ملتقى أحبة القرآن

ملتقى أحبة القرآن (http://www.a-quran.com/index.php)
-   قسم تفسير القرآن الكريم (http://www.a-quran.com/forumdisplay.php?f=78)
-   -   مختارات تفسيرية....قوله تعالى { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَف (http://www.a-quran.com/showthread.php?t=16461)

الزرنخي 05-30-2016 07:59 PM

مختارات تفسيرية....قوله تعالى { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَف
 
[SIZE="6"][COLOR="DarkSlateBlue"][CENTER]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير قوله تعالى
{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ }
الأعراف 96- 99
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
أما بعد :
فمما تلي في هذه الليلة قوله تعالى :
{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ{96} أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ{97} أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ{98} أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ{99}
قوله تعالى :
{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ }
بالإيمان والتقوى تسعد المجتمعات ويعم الأمن ويعم والرخاء ، وليست هذه الآية هي الدليل الوحيد بل هناك أدلة كثيرة ، منها قوله تعالى {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم }المائدة66، ومنها قوله تعالى { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً{2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }
ولو قال قائل :
ذكر هنا الإيمان والتقوى أليس التقوى من الإيمان ، والإيمان من التقوى ؟
الجواب / بلى ، لا شك أن الإيمان تقوى ، والتقوى إيمان ، لكن ذكرا من باب أن يبين عز وجل أن الإيمان لا ينفع إلا إذا كان معه عمل ، ولذلك يفرده عز وجل بالذكر { الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } مع أن العمل الصالح من الإيمان .
أو من باب أن يبين أن الإيمان هو ما يتعلق بالباطن والتقوى ما يتعلق بالظاهر ، فيكون الإنسان من حيث الباطن ومن حيث الظاهر على حالة ترضي الله عز وجل ، فإذا كان على هذه الحال فليبشر بموعود الله عز وجل ، ما هو موعود الله عز وجل ؟
{ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } وفي قراءة بالتشديد { لفتَّحنا }
ولم يذكر بركة وإنما قال { بَرَكَاتٍ } ولا تسأل عن أنواع هذه البركات وأنواعها وأجناسها وأحوالها ، عممها عز وجل ، من أين تأتي هذه البركات ؟ { مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } شريطة ان يتحقق هذان الأمران الإيمان والتقوى ، ولا يقل
أحد إن هناك من اتصف بالإيمان والتقوى ولم يحصل له مثل هذا الأمر ، وهناك أناس عصوا الله عز وجل واتسعت أرزاقهم ، لا يقل أحد مثل هذا القول ، لأن البركة ليست محصورة في المحسوسات أي في الشيء الذي يحس – لا – تجد لدى بعض الناس مال كثير لكنه في شقاوة ، قال تعالى {فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ }التوبة55
يقول ابن القيم رحمه الله : " يعذبهم الله عز وجل بأموالهم في الدنيا ثلاث مرات ، عذاب من أجل أن يجمعوا هذا المال ، وإذا جمعوه تعذبوا بأن يزيدوا في هذا المال ثم يأتي عذاب ثالث وهو المحافظة على هذا المال حتى لا يذهب وحتى لا يزول "
وقد يعطى الإنسان مالا قليلا لكن تكون معه البركة ، ثم إن هناك من المؤمنين المتقين من يُضيَّق عليه لأن الله عز وجل أراد به خيرا من هذا الخير الذي وعد به في الدنيا وهو الخير في الآخرة ، ألم يوعك النبي صلى الله عليه وسلم كما يوعك الرجلان ؟ بلى ، لرفعة درجاته ، ألم يشدد عليه في سكرات الموت مع أنه عليه الصلاة والسلام قال في حديث البراء ( إن المؤمن تخرج روحه كما تخرج القطرة من في السقاء ) مثل ما تنزل قطرة الماء من القربة ، ما أسهل خروجها ، ومع ذلك شدد على النبي صلى الله عليه وسلم ، لا ذنوب ولا لتقصير منه عليه الصلاة والسلام وإنما لرفعة درجاته ، ألم يشج في غزوة أحد ؟ ألم تكسر رباعيته صلوات ربي وسلامه عليه في غزوة أحد ؟ بلى ، كل هذا من أجل أن ترفع درجاته ، ولكن من حيث الأصل فالإنسان لن يحصل على خير وبركة إلا بالإيمان والتقوى .
قال عز وجل :
{ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ }
كثير من المفسرين يقول { بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ } المطر
{ وَالأَرْضِ } الزرع ، لا شك أن هذا القول في محله ، ولكن الآية لم تذكر شيئا من ذلك ، بل الآية عممت ، وأذكر لكم بعض الأمثلة ، هناك امرأة يقال لها أم أيمن وهي حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم ، كانت أمةً عند أبي النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله ، فلما توفي أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت وفاة أبيه والنبي صلى الله عليه وسلم حمل في بطن أمه ، تولت حضانته أم أيمن وهي بركة بنت ثعلبة ، فلما كبر عليه الصلاة والسلام أعتقها وزوجها زيد بن حارثة وولدت منه أسامة بن زيد رضي الله عنهما .
الشاهد من هذا : أن هذه المرأة كما ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء وابن حجر في الإصابة " أنها خرجت من مكة إلى المدينة لتهاجر بدينها من دولة الشرك إلى دولة الإسلام ، وكانت صائمة ، فلما بلغت الروحاء – وهو مكان بين مكة والمدينة يبعد عن المدينة ستة وثلاثين ميلا – أصابها العطش الشديد فكادت أن تهلك وليس معها ماء ، فلما أشرفت على الهلاك " خرجت من أجل ماذا ؟ من أجل الدين ، من أجل أن تحافظ على إيمانها وتقواها " فلما بلغت ما بلغت من العطش وكادت أن تهلك دلي عليها بدلو من السماء فشربت منه ، فنجاها الله عز وجل ، فمضت الأيمان والسنون وكانت تصوم رضي الله عنها حتى قالت ( إني أصوم في اليوم شديد الحرارة وأتعرض للشمس كي ما أعطش فما أعطش )
هذه بركة .
يتبع

