أقسى ما في الكون!
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول ابن القيم رحمة الله عليه وهو يتكلم عن الجبال :
" هذا وإنها لتعلم أن لها موعداً ويوماً تنسف فيها نسفاً , وتصير كالعهن من هوله وعظمتهِ .
فهي مُشفقةً من هول ذلك الموعد , فتنظر له . فهذه حال الجبال وهي الحجارة الصلبة , وهذه رقَّتها وخشيتُها من جلال ربها وعظمته ..فيا عجباً من مُضغة لحم أقسى من هذه الجبال ,تسمع آيات الله تتلى عليها ويُذكر الرب تبارك وتعالى فلا تلين ولا تخشع ولا تنيب ,فليس بمُستنكر على الله عز وجل أن يخلق لها ناراً تذيبها إذا لم تلين بكلامه وذكره وزجره ومواعظه .
فمن لم يلين لله في هذه الدار قلبه , لم ينيب إليه و لم يذبه بحبه والبكاء من خشيته فليتمتع قليلاً فإن أمامه المُليِّن الأعظم وسيُردُّ إلى عالم الغيب والشهادة فيرى ويعلم " .
وانظُر عبودية السموات والأرض وخشوعها ... فهي تحزن وتبكي على فراق المؤمنين الصالحين .. قال تعالى بعد ذكره إهلاك فرعون وقومه : ({ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ،كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ ، فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ}) الدخان:25-26-27-28-29)
ففي الآية إثبات للبكاء للأرض والسماء , وأنهما لا يبكيان على الكافرين . بل يبكيان على فراق الصالحين , وليس بالضرورة أن يكون هذا البكاء بدموع وأنين كحال الإنسان . ولكنه بكاء لا يعلمه إلا الله تعالى . ..
قال ابن تيمية رحمه الله :" بكاء كل شيء يحسبه , قد يكون خشيته لله وقد يكون حزناً على فراق المؤمن "
وكما أن السماء والأرض لا تبكي على فراق الكافرين فإن الأرض كذلك قد لا تقبل أجسام بعض المنافقين للدفن لما قدموه من الكفر فتُنبذ أجسادهم خارجها .
كما ثبت في مسلم:" أن رجلاً من المنافقين حفر له فدفنوه وأهالوا عليه التراب , فلما أصبحوا وإذا بالأرض قد نبذته على وجهها !ثم عادوا فحفروا له فواروهُ .. فأصبحت الأرض وقد نبذته على وجهها فتركوه منبوذاً" .
[والحديث في مسلم صفات المنافقين في نبذ الأرض المنافق ].
يقول الله تعالى : ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يُهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء ) (الحج/18 ) .
اثبت وجودك
..
تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع
|