سورة الجمعة
التي افتتحها الله بقوله (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ) لعلكم تلاحظون أن صيغ التسبيح جاءت متعددة سبحان، سبحَ، يسبح، سبِّح لماذا؟ ليقال لك ينبغي أن يكون التسبيح مستوعبًا للأزمان كلها فسبحان في كل زمان، وسبّح في الزمان الماضي ويسبّح الآن وسبِّح للمستقبل ولتكن الحياة كلها تسبيحًا لله وتنزيهًا له عما لا يليق بجلاله وعظمته.
ثم ذكر الله شرف هذه الأمة بماذا شرّفها الله؟ وهو سمّاها سورة الجمعة لأن الأمة تميّزت بيوم الجمعة فقد أضل الله عنه اليهود والنصارى واختص به هذه الأمة الشريفة العظيمة المكرّمة عنده فقال مبينًا شرف هذه الأمة (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) فالله شرّفنا ببعثة هذا النبي العظيم الكريم عليه أفضل السلام وأتم التسليم. ولاحظوا هنا أن لما جاء إلى ما أنزل إلى محمد (وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ) فبدأ بالتزكية قبل التعليم لأنها هي المقصودة، ليس المقصود أن نتعلم، المقصود أن هذا العلم يتحول إلى حياة وسلوك ولذلك ذكر الله اليهود فقال (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا) عندهم علم اليهود إذا ما مشكلتهم؟ مشكلتهم أنهم لم يعملوا بهذا العلم فأصبحوا كالحمار الذي يحمل فوق رأسه الكتب أو الماء ويموت من العطش. الحمار إذا كان فوق ظهره ماء ولم يجد ماء في الأرض فإنه يموت من العطش يبرك ثم يلهث حتى يموت والماء فوق ظهره
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهره محمول
|