الزرنخي 05-30-2016 08:02 PM

خبيب بن عدي الذي قتله الكفار ، وكانوا قبل ذلك أوثقوه وسجنوه ، وجاء ذلك عند البخاري ، وحكت ذلك امرأة من قريش من بني الحارث ، قالت ( لقد كانت خبيب رجلا تقيا صالحا ، رأيته وهو موثق بالحديد ومعه قطف من العنب يأكله وليس بمكة حينها ثمرة ) متى ما احتاج المؤمن التقي إلى فرج من الله عز وجل أتاه الفرج ، ولا يحصر الرزق في المال – لا – الرزق والبركة تكون في المال كما أسلفنا ، يمكن أن يكون لدى الإنسان مال قليل ويبارك الله له في ذلك المال فلا يتعرض لحوادث ولا مشاكل ، البركة تكون في الأولاد ، يصلح الله جل وعلا لك أولادك ، وأعظم بها من بركة ، ولذلك عباد الله الصالحون يدعون الله عز وجل رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ }الفرقان74، يعني تقر بهم الأعين ، متى يكونون قرة أعين ؟ قال المفسرون إذا كانوا صالحين ، ما تقر العين بالولد إلا إذا كان صالحا ، والله لو كان صالحا في دنياه وليس بصالح في دينه فإن العين لا تقر به .
البركة في الصحة ، يمكن أن يكون من في هذا المكان مبتلىً بمرض ، أين تقواك وأين إيمانك ؟ إذا اتقيت الله عز وجل وآمنت به حق الإيمان تأتيك بركات الله عز وجل من الشفاء والعافية ، إذا كنت في عافية من المرض تأتيك بركة بقاء الصحة ، ولذلك القاضي الطيب – كما ذكر ذلك ابن كثير في البداية – يقول بلغ عشرا ومائة سنة ، وعقله معه ويفتي ، فلما ركب قاربا وثب وثبة لا يثبها الشباب ، فتُعجب من هذه الوثبة ، فقيل له ما هذه الوثبة في مثل هذا السن ؟ فماذا قال ؟ قال " هذه جوارح حفظناها في الصغر فحفظها الله لنا في الكبر " حفظها مما حرم الله جل وعلا .
ثم ما الذي يخسره ابن آدم إذا أطاع الله عز وجل واتقاه وآمن به ؟ {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّهُ وَكَانَ اللّهُ بِهِم عَلِيماً }؟ فلن يجدوا إلا الخير .
ولكن خلاف ذلك ؟
{ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُون }
أتاهم العذاب بسبب ذنوبهم .
أين نمرود وكنعان ومن ملك الأرض وولى وعزل ؟
أين هؤلاء ؟
ألم نقرأ في كتاب الله عز وجل تلك القوى التي تتبجح بها عاد {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً }فصلت15 ، أين قوتهم لما جاء أمر الله ؟ ما نفعتهم { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ }
أين قوم ثمود { الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ }الفجر9 ؟
{ وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً }الأعراف74 ، أين هؤلاء ؟
فلا يغتر أحد بأن كان عنده مال وفير أو عنده مصب أو ما شابه ذلك ، فهذه لا تغني عن العبد شيئا { وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }العنكبوت6
{ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُون }
انظروا إلى هذا الأسلوب ، الإنسان إذا كان نائما هو في غفلة من أمره ، لو أتاه إنسان وضربه ولو كان قويا لما استطاع أن يرد ذلك ، لم ؟ لأنه في غير وعيه ، بل ولو كانوا غير نائمين بل متيقظين فإن بأس الله عز وجل إذا جاء فلن تنفعهم قوتهم ، فكيف إذا كانوا نائمين وبالليل ؟
ولا يظن أن بأس الله عز وجل إنما هو ما يفعله عز وجل فحسب – لا – بل قد يسلط الله عز وجل قوما على قوم .
{ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ }
من يلعب غير مستعد لما يأتيه .
{ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُون }
متى يأمن العبد من مكر الله عز وجل ؟
إذا غلَّب جانب الرجاء على جانب الخوف ، فالعبد لا يمكن أن يكون آمنا مطمئنا يسير في طريق الله عز وجل إلا إذا جمع بين الرجاء والخوف ، يعني إذا تذكر الآيات التي جاءت بالوعد وبنعيم أهل الجنة وما أعده الله عز وجل للتائبين وأن رحمته واسعة هذا رجاء ، ولكن لا يغفل جانب نصوص الوعيد التي جاءت بعقوبة الله عز وجل للمعتدين ، يقول بعض السلف " لا تأمن عقوبة من أمر بقطع يد السارق في ربع دينار " فالله عز وجل حكم على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام بأن من سرق تقطع يده ، ولذلك يقول الحسن رحمه الله " إن قوما خرجوا من هذه الدنيا وقالوا نحسن الظن بالله وكذبوا لو أحسنوا الظن بالله لأحسنوا العمل "
بعض الناس يقول رحمة الله واسعة ، لا شك أن رحمة الله واسعة ، لكن لا تغفل الجانب الآخر { نبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{49} وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ{50}
{ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُون }
يعني من غلَّب جانب الرجاء وترك جانب الخوف فإنه من الخاسرين .
وفقني الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح ، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
:2:
[/center][/color][/size]

ابوعمارياسر 06-11-2016 03:19 AM

بحث جميل و مؤثر
جزاكم الله خير

ام هُمام 07-31-2016 07:08 PM

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
حين نكتب أو نردد
" يا رب "
لا يعنيّ ذلك أننا نصارع جرحاً

أو يمتلكنا حزناً لكن
هي كلمةٌ كالأوكسجين
تُعيد إلى صدورنا هدوء أنفاسها .

سجدة الشكر
تساوي كنوز الدنيا و الآخرة
جعلنا الله وياكم مِنْ الساجدين العابدين
الشاكرين الحامدين ...


الساعة الآن 07:44 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009