المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : واجبُ الأمةِ نحو نبيِِها الجزء الاول


almojahed
04-09-2011, 11:09 PM
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
اخترت هذا العنوانَ كي يكونَ بابا ألج من خلاله إلى الحديث عن البدعة وأثرِها السيء على الأمة والمجتمع
لأنَّ البدعةَ ما كان ينبغي أن يكون لها وجودٌ لو عظمت الأمة نبيَّها وعلمت ما واجِبَها نحوه صلى الله عليه وسلم
فواجبُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على أمتهِ هو الطاعةُ المطلقةُ بالجنان والجوارح واللسان مع المحبةِ التي تفوق محبةَ الأهلِ والمال والولد ، بذلك تفوز الأمة بالرِّفعة والنصرِ والتمكينِ في الدنيا وبجنة النعيم في الآخرة

، قال الله تعالى { وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا }أي إلى النصر والتمكين والرفعة في الدنيا
وإلى جنة النعيم في الآخرة
وعلى النقيض من ذلك ، العصيانُ وهي المشَّاقة للرسول والتي من خلالها تتولدُ البدعُ ومحدثاتُ الأمور ، قال تبارك وتعالى { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا }
ولهذا قال عليه الصلاة والسلام " تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهم ما تمسكتم بهما كتابَ
الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوضَ " هذا المنطوق وأما المفهوم من الحديث " أن من لم يتمسك بهما كان له الزيغ والهلاك والدمار في الدنيا ولن يرد حوض النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة نسأل ُ اللهَ العافية
وقد بين هذا أبو بكر الصديق لما تولى الخلافة حيث قال " لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به إني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ "
إذن الزيغُ هو باب البِدَعُ والاحداثُ في الدين
ولهذا قال عليه الصلاة والسلام عن بني إسرائيل [ إن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا ] أي لما تركوا العملَ والاتباعَ أصبح دينُهم دينَ بِدَعٍ وقِصصٍ وخرافات ، نسأل الله العفو والسلامة من الضلال بعد الهدى
فالآن دعونا نأتي سويا كي نتعرفَ ما واجبُ الأمةِ نحو نبيِّها
قال عليه الصلاة والسلام " يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ ، كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا. فَقَالَ قَائِلٌ : وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ. فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا الْوَهَنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الدُّنْيَا ، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ.
نحن أصبحنا في هذه الأيام عبارةً عن قالبِ حلوى أو قطعةِ لحمٍ الكل يريد أن ينهش منها ، أصبحنا كالكرة في يد أعدائنا يَقذِفونها حيث يشاءون 0
*- لماذا هُنَّا على الأمم يا تُرى ؟ لماذا العالمُ الغربي لا يأبه لنا ؟ يصورون نبيَّنا بصور مُشينة بين الفينة والأخرى وهاهم الآن يُخرجون فِلمًا كركتيرياً حسب ما بلغني فيه استهزاءٌ بديننا وبنبينا عليه الصلاة والسلام ، يهاجمون دينَنا ويسخرون منه ، نحن بنظرهم لا شيء ، علما أن نَبِيَّنا عليه الصلاة والسلام أخبرنا أن هذه الأمةَ منصورةٌ بالرعب من مسيرة شهر من وصولهم إلى الأعداء
هذا ما بقيت الأمةُ على عهد نبيها ومتمسكةٌ بكتاب ربها
قال عليه الصلاة والسلام " بشر هذه الأمةَ بالتيسير والسناءِ والرِّفعَةِ بالدين والتمكينِ في البلاد والنصر "
