المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخير في آخر الزمان. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله تعالى


أسامة خضر
04-08-2011, 10:48 PM
الخير في آخر الزمان

الحمد لله؛
سبق وأن كان الحديث في الخطبة الماضية عن انتشار الشر في آخر الزمان، لكنَّ ذلك الشرَّ يتخلله أنواع من الخير للمؤمنين، في آخر الزمان؛ وبعد طغيان الشر وأهله، وانتشار الجوع والفقر، وفشوّ الظلم والقهر، يظهر الخيرُ وأهلُه، وينقشع ظلام الظلم والجبروت، "تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ". ثُمَّ سَكَتَ.. (حم) عن حُذَيْفَةُ ([1] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn1))
في آخر الزمان خلافة على منهاج النبوة، فيها يضمحلُّ الجوع، ويزول الفقر، ويكثر الغنى بنوعيه؛ غنى النفوس بالقناعة، والغنى بوفرة الأموال، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ، فَيَفِيضَ حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ المَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ، فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: لاَ أَرَبَ لِي". (خ).([2] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn2))
وعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ، بِالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ، ثُمَّ لاَ يَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهَا مِنْهُ، ..» متفق عليه.([3] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn3))
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ». (م)([4] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn4)) قناعةٌ تامةٌ مباركةٌ، وسيحدث هذ الخير للمؤمنين في آخر الزمان.
وفي زمن ظهور الشر وغلبة أهله، ماذا يريد المؤمن غير صحةٍ في الجسد، وعافيةٍ في البدن، وأمنٍ في الوطن، ولقمةٍ تسد جوعته، «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًا فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قوت يَوْمه فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِها» (خد، ت، جة)([5] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn5))
في هذا الزمن، وفي خضم انتشار الشرور، وتسلط الأشرار؛ لا ييأس المؤمن من نشر الخير وزرعه، "إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ؛ =هي النخلة الصغيرة= فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لا تقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ". (حم، خد).([6] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn6))
مهما انتشر الشر، فالخير لا ينقطع، ولكنه قد يتناقص أحيانا، ويزداد أحيانا أخرى، فـ«الخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الخَيْلِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» (خ)([7] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn7))
عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْخَيْرُ مَعْقُوصٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ»، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: «الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» صحيح مسلم (1873) وفي رواية عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ، وَهَذَا لَفْظُهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لا تَقُصُّوا نَوَاصِي الْخَيْلِ، وَلا مَعَارِفَهَا وَلا أَذْنَابَهَا، فَإِنَّ أَذْنَابَهَا مَذَابُّهَا، وَمَعَارِفَهَا دِفَاؤُهَا، وَنَوَاصِيَهَا مَعْقُودٌ فِيهَا الْخَيْرُ».([8] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn8)) سنن أبي داود (2542). وفي رواية عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ، يَرْفَعُهُ، قَالَ: «الإِبِلُ عِزٌّ لأَهْلِهَا، وَالْغَنَمُ بَرَكَةٌ، وَالْخَيْرُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». (جة)([9] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn9))
في زمان الشرِّ؛ التمسك بقليل من العلم نجاة للحديث: "إنكم اليوم في زمان =أي زمان الخير=كثيرٌ علماؤه، قليل خطباؤه، من ترك عشر ما يعرف فقد هوى، ويأتي من بعد زمان =أي زمان الشر= كثير خطباؤه، قليل علماؤه، من استمسك بعشر ما يعرف فقد نجا".([10] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn10))
إن الخير في آخر الزمان؛ أهلُه مؤيدون من الله جل جلاله، فهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، إذا تكالبت عليهم قوى الشر، وحاصرتهم قوى الظلم والطغيان، فمنعتهم الطعام والشراب؛ أطعمهم الله وكفاهم، يجري التسبيح مجرى الطعام عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ جَهْدًا شَدِيدًا يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الدَّجَّالِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: "يَا عَائِشَةُ! الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ"، (يعني: بين يدي الدجال)، فَقُلْتُ: مَا يُجْزِئُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الطَّعَامِ؟ قَالَ: "مَا يُجْزِئُ الْمَلائِكَةَ التَّسْبِيحُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَالتَّحْمِيدُ، وَالتَّهْلِيلُ". (حم)([11] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn11))
وإذا صعبت عليهم حصون الكفار، وتعسر فتحها بالآلات والمدافع؛ يسرها الله سبحانه وهدمها بالتكبير والذكر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ؟» قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ، فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا، فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلاحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ، قَالُوا: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا - قَالَ ثَوْرٌ: لا أَعْلَمُهُ إِلاَّ قَالَ:- الَّذِي فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الآخَرُ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيُفَرَّجُ لَهُمْ، فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ، إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ، فَقَالَ: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ، فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ ". (م)([12] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn12))
في ذلك الزمان وبعد اشتداد الكرب على المسلمين من أعدائهم المحاربين، يبرمون صلحا آمنا مع الروم الغربيين الصليبيين، ويعقدون هدنة معهم، ويقاتلون في صفٍّ واحد العدوَّ المشترك، وينتصرون، ولكن يغدر الروم، هذا مأخبرنا به رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا، فَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ، فَتُنْصَرُونَ، وَتَغْنَمُونَ، وَتَسْلَمُونَ، ثُمَّ تَرْجِعُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ الصَّلِيبَ ، فَيَقُولُ: غَلَبَ الصَّلِيبُ. فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيَدُقُّهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ، وَتَجْمَعُ لِلْمَلْحَمَةِ" (د، جة)([13] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn13))
ويجاهدهم المسلمون، وخير المسلمين يومئذ الذين ثبتوا ولم يفروا، فينصرهم الله، وتتوزع الغنائم الهائلة فلا يفرحون بها، لقلة المسلمين، ولكثرة من استشهد منهم، "فَيَتَعَادُّ بَنُو الأَبِ، كَانُوا مِائَةً، فَلا يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلاَّ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ، فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ؟ أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ،.." (م)([14] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn14))
ومن الخير في ذلك الزمان؛ ظهورُ محمد بن عبد الله المهدي، فتملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا، وينتشر الأمن والأمان، والسلم والسلام، بين البشر أنفسهم، وكذلك بين الحيوانات المفترسة والبرية والأهلية؛ ذئابٌ مع الغنم، أسود مع الإبل، عقاربُ وحيَّاتٌ مع الأطفال. الغنم تذهب إلى المرعى وحدها يرعاها الذئب ويحافظ عليها،
فلا سموم في الأرض، قال صلى الله عليه وسلم: "وَتُنْزَعُ حُمَةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَةٍ =والحيوانات المفترسة بين الناس لا تأكل إلا ما يلقى إليها= [... تَقَعُ الأَمَنَةُ عَلَى الأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الأُسُودُ مَعَ الإِبِلِ، وَالنِّمَارُ مَعَ الْبَقَرِ، وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ، وَيَلْعَبَ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ، لا تَضُرُّهُمْ،.."([15] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn15))] حَتَّى يُدْخِلَ الْوَلِيدُ يَدَهُ فِي فِي الْحَيَّةِ، فَلا تَضُرَّهُ، وَتُفِرَّ الْوَلِيدَةُ الأَسَدَ، فَلا يَضُرُّهَا، وَيَكُونَ الذِّئْبُ فِي الْغَنَمِ كَأَنَّهُ كَلْبُهَا، وَتُمْلأُ الأَرْضُ مِنَ السِّلْمِ كَمَا يُمْلأُ الإِنَاءُ مِنَ الْمَاءِ، وَتَكُونُ الْكَلِمَةُ وَاحِدَةً، =فلا اختلاف ولا تباغض، وينتشر التوحيد الخالص= فَلا يُعْبَدُ إِلاَّ اللَّهُ، وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، =ويتوقف القتال في زمانه إلى مجيء الدجال= وَتُسْلَبُ قُرَيْشٌ مُلْكَهَا..]([16] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn16))
ويوزع بيت المال دون كيل أو ميزان، بل يحثو المال حثيا ولا يعده عدًّا،([17] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn17)) فيتقدم رجل فيحمل من المال ما لا يكاد يطيقه.([18] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn18))
وبعد خروج الدجال الذي يعيث فسادا يمينا وشمالا، ويدعي الربوبية والألوهية، "إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالا، يَا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا". (م)([19] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn19))
وأكثر من يُضَلُّ به اليهود والمنافقون، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ؛ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ».([20] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn20)) وعن أُمِّ شَرِيكٍ، أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لَيَفِرَّنَّ النَّاسُ مِنَ الدَّجَّالِ فِي الْجِبَالِ»، قَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ: يَا رَسُولَ اللهِ! فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «هُمْ قَلِيلٌ». (م)([21] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn21))
فيقاتلون المؤمنين، فيؤيدهم الله سبحانه، وتنطق الأحجار والأشجار لمساعدتهم. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ! يَا عَبْدَ اللهِ! هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلاَّ الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ". (م)([22] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn22))
ويفتن به المؤمنون، ويصيبهم كرب وشدةٌ ولأواء، مع الفقر والجوع والقحط، إن أيامَ الدجال«أَرْبَعُونَ يَوْمًا؛ يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ؛ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: «لا! اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ». (م)([23] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn23))
ويأتي بعد أيام الدجال؛ الخيرُ مع عيسى المسيح عليه السلام، الذي ينزل من السماء الثانية لقمع الشر ونشر الخير على الأرض، فيقتل الدجال ومن معه، "ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللهُ مِنْهُ، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لا يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَوَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ"، صحيح مسلم (2937).
