رزقنا و اياك الرضا و القبول و الجنة

almojahed
11-19-2012, 08:29 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع رائع بارك الله فيكي و رحم الله شيخنا ابن عثيمين رحمة واسعة

المحبة في الله
11-20-2012, 11:05 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع رائع بارك الله فيكي و رحم الله شيخنا ابن عثيمين رحمة واسعة

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

بارك الله فيك ايضا شيخنا الفاضل و زادكم علما و تواضعا
رحمة الله على جميع علمائناالافاضل و سائر موتى المسلمين

آمال
11-20-2012, 11:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك اختي المحبة في الله على النقل الطيب وجعله في ميزان حسناتك
ورزقنا الله جميعا الجنة

المحبة في الله
11-28-2012, 11:50 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك اختي المحبة في الله على النقل الطيب وجعله في ميزان حسناتك
ورزقنا الله جميعا الجنة


و فيك بارك المولى اختي الفاضلة

نسأل الله ان يتقبل منا و منكم صالح الاعمال
شكرا لك على المرور و التعليق

Abdulmohsin
11-30-2012, 10:53 PM
ألف ألف شكر ... موضوع رائع وقيم

المحبة في الله
12-07-2012, 11:58 PM
ألف ألف شكر ... موضوع رائع وقيم

العفو اخي الكريم

بارك الله فيك

المؤمنة بالله
02-03-2013, 03:59 PM
جزاكِ الله خير على الموضوع القيم اختي المحبة في الله
ورحم الله علمائنا وكثر من امثالهم فما احوجنا لهم في هذاالزمن

حافظة القرآن
02-05-2013, 04:58 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بوركت اختي على الموضوع القضاء والقدر وجزاك الله كل خير