*- إذا كان ذلك كذلك ، إذن لماذا هنَّا ؟ العالم لا يأبه لنا ، بل أصبحنا الرقمَ الذي ليس له قيمةٌ في عالم اليوم ، وكما يقال صفرٌ على الشمال 0
*- ما السبب يا تُرى ؟ السبب هو البعد عن الرب المعبود والرغبةُ عن هدي النبي المتبوع صلوات ربي وسلامه عليه ، الكل منا يَنطق بلسانه هذه الكلمةَ الطيبةَ ، وهي أعظمُ كلمةٍ في الوجود " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله "
فالشطر الأول منها يُفيد الإخلاصَ ومعناه " أن لا معبود بحق إلا الله ، ولا نعبد إلا الله ، ولا نعبد الله إلا بما شرع الله 0
والشطر الثاني يفيد المتابعة ، أي بما أنه لا معبود بحق إلا الله ، فإنه لا متبوع بحق إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكل الطرق مهما عَظُمت وكثرت فهي طرق شيطانية ضلالية إلا ما كان عليه هديُ النبي العدنان عليه أفضل الصلاة والسلام ، هذا ما بينه لنا خير الأنام برسم رسمه لنا بيده المباركة الطاهرة النقية ،
حيث قال بن مسعود :" خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال هذا سبيلُ الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه
ثم قرأ {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } .
فأعمالُنا مهما عَظُمت وكَبُرت وأُشيرَ إليها بالبنان لا تُقْبَلُ عند رب الأنام إلا إذا توفر فيها شرطان ، إخلاصٌ لله تعالى ومتابعةٌ للنبي عليه الصلاة والسلام 0
*- فنحن أعزاءُ بديننا ، بإتباع هدي نبيِّنا ، فإذا ابتغينا العزةَ في غيره أذلنا الله ، كما هو حال الأمةِ في هذه الأيام والله المستعان ،
قال ابن القيم رحمه الله " تالله ! ما عَدَا عليك العدوُّ إلا بعد أن تَوَلَّى عنك الوَلِيُّ، فلا تظنّ أن الشيطان غَلَبَ ولكن الحافظ أَعْرَض " 0
*- كانت هذه الأمةُ عظيمةً وهي متمسكةٌ بكتاب ربها جل وعلا ، كانت عزيزةً وهي على عهد وهدي نبيِّها فلما رَغِبَت عنهما وابتغت العزة في غيرهما هانت وذَلَّت .
قال عليه الصلاة والسلام ":أَبْشِرُوا، أَلَيْسَ تَشْهَدُونَ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ سَبَبٌ طَرَفَهُ بِيَدِ اللَّهِ، وَطَرَفَهُ بِأَيْدِيكُمْ فَتَمَسَّكُوا بِهِ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا، وَلَنْ تَهْلَكُوا بَعْدَهُ أَبَدًا "
لماذا إذن ضللنا طريق النصر والتمكين وهلكنا بتفرقنا إلى شيع وأحزاب ، هل الله تبارك وتعالى ورسولُه صلى الله عليه وسلم خالفا وعدَهما ، أو هل تخلى الله عن التمسك بكتابه ؟ بالطبع حاشا وكلا وإنما الخلل بَدَرَ منا بترك الإخذ بهما أي بالكتاب والسنة بذلك ضللنا وهلكنا إلا ما رحم ربُّنا
*- أخوتي في الله فما هو واجِبُنا معشرَ المسلمين نحو رسولِ ربِ العالمين الذي أرسله الله نورا وهدى للعالمين ؟ هل واجِبُنا نحوه بإقامة المهرجانات تأييداً ونصرةً له صلى الله عليه وسلم ؟ أو الخروج بالمسيرات والمظاهرات شجبا وتنديدا لما يَقدُم إليه أعداءُ الله وأعداءُ الدين من رسومات وصورٍ مُشينةٍ بحق نبينا عليه الصلاة والسلام ؟ لا والله ليس هذا هو الواجب بل ما هذا إلا عبارةٌ عن سراب بِقيعة يحسبه الظمآن ماء ، وما هذا إلا عبارةٌ عن زوبَعَةٍ في فنجان تثار بنفخ من الشيطان0

*- الواجب أولاً محبَّتُه صلى الله عليه وسلم في كل مكان وفي كل زمان وعلى جميع المستويات ، محبةً أكثرَ من المال والنفس والأهلِ والوالدِ والولد والناسِ أجمعين لقول رسول رب العالمين  " فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ أجمعين "

*-السؤال الآن كيف تكون هذه المحبة ؟ ومن المُحِبُّ حقا وصدقا للرسول  فأدعياء السنة كثيرون والعاملون بها قليلون ،

