استخدم محرك جوجل للبحث في الملتقى

 

الرئيسية التسجيل البحث الرسائل طلب كود التفعيل تفعيل العضوية استعادة كلمة المرور
facebook facebook twetter twetter twetter twetter

المناسبات


   
العودة   ملتقى أحبة القرآن > ۩ ملتقى العلـــم الشرعـــي ۩ > ملتقى الخطب والدروس المقروءة > قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله
قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله يهتم هذا القسم بطرح جميع المحاضرات والدروس والخطب المكتوبة لفضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله..
 

   
الملاحظات
 

إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 09-08-2012, 08:22 AM   #1

 
الملف الشخصي:





 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 85

أسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهر

افتراضي خطبة: شهر رمضان والصيام حكم وأحكام

      

شهرُ رمضانَ والصيامُ


حكمٌ وأحكام

الحمد لله؛؛؛
قال الله سبحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183).
فالصيامُ عبادةٌ مفروضةٌ على مَن قَبلنا، ولسنا بدعا في ذلك، وإن كانت هذه العبادةُ تختلفُ في الكيفية، فصيامُنا عن الطعام والشراب والجماع، وصيامُهم عن الكلام، قال سبحانه لمريم ابنة عمران: {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} (مريم: 26)

وصيامنا امتناع عن المفطرات وهي الطعام والشراب والجماع ونحوه، والإِبُر المغذِّية، وكذلك «مَنْ ذَرَعَهُ القَيْءُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ» سنن الترمذي (720)، وابن ماجه (1676)، وانظر الصحيحة (923).

ويفسد الصوم ويبطله الحيض والنفاس، والرِّدَّةُ عن دين الله سبحانه بالكفرِ والشركِ ونحوه. ويجب أن يكون العبد المؤمن دائم الصوم عن الأخلاق الرذيلة، والألفاظ البذيئة، والسبِّ والشتم واللعن، حتى إن تعرَّض لذلك فيقول ما ثبت في الحديث: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَسْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ". «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». صحيح البخاري (1894) ومسلم (1151) واللفظ له.

ولا يبطل صومُ من أخَّر غُسله الليلي من جنابةٍ أو حيض ونحوه فاغتسل بعد الفجر، ولا يبطل من دخل جوفَه غبارٌ أو دقيقٌ أو ذباب، أو دخانُ نارِ الطبخ ونحوه، ولا يبطل بسحب الدم أو الحجامة إلا من أجل الضعف، ولا يفسدُ الصومَ قلعُ السنِّ أو عمليةُ قطعِ الإصبع ونحوه، والإبرُ غيرُ المغذية، والحقنُ الشرجيةُ والمهبليةُ للتداوي، وكذا ما يستخدمه مرضى الربو ونحوه، كلُّها لا تفطَّر ما دامت لا تغذِّي الجسم، والله تعالى أعلم.

إنَّ الصيامَ ليس طولَ الزمان، بل هو كما قال الله جل جلاله: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة: 184).

فيجوز للمريض مرضا مزمنا، وكبارِ السنِّ والحواملِ والمراضعِ الإفطارُ والإطعامُ عن كل يوم مسكينا نصفُ صاع، وإن صاموا أجزأهم، عَنْ عَطَاءٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقْرَأُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فَلاَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ؛ هُوَ الشَّيْخُ الكَبِيرُ، وَالمَرْأَةُ الكَبِيرَةُ لاَ يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا). البخاري (4505)، وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: أَغَارَتْ عَلَيْنَا خَيْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَتَغَدَّى، فَقَالَ: "ادْنُ فَكُلْ" قُلْتُ: (إِنِّي صَائِمٌ). قَالَ: "اجْلِسْ أُحَدِّثْكَ عَنِ الصَّوْمِ أَوِ الصَّائِمِ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلاةِ، وَعَنِ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ"، (وَاللهِ لَقَدْ قَالَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِلاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا، فَيَا لَهْفَ نَفْسِي، هَلاَّ كُنْتُ طَعِمْتُ مِنْ طَعَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!). سنن النسائي (2275) مسند أحمد ط الرسالة (31/ 392، رقم 19047) واللفظ له.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (رُخِّصَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ، الْكَبِيرَةِ فِي ذَلِكَ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ، أَنْ يُفْطِرَا إِنْ شَاءَا وَيُطْعِمَا كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ نُسِخَ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ، إِذْا كَانَا لا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ، وَالْحُبْلَى، وَالْمُرْضِعِ إِذَا خَافَتَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا). السنن الصغير للبيهقي (2/ 102، رقم 1351)

أما المسافرُ والحائضُ والنفساءُ، والمريضُ مرضا يُرجَى شفاؤه فيجب عليهم القضاء، فإن لم يستطيعوا أطعموا.

وهذه الأيام التي فُرِض علينا صيامُها؛ إنما هي أيام يحتويها شهرٌ كاملٌ هو {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة: 185). شهرُ رمضان؛ وجب علينا صيامُ نهاره، وشُرِعَ لنا القيامُ في ليله، وتلاوةُ كتابه آناء الليل وأطراف النهار.
و"الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ،.." من الثلاثة الذين لا ترد دعوتهم. كما صح عند الترمذي (3598) وابن ماجه (1752).

فالدعاء في هذا الشهرِ وأيامِ الصيامِ مَظِنَّةُ الإجابةِ والقَبول، فقال سبحانه عقب آيات الصيام: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: 186)، فبالإيمان بالله سبحانه والاستجابةِ له يكون الهدى والرشاد.

أيها المسلمون! الصيامُ في النهار، أمَّا في الليل فقد {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (البقرة: 187)، فالجماعُ والأكلُ والشربُ مسموحٌ بها ليلا؛ من غروب الشمسِ إلى طلوعِ الفجر، بعد أن كان المسلمون أوَّلَ الأمرِ إذا ناموا بعد الإفطار مغرباً؛ مُنِعوا من الأكلِ والشربِ والجماعِ إلى مغربِ اليوم التالي.

والصيامُ عبادةٌ مفروضةٌ في شهر رمضان، وفي غيره إمَّا أن يكونَ قضاءً أو تطوُّعا، والصيام يكون كذلك مكانَ الفديةِ في الحجِّ عند الحاجةِ لحَلْقِ الشعر ونحوه، ففيه {فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (البقرة: 196).

وصيامُ عَشَرَةِ أيامٍ إذا تعسَّرَ الهديُ على الحاجِّ المتمتعِ والقارنِ، قال سبحانه: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (البقرة: 196).
والمحْرِمُ الذي يقتل الصيد مُتَعَمِّدًا فعليه {كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} (المائدة: 95). وهي صيام ثلاثة أيام.
وكفاراتُ الأيمانِ إطعامُ عشرةِ مساكين أو كسوتُهم أو عتقُ رقبة، {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (المائدة: 89)

والصيام كفارةٌ للقتل، فالنفس البريئةُ لها حقَّان: حقٌّ لأوليائها، أن يطالبوا بقتل القاتل، أو يعفوا ويقبلوا الدِّيَة، وحقُّ اللهِ خالقِها؛ بتحرير رقبة مؤمنة، {.. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (النساء: 92).

ومن ظاهَر من امرأتِه فقال لها: (أنتِ عليَّ كظهر أمِّي) فعليه كفَّارةٌ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (المجادلة: 3، 4).

وكذلك كفارةُ من وقع على أهله في رمضان يصوم شهرين متتابعين، إذا لم يجد الرقبة يعتقها. جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (هَلَكْتُ، يَا رَسُولَ اللهِ!) قَالَ: «وَمَا أَهْلَكَكَ؟!» قَالَ: (وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ)، قَالَ: «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟» قَالَ: (لا!) قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟» قَالَ: (لا!) قَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟» قَالَ: (لا!) قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا» قَالَ: (أَفْقَرَ مِنَّا؟! =أي هل تجد أفقر منا؟= فَمَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا)، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ». مسلم (1111).

عبادَ الله! تحرَّوا هلالَ رمضان، واقتدوا بهدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القائل: «أَحْصُوا هِلالَ شَعْبَانَ لِرَمَضَانَ، وَلا تَخْلِطُوا بِرَمَضَانَ؛ إِلاَّ أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صِيَامًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ، وَصُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ؛ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ تُغْمَى عَلَيْكُمُ الْعِدَّةُ». سنن الدار قطني (3/ 111، رقم 2174)، الصحيحة (565).
بعضهم جوَّع نفسه وعطَّشها، وأسهرها وأتعبها، فهناك من يصومُ ويقومُ ولا ينتفعُ لا بصيامِه ولا بصلاتِه وقيامه، ومن هؤلاء من يسردُ صومَه أبداً، فقد قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ» مَرَّتَيْنِ. البخاري (1977).

وقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «إِنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟»، فَقُلْتُ: (نَعَمْ!) قَالَ: «إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ؛ هَجَمَتْ لَهُ العَيْنُ، وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ، =أي: [أَعْيَتْ وَكَلَّتْ] مقاييس اللغة (5/ 456)= لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ، صَوْمُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ» ، قُلْتُ: (فَإِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)، قَالَ: «فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ؛ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلاَ يَفِرُّ إِذَا لاَقَى». البخاري (1979).

ولم ينتفع بصيامه مَن كان مِن أهلِ اللغوِ والرَّفَثِ، والشتمِ والسبِّ والألفاظِ النابية، لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ فَلْتَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ". صحيح ابن خزيمة (3/ 242، رقم 1996) قال الأعظمي: [إسناده صحيح]، وانظر صحيح الجامع (5376)، وفي رِوَايَةٍ، قَالَ: "إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا، فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ" مسلم (1151)، والبخاري نحوه (1894).

ولا ينتفعُ بصيامِه من لم ينوِ صيامَ الفريضة من رمضانَ أو النذرِ من الليل، لما ثبت عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: «مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَلا صِيَامَ لَهُ». سنن أبي داود (2454، وأورده في صحيح الجامع (6534)، وفي رواية: «لا صيامَ لمن لم يفرضه من الليل». صحيح الجامع (2677). و[لا بد من نيَّةِ الصيام في كلِّ ليلةِ لأيَّامِ رمضان؛ لأنَّ صومَ كلِّ يومٍ عبادةٌ مستقلَّةٌ، وإذا قام الإنسان للسحور فقد نوى الصيام]. من فتاوى اللجنة الدائمة (9/ 151).

ولم ينتفع بصيامه من صام الأيام التي نهينا عن صيامها تطوعا، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنَ السَّنَةِ؛ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ التَّشْرِيقِ، وَيَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ الأَضْحَى، وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، مُخْتَصَّةً مِنَ الأَيَّامِ». مسند أبي داود الطيالسي (3/ 575، رقم 2219)، وانظر الصحيحة (2398).

وإفرادُ يوم السبت؛ لا فائدةَ في صيامه منفردا بلا سبب، سَأَلَتْ =امرأةٌ= رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَنْ صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ..؟، فَقَالَ: "لا لَكِ وَلا عَلَيْكِ" مسند أحمد ط الرسالة (44/ 63، رقم 27074) وعَنْ .. الصَّمَّاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلاَّ فِي مَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلاَّ لِحَاءَ عِنَبَةٍ، أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضَغْهُ». سنن أبي داود (2421)، والترمذي (744)، وابن ماجه (1726)

فإن وصل يوم الجمعة أو السبت بما قبله أو بما بعده، أو صامه بمناسبة عرفة أو عاشوراء ونحوه؛ جاز الصيام، قال البخاري في صحيحه (3/ 42): [بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الجُمُعَةِ، فَإِذَا أَصْبَحَ صَائِمًا يَوْمَ الجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ، يَعْنِي: إِذَا لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ، وَلاَ يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ بَعْدَهُ].
وكذلك يوم السبت. لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَى =جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا= يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «أَصُمْتِ أَمْسِ؟»، قَالَتْ: (لاَ!) قَالَ: «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟» قَالَتْ: (لاَ!) قَالَ: «فَأَفْطِرِي». البخاري (1986).

وكذلك صيامُ يومِ الشَّكِّ، فقد "نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمٍ قَبْلَ رَمَضَانَ .." البيهقي في السنن الكبرى، وانظر ح (6964) في صحيح الجامع، والصحيحة (2398).
فلو نذر أن يصوم يوما مَّا، فظهر أنه مما نهينا عن صيامه فلا ينبغي الوفاء به، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: رَجُلٌ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا، -قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ: الاثْنَيْنِ-، فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ عِيدٍ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: (أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ هَذَا اليَوْمِ). البخاري (1994).

أمَّا من فقدَ شرطا من شروط القَبُول في صيامه فلا ينتفع به، ولا يؤجَر عليه، فـ«رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ». المعجم الكبير للطبراني (12/ 382، رقم 13413) وهذا لفظه، صحيح الجامع (3490) ورمز له ... (طب) عن ابن عمر (حم ك هق) عن أبي هريرة، وصحيح الترغيب (1076).
أي [... لا ثوابَ فيه لفقدِ شرطِ حصولِه؛ وهو الإخلاصُ أو الخشوع، أو المرادُ لا يثابُ إلاَّ على ما عَمِلَ بقلبه]. فيض القدير (4/ 16).
[قال الطِّيبي: إنَّ الصائمَ إذا لم يكنْ محتسِباً أو لم يكنْ مجتنباً عن الفواحش؛ من الزور والبهتان، والغيبةِ ونحوِها من المناهي، فلا حاصلَ له إلاَّ الجوعُ والعطش، وإنْ سقط القضاء، وكذا جميعُ العباداتِ إذا لم تكنْ خالصةً؛ بل رياءٌ وسمعةٌ فإنها تُسقِط القضاء، ولا يترتب عليها الثواب]. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (6/ 530).

إن سوءَ الأدبِ مع الناسِ عمومًا، والجيرانِ خصوصا يُفقِدُ ثوابَ الصائمين من صيامِهم، ولا خير فيهم، فعندما قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فُلانَةً تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ، وتفعلُ، وتصدقُ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا؟) فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا خَيْرَ فِيهَا، هِيَ من أهل النار". قَالُوا: (وَفُلانَةٌ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ، وَتَصَّدَّقُ بِأَثْوَارٍ، =[وَالثَّوْرُ الْقِطْعَةُ مِنْ الأَقِطِ] المصباح المنير (1/ 88)= وَلا تُؤْذِي أَحَدًا؟) فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". صحيح الأدب المفرد (ص: 69، رقم 119).

إنَّ شاتمَ المسلمين، وآكلَ أموالهم بغير حق، وضاربَ أبشارهم وجلودهم، وسافكَ دمائهم، هل ينفعهم صيامُهم وأعمالُهم وعباداتُهم؟!
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» صحيح مسلم (2581)

إن الإصلاح بين الناس أفضلُ من التطوع بالعبادات، فكيف بمن يفسد بينهم؟! عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ؟» قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِصْلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ». سنن أبي داود (4919)، صحيح الجامع الصغير (2595).

صائمٌ وكذَّاب، صائمٌ وخائن، كيف يكون هذا؟! عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قال: (لا تَغُرَّنَّكُمْ صَلاةُ امْرِئٍ وَلا صَوْمُهُ، وَلَكِنِ انْظُرُوا مَنْ إِذَا حَدَّثَ صَدَقَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ أَدَّى، وَإِذَا أَشْفَى وَرِعَ). قَالَ زُهَيْرٌ: (الإِشْفَاءُ: الإِشْرَافُ عَلَى الشَّيْءِ). الزهد لأبي داود (ص: 80، رقم 64).

أما أهل البدع والخزعبلات هل ينتفعون بصيامهم؟ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ: كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: (لا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ ذِي بِدْعَةٍ صَلاةً وَلا صِيَامًا, وَلا صَدَقَةً وَلا جِهَادًا, وَلا حَجًّا وَلا عُمْرَةً, وَلا صَرْفًا وَلا عَدْلاً. وَكَانَتْ أَسْلافُكُمْ تَشْتَدُّ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ, وَتَشْمَئِزُّ مِنْهُمْ قُلُوبُهُمْ, وَيُحَذِّرُونَ النَّاسَ بِدْعَتَهُمْ) قَالَ: (وَلَوْ كَانُوا مُسْتَتِرِينَ بِبِدْعَتِهِمْ دُونَ النَّاسِ؛ مَا كَانَ لأَحَدٍ أَنْ يَهْتِكَ عَنْهُمْ سِتْرًا, وَلا يُظْهِرَ مِنْهُمْ عَوْرَةً, اللَّهُ أَوْلَى بِالأَخْذِ بِهَا وَبِالتَّوْبَةِ عَلَيْهَا, فَأَمَّا إِذَا جَهَرُوا بِهَا, وَكَثُرَتْ دَعْوَتُهُمْ وَدُعَاتُهُمْ إِلَيْهَا؛ فَنَشْرُ الْعِلْمِ حَيَاةٌ, وَالْبَلاغُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحْمَةٌ، يُعْتَصَمُ بِهَا عَلَى مُصِرٍّ مُلْحِدٍ). البدع لابن وضاح (1/ 27، رقم 6)، وعَنِ الْحَسَنِ نحوه في القدر للفريابي (ص: 250، رقم 376)

ومن أهل البدع الذين لا تنفعهم عبادة، وهم الخوارج الذين تنطَّعوا في الدين، وعندهم غلوٌّ في العبادة، ويحكِّمون أهواءهم في فهمهم لكتاب الله عز وجل، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ، وَيَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلاَ يَرَى شَيْئًا، وَيَنْظُرُ فِي القِدْحِ فَلاَ يَرَى شَيْئًا، وَيَنْظُرُ فِي الرِّيشِ فَلاَ يَرَى شَيْئًا، وَيَتَمَارَى فِي الفُوقِ» البخاري (5058).



الخطبة الثانية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين وبعد؛
أما في آخر الزمان فستنعدم العبادات، ويعمُّ الجهلُ بالدين، و"يَدْرُسُ الإِسْلامُ =فيحلق ويذهب= كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ، حَتَّى لا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلا صَلاةٌ، وَلا نُسُكٌ وَلا صَدَقَةٌ، وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي لَيْلَةٍ، فَلا يَبْقَى فِي الأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ، وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ، يَقُولُونَ: أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَنَحْنُ نَقُولُهَا". فَقَالَ ... صِلَةُ =بنُ زفرَ الْعَبْسِيُّ لحذيفة رضي الله تعالى عنه=: (مَا تُغْنِي عَنْهُمْ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ وَهُمْ لا يَدْرُونَ مَا صَلاةٌ، وَلا صِيَامٌ، وَلا نُسُكٌ، وَلا صَدَقَةٌ؟!) فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: (يَا صِلَةُ! تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ) ثَلاثًا. سنن ابن ماجه (4049)، انظر الصحيحة (87).

جاء رمضان هذا العام 1433 من الهجرة النبوية، في يوليو تموز، في شدة من الحرِّ والرطوبة، وانقطاع متكرر من التيار الكهربائي، فنسأل الله أن يعيننا على صيامه وقيامه، ويوم القيامة من صام لله في الدنيا أين هو من النار؟! والجواب؛ هو كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» مسلم (1153).

والمؤمنون يجادلون عن إخوانهم الذين يشاركونهم العبادة في الدنيا، فقد قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مُجَادَلَةُ أَحَدِكُمْ فِي الْحَقِّ، يَكُونُ لَهُ فِي الدُّنْيَا بِأَشَدَّ مُجَادَلَةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ فِي إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ أُدْخِلُوا النَّارَ. قَالَ: يَقُولُونَ: رَبَّنَا! إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا، وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَحُجُّونَ مَعَنَا، فَأَدْخَلْتَهُمُ النَّارَ؟!" قَالَ: "فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَأَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ مِنْهُمْ"، قَالَ: "فَيَأْتُونَهُمْ فَيَعْرِفُونَهُمْ بِصُوَرِهِمْ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ النَّارُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى كَعْبَيْهِ، فَيُخْرِجُونَهُمْ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا قَدْ أَخْرَجْنَا مَنْ أَمَرْتَنَا". قَالَ: "وَيَقُولُ: أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ وَزْنُ دِينَارٍ مِنَ الإِيمَانِ"، ثُمَّ قَالَ: "مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ وَزْنُ نِصْفِ دِينَارٍ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ" قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ فَلْيَقْرَأْ هَذِهِ الآيَةَ: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}. (النساء: 48). سنن النسائي (5010).
وكَانَ أَنَسٌ إِذَا دَعَا لأَخِيهِ يَقُولُ: (جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ صَلاةَ قَوْمٍ أَبْرَارٍ، لَيْسُوا بِظَلَمَةٍ وَلا فُجَّارٍ، يَقُومُونَ الليل ويصومون النهار). صحيح الأدب المفرد (ص: 235، رقم 631)

"اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى شُكْرِكَ، وَذِكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ".

[(اللَّهُمَّ قَدْ أَظَلَّنَا شَهْرُ رَمَضَانَ وَحَضرَ، فَسَلِّمْهُ لَنَا وَسَلِّمْنَا لَهُ، وَارْزُقْنَا صِيَامَهُ وَقِيامَهُ، وَارْزُقْنَا فِيهِ الجِدَّ وَالاجْتِهَادَ وَالنَّشَاطَ، وَأَعِذْْنَا فِيهِ مِنْ الفِتَنِ). قَالَه عَبْدُ العَزِيزِ بن مَرَوَانَ]. موارد الظمآن لدروس الزمان (1/ 338)

[اللَّهُمَّ وَفِقْنَا للاسْتِعْدَادِ، واهْدِنَا إِلى سَبِيل الرَّشَادِ، وَوَفقْنَا للعَمَلِ الصَّالِحِ ليومِ الْمَعَاد، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ، الأحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالمَيِّتِينَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعيِنَ]. موارد الظمآن لدروس الزمان للسلمان (1/ 222)
{وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت: 45).


جمعه من مظانه: أبو المنذر فؤاد
الزعفران الوسطى غزة
غزة شهر رمضان 1433 هلالية
20/ 7/ 2012 شمسية
للتواصل مع الشيخ عبر البريد الالكتروني: zafran57@yahoo.com

اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع

أسامة خضر غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة أسامة خضر ; 12-02-2012 الساعة 10:32 PM.

رد مع اقتباس
قديم 09-17-2012, 04:28 PM   #2
مشرفه ملتقى فيض القلم


الصورة الرمزية المؤمنة بالله
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 104

المؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of light

افتراضي

      

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا وجزى الله الشيخ وحفظه على المعلومات القيمه جعلها الله في ميزان حسناتكما
التوقيع:




من مواضيعي في الملتقى

* من اقوال الحكماء!
* ما فائدة قراءة القرآن إذا كنت أنساه ؟!
* تفسير الاحلام. ليس تنجيماً او دجلاً ..
* أنواع الأنفس
* لا يَحطِمَنَّكُم
* صفه العفه في القران
* أختبر معلوماتك في القرآن

المؤمنة بالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-2012, 05:13 PM   #3
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جزاكم الله كل خير
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-07-2012, 04:10 PM   #4

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 58

حافظة القرآن has a spectacular aura aboutحافظة القرآن has a spectacular aura about

افتراضي

      

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بك وبالشيخ فؤاد بن يوسف التي وضحت احكام الصيام
التوقيع:
اللهم انا امتك ابنة عبدك ابنة امتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك
اسألك بكل اسم هولك سميت به نفسك او انزلته في كتابك او علمته احد من خلقك او استأثرت به في علم الغيب
ان تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء احزاني وذهاب همومي
اللهم ات نفسي تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولها
اللهم اني اعوذ بك من علم لاينفع ومن قلب لايخشع ومن نفس لاتشبع ومن دعوة لايستجاب لها
اللهم اني اعوذ بك من نفحة الكبرياءِ
اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات
type="text/"> new TypingText(document.getElementById("930869")); TypingText.runAll();

من مواضيعي في الملتقى

* حياة ابي بكر الصديق
* من أبطال الهجرة.. أبو بكر الصديق
* قصة الصحابي سراقه مع الرسول سيد ولد ادم
* الألماس في الفضاء
* عالج نفسك بالتمر
* لمــاذا لعن الله النامصة ؟؟
* البناء الكوني" كلمات قرآنية يردّدها علماء الغرب"

حافظة القرآن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد
   
الكلمات الدلالية (Tags)
أبو, الله, الشيخ:, حفظه, خطبة:, حكم, رمضان, سعيد, شهر, فؤاد, وأحكام., والصيام
 

   
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما بعد رمضان الحسنة تهتف بأختها. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله أسامة خضر قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله 5 11-07-2012 04:25 PM
خطبة: أصوات وأحكام في نعمة النطق والكلام. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله أسامة خضر قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله 4 05-07-2012 09:42 AM
خطبة: كفى بالموت واعظا. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله أسامة خضر قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله 2 04-07-2012 05:36 PM
خطبة رمضان بين الغيب والشهادة. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله تعالى أسامة خضر قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله 4 08-03-2011 11:25 PM
من شعبان إلى رمضان. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله تعالى أسامة خضر قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله 4 07-23-2011 10:48 PM


   
 

vBulletin® v3.8.7, Copyright ©, TranZ by Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009