لا أعلم كيف فعلتها

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

حدثت هذه القصة معي بعد العدوان الاسرائيلي الغاشم على قطاع غزة قرابت الثلاث سنوات

رزقني الله جل وعلا بالقدرة على تغسيل الاموات الذي يهابه الكثير من البشر

وفي احد الايام بعد العدوان بايام قليلة اتاني اخوة من الحي الى المسجد قبل صلاة الظهر بقرابة الساعة والنصف

كي يأخذوا خشبة تغسيل الموتى والكفن من المسجد فسئلتهم هل لديكم مغسل(وكنت حريص على الاجر) فقالوا نعم فأعطيتهم ما يريدون وذهبوا وذهبت الى منزلي .

بعدها بعشر دقائق اتصلوا على هاتفي النقال ويستعجلونني ان اتي لتغسيل فقيدهم

فقلت ماذا حدث لمغسلكم

فقالوا ذهب لعلة ما

فخرجت من بيتي مسرعا

واجريت عدة اتصالات تلفونية في طريقي على بعض الاخوة الذين يريدون تعلم الغسل لما فيه من اجر عظيم .

وذهبنا الى بيت الناس قرابة الخمس اشخاص فأدخلونا مباشرة على الميت لضيق الوقت

فرفعنه من على الارض ووضعناه على خشبة التغسيل

فخرج احد الاخوة من المتعلمين الجدد واعتقد انه ما تحمل الموقف واصبحنا اربعة .

وحينها بدأت تخرج رأحة قوية جدا جدا جدا من الميت فسئلت ابوه الواقف بجانبي متى وكيف مات ?

فقال : قتل من اليهود قرابة ال 8 ايام تقريبا ،

اول يومان كان ملقى في الطرقات

و الست ايام الباقيات كان في الثلاجة

قلت الله المستعان .

حينها علمت سبب هذه الرائحة القوية

وعلمت ايضا لما ذهب المغسل الثاني وهرب من التغسيل

فاستعنت بالله جل وعلا مصبرا نفسي ومن معي من المغسلين الجدد

واخرجت من ليس له عمل معنا اثناء الغسل

( والغريب ان ما من احدا من اهله ود البقاء معنا ولا تظنوا ظن السوء في الميت

ولاكن لعدم تحملهم المنظر المرعب الذي رأوه قبل وصولي .

فقمت مستعينا بالله جل وعلا وبدأت ارفع غطاء المشفى عن وجه الميت

وكما تعودت دون النظر الى وجه الميت مرة واحدة فاعتدت النظر الى وجه الميت على دفعات ولا اعلم السبب

المهم نظرت الى فمه مع الرقبة نظرة سريعة فلم الاحظ شيء غريبا

واخذت ببدء قص الاربطة عن قدمه وخلع الملابس السفلى من الجسد بعد ستر عورته

فلاحظت مباشرة تراجع من كان معي من المغسلين الجدد

وكنت حينها عند القدم وكانت ابصارهم لوجه الميت رحمه الله

وكانت نظراتهم غير ثابته ناتجة عن خوف شديد

فشعرت من نظراتهم وكأن الميت قد عاد من موته فقشعر بدني حينها ونظرت مسرعا الى وجه الميت .............

ولا اخفيكم سرا تسلل الخوف الى قلبي من شدة المنظر وهو كالاتي :

تفاجأنا جميعا اولا ان من نشرع في تغسيله شخص نعرفه جميعا

وكنت اعرفه شكلا فقط وكان شابا ذو وجه خمري بعض الشيء وهذا كان قبل موته

اما الان فوجهه اسود وبه بقع زرقاء مثل كل جسده وكإن الجلد شفاف يظهر ما ازرق من دمه

فوقفت للحظات ولم اتكلم ولو قدرت ان اكتم نفسي تأثرا من شدة المنظر لفعلت

وعندها وقعت يده من على صدره العاري فظهر في جسده فتحة بين اضلاعه اثر طلقة من نيران العدو الغاشم

وخرج من هذه الفتحة دما ازرق قاتما ذو رأحة قوية ونفاذة جدا

فعلمت حينها ان اخي الميت رحمه الله كان جسده يتحلل من الداخل

وهذ فسر لي لماذا بدى الجلد كأنه شفاف ( لا اله الا اللــــــــــــــــــه )

تنشقت الهوء مبعدا وجهي الى الفراغ كي اتنفس هوء نقيا فما قدرت ولا حولا ولا قوة الا بالله

فقال احد المغسلين الجدد بعد صمت دقيقتين او اكثر من الجميع

قال انا سأذهب كي اعتني بالكفن فعلمت انه يهرب مبتعدا من المكان فما لمته

لانني تمنيت لو كنت مكانه وهربت وما عدت الى تغسيل الموتى ابدا

وكنت في موقف لا أحسد عليه حيث انني المغسل الوحيد ذو الخبرة بينهم

والباقي كان مساعدا متعلما راجيا الاجر من رب العلى جل وعلا

خرج الدمع من عيني وهربت ببصري من من حولي كي لا يشاهدوا دمعتي

فوقع بصري على جسد اخي الملقى امامي

وجاء في خاطري لو كنت انا الملقى على اللوح متمددا فماذا كان يصنع في تغسيلي مغسلي

فعزمت على تغسيل هذا الميت كما اتمنى ان يغسلني مغسلي

ونويت فثبتن الله وهممت فأعانني الله

وبدأت اخلع ما تبقى من ملابسه قائلا لمن حولي مذكرا (كل نفس ذائقة الموت ،

وكلنا سنموت ،

والله يعلم وحده هل سنغسل على السنة او نجد من يغسلنا )

فهموا ما بين السطور وهموا معي مغسلين اخانا رحمه الله

ساترينا ما رأيناه متمنين ان يتقبل منا ربنا عملنا خالصا لوجهه

وصدقا وضعت يدي على صدره لأمسح بقعة دما وكنت رقيقا بيدي

فالبقعة ظلت ثابتة وخرج الجلد من مكانه ( لا اله الا الله)

لا اله الا اللـــــــــــــــه

ضاق صدري لخروج طبقات الجلد في يدي

وكان حينها يصب على يدي الماء مساعدي

فداخ من شدة المنظر وبدأ يترنح ويسكب الماء في كل مكان من حوله

فقلت للاخر خذ منه الماء وجعله يسحب الماء من على الارض كي انسه هذا المنظر

فوالله بكيت وبكيت في داخلي

وقلت يارب

يارب

يارب

اعني ولا تؤاخذني بذنوبي

يارب اعني وثبتني يارب

فبعدها والله الذي لا اله الا هو ما شعرت الا وانا منتهيا من الغسلي واكفن اخي

وكأنني غبت عن الوعي اثناء التغسيل ولا اعلم حتى الان كيف تم الغسل

والله وحده يعلم انني ما اردت غير ستر اخي

وتغسيله وتكفينه وتلحيده على سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

واحمد الله جل وعلا على ما حدث وخرجت عازم الا اغسل بعد ذالك احد ..........

وبعدها ما قدرت ان اقاوم ما في الغسل من حسنات فهو اجر عظيم

فعدت لاغسل بعدها ومن كان معي من المغسلين الجدد اقلع عن التغسيل حتى مماته

ولا الومه فما مررنا به كان صعبا حتى على من تعود على تغسيل الموتى

فوائد :

1- ابحث عن الاجر ولا تنظر لمقام العمل .

2- اذا غيرت نفسك غيرك الله جل وعلا .

3- اذا عزمت فتوكل على الله وهو خير معين .

4- اصدق النية مع الله وستجد ما يسرك .

5- لا تأخذ قرارا تحت ضغط الخوف او الغضب .

والله وحده اسأل ان يحسن ختامنا جميعا وادعوا الله ان نغسل ونكفن ونلحد على سنة رسوله الصادق الامين
صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اجمعين ومن تبعهم بإحسانا الى يوم الدين وسلم

اين البقي يامهاجر

جزاك الله خيراً أخي الكريم على سردك لهذه القصة المؤثرة
نسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة
ونسأل الله أن يحسن خاتمتنا جميعاً
وأن يسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض

اكملتها اخي ابو مهاجر بارك الله فيك


وجزيتي خيرا اختي الفاضلة وبارك الله فيكي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحسن الله إليك أخي أبو احمد و أطال الله في عمرك على الاعمال الصالحة و رضا الله تبارك و تعالى و لا أدري عن أي بقية يسأل أخي أبو مهاجر اصلحه الله

أسأل الله السلامة والعافية والستر في الدنيا والآخرة ...

والله هذا موقف صعب ...

لمثل هذا فليعمل العاملون ...

وإليكم شيء من فضل تغيسل الأموات

قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من غسل ميتا فكتم عليه غفر الله له أربعين مرة ومن كفن ميتا كساه الله من سندس وإستبرق في الجنة ومن حفر لميت قبرا فأجنه فيه أجرى الله له من الأجر كأجر مسكن أسكنه إلى يوم القيامة " صحيح الترغيب والترهيب


وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" من غسل ميتا فستره ، ستره الله من الذنوب ، و من كفن مسلما ، كساه الله من السندس " حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة