المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أعلام من السلف


ام هُمام
11-02-2016, 05:44 PM
:1:
أعلام من السلف
01- أبو بكر الصديق

ونبدأ بقصة صحابي جليل هو الصحابي أبو بكر الصديق رضي الله عنه.. وكان أبو بكر من وجهاء قريش وأشرفهم وأحد رؤسائهم وكان تاجرا محبا إلى الناس لعلمه وحسن مجالسته فلم يشرب خمرا ولم يسجد لصنم فكان من خيار الناس في الجاهلية والإسلام وقد أسلم ولم يتلعثم وكان أول من أسلم من الرجال الأحرار وقد عاهد النبي على نصرته بكل مايملك وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيه(أرحم أمتي بأمتي أبو بكر) اللهم إرحم أمة محمد رحمة عامه.
وحمل هم الدعوة مع النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم على يديه صفوة من خير الخلق في الإسلام ولما أجتمع كفار قريش على النبي صلى الله عليه وسلم عند الكعبة أقبل عليهم وفرقهم عنه وقال لهم
(أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله) فأقبلوا عليه وأوسعوه ضربا ثم كانت هجرته مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان ثاني إثنين وهذا شرف وفضل لم يناله أحد غيره رضي الله عنه ولما مرض النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته الأخيرة (إن أمن الناس على صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لآتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام ومودته لايبقين في المسجد إلاسدإلا باب أبو بكر) ولما عجز النبي صلى الله عليه وسلم عن الخروج للصلاة أمر أن يؤم الناس أبو بكر ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم ذهل أصحابه كلهم إلا هو وقال كلمته الشهيره (أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لايموت) وقرأ قول الله تعالى (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) ولما تولى الخلافة كان خير خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولما مرض مرض الموت أمر أن يرد إلى بيت المال كل مازاد على ماله منذ ولي الخلافة ورعا منه فبكى عمر رضي الله عنه وقال (رحمة الله على أبي بكر لقد أتعب من بعده تعبا شديدا ) رضى الله عن أبي بكر

:2:

ام هُمام
11-02-2016, 05:47 PM
02- سعد بن أبي وقاص

اليوم نتعرف على قصة صحابي جليل من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وهو أحد العشرة المبشرين بالجنه وأحد السته أصحاب الشورى الذين توفى رسول الله وهو عنهم راض الصحابي هو سعد إبن أبي وقاص خال رسول الله صلى الله عليه وسلم , أسلم قديما وكان عمره يوم أسلم سبع عشرة سنه وثبت عنه فى الصحيح أنه قال ما أسلم أحد في اليوم الذي أسلمت فيه ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الأسلام وهو الذي كوف الكوفه ونفى عنها الأعاجم وكان مجاب الدعوة وهاجر وشهد بدرا وما بعدها وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله وكان فارسا شجاعا من أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان في أيام الصديق معظما جليل القدر وكذلك في أيام عمر وقد إستنابه على الكوفة وهو الذي فتح المدائن وكانت بين يديه وقعة جلولا وكان سيدا مطاعا وعزله عمر عن الكوفه عن غير عجز ولا خيانه ولكن لمصلحة ظهرت لعمر في ذلك وقد ذكره فى الستة أصحاب الشورى وأنزل الله فيه (وإن جاهداك لتشرك بي ماليس لك به علم) وذلك لما أسلم أمتنعت أمه من الطعام والشراب أياما فقال لها :تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ماتركت ديني هذا لشيء إن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي فنزلت هذه الأية الكريمة وعن إبن عمر قال كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
(يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة )فقال فليس منا أحد إلا وهو يتمنى أن يكون من أهل بيته فإذا سعد إبن أبي وقاص وقد طلع رضي الله عنه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

ام هُمام
11-03-2016, 05:12 PM
03- بلال ابن رباح

صحابي اليوم هو بلال بن رباح الحبشي المؤذن مولى أبو بكر ويقال له بلال إبن حمامه وهي أمه أسلم قديما فعذب فى الله فصبر فاشتراه الصديق فأعتقه شهد بدرا وما بعدها وكان أمية بن خلف يعذبه بمكة ليرتد عن دينه ولكنه ثبت على الحق رضى الله عنه فلما كان يوم بدر رأى بلال أمية وقد أسره عبد الرحمن بن عوف فقال رأس الكفر أمية بن خلف لانجوت إذ نجا فاجتمع عليه هو ونفر من الأنصار حتى قتلوه وكان عمر يقول أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا رواه البخارى ولما شرع الآذان بالمدينة كان هو الذى يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن أم مكتوم يتناوبان تارة هذا وتارة هذا وكان بلال ندي الصوت فصيحا وما يروى(أن سين بلال عند الله شيئا ) فليس له أصل وقد أذن يوم الفتح على ظهر الكعبة ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الآذان ثم خرج إلى الشام مجاهدا ولما قدم عمر أذن بين يديه لصلاة الظهر فانتحب الناس بالبكاء وثبت فى الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال (إني دخلت الجنة فسمعت خشف نعليك أمامي فأخبرني بأرجى عمل عملته "فقال ما توضأت وضوء إلا وصليت ركعتين فقال "بذلك" وكان بلال آدم شديد الآدمه طويلا نحيفا كثير الشعر خفيف العارضين وقد توفي بدمشق في طاعون عمواس سنة ثماني عشر رضى الله عن بلال وصحابة النبى الأطهار

ام هُمام
11-04-2016, 06:35 PM
04- عبد الله ابن مسعود

أسلم قديما قبل عمر بن الخطاب وكان سبب إسلامه حين مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضى الله عنه وهو يرعى غنما فسألاه لبنا فقال: إنى مؤتمن فقال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عناقا لم ينز عليها الفحل فاعتلقها ثم حلب وشرب وسقى أبا بكر ثم قال للضرع: اقلص فقلص فقلت علمني من هذا الدعاء فقال (إنك غلام معلم ..... وكان ابن مسعود أول من جهر بالقرآن بمكة بعد النبي صلى الله عليه وسلم عند البيت وقريش في أنديتها قرأ سورة الرحمن فقاموا إليه فضربوه ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلم وكان يحمل نعليه وسواكه وهاجر إلى الحبشة ثم عاد إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرا وهو الذي قتل أبو جهل بعد ما أثبته أبنا غفراء وشهد بقية المشاهد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأ علي فقال أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ فقال إني أحب ان أسمعه من غيري وفي الحديث أن ابن مسعود صعد شجرة يجتنى الكباث فجعل الناس يعجبون من دقة ساقيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذى نفسي بيده لهما فى الميزان أثقل من أحد) ثم قدم إلى المدينة المنوره فمرض بها فجاءه عثمان بن عفان عائدا فيروى انه قال له ماتشتكى ؟قال رحمة ربي قال الا آمر لك بطبيب فقال الطبيب أمرضني قال الا آمر لك بعطاء؟ فقال لاحاجة لي فمات فى مرضه رضي الله عنه ودفن بالبقيع عن بضع وستين سنة رضي الله عنه ورضي الله عن صحابة النبي الأطهار

ام هُمام
11-05-2016, 05:41 PM
05- صهيب الرومى

معنا اليوم صحابى جليل من صحابة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (صهيب الرومى)

أبو يحيى أصله من اليمن أغارت على بلادهم الروم فأسرته وهو صغير،فأقام عندهم حينا" ثم أشترته بنو كلب فحملوه إلى مكة فابتاعه عبد الله بن جدعان فأعتقه وأقام بمكة حينا فلما بعث النبى صلى الله عليه وسلم آمن به وكان ممن أسلم قديما هو وعمار في يوم واحد بعد بضعة وثلاثين رجلا وكان من المستضعفين الذين يعذبون فى الله عز وجل ولما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر صهيب بعدة أيام فلحقه قوم من المشركين يريدون أن يصدوه عن الهجرة فلما أحس بهم نثل كناته فوضعها بين يديه وقال والله لقد علمتم أني من أرماكم رجلا وولله لاتصلون إلي حتى أقتل بكل سهم من هذه رجلا منكم ثم أقاتلكم بسيفي هذا حتى أقتل وإن كنتم تريدون المال فأنا أدلكم على مالي وهو مدفون فى مكان كذا وكذا فانصرفوا عنه فأخذو ماله فلما قدم المدينة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (ربح البيع أبا يحيى) وأنزل الله(ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد) وشهد بدرا وأحدا وما بعدهما ولما جعل عمر الآمر شورى كان هو الذي يصلي بالناس حتى تولى الخلافة عثمان وهو الذي ولى الصلاة على عمر وكان لسانه فيه عجمة شديده روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه يأكل بقثاء رطبا وهو أرمد العينين فقال أتأكل رطبا وأنت أرمد ؟فقال إنما أكل من ناحية عيني الصحيحه فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت وفاته بالمدينة سنة ثمان وثلاثين وقيل سنة تسع وثلاثين وقد نيف على السبعين رضي الله عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم

ام هُمام
11-06-2016, 06:24 PM
06- أبو ذر الغفارى

أسمه جندب بن جناده أسلم قديما بمكة فكان رابع أربعة أو خامس خمسة وهو أول من حيا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحية الإسلام قال كنت رابع الإسلام أسلم قبلي ثلاثة نفر وأنا الرابع أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت :السلام عليكم يارسول الله أشهد أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله فرأيت الإستبشار فى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له النبى صلى الله عليه وسلم (إرجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري )فقال والذي بعثك بالحق لآصرخن بها بين ظهرانيهم فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ثم قام فضربوه حتى أضجعوه فأتى العباس فأكب عليه فقال ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار وأنها فى طريق تجارتكم إلى الشام فأنقذه منهم ثم عاد من الغد بمثلها فضربوه وثاروا إليها فأكب العباس عليه ثم رجع إلى بلاده وقومه فكان هناك حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فهاجر بعد الخندق ثم لزم رسول الله صلى الله عليه وسلم حضرا وسفرا وروى عنه أحاديث كثيرة وجاء فى فضله أحاديث كثيرة ثم لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات أبو بكر خرج إلى الشام ثم استقدمه عثمان إلى المدينة المنوره ثم نزل الربذه فأقام بها حتى مات وليس عنده سوى إمرأته وأولاده فبينما هم كذلك لا يقدرون على دفنه إذ قدم عبدالله بن مسعود من العراق فى جماعة من أصحابه فحضروا موته وأوصاهم كيف يفعلون به وقيل قدموا بعد وفاته قالوا غسلة ودفنه وكان قد أمر أهله أن يطبخوا لهم شاة من غنمه ليأكلوا بعد الموت وقد أرسل عثمان بن عفان إلى أهله فضمهم مع أهله رضى الله عنه وعن باقي صحابة النبي الأطهار

ام هُمام
11-07-2016, 05:05 PM
07- عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه

أسلم قديما على يد أبي بكر وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنوره وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعيد بن الربيع وشهد بدرا وما بعدها وأمره الرسول صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى بني كلب وأرخى له عذبة بين كتفيه لتكون أمارة عليه للإمارة وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنه وأحد الثمانية السابقين في الإسلام وأحد الستة أصحاب الشورى ثم أحد الثلاثة الذين انتهت إليهم منهم ثم كان هو الذى اجتهد فى تقديم عثمان رضي الله عنه وقد تقاول هو وخالد بن الوليد فى بعض الغزوات فأغلظ له خالد فى القول فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق مثل أحدكم ذهبا مابلغ مد أحدهم ولا نصيفه وتصدق عبدالرحمن بن عوف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بشطر ماله أربعة آلاف ثم تصدق بأربعين ثم تصدق بأربعين الف دينار ثم حمل على خمسمائة فرس فى سبيل الله ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل تبقى من أهل بدر بأربعمائة دينار وكانوا مائة وكان عامة ماله من التجارة وأوصى لكل ام من امهات المؤمنين بمبلغ كثير حتى كانت عائشة تقول سقاه الله من السلسبيل ولما مات صلى عليه عثمان بن عفان وحمل جنازته سعد بن أبي وقاص ودفن بالبقيع عن خمس وسبعين سنة رضى الله عنه

ام هُمام
11-08-2016, 06:20 PM
08- أبو هريرة رضي الله عنه

كان اسمه في الجاهلية عبد شمس ، ولما أسلم سماه الرسول -صلى الله عليه
وسلم- عبد الرحمن ، ولقد كان عطوفا على الحيوان ، وكانت له هرة ، يرعاها
ويطعمها وينظفها وتلازمه فدعي أبا هريرة -رضي الله عنه

نشأته و اسلامه
يتحدث عن نفسه -رضي الله عنه- فيقول :( نشأت يتيما ، وهاجرت مسكينا ، وكنت أجيرا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني ، كنت أخدمهم اذا نزلوا ، وأحدو لهم اذا ركبوا ، وهأنذا وقد زوجنيها الله ، فالحمد لله الذي جعل الدين قواما ، وجعل أبا هريرة أماما ).. قدم الى النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة سبع للهجرة وهو بخيبر وأسلم ، ومنذ رأى الرسول الكريم لم يفارقه لحظة ... وأصبح من العابدين الأوابين ، يتناوب مع زوجته وابنته قيام الليل كله ، فيقوم هو ثلثه ، وتقوم زوجته ثلثه ، وتقوم ابنته ثلثه ، وهكذا لا تمر من الليل ساعة الا وفي بيت أبي هريرة عبادة وذكر وصلاة ...

اسلام أم أبي هريرة
لم يكن لأبي هريرة بعد اسلامه الا مشكلة واحدة وهي أمه التي لم تسلم ، وكانت دوما تؤذيه بذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالسوء ، فذهب يوما الى الرسول باكيا :( يا رسول الله ، كنت أدعو أم أبي هريرة الى الاسلام فتأبى علي ، واني دعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره ، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة الى الاسلام )... فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( اللهم اهد أم أبي هريرة )....

فخرج يعدو يبشرها بدعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلما أتاها سمع من وراء الباب خصخصة الماء ، ونادته :( يا أبا هريرة مكانك )... ثم لبست درعها، وعجلت من خمارها وخرجت تقول:( أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله )... فجاء أبوهريرة الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- باكيا من الفرح وقال :( أبشر يا رسول الله ، فقد أجاب الله دعوتك ، قد هدى الله أم أبي هريرة الى الاسلام)... ثم قال :( يا رسول الله ، ادع الله أن يحببني وأمي الى المؤمنين والمؤمنات )... فقال :( اللهم حبب عبيدك هذا وأمه الى كل مؤمن ومؤمنة)...

امارته للبحرين
وعاش -رضي الله عنه- عابدا ومجاهدا ، لا يتخلف عن غزوة ولا عن طاعة ، وفي خلافة عمر -رضي الله عنه- ولاه امارة البحرين ، وكان عمر -رضي الله عنه- اذا ولي أحدا الخلافة راقب ماله ، فاذا زاد ثراءه ساءله عنه وحاسبه ،وهذا ما حدث مع أبي هريرة ، فقد ادخر مالا حلالا له ، وعلم عمر بذلك فأرسل في طلبه ، يقول أبو هريرة : قال لي عمر :( يا عدو الله ، وعدو كتابه ، أسرقت مال الله )... قلت :( ما أنا بعدو لله ولا عدوا لكتابه لكني عدو من عاداهما ، ولا أنا من يسرق مال الله )... قال:( فمن أين اجتمعت لك عشرة ألاف ؟)... قلت:( خيل لي تناسلت ، وعطايا تلاحقت )... قال عمر :( فادفعها الى بيت مال المسلمين )... ودفع أبو هريرة المال الى عمر ثم رفع يديه الى السماء وقال :( اللهم اغفر لأمير المؤمنين )... وبعد حين دعا عمر أبا هريرة ، وعرض عليه الولاية من جديد ، فأباها واعتذر عنها ، وعندما سأله عمر عن السبب قال :( حتى لا يشتم عرضي ، ويؤخذ مالي ، ويضرب ظهري )... ثم قال :( وأخاف أن أقضي بغير علم ، وأقول بغير حلم )...

سرعة الحفظ و قوة الذاكرة
ان أبطال الحروب من الصحابة كثيرون ، والفقهاء والدعاة والمعلمون كثيرون ، ولكن كان هناك قلة من الكتاب ، ولم يكونوا متفرغين لتدوين كل ما يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وعندما أسلم أبو هريرة لم يملك أرض يزرعها أو تجارة يتبعها ، وانما يملك موهبة تكمن في ذاكرته ، فهو سريع الحفظ قوي الذاكرة ، فعزم على تعويض مافاته بان يأخذ على عاتقه حفظ هذا التراث وينقله الى الأجيال القادمة... فهو يقول :( انكم لتقولون أكثر أبو هريرة في حديثه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وتقولون ان المهاجرين الذين سبقوه الى الاسلام لا يحدثون هذه الأحاديث ، ألا ان أصحابي من المهاجرين كانت تشغلهم صفقاتهم بالسوق ، وان أصحابي من الأنصار كانت تشغلهم أرضهم ، واني كنت امرءا مسكينا ، أكثر مجالسة رسول الله ، فأحضر اذا غابوا ، وأحفظ اذا نسوا ، وان الرسول -صلى الله عليه وسلم- حدثنا يوما فقال :( من يبسط رداءه حتى يفرغ من حديثي ثم يقبضه اليه فلا ينسى شيئا كان قد سمعه مني )... فبسطت ثوبي فحدثني ثم ضممته الي فوالله ما كنت نسيت شيئا سمعته منه ، وأيم الله لولا أية في كتاب الله ما حدثتكم بشيء أبدا ، هي :"...
ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب ، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون "..

ام هُمام
11-09-2016, 05:02 PM
09- خالد بن الوليد

خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي، أبو سليمان، أحد أشراف قريش في الجاهلية وكان إليه القبّة وأعنّة الخيل، أمّا القبة فكانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش وأما الأعنة فإنه كان يكون المقدّم على خيول قريش في الحرب... كان إسلامه في شهر صفر سنة ثمان من الهجرة، حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك إلا إلى الخير).وتعود قصة اسلام خالد الى ما بعد معاهدة الحديبية حيث أسلم أخوه الوليد بن الوليد، ودخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مكة في عمرة القضاء فسأل الوليد عن أخيه خالد، فقال: (أين خالد؟)... فقال الوليد: (يأتي به الله).
فقال النبي: -صلى الله عليه وسلم-: (ما مثله يجهل الاسلام، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرا له، ولقدمناه على غيره)... فخرج الوليد يبحث عن أخيه فلم يجده، فترك له رسالة قال فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد... فأني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الاسلام وعقلك عقلك، ومثل الاسلام يجهله أحد؟!... وقد سألني عنك رسول الله، فقال أين خالد - وذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه - ثم قال له: فاستدرك يا أخي ما فاتك فيه، فقد فاتتك مواطن صالحة) .
وقد كان خالد -رضي اللـه عنه- يفكر في الاسلام، فلما قرأ رسالة أخيـه سر بها سرورا كبيرا، وأعجبه مقالة النبـي -صلى اللـه عليه وسلم-فيه، فتشجع و أسلـم...
الحلم
ورأى خالد في منامه كأنه في بلادٍ ضيّقة جديبة، فخرج إلى بلد أخضر واسع، فقال في نفسه: (إن هذه لرؤيا)... فلمّا قدم المدينة ذكرها لأبي بكر الصديق فقال له: (هو مخرجُكَ الذي هداك الله للإسلام، والضيقُ الذي كنتَ فيه من الشرك).
الرحلة
يقول خالد عن رحلته من مكة الى المدينة: (وددت لو أجد من أصاحب، فلقيت عثمان بن طلحة فذكرت له الذي أريد فأسرع الإجابة، وخرجنا جميعا فأدلجنا سحرا، فلما كنا بالسهل إذا عمرو بن العاص، فقال: (مرحبا بالقوم)... قلنا: (وبك)... قال: (أين مسيركم؟)... فأخبرناه، وأخبرنا أيضا أنه يريد النبي صلى الله عليه وسلم ليسلم، فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة أول يوم من صفر سنة ثمان من الهجره ).
قدوم المدينة
فلما رآهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه: (رمتكم مكة بأفلاذ كبدها)... يقول خالد: (ولما اطلعت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سلمت عليه بالنبوة فرد على السلام بوجه طلق، فأسلمت وشهدت شهادة الحق، وحينها قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الحمد لله الذي هداك قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك الا الى الخير)... وبايعت الرسـول وقلت: (استغفر لي كل ما أوضعـت فيه من صد عن سبيل اللـه)... فقال: (إن الإسلام يجـب ما كان قبله)... فقلت: (يا رسول الله على ذلك)... فقال: (اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيلك)... وتقدم عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، فأسلما وبايعا رسول الله)...
والدته
كان خالد بن الوليد ميمونَ النقيبـة، وأمّه عصماء، وهي لبابة بنت الحارث أخـت أم الفضـل بنت الحارث، أم بني العباس بن عبد المطلب، وخالته ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
غزوة مؤتة

كانت غزوة مؤتة أول غزوة شارك فيها خالد، وقد قتل قادتها الثلاثة: زيد بن حارثة، ثم جعفر بن أبي طالب، ثم عبدالله بن رواحة -رضي الله عنهم-، فسارع الى الراية (ثابت بن أقرم) فحملها عاليا وتوجه مسرعا الى خالد قائلا له: (خذ اللواء يا أبا سليمان) فلم يجد خالد أن من حقه أخذها فاعتذر قائلا: (لا، لا آخذ اللواء أنت أحق به، لك سن وقد شهدت بدرا)... فأجابه ثابت: (خذه فأنت أدرى بالقتال مني، ووالله ما أخذته إلا لك). ثم نادى بالمسلمين: (أترضون إمرة خالد؟)... قالوا: (نعم)... فأخذ الراية خالد وأنقذ جيش المسلمين، يقول خالد: (قد انقطع في يدي يومَ مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة لي يمانية).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أخبر الصحابة بتلك الغزوة: (أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ الراية جعفر فأصيب، ثم أخذ الراية ابن رواحة فأصيب ،... وعيناه -صلى الله عليه وسلم- تذرفان...، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم)... فسمي خالد من ذلك اليوم سيف الله
فضله

قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (نِعْمَ عبد الله خالد بن الوليد، سيْفٌ من سيوف الله).
قال خالد -رضي الله عنه-:(ما ليلة يهدي إليّ فيها عروسٌ أنا لها محب، أو أبشّرُ فيها بغلامٍ أحبَّ إلي من ليلة شديدة الجليد في سريّةٍ من المهاجرين أصبِّحُ بها العدو).
وأمَّ خالد الناس بالحيرة، فقرأ من سُوَرٍ شتى، ثم التفت إلى الناس حين انصرف فقال: (شغلني عن تعلّم القرآن الجهادُ).
نزل خالد بن الوليد الحيرة على أمير بني المرازبة فقالوا له: (احذَرِ السُّمَّ لا يسقيكهُ الأعاجم)... فقال: (إئتوني به)... فأتِيَ به فأخذه بيده ثم اقتحمه وقال: (بسم الله)... فلم يُضرَّه شيئاً.

ام هُمام
11-11-2016, 06:58 AM
10- عبدالله بن عباس(ترجمان القرآن)


الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وأشهد أن لا إله إلا الله القائل في محكم كتابه: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9 ]، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال في حديثه عن ربه - عز وجل -: ( من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وفضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله على خلقه ) [رواه الترمذي في سننه حديث رقم (2850) ]، وبعد

فقـد اقتضت حكمة الله تعالى وإرادته أن جعل قلوب بعض عباده المؤمنين أوعية للقرآن فحفظوه وفهموه وعملوا بتعاليمه، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وتأدبوا بآدابه، وتخلقوا بأخلاقه، ثم علموه للمسلمين حتى وصل إلينا صحيحا مرتلاً، فقد تلقاه الخلف عن السلف وتعلمه جيل بعد جيل، وهكذا ستظل طائفة من المسلمين - بعون الله تعالى - لا هم لهم إلا حفظ كتابه ثم تعليمه للناس إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ومن الذين حفظ الله بهم كتابه الكريم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن عباس - رضي الله تعالى عنهما- الإمام العلم الحبر البحر الحجة في التفسير وغيره من العلوم الذي دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ( اللهم فقه الدين وعلمه التأويل ) [رواه البخاري في الصحيح حديث رقم (140) ].

هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن مناف القرشي ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

أمه: لبابة الكبرى بنت الحارث أخت ميمونة زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانت خالته.

مولده: ولد والنبي - صلى الله عليه وسلم- بالشعب فأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم- فحنكه بريقه وذلك قبل الهجرة بثلاث سنوات.
لازم النبي - صلى الله عليه وسلم - في صغره لقرابته منه، وتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وله من العمر 13سنة وقيل 15سنة.

كان - رضي الله تعالى عنه- يلقب بالحبر والبحر لكثرة علمه وكان على درجة كبيرة من الاجتهاد والمعرفة لمعاني القرآن وانتهت إليه الرياسة في الفتوى والتفسير.

وكان عمر يُجلسه في مجلسه مع كبار الصحابة ويدنيه منه ويقول: « ذاكم فتى الكهول، إن له لساناً سؤولاً وقلباً عقولاً ».

وقال فيه ابن مسعود: « نعم ترجمان القرآن ابن عباس ».

وقال عنه عطاء: ما رأيت أكرم من مجلس ابن عباس، أصحاب القرآن عنده، وأصحاب الفقه عنده، وأصحاب السير عنده يصدرهم كلهم من واد واسع ».

قال عبد الله بن عتبة: « كان ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قد فات الناس بخصال:
بعلم ما سبق، وفقه فيما احتيج إليه، وحلمٍ ونسب، وتأويل، وما رأيت أحداً كان أعلم بما سبق من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - منه ولا بأقضية أبي بكر وعمر وعثمان وعلي منه ».

قيل لطاووس لزمت هذا الغلام - يعني ابن عباس – وتركت الأكابر قال: إني رأيت سبعين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا تدارءوا أمراً صاروا إلى قول ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما-.

قرأ القرآن على أبي بن كعب وزيد بن ثابت، وقرأ عليه مجاهد وسعيد وطائفة.
وروى عنه علي ابنه، وأخوه عكرمة مولاه، وأنس بن مالك، وأبو الطفيل، وأبو أمامة، وابن أبي مليحة وغيرهم كثير،بلغ عددهم مئتى نفس كما ذُكر ذلك في التهذيب.

ولابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- تفسير رواه عنه مجاهد وروى هذا التفسير عن مجاهد حميد بن قيس.

قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: جمعت المحكم في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبض وأنا ابن عشر حجج.
وقال أيضاً -رضي الله تعالى عنهما-: كل القرآن أعلمه إلا ثلاثا الرقيم، غسلين، حناناً.

عن ابن أبي مليكة قال: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة فكان إذا نزل قام شطر الليل فسأله أيوب: كيف كانت قراءته؟ قال: قرأ ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ .... ﴾ [ق: 19 ]، فجعل يرتل ويكثر - في ذلك- النشيج.

وقال طاووس: ما رأيت أحداً أشد تعظيماً لحرمات الله من ابن عباس.
وعن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: لما توفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت لرجل من الأنصار: هلم نسأل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم اليوم كثير فقال: واعجباً لك يا ابن عباس أترى الناس يحتاجون إليك وفي الناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من ترى؟ فترك ذلك وأقبلت على المسألة، فإن كان ليبلغني الحديث عن رجل فآتيه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه فتسفي الريح التراب فيخرج فيراني فيقول يا ابن عم رسول الله ألا أرسلت إلي فآتيك فأقول: أنا أحق أن آتيك فأسألك، قال فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس علي فقال: هذا الفتى أعقل مني.

قال عمر لابن عباس: لقد علمت علماً ما علمناه.
وقال عمر: لا يلومني أحد على حب ابن عباس.

ام هُمام
11-12-2016, 02:01 PM
11- عكاشة بن محصن

عرف بين الناس بوفرة العقل وصدق الاحساس وصفاء السريرة، وكان معروفاً بجمال وحسن الهيئة والجرأة والاقدام، وكان حليفاً لبني عبد شمس.

وما ان بلغت مسامعه الدعوة الى التوحيد والاسلام، حتى أشرقت نفسه بالإيمان، وانطلق الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلن إسلامه.

ولقد أوذي كغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أذى كثيراً، وكذب أشد التكذيب، فما زاده ذلك إلا ايماناً وتسليماً، وتمسكاً بدينه تمسكاً عظيماً، ولما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ما ينزل بأصحابه من العذاب والبلاء أشار عليهم بالهجرة الى المدينة. فكان عكاشة بن محصن رضي الله عنه من بين من هاجر الى المدينة، وما ان وصل الى هناك حتى استنشق نسيم الأنس والرحمة والأمان لأول مرة منذ أسلم.

وعاش في المدينة بين اخوانه من المهاجرين والأنصار أطيب عيش، وكان في أشد شوقه لخدمة دينه، والدفاع عن أمته.

فاستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على سرية (الغمر) في اربعين رجلاً، فذهبوا فعلم القوم بمجيئه فهربوا، فرجع الى المدينة وقد ساق مائتي بعير كانت لهم.

وها هو رضي الله عنه يشهد بدراً وأحداً والخندق ويبلى بلاء حسناً، وانقطع سيفه في غزوة بدر فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم جذلاً من حطب، فقال: (قاتل بهذا يا عكاشة) فلما أخذه هزه فعاد سيفاً أبيض قوياً ومتيناً، وظل هذا السيف المبارك معه يقاتل به حتى قتل رضي الله عنه في حروب المرتدين.

ولقد بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وهو على قيد الحياة، بشره بسعادة لا شقاء بعدها أبداً، ويا لها من كرامة لا توازيها الدنيا بزخارفها الفانية ونعيمها الزائل، ويا لها من سعادة غمرت قلب عكاشة، وملأت فؤاده، وهو يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشره بدخوله الجنة بغير حساب ولا عذابا فهنيئاً له والله،اللهم اجعل لي من الخير ما جعلت لعكاشه رضي الله عنه فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نوقش الحساب عذب).

قال سعيد بن جبير: حدثنا ابن عباس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عرضت عليّ الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي يمر ومعه الثلاثة والاثنان، والنبي يمر ومعه الرجل الواحد، والنبي يمر وليس معه أحد، الى ان رفع لي سواد عظيم فقلت: هذه أمتي. قيل: ليس بأمتك، هذا موسى وقومه. الى ان رفع لي سواد عظيم قد سد الافق، فقيل: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب) قال: ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم فخضنا في اولئك السبعين، وجعلنا نقول: من الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؟ أهم الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم ام هم الذين ولدوا في الاسلام ولم يشركوا بالله شيئاً؟

الى ان خرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا الذي كنتم تخوضون فيه؟

قال: فأخبره، فقال: (هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون)

فقام عكاشة بن محصن رضي الله عنه فقال: أنا منهم يا رسول الله؟ قال: (أنت منهم)

وقام رجل آخر من المهاجرين فقال: أنا منهم يا رسول الله؟ قال: (سبقك بها عكاشة). فهنيئاً لعكاشة سبقه الى جنة النعيم.

ومنذ ان سمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم تاقت نفسه لطلب الشهادة، والمسارعة لنيل هذه الدرجة العظيمة، فخرج يقاتل المرتدين، ويقضي على فتنة المتنبئين، وراح ليكون في طليعة الصحابة الذين خرجوا لقتال المتنبىء طليحة بن خويلد، وقام بقتل جبال بن طليحة، ثم حمل عليه طليحة وجنده فقتلوه، فقام بدفنه خالد بن الوليد رضي الله عنه.

وهكذا فارق عكاشة الدنيا ليلحق بركب الآخرة بلا حساب ولا عذاب.

فرضي الله عن عكاشة وعن سائر الصحابة أجمعين

ام هُمام
11-12-2016, 06:03 PM
12- توَّج سليمان بن عبد الملك أعماله الصالحة بتولية عمر بن عبد العزيز الخلافة من بعده ما توسمه فيه من الصلاح والتقوى والميل إلى العدل.

والحق أن عمر لم يكن راغبًا في الخلافة، فيُروى أن عمر بن عبد العزيز بعد أن فرغ من دفن سليمان بن عبد الملك صعد المنبر، واجتمع الناس فقال: "أيها الناس، إني قد ابتليت بهذا الأمر عن غير رأي كان مني فيه، ولا طِلْبةَ له، ولا مشورة من المسلمين، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي فاختاروا لأنفسكم. فصاح الناس صيحة واحدة: قد اخترناك يا أمير المؤمنين، ورضينا بك، فتولَّ أمرنا باليُمنِ والبركة. فلما رأى الأصوات قد هدأت، ورضي به الناس جميعًا، حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وقال:" أوصيكم بتقوى الله؛ فإن تقوى الله خلف كل شيء، وليس من تقوى الله خلف، واعملوا لآخرتكم فإنه من عمل لآخرته كفاه الله تبارك وتعالى أمر دنياه... ثم رفع صوته حتى أسمع الناس فقال: يا أيها الناس، من أطاع الله وجبت طاعتُه، ومن عصى الله فلا طاعة له، أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم".
عمر بن عبد العزيز الحرص على العمل بالكتاب والسنة

من أهم ما يميز منهج عمر في سياسته، حرصه على العمل بالكتاب والسنة، ونشر العلم بين رعيته، وتفقيههم في الدين وتعريفهم بالسنة، ومنطلق عمر في ذلك فهمه لمهمة الخلافة، فهي حفظ الدين وسياسة الدنيا به، فهو يرى أن من أهم واجباته تعريف رعيته بمبادئ دينهم، وحملهم على العمل بها، فورد عنه أنه قال في إحدى خطبه: "إن للإسلام حدودًا وشرائع وسننًا، فمن عمل بها استكمل الإيمان، ومن لم يعمل بها لم يستكمل الإيمان، فلئن أعش أعلمكموها وأحملكم عليها، وإن أَمِتْ فما أنا على صحبتكم بحريص". وقال أيضًا: "فلو كانت كل بدعة يُميتُها الله على يديَّ، وكل سُنَّة ينعشها الله على يدي ببضعة من لحمي حتى يأتي آخر ذلك على نفسي كان في الله يسيرًا". وفي موضع آخر قال: "والله لولا أن أنعش سُنَّة أو أسير بحق، ما أحببت أن أعيش فواقًا".

لهذا بادر عمر في تنفيذ هذه المسئولية المهمة، فبعث العلماء في تعليم الناس وتثقيفهم إلى مختلف أقاليم الدولة، وفي حواضرها وبواديها وأمر عُمَّاله على الأقاليم بحثِّ العلماء على نشر العلم، فقد جاء في كتابه الذي بعث به إلى عماله: "ومُرْ أهل العلم والفقه من جندك فلينشروا ما علَّمهم الله من ذلك، ليتحدثوا به في مجالسهم". ومما كتب به إلى بعض عماله: "أما بعد، فأمر أهل العلم أن ينشروا العلم في مساجدهم، فإن السُّنَّة كانت قد أميتت". كما أمر عماله أن يجروا الرواتب على العلماء، ليتفرغوا لنشر العلم، وانتدب العديد من العلماء لتفقيه الناس في الدين، فبعث يزيد بن أبي مالك ليفقه بني نمير ويُقْرِئهم، وبعث نافع مولى ابن عمر إلى أهل مصر ليعلمهم السنن، وكان قد بعث عشرة من الفقهاء إلى إفريقية يفقهون أهلها.

ولم تنحصر مهمة هؤلاء العلماء في التعليم فحسب، بل منهم من أسند إليه بعض الولايات، ومنهم من تولى القضاء وأسهم أكثرهم -إضافةً إلى نشر العلم- في مجال الدعوة والجهاد في سبيل الله، وهذا الاهتمام الذي تميز به منهج عمر لتعليم الناس، وتفقيههم بأمور دينهم له أبعاد سياسية وآثار أمنية، ذلك أن نشر الوعي الديني الصحيح والفقه بين أفراد الرعية له أثر في حماية عقول أبناء الأمة من عبث الأفكار التي ينعكس خطرها على الاستقرار السياسي والأمني، كأفكار الخوارج وغيرهم.
عمر بن عبد العزيز وإقامة العدل لأهل سمرقند

عندما وصل خبر تولية عمر بن عبد العزيز الخلافة إلى سكان ما وراء النهر، اجتمع أهل سمرقند، وقالوا لسليمان بن أبي السري: إن قتيبة غدر بنا، وظلمنا وأخذ بلادنا، وقد أظهر الله العدل والإنصاف؛ فَأْذَن لنا فلْيَفِدْ منَّا وفد إلى أمير المؤمنين، يشكو ظلامتنا، فإن كان لنا حق أُعطِينَاه، فإن بنا إلى ذلك حاجة، فأذن لهم سليمان، فوجهوا منهم قومًا فقدموا على عمر، فكتب لهم عمر إلى سليمان بن أبي السري: "إن أهل سمرقند قد شكوا إليَّ ظلمًا أصابهم، وتحاملاً من قتيبة عليهم أخرجهم من أرضهم، فإذا أتاك كتابي، فأَجْلِسْ لهم القاضي فلينظر في أمرهم، فإن قضى لهم فأخرجهم -يعني المسلمين الغزاة- إلى معسكرهم كما كانوا وكنتم قبل أن يظهر عليهم قتيبة".

سمرقندفأجلس سليمانُ جُمَيعَ بن حاضر القاضي، فقضى أن يخرج عرب سمرقند إلى معسكرهم وينابذوهم على سواء، فيكون صلحًا جديدًا أو ظفرًا عنوة، فقال أهل الصغد -قوم يسكنون بعض بلاد ما وراء النهر-: بل نرضى بما كان، ولا نجدد حربًا. وتراضوا بذلك، فقال أهل الرأي: قد خالطنا هؤلاء القوم وأقمنا معهم، وأَمَّنُونا وأَمِنَّاهم، فإن حكم لنا عدنا إلى الحرب، ولا ندري لمن يكون الظفر، وإن لم يكن لنا اجتلبنا عداوة في المنازعة. فتركوا الأمر على ما كان، ورضوا ولم ينازعوا.

ام هُمام
11-13-2016, 04:36 PM
13- الإمام أبو حنيفة

هو النعمان بن ثابت بن المَرْزُبان، وكنيته أبو حنيفة، من أبناء فارس الأحرار، ينتسب إلى أسرة شريفة في قومه، أصله من كابل (عاصمة أفغانستان اليوم)، أسلم جَدُّه المرزُبان أيام عمر رضي الله عنه، وتحوَّل إلى الكوفة، واتخذها سكنًا.
أبو حنيفة مولده ونشأته

وُلِد أبو حنيفة رحمه الله بالكوفة سنة ثمانين من الهجرة على القول الراجح (699م). ونشأ رحمه الله بالكوفة في أسرة مسلمة صالحة غنية كريمة، ويبدو أنه كان وحيد أبويه، وكان أبوه يبيع الأثواب في دكان له بالكوفة، ولقد خَلَف أبو حنيفة أباه بعد ذلك فيه. حفظ أبو حنيفة القرآن الكريم في صغره، شأنه شأن أمثاله من ذوي النباهة والصلاح. وحين بلغ السادسة عشرة من عمره خرج به أبوه لأداء فريضة الحج وزياة النبي صلى الله عليه وسلم ومسجده.

وكان أول ما اتجه إليه أبو حنيفة من العلوم علم أصول الدين ومناقشة أهل الإلحاد والضلال، ولقد دخل البصرة أكثر من سبع وعشرين مرة، يناقش تارةً ويجادل ويرد الشبهات عن الشريعة تارة أخرى، وكان يدفع عن الشريعة ما يريد أهل الضلال أن يلصقوه بها، فناقش جهم بن صفوان حتى أسكته، وجادل الملاحدة حتى أقرَّهم على الشريعة، كما ناظر المعتزلة والخوارج فألزمهم الحجة، وجادل غلاة الشيعة فأقنعهم.

مضى الإمام أبو حنيفة رحمه الله في هذه السبيل من علم الكلام وأصول الدين، ومجادلة الزائغين وأهل الضلال، حتى أصبح عَلَمًا يُشار إليه بالبنان، وهو ما يزال في العشرين من عمره، وقد اتخذ حلقة خاصة في مسجد الكوفة، يجلس إليه فيها طلاب هذا النوع من العلوم. ثم توجَّه أبو حنيفه رحمه الله إلى علم الفقه، وتفقَّه على حمَّاد بن أبي سليمان، حتى صار مقرَّبًا عنده؛ قال حماد: "لا يجلس في صدر الحلقة بحذائي غير أبي حنيفة".
ملامح من شخصية أبي حنيفة وأخلاقه
ورعه وعلمه:

كان زاهدًا ورعًا، أراده يزيد بن هبيرة أمير العراق أيام مروان بن محمد أن يلي القضاء فأَبَى، وأراده بعد ذلك المنصور العباسي على القضاء فامتنع، وقال: "لن أصلح للقضاء". فحلف عليه المنصور ليفعلَنَّ، فحلف أبو حنيفة أنه لن يفعل؛ فحبسه المنصور.

قال ابن المبارك: قلتُ لسفيان الثوري: ما أبعد أبا حنيفة عن الغيبة، ما سمعتُه يغتاب عدوًّا له. قال: والله هو أعقل من أن يُسلِّط على حسناته ما يذهب بها.

وكان واسع العلم في كل العلوم الإسلامية، وهو الذي تجرَّد لفرض المسائل وتقدير وقوعها وفرض أحكامها بالقياس، وفرَّع للفقه فروعًا زاد في فروعه، وقد تبع أبا حنيفة جُلُّ الفقهاء بعده، ففرضوا المسائل وقدروا وقوعها ثم بيَّنوا أحكامها.
عبادة أبي حنيفة لله تعالى:

كان أبو حنيفة يختم القرآن في كل يوم، ثم حين اشتغل بالأصول والاستنباط واجتمع حوله الأصحاب أخذ يختمه في ثلاثٍ في الوتر. وصلى أبو حنيفة ثلاثين سنة صلاة الفجر بوضوء العتمة، وحجَّ خمسًا وخمسين حجة.

قال مِسْعَر بن كِدَام: "رأيتُ الإمام يصلي الغداة ثم يجلس للعلم إلى أن يصلي الظهر، ثم يجلس إلى العصر ثم إلى قريب المغرب ثم إلى العشاء، فقلتُ في نفسي: متى يتفرغ للعبادة؟ فلما هدأ الناس خرج إلى المسجد - وكان بيته بجوار المسجد الذي يؤم فيه حِسْبة لله تعالى - فانتصب للصلاة إلى الفجر، ثم دخل فلبس ثيابه - وكانت له ثياب خاصة يلبسها لقيام الليل - وخرج إلى صلاة الصبح ففعل كما فعل، ثم تعاهدته على هذه الحالة فما رأيته مفطرًا، ولا بالليل نائمًا".
شيوخ أبو حنيفة

بلغ عدد شيوخ أبي حنيفة رحمه الله أربعة آلاف شيخ، فيهم سبعة من الصحابة، وثلاثة وتسعون من التابعين، والباقي من أتباعهم، ولا غرابة في هذا ولا عجب، فقد عاش رحمه الله تعالى سبعين سنة، وحج خمسًا وخمسين مرة، وموسم الحج يجمع علماء العالم الإسلامي في الحرمين الشريفين. قال الإمام أبو حفص الكبير بعد أن ذكر عدد شيوخ الإمام رحمه الله: "وقد صنَّف في ذلك جماعة من العلماء، ورتبوهم على ترتيب حروف المعجم".

وأستاذ الإمام أبي حنيفة هو حماد بن أبي سليمان، وهو تابعيٌّ كوفي ثقة، روى عنه أبو حنيفة رحمه الله ألفي حديث من أحاديث الأحكام، وأكثر من ثلث أحاديث الإمام في مسنده الذي جمعه الحَصْكَفي، هي برواية الإمام عنه، عن إبراهيم بن أبي موسى الأشعري، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنهم.

ومن شيوخه رحمه الله أيضًا: إبراهيم بن محمد المنتشر الكوفي، وإبراهيم بن يزيد النخعي الكوفي، وأيوب السختياني البصري، والحارث بن عبد الرحمن الهمذاني الكوفي، وربيعة بن عبد الرحمن المدني المعروف بربيعة الرأي، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أحد الفقهاء السبعة، وسعيد بن مسروق والد سفيان الثوري، وسليمان بن يسار الهلالي المدني، وعاصم بن كليب بن شهاب الكوفي، وغيرهم الكثير.
تلامذة أبي حنيفة

ام هُمام
11-14-2016, 04:50 PM
14- الإمام أحمد بن حنبل

الإمام أحمد .. نسبه وقبيلته

مسند الإمام أحمد بن حنبلهو أبو عبد الله أحمد بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني. قال ابن الأثير: "ليس في العرب أعز دارًا، ولا أمنع جارًا، ولا أكثر خلقًا من شيبان". وكان في قبيلة شيبان الكثير من القادة والعلماء والأدباء والشعراء، فالإمام أحمد عربي أصيل ينتمي إلى هذه القبيلة، وهي قبيلةٌ ربعيةٌ عدنانيةٌ، تلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في نزار بن معد بن عدنان. وكان الإمام أحمد (رحمه الله) رجلاً طوالاً رقيقًا، أسمر اللون، كثير التواضع. وقد وُلِد ببغداد سنةَ 164هـ/ 780م.
طفولته وتربيته

نشأ أحمد بن حنبل يتيمًا، وكسائر أترابه تعلم القرآن في صغره، وتلاه تلاوة جيدة وحفظه عن ظهر قلب، وعندما تجاوز الخامسة عشرة من عمره بدأ يطلب العلم، وأول من طلب العلم عليه هو الإمام أبو يوسف القاضي، والإمام أبو يوسف - كما هو معلوم - من أئمة الرأي مع كونه محدِّثًا، ولكن مع مرور الوقت وجد الإمام أحمد أنه يرتاح لطلب الحديث أكثر، فتحوَّل إلى مجالس الحديث، وأعجبه هذا النهج واتفق مع صلاحه وورعه وتقواه، وأخذ يجول ويرحل في سبيل الحديث حتى ذهب إلى الشامات والسواحل والمغرب والجزائر ومكة والمدينة والحجاز واليمن والعراق وفارس وخراسان والجبال والأطراف والثغور، وهذا فقط في مرحلته الأولى من حياته. ولقد التقى الشافعي في أول رحلة من رحلاته الحجازية في الحرم، وأُعجِبَ به، وظلَّ الإمام أحمد أربعين سنة ما ييبت ليلة إلا ويدعو فيها للشافعي. وقد حيل بين أحمد ومالك بن أنس فلم يوفَّق للقائه، وكان يقول: "لقد حُرِمتُ لقاء مالك، فعوَّضني الله عز وجل عنه سفيان بن عيينة".
أهم ملامح شخصية الإمام أحمد وأخلاقه
ورعه وتقواه وتعففه

كان رحمه الله عفيفًا، فقد كان يسترزق بأدنى عمل، وكان يرفض أن يأخذ من صديق ولا شيخ ولا حاكم قرضًا أو هبة أو إرثًا لأحدٍ يؤثره به.

قال أبو داود: "كانت مجالس أحمد مجالس آخرة، لا يُذكر فيها شيء من أمر الدنيا، وما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قَطُّ".
ثبات الإمام أحمد رغم المحنة

كان الإمام أحمد على موعد مع المحنة التي تحملها في شجاعة، ورفض الخضوع والتنازل في القول بمسألة عمَّ البلاء بها، وحمل الخليفة المأمون الناس على قبولها قسرًا وقهرًا دون دليل أو بيِّنة.

وتفاصيل تلك المحنة أن المأمون أعلن في سنة (218هـ/ 833م) دعوته إلى القول بأن القرآن مخلوق كغيره من المخلوقات، وحمل الفقهاء على قبولها، ولو اقتضى ذلك تعريضهم للتعذيب، فامتثلوا خوفًا ورهبًا، وامتنع أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح عن القول بما يطلبه الخليفة، فكُبّلا بالحديد، وبُعث بهما إلى بغداد إلى المأمون الذي كان في طرسوس، لينظر في أمرهما، غير أنه توفِّي وهما في طريقهما إليه، فأعيدا مكبّلين إلى بغداد.

وفي طريق العودة قضى محمد بن نوح نحبه في مدينة الرقة، بعد أن أوصى رفيقه بقوله: "أنت رجل يُقتدى به، وقد مدَّ الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك؛ فاتقِ الله واثبت لأمر الله".

