وتستمر الآيات على هذا المنوال إلى أن يضع الله عز وجلّ بين ايدينا نموذجا للحجاج والخصومة التي وقعت بين ابراهيم عليه الصلاة والسلام الذي يدّعي هؤلاء المشركون أنهم ينتمون إليه (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ) وليس لغير لأبيه، أقرب الناس إليه (أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿٧٤﴾ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) نقل الله إبراهيم من علم اليقين إلى عين اليقين فرأى ملكوت السموات والأرض ورأى كيف يحيي الله الموتى قال (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) من أجل أن يكون عند إبراهيم القوة في محاجة قومه، قوم إبراهيم كانوا يعبدون الأصنام ويعبدون الكواكب على صنفين من الطريقة: عبادة الأصنام وعبادة الكواكب، وقيل إنهم كانوا يعبدون الكواكب ويصورون على أسمائها أصنامًا في الأرض أيا كان فهم مشكرون، فجادل الذين يعبدون الأوثان في سورة الأنبياء وجادل هنا الذين يعبدون الكواكب لكن الجدل الإبراهيمي جدل عجيب جدًا بطريقة وأسلوب عند المناظرين يسمى أسلوب التنزل مع الخصم، وقف معهم وقال لهؤلاء الذين يعبدون هذه الكواكب لما رأى كوكبا (قَالَ هَذَا رَبِّي) لا يقصد بذلك أنه يثبت له الربوبية لكنه يقول: أنا سأتنزل معكم على أن هذا هو الرب (فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ) إذا كان هذا يأتي ويذهب معنى ذلك أن هناك من يتصرف فيه وأنه يحضر مرة ويغيب مرة هذا لا يستحق أن يعبد (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ﴿٧٧﴾
|