راقـــــت لـــــى
🔖* عن منصور بن عمار أنه قال : خرجت ليلة من الليالي ، وظننت أن النهار قد أضاء ، فإذا الصبح علا ، فقعدت إلى دهليز يشرف ؛ فإذا أنا بصوت شاب يدعو ويبكي .
🌱 وهو يقول : اللهم وجلالك ، ما أردت بمعصيتي مخالفتك، ولكن عصيتك إذ عصيتك بجهلي ، وما أنا بنكالك جاهل ، ولا لعقوبتك متعرض ، ولا بنظرك مستخف ؛ ولكن سولت لي نفسي ، وأعانني عليها شقوتي ، وغرني سترك المرخى علي ؛ فقد عصيتك وخالفتك بجهلي ؛ فمن عذابك من يستنقذني ؟
ومن أيدي زبانيتك من يخلصني ؟
وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك عني ؟
واسوأتاه إذا قيل للمخفين : جوزوا ، وقيل للمثقلين : حطوا ؛ فيا ليت شعري : مع المثقلين أحط ، أم مع المخفين أجوز ؟
ويحي ، كلما طال عمري ، كثرت ذنوبي ؛ ويحي ، كلما كبر سني ، كثرت خطاياي ؛ فيا ويلي ، كم أتوب ؟ وكم أعود ؟ ولا أستحي من ربي .
🔖قال منصور : فلما سمعت كلام الشاب ، وضعت فمي على باب داره ، وقلت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم : إن الله هو السميع العليم }( نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ){ [التحريم: من الآية6] الآية.
🔖قـال منصور : ثم سمعت للصوت اضطراباً شديداً ، وسكن الصـوت ؛ فقلت : إن هناك بلية ، فعلمت على الباب علامة ، ومضيت لحاجتي ؛ فلما رجعت من الغداة ، إذ أنا بجنازة منصوبة ، وعجوز تدخل وتخرج باكية ؛ فقلت لها : يا أمة الله ، من هذا الميت منك ؟ قالت : إليك عني ، لا تجدد علي أحزاني ؛ قلت : إني رجل غريب ، أخبريني ؛
👈🏻قـالت : والله ، لولا أنك غريب ، ما خبرتك ؛ هذا ولدي ، من موالي رسول الله صل الله عليه وسلم ؛ وكان إذا جن عليه الليل ، قام في محرابه يبكي على ذنوبه ، وكان يعمل هذا الخوص ، فيقسم كسبه ثلاثاً : فثلث يطعمني ، وثلث للمساكين ، وثلث يفطر عليه ؛ فمر علينا البارحة رجل لا جزاه الله خيراً ، فقرأ عند ولدي آيات فيها النار ، فلم يزل يضطرب ويبكي، حتى مات رحمه الله .
🔖قال منصور : فهذه صفة الخائفين إذا خافوا السطوة.
|