ثم جاءت قصة تكليف موسى بالرسالة وما وراء ذلك إلى آخر السورة حيث ذكر الله فيها قصة أخرى في نفس الموضوع العلو في الأرض وذهاب هؤلاء المستكبرين (إِنَّ قَارُونَ) أولئك من القبط وقارون من بي إسرائيل ليس من القبط، وقارون آتاه الله مالًا عظيما حتى ذكر الله (وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) لو هناك عصبة من الرجال أصحاب قوة يثقل عليهم حمل مفاتيح خزائن قارون، المفاتيح فقط حملها يثقل على العصبة أولو القوة من كثرة ماله. هذا المال الكثير أصابه بالطغيان والجبروت حتى إنه قال (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) هذا بذكائي وتخطيطي وحسن تدبري (أ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴿٧٨﴾ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿٧٩﴾) يا أيها المسلمون المستضعفون في مكة لا يغرنّكم ما عليه الكفار من ملك ونعيم وتمكن وملك وسلطان فالله عز وجلّ قريبا ما يعذبهم ويسلبهم النعمة قال الله عز وجلّ (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴿٨٠﴾ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴿٨١﴾ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴿٨٢﴾ تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴿٨٣﴾). السورة تدور حول تمكين المستضعفين من المؤمنين وإهلاك المستكبرين حتى ولو كانت أصولهم إسلامية يهلكهم الله، هذا ما تدور حوله سورة القصص ولذلك هي سورة عظيمة ومعبرة عن هذا المعنى بوضوح.
|