إنّ من كمال الشريعة وتمامها, أن جاءت بسد جميع الطريق والذرائع المفضيةإلى الوقوع في الشر والفتنة, ومن ذلك: إبعاد المرأة وصيانتها عن الرجال حيث مواطنالفتن, والنأي بها عن كل ريبة وحصول الفتنة بها ولها، وهذا أصل عظيم في الشرع دلعليه كثير من الأدلة الشرعية.
وقد عُلم من مدارك الشرع، أن الشارع الحكيم إذانهى عن محرم، منع أسبابه وما يقود إليه، فالوسائل لها أحكام المقاصد، والشريعة جاءتبسد الذرائع، والنهي عن الشيء نهي عنه وعن الذرائع المؤدية إليه، وهذه الذرائع إماأن تفضي إلى المحرم غالباً، فتحرم مطلقاً، وكذلك تحرم إذا كانت محتملة قد تفضي أولا تفضي، ولكن الطبع متقاض لإفضائها، وأما إن كانت تفضي أحياناً، فإن لم يكن فيهامصلحة راجحة على هذا الإفضاء القليل حرمت (الفتاوى الكبرى 6/173).
ولهذا فإنّالجواب سيكون على النحو الآتي:
أولاً: ما هو تعريف الاختلاط وحدّه.
الاختلاط:"
هو اجتماع الرجل بالمرأة التي ليست بمحرم، اجتماعاًيؤدي إلى الريبة، أو هو اجتماع الرجال بالنساء غير المحارم في مكان واحد يمكنهم فيهالاتصال فيما بينهم بالنظر، أو الإشارة، أو الكلام، أو البدن، من غير حائل أو مانعيدفع الريبة والفساد"( انظر عودة الحجاب، لمحمد أحمد إسماعيل المقدم، 3/52).
وبناء على هذا التعريف يمكن تقسيم الاختلاط إلى أقسام:
1 ختلاط جائز:
وهو كل ما كان في الأماكن العامة وتدعوالحاجة إليه ويشق التحرز عنه , ولا محظور فيه كاختلاط النساء بالرجال في الأسواقوالمساجد والطرقات ووسائل المواصلات, ونحو ذلك, وكل ما ورد في الشرع من الرخصةمحمول على هذا القسم ولا يمنعه أحد من أهل العلم.
ويشترط لجواز الاختلاط على هذاالنحو شروط:
* أن تكون المرأة مستترة بالحجاب الشرعي .
* أن لا يكون هناكخلوة بين الرجل والمرأة.
* الابتعاد عن الرجال مهما أمكن إلا إذا دعت الحاجةإلى ذلك.
* أن يكون حضور المرأة لحاجة يشق عليها تركها وتكون الحاجة طارئة ينتهيبزوالها.
2- ختلاط محرم:
وهو كل ما كان في مكان خاص, أو موطن يدعو إلى الفساد والريبة أو اشتمل على محظور شرعي.
وحقيقته أن يخالطالرجل المرأة ويجلس إليها كما يجلس إلى امرأته أو إحدى محارمه بحيث يرتفع الحاجزبينهما ويطلع على مفاتنها, ويتمكن من التأثير عليها لو أراد.
ويزداد الأمر سوءاًإذا كان ملازماً لها كالاختلاط في التعليم, أو مجال العمل, وكل من ابتلى بذلك علمأنه لابد أن يطلع على خصوصيات المرأة, ولا بد أن يخلو بها.