وكان الإمام أحمد عند حسن الظن، فلم تلن عزيمته، أو يضعف إيمانه أو تهتز ثقته، فمكث في المسجد عامين وثلث عام، وهو صامد كالرواسي، وحُمل إلى الخليفة المعتصم الذي واصل سيرة أخيه على حمل الناس على القول بخلق القرآن، واتُّخذت معه في حضرة الخليفة وسائل الترغيب والترهيب، ليظفر المجتمعون منه بكلمة واحدة، تؤيدهم فيما يزعمون، يقولون له: ما تقول في القرآن؟ فيجيب: هو كلام الله. فيقولون له: أمخلوق هو؟ فيجيب: هو كلام الله. ولا يزيد على ذلك.

ويبالغ الخليفة في استمالته وترغيبه ليجيبهم إلى مقالتهم، لكنه كان يزداد إصرارًا، فلما أيسوا منه علَّقوه من عقبيه، وراحوا يضربونه بالسياط، ولم تأخذهم شفقة وهم يتعاقبون على جلد جسد الإمام الواهن بسياطهم الغليظة حتى أغمي عليه، ثم أُطلق سراحه وعاد إلى بيته، ثم مُنع من الاجتماع بالناس في عهد الخليفة الواثق (227- 232هـ/ 841- 846م)، لا يخرج من بيته إلا للصلاة، حتى إذا ولي المتوكل الخلافة سنة (232هـ/ 846م)، فمنع القول بخلق القرآن، وردَّ للإمام أحمد اعتباره، فعاد إلى الدرس والتحديث في المسجد.
شيوخ الإمام أحمد

هشيم، وسفيان بن عيينة، وإبراهيم بن سعد، وجرير بن عبد الحميد، ويحيى القطان، والوليد بن مسلم، وإسماعيل بن علية، وعلي بن هاشم بن البريد، ومعتمر بن سليمان، وعمر بن محمد ابن أخت الثوري، ويحيى بن سليم الطائفي، وغندر، وبشر بن المفضل، وزياد البكائي، وأبو بكر بن عياش، وأبو خالد الأحمر، وعباد بن عباد المهلبي، وعباد بن العوام، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وعمر بن عبيد الطنافسي، والمطلب بن زياد، ويحيى بن أبي زائدة، والقاضي أبو يوسف، ووكيع، وابن نمير، وعبد الرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق، والشافعي، وغيرهم.
تلاميذة الإمام أحمد

ام هُمام
11-15-2016, 05:13 PM
15- النجاشي

لما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يصيب أصحابه من البلاء ، وما هو فيه من العافية ، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء ، قال لهم: لو خرجتم إلى أرض الحبشة ، فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد ، وهي أرض صدق ، حتى يجعل الله لكم فرجًا مما أنتم فيه ، وكان بالحبشة ملك صالح يقال له النجاشي ، لا يظلم أحد بأرضه ، وكان يثنى عليه وفيه صلاح ، فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أرض الحبشة ، وكان ذلك في السنة الخامسة من النبوة ، أي في السنة الثامنة قبل الهجرة ، مخافة الفتنة ، وفرارًا إلى الله بدينهم ، فكانت هذه الهجرة أول هجرة في الإسلام ، وهي الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة .

فبلغ ذلك قريشا فبعثوا إلى عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد وجمعوا للنجاشي هدايا فقدمنا ، وقدموا على النجاشي فأتوه بهدية فقبلها ، وسجدوا له ، ثم قال عمرو بن العاص : إن قوما منا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك . فقال لهم النجاشي : في أرضي ؟ قال : نعم قال : فبعث إلينا فقال لنا جعفر : لا يتكلم منكم أحد أنا خطيبكم اليوم ، فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلسه ، وعمرو بن العاص عن يمينه ، وعمارة عن يساره ، والقسيسون من الرهبان جلوس سماطين ، فقال له عمرو وعمارة : إنهم لا يسجدون لك فلما انتهينا إليه زبرنا من عنده من القسيسين والرهبان : اسجدوا للملك ، فقال جعفر : لا نسجد إلا لله ، فقال له النجاشي : وما ذاك ؟ قال : إن الله بعث فينا رسوله ، وهو الرسول الذي بشر به عيسى برسول يأتي من بعده اسمه أحمد ، فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا ، ونقيم الصلاة ، ونؤتي الزكاة ، وأمرنا بالمعروف ، ونهانا عن المنكر قال : فأعجب الناس قوله ، فلما رأى ذلك عمرو قال له : أصلح الله الملك ، إنهم يخالفونك في عيسى ابن مريم ، فقال النجاشي لجعفر : ما يقول صاحبك في ابن مريم ؟ قال : يقول فيه قول الله : هو روح الله ، وكلمته ، أخرجه من البتول العذراء ، لم يقربها بشر قال : فتناول النجاشي عودا من الأرض فرفعه فقال : يا معشر القسيسين والرهبان ، ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه ، مرحبا بكم ، وبمن جئتم [ ص: 34 ] من عنده ، فأنا أشهد أنه رسول الله وأنه الذي بشر به عيسى ابن مريم ، ولولا ما أنا فيه من الملك ، لأتيته حتى أحمل نعليه ، امكثوا في أرضي ما شئتم ، وأمر لهم بطعام وكسوة ، وقال : ردوا على هذين هديتهم .

ولما مات النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مات اليوم رجل صالح فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة".

ام هُمام
11-16-2016, 09:35 PM
16- الثلاثة الذين أووا إلى الغار

عن عبدالله بن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال "بينما ثلاثة نفر يتمشون أخذهم المطر. فأووا إلى غار
في جبل. فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل. فانطبقت عليهم. فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمال عملتموها صالحة لله، فادعوا الله تعالى بها، لعل الله يفرجها عنكم.
فقال أحدهم: اللهم! إنه كان لي والدان شيخان كبيران. وامرأتي. ولي صبية صغار أرعى عليهم. فإذا أرحت عليهم، حلبت فبدأت بوالدي فسقيتهما قبل بني. وأنه نأى بي ذات يوم الشجر. فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما. فحلبت كما كنت أحلب. فجئت بالحلاب. فقمت عند رؤوسهما. أكره أن أوقظهما من نومهما. وأكره أن أسقي الصبية قبلهما. والصبية يتضاغون عند قدمي. فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر. فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منه فرجة، نرى منه السماء. ففرج الله منه فرجة. فرأوا منها السماء.

وقال الآخر: اللهم! إنه كان لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال من النساء. وطلبت إليها نفسها. فأبت حتى آتيها بمائة دينار. فتعبت حتى جمعت مائة دينار. فجئتها بها. فلما وقعت بين رجليها. قالت يا عبدالله! اتق الله. ولا تفتح الخاتم إلا بحقه. فقمت عنها. فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منها فرجة. ففرج لهم.

وقال الآخر: اللهم! إني كنت استأجرت أجيرا بفرق أرز. فلما قضى عمله قال: أعطني حقي. فعرضت عليه فرقه فرغب عنه. فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا ورعائها. فجاءني فقال: اتق الله ولا تظلمني حقي. فقلت: اذهب إلى تلك البقر ورعائها. فخذها. فقال: اتق الله ولا تستهزئ بي فقلت: إني لا ستهزئ بك. خذ ذلك البقر ورعائها. فأخذه فذهب به. فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا ما بقي. ففرج الله ما بقي.

ام هُمام
11-17-2016, 09:07 PM
17- الملكين التائبين

قال ابن مسعود رضي الله عنه: بينما رجل فيمن كان قبلكم كان في مملكته فتفكر فعلم أن ذلك منقطع عنه ، وأن ما هو فيه قد شغله عن عبادة ربه فتسرب فانساب ذات ليلة من قصره فأصبح في مملكة غيره ، وأتى ساحل البحر وكان به يضرب اللبن بالأجر فيأكل ويتصدق بالفضل فلم يزل كذلك حتى رقي أمره إلى ملكهم وعبادته وفضله فأرسل ملكهم إليه أن يأتيه فأبى أن يأتيه فأعاد ثم أعاد إليه فأبى أن يأتيه ، وقال : ما له وما لي ؟ قال : فركب إليه الملك فلما رآه الرجل ، ولى هاربا فلما رأى ذلك الملك ركض في أثره فلم يدركه قال : فناداه يا عبد الله إنه ليس عليك مني بأس ، فقام حتى أدركه فقال له : من أنت رحمك الله ؟ فقال أنا فلان بن فلان صاحب ملك كذا وكذا ، تفكرت في أمري فعلمت أن ما أنا فيه منقطع فإنه قد [ ص: 67 ] شغلني عن عبادة ربي فتركته وجئت هاهنا أعبد ربي عز وجل ، فقال له : ما أنت بأحوج إلى ما صنعت مني . قال : ثم نزل عن دابته فسيبها ثم تبعه فكانا جميعا يعبدان الله عز وجل فدعوا الله أن يميتهما جميعا قال : فماتا . قال عبد الله : فلو كنت برميلة مصر ، لأريتكم قبورهما ، بالنعت الذي نعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ام هُمام
11-18-2016, 01:32 PM
18- جريج أحد عباد بني إسرائيل

عن أبي هريرة أنه قال كان جريج يتعبد في صومعة فجاءت أمه قال حميد فوصف لنا أبو رافع صفة أبي هريرة لصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمه حين دعته كيف جعلت كفها فوق حاجبها ثم رفعت رأسها إليه تدعوه فقالت يا جريج أنا أمك كلمني فصادفته يصلي فقال اللهم أمي وصلاتي فاختار صلاته فرجعت ثم عادت في الثانية فقالت يا جريج أنا أمك فكلمني قال اللهم أمي وصلاتي فاختار صلاته فقالت اللهم إن هذا جريج وهو ابني وإني كلمته فأبى أن يكلمني اللهم فلا تمته حتى تريه المومسات قال ولو دعت عليه أن يفتن لفتن قال وكان راعي ضأن يأوي إلى ديره قال فخرجت امرأة من القرية فوقع عليها الراعي فحملت فولدت غلاما فقيل لها ما هذا قالت من صاحب هذا الدير قال فجاءوا بفؤوسهم ومساحيهم فنادوه فصادفوه يصلي فلم يكلمهم قال فأخذوا يهدمون ديره فلما رأى ذلك نزل إليهم فقالوا له سل هذه قال فتبسم ثم مسح رأس الصبي فقال من أبوك قال أبي راعي الضأن فلما سمعوا ذلك منه قالوا نبني ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة قال لا ولكن أعيدوه ترابا كما كان ثم علاه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة جريج رضي الله عنه وأنه آثر الصلاة على إجابتها ، فدعت عليه ، فاستجاب الله لها . قال العلماء هذا دليل على أنه كان الصواب في حقه إجابتها لأنه كان في صلاة نفل ، والاستمرار فيها تطوع لا واجب ، وإجابة الأم وبرها واجب ، وعقوقها حرام ، وكان يمكنه أن يخفف الصلاة ويجيبها ثم يعود لصلاته ، فلعله خشي أنها تدعوه إلى مفارقة صومعته ، والعود إلى الدنيا ومتعلقاتها وحظوظها ، وتضعف عزمه فيما نواه وعاهد عليه .

قولها : ( فلا تمته حتى تريه المومسات ) هي بضم الميم وكسر الثانية أي الزواني البغايا المتجاهرات بذلك ، والواحدة مومسة ، وتجمع على مياميس أيضا .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( وكان راعي ضأن يأوي إلى ديره ) الدير كنيسة منقطعة عن العمارة تنقطع فيها رهبان النصارى لتعبدهم ، وهو بمعنى الصومعة المذكورة في الرواية الأخرى ، وهي نحو المنارة ينقطعون فيها عن الوصول إليهم والدخول عليهم .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( فجاءوا بفئوسهم ) هو مهموز ممدود جمع فأس بالهمز ، وهي هذه المعروفة كرأس ورءوس والمساحي جمع مسحاة ، وهي كالمجرفة إلا أنها من حديد ذكره الجوهري .[/align]

ام هُمام
11-19-2016, 06:08 PM
19- صاحب الألف دينار

ما أحوج الإنسان في زمن طغت فيه المادة , وتعلق الناس فيه بالأسباب إلا من رحم الله , إلى أن يجدد في نفسه قضية الثقة بالله , والاعتماد عليه في قضاء الحوائج , وتفريج الكروب , فقد يتعلق العبد بالأسباب , ويركن إليها , وينسى مسبب الأسباب الذي بيده مقاليد الأمور , وخزائن السماوات والأرض , ولذلك نجد أن الله عز وجل يبين في كثير من المواضع في كتابه هذه القضية , كما في قوله تعالى : {وكفى بالله شهيدا} (الفتح 28) , وقوله : {وكفى بالله وكيلا } (الأحزاب 3) , وقوله : { أليس الله بكاف عبده } (الزمر 36) , كل ذلك من أجل ترسيخ هذا المعنى في النفوس , وعدم نسيانه في زحمة الحياة , وفي السنة قص النبي صلى الله عليه وسلم قصة رجلين من الأمم السابقة , ضربا أروع الأمثلة لهذا المعنى .

والقصة رواها البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل , سأل بعض بني إسرائيل أن يُسْلِفَه ألف دينار , فقال : ائتني بالشهداء أُشْهِدُهُم , فقال : كفى بالله شهيدا , قال : فأتني بالكفيل , قال : كفى بالله كفيلا , قال : صدقت , فدفعها إليه إلى أجل مسمى , فخرج في البحر , فقضى حاجته , ثم التمس مركبا يركبها يقْدَمُ عليه للأجل الذي أجله , فلم يجد مركبا , فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار , وصحيفةً منه إلى صاحبه , ثم زجَّجَ موضعها , ثم أتى بها إلى البحر , فقال : اللهم إنك تعلم أني كنت تسَلَّفْتُ فلانا ألف دينار , فسألني كفيلا , فقلت : كفى بالله كفيلا , فرضي بك , وسألني شهيدا , فقلت : كفى بالله شهيدا , فرضي بك , وأَني جَهَدتُ أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له , فلم أقدِر , وإني أستودِعُكَها , فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه, ثم انصرف , وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده , فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء بماله , فإذا بالخشبة التي فيها المال , فأخذها لأهله حطبا, فلما نشرها , وجد المال والصحيفة , ثم قَدِم الذي كان أسلفه , فأتى بالألف دينار , فقال : والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه , قال : هل كنت بعثت إلي بشيء , قال : أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذي جئت فيه , قال : فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة , فانْصَرِفْ بالألف الدينار راشدا )

ام هُمام
11-20-2016, 06:11 PM
20- الصدق والأمانة

قال البخاري: حدثنا إسحاق بن نصر، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

« اشترى رجل من رجل عقارا له فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع منك الذهب.

وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل.

فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟

قال أحدهما: لي غلام.

وقال الآخر: لي جارية.

قال: أنكحوا الغلام الجارية، وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدقا ».

ام هُمام
11-21-2016, 08:28 PM
21- القاضي وذو القرنين

كان ذو القرنين يتفقد أمور ملوكه وعماله بنفسه، وكان لا يطلع على أحد منهم خيانة، إلا أنكر ذلك عليه، وكان لا يقبل ذلك حتى يطلع هو بنفسه.

قال: فبينما هو يسير متنكرا في بعض المدائن، فجلس إلى قاض من قضاتهم أياما، لا يختلف إليه أحد في خصومة، فلما أن طال ذلك بذي القرنين ولم يطلع على شيء من أمر ذلك القاضي، وهمَّ بالانصراف، إذا هو برجلين قد اختصما إليه، فادعى أحدهما فقال: أيها القاضي إني اشتريت من هذا دارا عمرتها، ووجدت فيها كنزا، وإني دعوته إلى أخذه فأبى علي.

فقال له القاضي: ما تقول؟

قال ما دفنت، وما علمت به، فليس هو لي ولا أقبضه منه.

قال المدعي: أيها القاضي مر من يقبضه، فتضعه حيث أحببت، فقال القاضي: تفر من الشر وتدخلني فيه، ما أنصفتني وما أظن هذا في قضاء الملك.

فقال القاضي: هل لكما أمرا نصف مما دعوتماني إليه؟

قالا: نعم.

قال للمدعي: ألك ابن؟

قال: نعم.

وقال للآخر: ألك ابنة؟

قال: نعم.

قال: اذهبا فزوج ابنتك من ابن هذا، وجهزهما من هذا المال، وادفعا فضل ما بقي إليهما يعيشان به فتكونا مليا بخيره وشره.

فعجب ذو القرنين حين سمع ذلك، ثم قال للقاضي: ما ظننت أن في الأرض أحدا يفعل مثل هذا، أو قاض يقضي بمثل هذا، فقال القاضي وهو لا يعرفه: وهل أحد يفعل غير هذا؟

قال ذو القرنين: نعم.

قال القاضي: فهل يمطرون في بلادهم؟

فعجب ذو القرنين من ذلك، وقال: بمثل هذا قامت السموات والأرض.

ام هُمام
11-22-2016, 06:19 PM
22- خديجة بنت خويلد

السيدة خديجة اسمها وشرف نسبها
هي أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد بن أسدٍ بن عبد العزَّى بن قصي القرشية الأسدية، وأمها فاطمة بنت زائدة بنت جندب. ولدت بمكة سنة 68 ق.هـ، وكانت من أعرق بيوت قريشٍ نسبًا وحسبًا وشرفًا، وقد نشأت على التخلُّق بالأخلاق الحميدة، وكان من صفاتها الحزم والعقل والعفة. يلتقي نسبها بنسب النبي في الجد الخامس، فهي أقرب أمهات المؤمنين إلى النبي ، وهي أول امرأة تزوَّجها، وأول خلق الله أسلم بإجماع المسلمين.
السيدة خديجة في الجاهلية

في الجاهلية وقبل لقاء رسول الله كانت السيدة خديجة -رضي الله عنها- امرأة ذات مال وتجارة رابحة، فكانت تستأجر الرجال لتجارتها وتبعثهم بها إلى الشام، ومرت الأيام ووصل إلى مسامعها ذكر "محمد بن عبد الله" كريم الأخلاق، الصادق الأمين، وكان قلَّ أن تسمع في الجاهلية بمثل هذه الصفات، فأرسلت إليه وعرضت عليه الخروج في مالها تاجرًا إلى الشام، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار.

وحينها قَبِل ذلك منها ، وخرج في مالها ومعه غلامها "ميسرة" حتى قدم الشام، وهناك نزل رسول الله في ظل شجرة قريبًا من صومعة راهب، فاطّلع الراهب إلى ميسرة وقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ قال ميسرة: هذا الرجل من قريش من أهل الحرم. فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قَطُّ إلا نبي. ثم باع رسول الله سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد، ولما قدم مكة على السيدة خديجة بمالها باعت ما جاء به، فربح المال ضعف ما كان يربح أو أكثر.

وأخبرها ميسرة عن كرم أخلاقه وصفاته المتميزة التي وجدها فيه أثناء الرحلة، فرغبت في الزواج منه، فتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة، والسيدة خديجة يومئذ بنت أربعين سنة.

وكان قد قُدِّر لخديجة -رضي الله عنها- أن تتزوج مرتين قبل أن تتشرَّف بزواجها من رسول الله ، وقد مات عنها زوجاها، وتزوجها رسول الله قبل الوحي، وعاشت معه خمسًا وعشرين سنة؛ فقد بدأ معها في الخامسة والعشرين من عمره، وكانت هي في الأربعين، وظلا معًا إلى أن توفاها الله وهي في الخامسة والستين، وكان عمره في الخمسين، وهي أطول فترة أمضاها النبي مع هذه الزوجة الطاهرة من بين زوجاته جميعًا، وهي -وإن كانت في سن أمِّه - أقرب زوجاته إليه؛ فلم يتزوج عليها غيرها طوال حياتها، وكانت أم ولده الذكور والإناث إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية رضي الله عنها، فكان له منها : القاسم وبه كان يُكنَّى، وعبد الله، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة.
إسلام السيدة خديجة

كانت السيدة خديجة -رضي الله عنها- قد ألقى الله في قلبها صفاء الروح، ونور الإيمان، والاستعداد لتقبُّل الحق، فحين نزل على رسول الله في غار حراء {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]، رجع ترجف بوادره وضلوعه، حتى دخل على السيدة خديجة فقال: "زملوني زملوني". فزملوه حتى ذهب عنه الروع.

وهنا قال لخديجة رضي الله عنها: "أَيْ خديجة، ما لي لقد خشيت على نفسي". وأخبرها الخبر، فردت عليه السيدة خديجة -رضي الله عنها- بما يطيِّب من خاطره، ويهدئ من روعه فقالت: "كلا أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدًا، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".

ثم انطلقت به رضي الله عنها حتى أتت به ورقة بن نوفل -وهو ابن عم السيدة خديجة رضي الله عنها، وكان امرأً تنصَّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي- فأخبره النبي خبر ما رأى، فأعلمه ورقة أن هذا هو الناموس الذي أُنزل على موسى .

ومن ثَمَّ كانت السيدة خديجة -رضي الله عنها- أول من آمن بالله ورسوله وصدَّق بما جاء به، فخفف الله بذلك عن رسول الله ؛ لا يسمع شيئًا يكرهه من ردٍّ عليه وتكذيب له فيحزنه إلا فرَّج الله عنه بها، إذا رجع إليها تثبته وتخفف عنه وتصدقه وتهوِّن عليه أمر الناس.
السيدة خديجة.. العفيفة الطاهرة

كان أول ما يبرز من ملامح السيدة خديجة الشخصيَّة صفتي العفة والطهارة، هاتان الصفتان التي قلما تسمع عن مثلهما في بيئة لا تعرف حرامًا ولا حلالاً، في بيئة تفشت فيها الفاحشة حتى كان البغايا يضعن شارات حمراء تنبئ بمكانهن.

وفي ذات هذه البيئة، ومن بين نسائها انتزعت هذه المرأة العظيمة هذا اللقب الشريف، ولقبت بـ"الطاهرة"، كما لُقب أيضًا في ذات البيئة بـ"الصادق الأمين"، ولو كان لهذه الألقاب انتشار في هذا المجتمع آنذاك، لما كان لذكرها ونسبتها لأشخاص بعينهم أهمية تذكر.
السيدة خديجة.. الحكيمة العاقلة

وتلك هي السمة الثانية التي تميز بها شخص السيدة خديجة رضي الله عنها، فكل المصادر التي تكلمت عن السيدة خديجة -رضي الله عنها- وصفتها بـ"الحزم والعقل"، كيف لا وقد تجلت مظاهر حكمتها وعقلانيتها منذ أن استعانت به في أمور تجارتها، وكانت قد عرفت عنه الصدق والأمانة.

ام هُمام
11-23-2016, 06:28 PM
23- زوجة أيوب عليه السلام

زوجة صابرة أخلصت لزوجها، ووقفت إلى جواره فى محنته حين نزل به البلاء، واشتد به المرض الذى طال سنين عديدة، ولم تُظْهِر تأفُّفًا أو ضجرًا، بل كانت متماسكة طائعة.
إنها زوجة نبى اللَّه أيوب - عليه السلام - الذى ضُرب به المثل فى الصبر الجميل، وقُوَّة الإرادة، واللجوء إلى اللَّه، والارتكان إلى جنابه.
وكان أيوب - عليه السلام - مؤمنًا قانتًا ساجدًا عابدًا لله، بسط اللَّه له فى رزقه، ومدّ له فى ماله، فكانت له ألوف من الغنم والإبل، ومئات من البقر والحمير، وعدد كبير من الثيران، وأرض عريضة، وحقول خصيبة ،وكان له عدد كبير من العبيد يقومون على خدمته، ورعاية أملاكه، ولم يبخل أيوب -عليه السلام- بماله، بل كان ينفقه، ويجود به على الفقراء والمساكين .
وأراد اللَّه أن يختبر أيوب فى إيمانه، فأنزل به البلاء، فكان أول مانزل عليه ضياع ماله وجفاف أرضه ؛ حيث احترق الزرع وماتت الأنعام، ولم يبق لأيوب شيء يلوذ به ويحتمى فيه غير إعانة الله له، فصبر واحتسب، ولسان حاله يقول فى إيمان ويقين : عارية اللَّه قد استردها، ووديعة كانت عندنا فأخذها، نَعِمْنَا بها دهرًا، فالحمد لله على ما أنعم، وَسَلَبنا إياها اليوم، فله الحمد معطيا وسالبًا، راضيا وساخطًا، نافعًا وضارا، هو مالك الملك يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء . ثم يخرُّ أيوب ساجدًا لله رب العالمين .
ونزل الابتلاء الثاني، فمات أولاده، فحمد اللَّه -أيضًا- وخَرّ ساجدًا لله، ثم نزل الابتلاء الثالث بأيوب -فاعتلت صحته، وذهبت عافيته، وأنهكه المرض، لكنه على الرغم من ذلك ما ازداد إلا إيمانًا، وكلما ازداد عليه المرض؛ ازداد شكره لله.
وتمر الأعوام على أيوب - عليه السلام - وهو لا يزال مريضًا، فقد هزل جسمه، ووهن عظمه، وأصبح ضامر الجسم، شاحب اللون، لا يقِرُّ على فراشه من الألم. وازداد ألمه حينما بَعُدَ عنه الصديق، وفَرَّ منه الحبيب، ولم يقف بجواره إلا زوجته العطوف تلك المرأة الرحيمة الصالحة التى لم تفارق زوجها، أو تطلب طلاقها، بل كانت نعم الزوجة الصابرة المعينة لزوجها، فأظهرت له من الحنان ما وسع قلبها، واعتنت به ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. لم تشتكِ من هموم آلامه، ولا من مخاوف فراقه وموته. وظلت راضية حامدة صابرةً مؤمنة،ً تعمل بعزم وقوة؛ لتطعمه وتقوم على أمره، وقاست من إيذاء الناس ما قاست .
ومع أن الشيطان كان يوسوس لها دائمًا بقوله : لماذا يفعل اللَّه هذا بأيوب، ولم يرتكب ذنبًا أو خطيئة؟ فكانت تدفع عنها وساوس الشيطان وتطلب من الله أن يعينها، وظلت فى خدمة زوجها أيام المرض سبع سنين، حتى طلبت منه أن يدعو اللَّه بالشفاء، فقال لها: كم مكثت فى الرخاء؟ فقالت: ثمانين . فسألها: كم لبثتُ فى البلاء؟ فأجابت: سبع سنين .
قال: أستحى أن أطلب من اللَّه رفع بلائي، وما قضيتُ منِه مدة رخائي. ثم أقسم أيوب - حينما شعر بوسوسة الشيطان لها - أن يضربها مائة سوط، إذا شفاه اللَّه، ثم دعا أيوب ربه أن يكفيه بأس الشيطان، ويرفع ما فيه من نصب وعذاب، قال تعالي: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) .
فلما رأى اللَّه صبره البالغ، رد عليه عافيته ؛حيث أمره أن يضرب برجله، فتفجر له نبع ماء، فشرب منه واغتسل، فصح جسمه وصلح بدنه، وذهب عنه المرض، قال تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ. وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِى الأَلْبَاب).
ومن رحمة اللَّه بهذه الزوجة الصابرة الرحيمة أَن أَمَرَ اللَّهُ أيوبَ أن يأخذ حزمة بها مائة عود من القش، ويضربها بها ضربةً خفيفةً رقيقةً مرة واحدة ؛ ليبرّ قسمه، جزاء له ولزوجه على صبرهما على ابتلاء اللَّه (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) .

ام هُمام
11-24-2016, 06:10 PM
24- أم سليم

هي أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام، اختلف في اسمها فقيل: سهلة، وقيل: رميلة، وقيل: رميثة، وقيل: مليكة. وتُلقَّب بالغميصاء أو الرميصاء. وقد أسلمت مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار.

زواج أم سليم
عاشت في بداية حياتها كغيرها من الفتيات في الجاهلية قبل مجيء الإسلام، فتزوجت مالك بن النضر، فلما جاء الله بالإسلام، وظهرت شمسه في الأفق، واستجابت وفود من الأنصار أسلمت مع السابقين إلى الإسلام، وعرضت الإسلام على زوجها مالك بن النضر، فغضب عليها، وكان قد عشّش الشيطان في رأسه، فلم يقبل هدى الله، ولم يستطع أن يقاوم الدعوة؛ لأن المدينة صارت دار إسلام، فخرج إلى الشام فهلك هناك. ومن ثَمَّ فاختيار أم سليم الأنصارية -رضي الله عنها- الإسلام على زوجها في ذلك الوقت المبكر ينبئ عن عزيمة أكيدة، وإيمان راسخ في وقت كان الاعتماد في تدبير البيت والمعاش وغير ذلك من أمور الحياة على الرجل، ولم تكن المرأة قبيل مجيء الإسلام تساوي شيئًا، فكونها أخذت هذا القرار من الانفصال بسبب الإسلام عن زوجها الذي في نظرها يعتبر كل شيء في ذلك الوقت، فيه دلالة على ما تمتاز به هذه المرأة المسلمة من الثبات على المبدأ مهما كلفها من متاعب.

زواجها في الإسلام
أما زواجها في الإسلام فذاك هو العجب بعينه، ولم يتكرر في التاريخ مثله؛ فعن أنس قال: «خطب أبو طلحة أم سليم -رضي الله عنها- قبل أن يسلم فقالت: أما إني فيك لراغبة، وما مثلك يرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم فذاك مهري، لا أسأل غيره». فأسلم وتزوجها أبو طلحة. فكانت بذلك أول امرأة جعلت مهرها إسلام زوجها، فصارت سببًا في دخول أبي طلحة في الإسلام، فحازت بذلك على الفضيلة التي وعد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من أن يكون لك حُمْر النَّعَم».

أهم ملامح شخصيتها

1- العقل والحكمة:

فقد كانت -رضي الله عنها- من عقلاء النساء، وموقفها مع زوجها أبي طلحة يوم وفاة ولدها يدل على عقل راجح، وحكمة بالغة، وصبر جميل؛ فعن أنس رضي الله عنه أن أبا طلحة رضي الله عنه مات له ابن، فقالت أم سليم رضي الله عنها: لا تخبروا أبا طلحة حتى أكون أنا أخبره. فسجَّت عليه ثوبًا، فلما جاء أبو طلحة رضي الله عنه وضعت بين يديه طعامًا فأكل، ثم تطيّبت له فأصاب منها فتلقت بغلام، فقالت له: يا أبا طلحة، إن آل فلان استعاروا من آل فلان عارية، فبعثوا إليهم أن ابعثوا إلينا بعاريتنا، فأبوا أن يردوها. فقال أبو طلحة: ليس لهم ذلك؛ إن العارية مؤداة إلى أهلها. قالت: فإن ابنك كان عارية من الله، وإن الله قد قبضه فاسْتَرْجِعْ. قال أنس: فأُخبر النبي ، فقال: «بارك الله لهما في ليلتهما».

2- الشجاعة والإقدام:

فكانت تغزو مع رسول الله ، ولها قصص مشهورة، منها ما أخرجه ابن سعد بسند صحيح أن أم سليم -رضي الله عنها- اتخذت خنجرًا يوم حنين، فقال أبو طلحة: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَا هَذَا الْخَنْجَرُ؟». قالت: "اتخذتُهُ إن دنا مني أحد من المشركين بقرتُ به بطنه".

3- حب النبي واقتفاء أثره في كل شيء:

فعن أنس بن مالك أن النبي دخل على أم سليم -رضي الله عنها- بيتها، وفي البيت قربة معلقة فيها ماء، فتناولها فشرب من فِيها وهو قائم، فأخذتها أم سليم -رضي الله عنها- فقطعت فمها فأمسكته.

4- العلم والفقه:

ففي صحيح البخاري عن عكرمة أن أهل المدينة سألوا ابن عباس عن امرأة طافت ثم حاضت، قال لهم: تنفر. قالوا: لا نأخذ بقولك، وندع قول زيد. قال: إذا قدمتم المدينة فسلوا. فقدموا المدينة فكان فيمن سألوا أم سليم -رضي الله عنها- فذكرت حديث صفية رضي الله عنها، أيْ قول النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة: «عَقْرَى حَلْقَى إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، أَمَا كُنْتِ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قالت: بلى. قال: «فَلاَ بَأْسَ انْفِرِي».

من مناقبها وفضائلها
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْفَةً[1] فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذِهِ الْغُمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلْحَانَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ».

ومما يدل على وفاء أم سليم بالعهد، ما روته أم عطية -رضي الله عنها- قالت: «أخذ علينا النبي عند البيعة أن لا ننوح، فما وفت منا غير خمس نسوة: أم سليم، وأم العلاء، وابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ، وامرأة أخرى».

من مواقفها مع الرسول
جاءت أم سليم -رضي الله عنها- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له -وعائشة عنده-: يا رسول الله، المرأة التي ترى ما يرى الرجل في المنام، فترى من نفسها ما يرى الرجل من نفسه. فقالت عائشة: يا أم سليم، فَضَحْتِ النساءَ، تربت يمينك! فقال لعائشة: «بَلْ أَنْتِ فَتَرِبَتْ يَمِينُكِ، نَعَمْ فَلْتَغْتَسِلْ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ إِذَا رَأَتْ ذَاكِ»

ام هُمام
11-25-2016, 05:37 PM
25- زينب بنت

نسبها ومولدها
هي زينب بنت بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدية (32 ق.هـ-21هـ/ 590-642م)، أُمُّها أميمة بنت عبد المطلب عمَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وُلِدَتْ -رضي الله عنها- في السنة الثالثة والثلاثين قبل الهجرة، أخوها عبد الله بن أحد السابقين، وقائد سريَّة نخلة، وقد استشهد رضي الله عنه في غزوة أُحُد، ودُفن هو وخاله حمزة بن عبد المطلب عمُّ النبي صلى الله عليه وسلم في قبر واحد رضي الله عنهما
زواجها من زيد بن حارثة
انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخطب لزيد بن حارثة رضي الله عنه، فدخل على زينب بنت -رضي الله عنها- فخطبها، فقالت: لستُ بناكحته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بَلْ فَانْكِحِيهِ". قالت: يا رسول الله، أؤامر في نفسي؟ فبينما هما يتحدَّثان، أنزل الله تعالى قوله على رسوله صلى الله عليه وسلم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا} [الأحزاب: 36]، فقالت رضي الله عنها: رضيتَه لي يا رسول الله منكحًا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. قالت: إذن لا أعصي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد أنكحته نفسي.
وبهذه الواقعة أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يُحطِّم الفوارق الطبقيَّة الموروثة في الجماعة المسلمة، فيردَّ الناس سواسية كأسنان المشط، لا فضل لأحد على أحد إلاَّ بالتقوى، وكان الموالي -وهم الرقيق المحرَّر– طبقة أدنى من طبقة السادة، ومن هؤلاء زيد بن حارثة t، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُحقِّق المساواة الكاملة بتزويجه من شريفة من بني هاشم، قريبة النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت ؛ ليُسقط تلك الفوارق الطبقيَّة بنفسه في أسرته، وكانت هذه الفوارق من العمق والعنف بحيث لا يحطِّمها إلاَّ فعل واقعيّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم تتَّخذ منه الجماعة المسلمة أسوةً، وتسير البشريَّة كلها على هداه في هذا الطريق

طلاقها من زيد وإسقاط التبني
يقول الله تعالى في ذلك: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً [الأحزاب:37].
فالله تعالى يخبر في هذه الآية عن مقالة نبيه صلى الله عليه وسلم لمولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه، وهو الذي أنعم الله عليه بالإسلام وبالقرب من رسوله صلى الله عليه وسلم، والذي أنعم عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالعتق والتربية والحب، ذلك الحب الذي كان عظيماً في قلب النبي صلى الله عليه وسلم حتى صار زيد يدعى بالحِب، ويقال لابنه أسامة: الحِب بن الحِب.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوج زيد بن حارثة رضي الله عنه الذي كان قد تبناه قبل النبوة، بابنة عمته زينب بنت رضي الله عنها، وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم.
فمكثت عنده قريباً من سنة أو فوقها، وكان زيد يشتكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تعاظمها وشدة لسانها عليه، ويخبره بعزمه على تطليقها، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتقي الله ولا يطلقها، مع علمه صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي أن زيداً سيطلقها، وأنه عليه الصلاة والسلام سيتزوجها.
روى البخاري في صحيحه عن أنس قال: جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اتق الله وأمسك عليك زوجك، قال أنس: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً لكتم هذه الآية، قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: زوجكن أهليكن، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات.
وقوله تعالى: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ [الأحزاب:37].
معناه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخفى في نفسه ما أخبره الله به من أن زيداً سيطلق زينب، وأنه صلى الله عليه وسلم سيتزوجها، فقال لزيد: اتق الله وأمسك عليك زوجك. مع علمه بما ذكرنا.
قال أبو بكر بن العربي: إنما قال عليه الصلاة والسلام لزيد أمسك عليك زوجك، اختباراً لما عنده من الرغبة فيها أو عنها، فلما أطلعه زيد على ما عنده منها من النفرة التي نشأت من تعاظمها عليه أذن له في طلاقها.
والدليل على أن ما أخفاه النبي صلى الله عليه وسلم، في نفسه هو إخبار الله له بأنه سيتزوج زينب بعد أن يطلقها زيد، هو قوله تعالى: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ [الأحزاب:37].

ام هُمام
11-26-2016, 04:59 PM
26- صفية بنت عبد المطلب

هي صفية بنت عبد المطلب، الهاشمية. وهي عمة الرسول صلى الله عليه وسلم وشقيقة سيدنا حمزة. وأم حواري النبي صلى الله عليه وسلم: الزبير وأمها من بني زهرة.

تزوجها الحارث، أخو أبي سفيان بن حرب فتوفي عنها. وتزوجها العوام. أخو سيدة النساء خديجة بنت خويلد فولدت له: الزبير والسائب وعبد الكعبة.

قصة إسلام صفية بنت عبد المطلب:
هي من المهاجرات الأول، ولا يُعلم هل أسلمت مع حمزة أخيها، أو مع الزبير ولده؟

ملامح من شخصية صفية بنت عبد المطلب:
شجاعتها: تظهر شجاعة السيدة صفية بنت عبد المطلب لما كانت في حصن فارع ورأت يهودي يطوف حول الحصن فنزلت إليه بعمود خيمتها وقتلته.

بعض المواقف من حياتها مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
لقد بايع الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابيات على الإسلام وما مسّت يدُهُ يد امرأة منهنّ، وكانت عمّته صفية رضي الله عنها معهن، فكان لبيعتها أثرٌ واضح في حياته، بإيمانها بالله ورسوله، ومعروفها لزوجها، وحفاظها على نفسها،والأمانة والإخلاص في القول والعمل.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة:12].

- لم تكن صفية رضي الله عنها لتنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول أيام إسلامها، لمّا نزل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِين} [الشعراء: 214].
قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "يا فاطمة بنت محمد، يا صفية بنت عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم من الله شيئًا، سلوني من مالي ما شئْتُم", فخصّها بالذكر كما خصّ ابنته فاطمة أحب الناس إليه.
- زعم هشام بن عروة أن الزبير بن العوام خرج إلى ياسر أخو مرحب, فقالت أمه صفية بنت عبد المطلب: يقتل ابني يا رسول الله, قال: "بل ابنك يقتله إن شاء الله", فخرج الزبير فالتقيا، فقتله الزبير.

المواقف من حياتها مع الصحابة:
أقبلت صفية بنت عبد المطلب لتنظر إلى أخيها حمزة فلقيها الزبير, فقال: أي أمة, إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي, قالت: ولِمَ, وقد بلغني أنه مثل بأخي وذلك في الله فما أرضانا بما كان من ذلك لأصبرن وأحتسبن إن شاء الله, فجاء الزبير فأخبره, فقال: "خل سبيلها", فأتت إليه واستغفرت له ثم أمر به ودفن.

وفاة صفية بنت عبد المطلب:
توفيت صفية بنت عبد المطلب رضي الله تعالى عنها في خلافة عمر سنة عشرين, ولها من العمر ثلاث وسبعون سنة, ودفنت في البقيع.

ام هُمام
11-27-2016, 09:19 PM
27- أم أيمن

نسبها
بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن، وهي أم أيمن، غلبت عليها كنيتها، كنيت بابنها أيمن بن عبيد، وهي بعد أم أسامة بن زيد[1].

وقد أسلمت قديمًا أول الإسلام، وهاجرت إلى الحبشة وإلى المدينة، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

من مواقفها مع الرسول
من المواقف الرائعة التي حدثت بين أم أيمن والرسول صلى الله عليه وسلم أنه لما حضرت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم صغيرة، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فضمها إلى صدره ثم وضع يده عليها فقضت، وهي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبكت أم أيمن فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أم أيمن، أتبكين ورسول الله صلى الله عليه وسلم عندك؟" فقالت: ما لي لا أبكي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي. فقال رسول الله: "إني لست أبكي ولكنها رحمة"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن بخير على كل حال تنزع نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله" .

وقالت أم أيمن رضي الله عنها: قام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل إلى فخارة من جانب البيت فبال فيها، فقمت من الليل وأنا عطشى فشربت ما في الفخارة وأنا لا أشعر، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا أم أيمن، قومي إلى تلك الفخارة فاهريقي ما فيها". قلت: قد والله شربت ما فيها. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: "أما أنك لا يفجع بطنك بعده أبدًا".

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأم أيمن: "يا أمه"، وكان إذا نظر إليها قال: "هذه بقية أهلي بيتي".

وقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث، منها "عن أم أيمن -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بعض أهل بيته، فقال: "لا تشرك بالله وإن عذبت وإن حرقت، وأطع ربك ووالديك وإن أمراك أن تخرج من كل شيء فاخرج، ولا تترك الصلاة متعمدًا؛ فإنه من ترك الصلاة متعمدًا فقد برئت منه ذمة الله، إياك والخمر فإنها مفتاح كل شر، وإياك والمعصية فإنها تسخط الله، لا تنازعن الأمر أهله، وإن رأيت أنه لك لا تفر من الزحف، وإن أصاب الناس موت وأنت فيهم فاثبت، أنفق على أهلك من طولك ولا ترفع عصاك عنهم، وأخفهم في الله ".

من مواقفها مع الصحابة
مع أنس بن مالك
يقول أنس: كان الرجل يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم النخلات حتى افتتح قريظة والنضير، وإن أهلي أمروني أن آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله الذي كانوا أعطوه أو بعضه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطاه أم أيمن، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي تقول: كلا والذي لا إله إلا هو، لا يعطيكم وقد أعطانيها، أو كما قالت. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لَكِ كَذَا". وتقول: كلا والله حتى أعطاها -حسبت أنه قال- عشرة أمثاله، أو كما قال.

قال أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها. فلما انتهينا إليها بكت، فقالا لها: ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم. فقالت: ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء. فهيجتهما على البكاء، فجعلا يبكيان معها.

كلماتها
عن أم أيمن -رضي الله عنهما- قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شكا صغيرًا ولا كبيرًا جوعًا ولا عطشًا، كان يغدو فيشرب من ماء زمزم، فأعرض عليه الغداء فيقول: لا أريده أنا شبع".
وقالت أم أيمن ترثي النبي صلى الله عليه وسلم:
عين جودي فإن بذلك للدمـع *** شفـاء فأكثـري م البكـاء
حين قالوا الرسول أمسى فقيـدا *** ميتـا كان ذاك كل البـلاء
وابكيا خير من رزئناه في الدنيـا *** ومن خصه بوحــي السماء
بدموع غزيـرة منـك حتـى *** يقضي الله فيك خيـر القضـاء
فلقد كان ما علمت وصـولا *** ولقد جاء رحمة بالضيـاء
ولقد كان بعد ذلك نــورا *** وسراجا يضيء في الظلماء
طيب العود والضريبة والمعدن *** والخيـم خاتـم الأنبيـاء

وفاتها
اختلف في وفاتها، قال ابن كثير: "توفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر، وقيل ستة أشهر، وقيل إنها بقيت بعد قتل عمر بن الخطاب".

وجاء في مستدرك الحاكم: "توفيت أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته في أول خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه"

ام هُمام
11-28-2016, 05:52 PM
28- الشيخة أم فاطمة عائشة بنت إبراهيم

" وفي أول شهر جمادي الاولى توفيت الشيخة العابدة الصالحة العالمة قارئة القرآن أم فاطمة عائشة بنت إبراهيم بن صديق زوجة شيخنا الحافظ جمال الدين المزي عشية يوم الثلاثاء مستهل هذا الشهر وصلى عليها بالجامع صبيحة يوم الاربعاء ودفنت بمقابر الصوفية غربي قبر الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمهم الله كانت عديمة النظير في نساء زمانها لكثرة عبادتها وتلاوتها وإقرائها القرآن العظيم بفصاحة وبلاغة وأداء صحيح يعجز كثير من الرجال عن تجويده وختمت نساء كثيرا وقرأ عليها من النساء خلق وانتفعن بها وبصلاحها ودينها وزهدها في الدنيا وتقللها منها مع طول العمر بلغت ثمانين سنة أنفقتها في طاعة الله صلاة وتلاوة وكان الشيخ محسنا إليها مطيعا لا يكاد يخالفها لحبه لها ...اهـ من كتاب البداية و النهاية لابن كثير المجلد الرابع عشر سنة إثنتين وأربعين وسبعمائة

ام هُمام
11-29-2016, 04:56 PM
29- المرأة الصالحة

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : بَيْنَمَا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ لَهُ فِي السَّلَفِ الْخَالِي لَا يَقْدِرَانِ عَلَى شَيْءٍ ، فَجَاءَ الرَّجُلُ مِنْ سَفَرِهِ , فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ جَائِعًا ، قَدْ أَصَابَتْهُ مَسْغَبَةٌ شَدِيدَةٌ ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَعِنْدَكِ شَيْءٌ ؟ ، قَالَتْ : نَعَمْ , أَبْشِرْ أَتَاكَ رِزْقُ اللَّهِ . فَاسْتَحَثَّهَا ، فَقَالَ : وَيْحَكِ ، ابْتَغِي إِنْ كَانَ عِنْدَكِ شَيْءٌ . قَالَتْ : نَعَمْ ، هُنَيَّةً نَرْجُو رَحْمَةَ اللَّهِ ، حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيْهِ الطَّوَى ، قَالَ : وَيْحَكِ ، قُومِي فَابْتَغِي إِنْ كَانَ عِنْدَكِ خُبْزٌ فَأْتِينِي بِهِ فَإِنِّي قَدْ بَلَغْتُ وَجَهِدْتُ . فَقَالَتْ : نَعَمْ ، الْآنَ يَنْضَجُ التَّنُّورُ فَلَا تَعْجَلْ . فَلَمَّا أَنْ سَكَتَ عَنْهَا سَاعَةً , وَتَحَيَّنَتْ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ لَهَا , قَالَتْ هِيَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهَا : لَوْ قُمْتُ فَنَظَرْتُ إِلَى تَنُّورِي ، فَقَامَتْ فَوَجَدَتْ تَنُّورَهَا مَلْآنَ جُنُوبَ الْغَنَمِ وَرَحْيَيْهَا تَطْحَنَانِ ، فَقَامَتْ إِلَى الرَّحَى , فَنَفَضَتْهَا وَأَخْرَجَتْ مَا فِي تَنُّورِهَا مِنْ جُنُوبِ الْغَنَمِ . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَوَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ ، عَنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ أَخَذَتْ مَا فِي رَحْيَيْهَا وَلَمْ تَنْفُضْهَا لَطَحَنَتْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " .

ام هُمام
11-30-2016, 05:49 PM
30- أم زينب فاطمة بنت عباس

قال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية / وفيات سنة 714:

الشيخة الصالحة العابدة الناسكة :
أم زينب فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح بن محمد البغدادية بظاهر القاهرة .
وشهدها خلق كثير ، وكانت من العالمات الفاضلات ، تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتقوم على الاحمدية في مواخاتهم النساء والمردان، وتنكر أحوالهم ، وأصول أهل البدع ، وغيرهم . وتفعل من ذلك مالا تقدر عليه الرجال.
وقد كانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين بن تيمية ، فاستفادت منه ذلك وغيره .
وقد سمعت الشيخ تقي الدين يثنى عليها ، ويصفها بالفضيلة والعلم، ويذكر عنها أنها كانت تستحضر كثيراً من المغنى او أكثره ، وأنه كان يستعد لها ، من كثرة مسائلها ، وحسن سؤالاتها ، وسرعة فهمها.
وهي التي ختمت نساء كثيراً القرآن ، منهنّ أم زوجتي عائشة بنت صديق زوجة الشيخ جمال الدين المزي ، وهي التي أقرأت ابنتها زوجتي امة الرحيم زينب ، رحمهنّ الله واكرمهنّ برحمته وجنته .. آمين.

السليماني
03-09-2024, 06:52 PM
بارك الله فيك ...

ام هُمام
04-16-2024, 04:55 AM
بارك الله فيك ...

واياكم جزاكم الله كل خير