الفرق بين "يشرب منها" ، و"يشرب بها"
:1:
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين قال تعالى:﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴾(الإنسان:5- 6) ، فأخبر سبحانه عن الأبرار أنهم يشربون من كأس ممزوجة بالكافور ؛ لبرده وعذوبته وطيب عرفه . وجيء بـ( كان ) في جملة الصفة لإِفادة أن ذلك الكافور هو مزاج الخمر ، لا يفارقها أبدًا . ثم أبدل تعالى منه قوله :﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ﴾ ، فدل بذلك على أن هذا الكافور تجري به عين في الجنة ، من زيته ، وهو شرابه المستَخرَج من شجره . ومعنى كونه عينًا : أن شرابه المستخرج منه كثير كماء العين . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : لماذا قال تعالى في الآية الأولى: ﴿ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ ﴾ ، فذكر الأداة ( من ) ، وقال في الآية الثانية :﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا ﴾ ، فذكر ( الباء ) ؟ وهل من فرق بينهما ؟ والجواب عن ذلك : أولاً- أن الأصل في فعل الشرب أن يُعَدَّى إلى المفعول بنفسه ؛ كقولك : شربت الماء ، وشربت الحليب . وكثيرًا ما يحذف ذلك المفعول للعلم به ؛ كما في قوله تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ ﴾(الواقعة:68) . أي : الماء الذي تشربونه ، وقوله تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي ﴾(البقرة:249) . أي : فمن شرب الماء من النهَر . ولما كان لفظ ( الكأس ) في اللغة يطلق تارة على الإناء الذي فيه الماء ، ويطلق تارة أخرى على الماء الذي في الكأس ، حسُن تعدِّي فعل الشرب إليه بنفسه ؛ كقولك: شرب كأسًا . والمراد : ماء ؛ لأن مفهوم الكأس يتقوَّم بما في الإِناء من الماء . وحملوا على هذين القولين قوله تعالى :﴿ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ ﴾ ، فقالوا : يجوز أن يراد بالكأس : آنية الخمر ، فتكون ( مِنْ ) لابتداء الغاية . ويجوز أن يراد بها : الخمر ، فتكون ( مِنْ ) للتبعيض . والقول الأول أفصح ، وأبين ؛ لأن ( يشرب ) لا يُعَدَّى إلى المفعول بـ( من ) ، خلافًا لمن زعم ذلك . وعليه يكون المعنى : يشربون الخمر من كأس ممزوجة بالكافور . و( من ) لابتداء الغاية . أي : إن الكأس هي مبدأ شربهم ، وأول غايته . ثانيًا- وأما قوله تعالى :﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ﴾ فالمراد به : أنهم يمزجون شرابهم بها ؛ فكأن المعنى: يشرب عباد الله بها الخمر . أي : يشربونه ممزوجًا بمائها ؛ كما تقول : شربت الماء بالعسل . ولإفادة هذا المعنى جيء بهذه ( الباء ) التي هي باء الإلصاق . والله تعالى أعلم ! :2: |
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اجعلنا منهم يا كريم جزاك الله خيرا اختي العزيزة خديجة على الموضوع القيم وجعله في ميزان حسناتك ما شاء الله , تبدعين دائما في اللغة العربية ..ننتظر المزيد |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله كلام طيب و تفسير بديع شكر الله لكي هذه الفائدة |
أشكر ذوقك العاااااااااااااااااااااالى جدااااااااااااااااااااا حبيبتى آمال ، ما هو إلا نقل نقلته ،
والإبداع ليس نتاجى ، إنما هو نتاج لغتنا الجميلة ، فما أبدعها من لغة. والشكر موصول لأخى المجاهد بارك الله فيك على مرورك الطيب |
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: " متى كنت متقيًا الله فثق أن الله سيجعل لك مخرجا من كل ضيق". شرح رياض الصالحين (٥١٧/١) |
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
معلومة ممتازة وشكراً على توضيح الفرق , الاعجاز اللغوي في القران الكريم لا ينتهي سبحان الله :3: |
الساعة الآن 03:15 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي