- فإذا كان من الحق ألا يُمنَع صاحب الحق عن حقِّه، فمن الحق ألا يُعطى هذا الحق لمن لا يستحقه، ومن الحكمة والعقل والأدب في الرجل: ألا يعترض على ما ليس له أهلاً، ولا يدخل فيما ليس هو فيه كُفؤًا ..
- ومن قوادح الأهلية:
تلبُّس الناقد بباطل ما ينتقد، أو جهله بالحق أصلاً، أو ألا يُجيد الدفاع عن الحق، ولا يدري مسالك الباطل؛ لذلك فليس كل أحد مؤهلاً للدخول في حوار صحي صحيح، يؤتي ثمرة يانعًا ونتاجًا طيبًا.
فالجاهل بالشيء ليس كفؤًا للعالِم به، ومَن لا يعلم لا يجوز له جدال من يعلم.
وتقرير ذلك في قول إبراهيم: ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا﴾ [مريم: 43].
ومن البلاء نقد الجهلة للعلماء، ومناطحة الأصاغر للأكابر، فالواجب على مَن لا يعلم:
أن يسأل ويتفهَّم، لا أن يعترض وينتقد، وهي سيرة أُولي العزم من الرسل: ﴿قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ [الكهف: 66].
وليس كل من يعلم الحق مؤهلاً للدفاع عن الحق والجدل عنه؛فحصول المعرفة لا يقتضي توفُّر مَلكة الدفاع عنها، وإدراك شيء من الحق لا يلزمه القدرة على كشف أشياء من الباطل، فقد يدري الناقد المتصدر للنقد قولاً، ولا يعلم بأوجه أُخَر، ويستوعب قاعدة ولا يَفطن لشروط، ويدرك مسالك ولا يعي عللاً، ويحفظ دليلاً ولا يستنبط وجه الاستدلال منه، ويظن أن ما معه حق يقابله لزامًا غيره من الباطل ..
🖋 يَتبَع بِإذنِ اللَّـه ..
|