وهم آخر شرٍّ يأتي على المؤمنين، لا يدعون شيئا إلا أفسدوه، ولا قابلهم أحد إلا قتلوه، ويتحصن عيسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين بالطور، ويصيبهم كرب عظيم، بمحاصرة يأجوج ومأجوج، ويأتيهم الفرج من الله سبحانه، ويبعث على يأجوج ومأجوج دود النغف فتأكل رقابهم، فتذرهم صرعى دفعة واحدة، "ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ مَطَرًا لا يَكُنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ، =بالقاف والفاء: كَالْمِرْآةِ= ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ =الجماعة= مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا، =مُقَعَّرُ قِشْرِهَا= وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ، =اللبن والحليب= حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ =هِيَ الْقَرِيبَةُ الْعَهْدِ بِالْوِلادَةِ= مِنَ الإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ =الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ= مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخْذَ =الْفَخْذُ الْجَمَاعَةُ مِنَ الأَقَارِبِ وَهُمْ دُونَ الْبَطْنِ وَالْبَطْنُ دون القبيلة = مِنَ النَّاسِ،" صحيح مسلم (2937).
ويعود الأمن والسلام على الأرض مدة من الزمن، وتُملأ الأرض عدلا، فلا صليب ولا اعتصامات، ولا خنازير تربى في حظائر أو تترك طليقة، وينتهى العمل بأحكام الجزية، فلا يوجد إلا الإسلام، ولا توجد إلا الزكاة، والذي سينفذ ذلك هو عيسى عليه السلام، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، وَإِمَامًا عَدْلا، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ» سنن ابن ماجه (24078). "فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ". (حم)([24] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn24))
وبعده ".. يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ، لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّأْمِ، [فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ]، فَلا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلاَّ قَبَضَتْهُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ، حَتَّى تَقْبِضَهُ" صحيح مسلم (2940).
قال النووي في شرحه على مسلم (2/ 133): [حَدِيثِ "يَبْعَثُ اللَّهُ تَعَالَى رِيحًا مِنَ الْيَمَنِ" وَفِي حَدِيثٍ .."رِيحًا مِنْ قِبَلِ الشَّامِ"؛ وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا رِيحَانِ؛ شَامِيَّةٌ وَيَمَانِيَةٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَبْدَأَهَا مِنْ أَحَدِ الإِقْلِيمَيْنِ، ثُمَّ تَصِلُ الآخَرَ وَتَنْتَشِرُ عِنْدَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ].
يموت المؤمنون في آخر الزمان فلا يبقى منهم أحد، وذلك خير لهم، «.. فَيَبْقَى مَنْ لا خَيْرَ فِيهِ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ». مسلم (2907) عَنْ عَائِشَةَ.
"فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ؛ فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلامِ السِّبَاعِ، لا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا، وَلا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ، فَيَقُولُ: أَلا تَسْتَجِيبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ" صحيح مسلم (2940). "يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ، =أَيْ يُجَامِعُ الرِّجَالُ النِّسَاءَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ، كَمَا يَفْعَلُ الْحَمِيرُ وَلا يَكْتَرِثُونَ لِذَلِكَ= فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ". صحيح مسلم (2937).
ألا واعلموا عباد الله! أنه «لا تَقُومُ السَّاعَةُ، إِلاَّ عَلَى شِرَارِ النَّاسِ» صحيح مسلم (2949) عَنْ عَبْدِ اللهِ. ***
في آخر الزمان زمان الشر؛ إلى أين يلجأ المؤمنون؟ والجواب: كلهم بالشام، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلاَّ لَحِقَ بِالشَّامِ، وَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَجْتَمِعُونَ فِي الْمَسَاجِدِ؛ لَيْسَ فِيهِمْ مُؤْمِنٌ). (السنة للخلال، كم)([25] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn25))
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ، فَخِيَارُ أَهْلِ الأَرْضِ؛ أَلْزَمُهُمْ مُهَاجَرَ إِبْرَاهِيمَ =أي الشام حفظها الله=، وَيَبْقَى فِي الأَرْضِ شِرَارُ أَهْلِهَا تَلْفِظُهُمْ أَرْضُوهُمْ، تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللَّهِ، وَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ». (د، حم)([26] (http://www.a-quran.com/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn26))
قال البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 394): [قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، (قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ». مَعْنَى الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ الْهِجْرَةُ إِلَى الشَّامِ، يُرَغِّبُ فِي الْمُقَامِ بِهَا، وَهِيَ مُهَاجَرُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللَّهِ تَعَالَى». تَأْوِيلُهُ؛ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَكْرَهُ خُرُوجَهُمْ إِلَيْهَا وَمُقَامُهُمْ بِهَا، فَلا يُوَفِّقُهُمْ لِذَلِكَ، فَصَارُوا بِالرَّدِّ وَتَرْكِ الْقَبُولِ فِي مَعْنَى الشَّيْءِ الَّذِي تَقْذُرُهُ نَفْسُ الإِنْسَانِ، فَلا تَقْبَلُهُ)].
اللَّهُمَّ إِنّا أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذا الزمان وَخَيْرِ مَا فِيه، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّه وَشَرِّ مَا فِيه، اللَّهُمَّ إِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ، وَسُوءِ الْكِبَرِ، وَفِتْنَةِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْقَبْرِ، اللهم ربَّ السماوات السبع، وربَّ العرش العظيم، كن لنا جارا من اليهود، وأحزابهم من خلائقك، أن يفرطَ علينا أحدٌ منهم أو يطغى، عزَّ جارُك، وجلَّ ثناؤك، ولا إله إلا أنت.
الله أكبر، الله أعزُّ من خلقه جمعيا، الله أكبر مما نخاف ونحذر، نعوذ بالله الذي لا إله إلا هو، الممسك السماوات السبع أن يقعن على الأرض إلا بإذنه، من شرِّ اليهود وجنودِهم وأتباعهم وأشياعهم، من الجن والإنس، اللهم كن لنا جارا من شرَّهم، جلَّ ثناؤك وعزَّ جارُك، وتبارك اسمك، ولا إله غيرك. اللهمَّ منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم.
أبو المنذر فؤاد
الزعفران –غزة –فلسطين
الرابع من جمادى الأولى 1432 هلالية
وفق الثامن من إبريل 2011 شمسية

([1])مسند أحمد ط الرسالة (30/ 355) (18406). وهو الحديث الخامس في سلسلة الأحاديث الصحيحة.

([2])صحيح البخاري (1412)

([3])صحيح البخاري (1414) صحيح مسلم (1012).

([4])صحيح مسلم (1054).

([5])أخرجه البخاري في (الأدب المفرد) (300)، والترمذي (2347)، وابن ماجة (4141) دون كلمة "بحذافيرها". الصحيحة (2318).

([6])مسند أحمد ط الرسالة (20/ 296) (12981) الأدب المفرد مخرجا (ص: 168) (479) عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. الصحيحة (9).

([7])صحيح البخاري (3643).

([8]) صحيح أبي داود (7/ 297) (2292).

([9])سنن ابن ماجه (2305). الصحيحة (1763)

([10]) الصحيحة (2510).

([11])مسند أحمد ط الرسالة (41/ 419) (24944)، الصحيحة (3079).

([12])صحيح مسلم (2920).

([13])سنن أبي داود (4292)، سنن ابن ماجه (4089) عن ذي مخبر. وصححه في مشكاة المصابيح (3/ 1495) (5428).

([14]) صحيح مسلم (2899).

([15])مسند أحمد ط الرسالة (15/ 154) (9270)

([16])قصة المسيح الدجال (ص: 147) (44)

([17])صحيح مسلم (2913).

([18]) انظر الشواهد لحديث رقم (4001) في الصحيحة (7/ 1729).

([19])صحيح مسلم (2922).

([20]) صحيح مسلم (2944)

([21])صحيح مسلم (2945).

([22])صحيح مسلم (2922).

([23])صحيح مسلم (2937).

([24])مسند أحمد ط الرسالة (15/ 153) (9270). قصة المسيح الدجال للألباني (45).

([25])السنة لأبي بكر بن الخلال (4/ 119) (1308)، وهذا لفظه، والمستدرك للحاكم (4/ 489) (8365)، و(4/ 504) (8413). قال الذهبي في التلخيص: [على شرط البخاري ومسلم]

([26])سنن أبي داود (2482) مسند أحمد ط الرسالة (11/ 455) (6871). قال في فتح الباري لابن حجر (11/ 380): [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَسَنَدُهُ لا بَأْسَ بِهِ] وانظر الصحيحة (3203).

ابو عبد الرحمن
04-09-2011, 10:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خير الجزاء وجعله الله في ميزان حسناتكم

ابو احمد قنديل
04-10-2011, 06:08 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا

أبوالنور
04-10-2011, 11:22 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
http://img151.imageshack.us/img151/6854/63827imgcache0901607.gif