المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدرس رقم 174 من شرح رياض الصالحين


ابو عبد الرحمن
12-03-2012, 09:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّ فَتًى مِنْ أَسْلَمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ الْجِهَادَ وَلَيْسَ لِي مَا أتجهَّز بِهِ قَالَ:
(اذْهَبْ إِلَى فُلَانٍ الْأَنْصَارِيِّ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ تجهَّز فَقُلْ لَهُ يُقْرِئُك رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ: ادْفَعْ إليَّ مَا تجهَّزت بِهِ) فَأَتَاهُ فَقَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: لَا تُخفي مِنْهُ شَيْئًا فَوَاللَّهِ لَا تُخفين مِنْهُ شَيْئًا فيُبَاركَ لَكِ مِنْهُ
. رواه مسلم هذا الحديث ذكره المؤلف للدلالة على الخير إن رجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه أن يتجهز الى الغزو ذلك الرجل يريد الغزو والجهاد في سبيل الله تعالى ولكن ليس عنده من العداد والعدة ما يحمله لأجل ان يجاهد في سبيل الله تعالى فلما ذهب الى النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد علم النبي صلى الله عليه وسلم ان رجلا كان قد تجهز جهز فرسه وسلاحه ولكن عجز عن الذهاب لمرضه الذي اصابه فجأة فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم ودله إلى ذلك الرجل فذهب اليه في بيته فقال يا فلان إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرك أو اخبرني انك تجهزت للغزو وعجزت عن الذهاب لمرضك يقول النبي صلى الله عليه وسلم اعطيني الجهاز حتى اذهب اجاهد في سبيل الله تعالى فقال الرجل ورحب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وقال لامرأته اخرجي ما تجهزت به ولا تحبسي منه شيئا فو الله لا تحبسي منه فيبارك لنا فيه فهذا دليلا على أن الانسان اذا دل احدا على خير فإنه يثاب على ذلك وقد صدق انه من دل على خير فله مثل أجر فاعله و فيه دليل على أنه من جهز غازيا فقد غزا ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا وفيه دليل ايضا على أن من اراد عملا صالحا فحبسه حابسا عنه مرض او غير ذلك فينبغي ان يدفع ما بذله لهذا العمل الصالح الى من يقوم به حتى يكتب له الاجر كاملا لان الانسان إذا مرض وأراد العمل وتجهز له ولكن حال بينه المرض فإنه يكتب له الاجر كاملا ولله الحمد وهذا من منه وفضله سبحانه وتعالى القائل ((وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )) وفيه دليل ايضا من كلام الصحابة رضى الله عنهم إن الانسان إذا بذل شيئا في الخير فإن الافضل أن ينفذه مثلا لو اردت ان تتصدق بمالا وعددت المال الذي تريد أن تتصدق به او تبذله في مسجد او جمعية خيرية او ما اشبه بذلك نعم ،الخيار أن ترجع بهذا المال إن شئت ولكن ما زال الشيء لم يبلغ محله فلك الخيار أن ترجعه وهو بيدك ولكن الافضل ان تنفذه و لا ترجع بما اردت من اجل أن تكون من السابقين في الخير وفيه دلالة أن إلا يحبس الانسان من هذا الذي اعده لينفقه في وجه الله لا يحبس شيئا ،أي كل ما اعده لينفقه ثم حبسه حابس ثم عليه أن يخرجه كله ولكن ليس على وجه الانسان فعله كما قال ذلك الصحابي ولا تحبسين منه شيئا فو الله لا تحبسين منه شيئا فيبارك الله لنا فيه وهذا قياس على حديث النبي لأسماء (أَنْفِقِي وَلَا تُحْصِي فيُحصي اللَّهُ عَلَيْكِ وَلَا تُوعِي فيُوعي اللَّهُ عَلَيْكِ وفي رواية أَنْفِقِي وَلَا تُوكِي فَيُوكَى عَلَيْكِ) معناه لا تدخري ولا تشدي يديك على ما عندك من متاع الدنيا وتمنعي ما في يدك فتنقطع مادة الرفق عنك ويمنعك الله تعالى فضله لان الجزاء من جنس العمل وقال ايضا لا توعي أي لا تبذل المال في الوعاء فمعنى ذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (من سرَّهُ أن يعلَمَ ما لهُ عندَ اللَّهِ فليعلم ما للَّهِ عندَهُ) وكذلك قوله (وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) بقدر ما تحب ان يكون الله في عونك عليك ان تكون في عون الاخرين دائما الجزاء من جنس العمل الباب الاخر باب التعاون على البر والتقوى قال الله تعالى ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى))وقال تعالى ((وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
)) التعاون معناه التساعد وان يعين الناس بعضهم بعضا على البر والتقوى فالبر فعل الخير والتقوى اتقاء الشر ان يتقي الانسان الشر وذلك ان الناس يعملون على وجهين يقينا على ما في الخير وعلى ما في الشر فأما ما فيه الخير فتعاون عليه وتساعد صاحبك على هذا الفعل وان تيسر له الامر سواء كان ذلك يتعلق بك او مما يتعلق بغيرك وأما الشر فالتعاون به ان تحذر منه وان تمنع منه ما استطعت وان تشير على من اراد فعله تركه وهكذا فالبر اذن فعل الخير والتعاون عليه وتيسيره للناس والتقوى اتقاء الشر والتعاون عليه ان تحول بين الناس وبين فعل الشر وان تحذرهم منه حتى تكون الامة امة واحدة وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا، أَوْ مَظْلُومًا "، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: " تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ)والأمر في قوله تعالى(( تعاونوا)) امر ايجابي فما يجب واستحباب فما يستحب أي ان تعينه وتأمره بأوامر ايجاب كالصلاة والصيام في رمضان والزكاة زكاة المال والحج هذا اذا كان ايجاب اما اذا كان فيه استحباب كذلك تأمره ليس على وجه لزوم على فعله كنوافل من الصلوات كالصدقات والحج التطوع وهكذا او صيام النوافل وكذلك من التقوى امر ايجاب بما يحرم أي اذا وجدته يعمل محرمات وجب ان يتركها على وجه الزامه بالترك وإذا فعلها يأثم فاعله وإذا تركها امتثال لوجه الله تعالى يأجر على ذلك فأصبح وجوبا بحقك ان تنهاه عن ذلك المحرم اما اذا كان فيما يكره فأصبح على وجه استحباب وليس على وجه الوجوب ان يترك ذلك الشيء ولكن من تركه لله استحبابا فانه يأجر على ذلك اما الدليل الثالث على التعاون على البر والتقوى قوله تعالى ((وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
)) اقسم الله تعالى بالعصر الذي هو الزمن انما اقسم الله به لان الزمن هو وعاء العمل او وعاء الاعمال والناس فيه منهم من يملئه خيرا ومنهم من يملئه شرا ولهذا قال عليه الصلاة والسلام (خيرُ الناسِ منْ طالَ عمرُه، و حسنُ عملُه وشرُ الناسِ منْ طالَ عمرُه، و ساء عملُه وقال ( لَيْسَ أَحَدٌ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلَ مِنْ مُعَمِّرٍ يُعَمَّرُ فِي الْإِسْلَامِ لِتَهْلِيلِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَسْبِيحِهِ وَتَحْمِيدِهِ
) اذا ان الانسان في خسر هذا عام لكل الانسان يشمل كل انسان من مؤمن وكافر وعبد وفاسق وذكر وأنثى كل انسان في خسر خاسر كل عمله خسران عليه تعب في الدنيا وعدم فائدة في الاخرة إلا من جمع هذه الاوصاف الاربعة الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر فأصلحوا انفسهم بالإيمان والعمل الصالح وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر حيث انه من المعلوم ان الدنيا ملعون وملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه او عالم او متعلم فلا ينفع ايمانا دون عمل كما لا ينفع عمل دون ايمان وأما العمل الصالح وجب ان يتوفر فيه شرطان اخلاص لله تعالى ومتابعة للحبيب صلى الله عليه وسلم اما الايمان ((ان تؤمن بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الاخر والقدر خيره وشره)) اذا وجب ان يتوفر الايمان الذي يصدقه الاعمال فالإيمان شيء مكنون داخل القلب((ان تؤمن بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الاخر والقدر خيره وشره)) ويترجم هذا الايمان عمليا على الجوارح واللسان والأعمال فالأعمال هي تصدق هذا الايمان الذي يدعيه الانسان وأخيرا قوله وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ان بعضهم يوصي بعضهم بالحق وما جاء به الرسل وتواصوا بالصبر عليه لان النفس تحتاج الى الصبر في الطاعات والمحرمات قال الشافعي رحمه الله تعالى لو لم ينزل الله على عبادته غير هذه السورة لكفته لأنها جامعة مانعة نسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من المؤمنين العاملين الصالحين المتواصين بالحق المتواصين بالصبر وإلى لقاء آخر نضر الله وجوهكم اسال الله العظيم كما جمعنا في الدنيا على محبته وطاعته أن يجمعنا اخوانا على سرر متقابلين في جنات النعيم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله .

للأستماع الى هذه المادة اضغط هنا (http://www.alawda.org/son/details.php?linkid=924)

قام بتفريغ هذه المادة الأخت ام همام

المحبة في الله
12-03-2012, 10:01 PM
اجمل ما في الامر ..

ان الموقف قد تم بين فتى و رجل .. حيث نقل الفتى للرجل امر رسول الله صلى الله عليه و سلم
فما كان من الرجل سوى الموافقة فورا
ان دل على شيء .. فهو يدل على مدى الصدق والامانة التي شهدها المجتمع الاسلامي آنذاك فلم يحتج الرجل حتى ان يتأكد من صدق الفتى فيما ذكر ..

نسأل الله ان نرى اياما كهذه و نعيشها .. فقط نحتاج ان نحقق معادلة التقوى كما ذكر شيخنا الفضيل

بارك الله فيكما اخي ابو عبدالرحمن و اختي الفاضلة ام همام على هذا الجهد المبارك
نسال الله ان يجعله في ميزان حسناتكم

ام هُمام
12-11-2012, 10:47 PM
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
بارك الله فيك اختي المحبة وجزاكم الله كل خير

حافظة القرآن
02-02-2013, 10:57 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله بك يا شيخنا وحفظ الشيخ احمد الرزوق