فمن هم المحِبون حقا وكيف تكون المحبة ؟ هل هم الذين يخرجون بالمظاهرات والمسيرات تأييدا له  ؟ أم هم الذين يحتفلون بمولده كلَّ عام بالطبل والرقص وأكل الحلوى ؟ وهل هم الذين يحتفلون بإسرائه ومعراجه وهجرته إلى غير ذلك ؟ .
هل هم هؤلاء يا عبادَ الله ؟ الجواب لا والله ، ولو كان هذا خيراً لفعله الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين الذين أحبوا محمداً أكثرَ من أنفسهم ، ولم تعرفْ الأرضُ أحداً أحبَّ أحداً كحب أصحاب محمد محمدا ، فَدَوْهُ بكل ما يملكون بكل غال ونفيس .
كانوا يحبون ما يحبه ويكرهون ما يكرهه ويعافُه حتى في خصوصيات الأمور ، في الطعام والشراب والملبَس 0
*- فالمحبة تَكْمُن في الاتباع وليس في الابتداع ، والمحبة تكمن في الاستمساك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً بالجوارح لا بالادعاء ، قال تعالى {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
*- ابراهيم عليه السلام قال " فمن تبعني فإنه منه " وهذا هو حالُ لسانِ محمد  القائل " فمن رغب عن سنتي فليس مني "
*- الواجب الثاني اتجاهَ نبيِنا  هو طاعتُه في كل زمان ومكان وفي كل الأمور فمن فعل ذلك اهتدى إلى طريق النصر والتمكين في الدنيا وإلى جنة النعيم في الاخرة ، قال الكبير المتعال { وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا } وقال أيضاً { يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ }
وقال أيضاً { وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } وقال عليه الصلاة السلام " من أطاعني دخل الجنة "
*- ومن أبى الطاعةَ وأصر على المخالَفةِ كان عليه الوبال والهلاك والدمارُ وتسليطُ الأعداء في الدنيا ، والويلُ والثبور والعذابُ في الاخرة ، قال تعالى { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
قال ابن مسعود " ولو أنكم تركتم سنةَ نبيكم – أي هديَ نبيكم - لضللتم ".
ففي طاعته الهدى والتوفيق ، وفي مخالفته الهلاك والدمار ، جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه
قال (جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نَائِمٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا إِنَّ لِصَاحِبَكُمْ هَذَا مَثَلًا فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا - إلى أن قَالُوا - مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بنا دَارًا وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنْ الْمَأْدُبَةِ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ الْمَأْدُبَةِ فَقَالُوا أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهُهَا - فَقَالُوا فَالدَّارُ الْجَنَّةُ وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ " .
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في منهاج السنة " فطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي مدار السعادة وجودا وعدما وهي الفارقةُ بين أهل الجنة والنار ومحمدٌ صلى الله عليه وسلم فَرْقٌ بين الناس " .
أقول أن من جعل محمداً أمامه قاده إلى الجنة فهو أول من سيقعقع حلقةَ بابِ الجنةِ وهو أول من سيدخلها  بإذن ربه ، ومن جعله خلفه – أي قَدَّمَ قولاً أو فعلاً على قوله  وفعله - سيق إلى النار والعياذ بالله حاله كحال القرآن الذي جاء في حقه من حديثه صلى الله عليه وسلم قال " القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار "

فالقرآن من عند الله والنبي  هو المترجم الحقيقي للقرآن قولاً وعملاً وإقرارا 0
*- فمن حَلَّ عليه سخطُ الجبارِ وسيق إلى النار ، والعياذ بالله ، فكيف بالله عليك أخي يكون حالُه ؟ حاله هناك وهو يتقلب في النار يندم ندماً شددياً ليس بعده ندم ، ويأخذه البكاء حتى أنه ليبكي بدلَ الدموع الدمَ ، قال عليه الصلاة والسلام
[ إن أهلَ النار ليبكون حتى لو أجريت السفن في دموعهم لجرت وإنهم ليبكون الدمَ يعني مكان الدمع ]
وهو في النار ماذا يقول ، لنستمع لما يخبرنا به الرب المعبود { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً }
من أجل ذلك أمرنا ربُّنا بطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم وحذرنا من مخالفةِ أمرِه قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ }
فمن تولى وأعرض تولى الله عنه جزاء وفاقا وما ربك بظلام للعبيد 0
*- الواجب الثالث نحو نبيِّنا  أن نستجيب له إذا دعانا لما يحينا ، قال تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ }
، لأن النبي  ما ترك شيئاً فيه خيرٌ لديننا ودنيانا إلا وبيَّنَه لنا ، ولم يترك شيئاً فيه شر لديننا ودنيانا إلا وحذرنا منه وهو القائل عليه الصلاة والسلام :
" والذي نفسي بيده ما تركت شيئا يقربكم من الجنة ويباعدكم عن النار إلا أمرتكم به وما تركت شيئا يقربكم من النار ويباعدكم عن الجنة إلا نهيتكم عنه "
*- الرسول يدعونا لما يُحيينا في الدنيا والآخرة وذلك متمثلٌ بقوله تعالى { َفمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }
والشيطان يدعونا أيضاً ولكن يدعونا لما فيه هلاكُنا ودمارُنا في الدنيا والآخرة وذلك متمثل بقوله تعالى { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى }
*- الآن هيا بنا سوياً لنرى لمن استجبنا ألله والرسول أم للشيطان و الهوى ؟
الرسول أمرنا بالخط المستقيم ، وبالصراط القويم ، وقال هذا سبيل الله ، وأمرنا بالجماعة التي هو عليها واصحابُه ، والشيطان دعانا إلى الطرق المعوجة وإلى التمزق والتشرذم والتحزب إلى من استجبنا ؟!!

*- الرسول دعانا إلى مخالفةِ الكفار وعدمِ الهجرةِ إليهم والعيشِ بين ظهرانيهم وعدمِ التشبهِ بهم ، والشيطانُ دعانا للتشبه بهم في أشكالنا وفي بيوتنا والهجرة إليهم ، لمن استجبنا وبمن تشبهنا ؟!! على سبيل المثال لننظر كيف العالم الإسلامي تشبه بالكفار بأعيادهم الكفرية الكرسمس وبعيد الحب وبعيد الأم وبأعياد الميلاد وأعياد الزواج

وبصالات الأفراح وفستان الفرح الأبيض ولبس المحبس باليمين في الخِطبة ثم نقلُه إلى الإصبع الشمال ووووو وإلى غير ذلك وإلى حلقات التي تسمى - الكابوريا - لدى الشباب
الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التشبه بالكفار وعن القَزَع وهو حلقُ بعضِ الرأسِ وتركُ بعضهِ ، والشيطان قال لله { وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ }
، لمن استجبنا ؟ ولمن اتبعنا وطعنا
*- الرسول دعانا لتحكيم شرع الله سواء في الحكم أو في المؤسسات وفي جلسة ما تسمى بالمخاتير وفي البيوت إلى غير ذلك للحديث " إن الله تعالى سائل كلَ راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه حتى يسألَ الرجلُ عن أهل بيته "
والشيطان دعانا إلى أن نتحاكمَ لغير الله تعالى – لقوانين وضعية – للعرف – للعادات والتقاليد – لمن استجبنا ؟
*- الرسول دعانا إلى أكل الحلال والشيطانُ والهوى دعانا لأكل الربا والمحرمات لمن استجبنا ؟
*- الرسول حذر نساءَنا من التبرج والسفور وأمرهن بما أوحى الله إليه من آيات الحجاب بلبس الجلباب ، والشيطانُ دعاهن للتبرج والسفور وزينه لهن لمن استجبنا ؟
*- الرسول أمرنا بصلاة الجماعة وهي أفضل الصلوات وأفضلها صلاة الصبح في جماعة والشيطان دعانا للنوم وقال لنا عليك ليل طويل فارقد لمن استجبنا ومن أطعنا
*- الرسول دعانا لأن نَعفيَ اللحى والشيطانُ دعانا لحلقها لمن استجبنا ؟
*- الرسول نهانا وحذرنا من القتل فيما بيننا بل وحتى عن رفع السلاح في وجوه إخواننا ولو كان بالمزاح وأخبر إلى أنه من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكةَ تلعنه وإن كان أخاه لأبيه وأمه "
، والشيطان أمرنا بالقتل وأن تراقَ الدماءُ لمن استجبنا ؟
*- الرسول نهانا بل وغلظ علينا في النهي من إتيان السحرة والكهنة والعرافين ، والشيطان أمرنا بذلك ونحن نعلم علم اليقين أن السحرَ والسحرة من صنيعه لمن استجبنا ؟

*- الرسول أمر بالعقيقة لمن دخل إلى الدنيا للحديث " الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يومَ السابع ويسمى ويُحلَقُ رأسُه "
، والشيطان دعانا للذبح ولصنع الطعام لمن خرج من الدنيا ، فيكون موتٌ وخرابٌ للديار لمن استجبنا ؟
*- الرسول أمر بوليمة للعرس للحديث " أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ " متفق عليه
والشيطان أمر بالصالات وبمزامير الشيطان لمن استجبنا
*- الرسول نهى عن النمص - وهو إزالة شعر الحاجبين – والوصل – أي الباروكة – والوشم – وشم بالابر - ، بل وأخبر أن فاعلهن ملعون للحديث " لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ." ولعن أيضاً النامصة والمتنمصة " والشيطان أمر بتغيير خلقِ الله لمن استجبنا ؟
الرسول جاء لِيُحِلَ لنا الطيباتِ ويحرمْ علينا الخبائث ، والشيطان أحل لنا الخبائث وحرم علينا الطيبات لمن استجبنا ؟

وهناك أشياءٌ وأشياءٌ كثيرة لا أستطيع سردَها في هذه المحاضرة وأكتفي بهذا القدر .
*- الان أخوتي في الله ما عاقبة وما مصير من لم يستجب للرسول وخالف أمرَه ؟
مصيره إلى التفرق والتحزب والاختلاف بالدين بعد الثبات والاجماع وهذا من البدع والإحداث
يقول تعالى {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }
*- لماذا لم يستجيبوا ؟ لأنهم اتبعوا أهواءَهم واتبعوا الشيطان ، والشيطان نفسُه يعترف بذلك في النار ، قال الله تعالى مخبرا عن الشيطان {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم }
*- فمن استجاب لله وللرسول حفظه في الدنيا من كل سوء بل وكان الله سمعَه الذي يسمع به وبصرَه الذي يُبصر به ويدَه التي يَبطش بها ورجلَه التي يمشي بها ، وإن سأله أعطاه ، وإن استعاذ به أعاذه ، وكان الله إليه بكل خير أسرع
وفي الآخرة يَمُنُّ سبحانه عليه أن يحشره مع حبيبه الذي استجاب له في الدنيا واتبع هداه قال الله تعالى {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً }
، فهذه هي المحبةُ الحقيقيةُ وليست المحبة ادعاءً باللسان ومخالفةً بالجوارح والجنان
تعصي الرسولَ وأنت تَزْعُم حُبَّه هذا لَعمري في القياس شنيع
لو كان حبُك صادقا لأطعته إن المحب لمن أحب مطيع
*- أما من عصى الله ورسوله واستجاب للشيطان والهوى أضله الله في الدنيا على علم وحال بينه وبين ما يشتهيه قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

وقال تعالى : { فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم } وقال : { وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون }
*- وفي الاخرة يَخذله الله تعالى ويتولى عنه ويولِّيَه لشيطانه الذي استجاب له وكما تدين تدان ، فكان هذا مصيره {وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }
وهذا مصيره { وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا }
*- وأخيرا واجبُنا أيضاً نحو نبيِّنا أن نحافظ على الأمانة التي تركها لنا ولا نخونُها قال تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } الأنفال
ما هي الأمانةُ التي تركها لنا النبي صلى الله عليه وسلم وكيف سنحافظ عليه ؟
هذا ما سنعرفه في لقائنا القادمِ مع حضراتكم بمشيئة المولى سبحانه تعالى
في مجموعة هذه المحاضرات والتي هي بعنوان البدعُ وأثرُها السيء على الأمة
اسأل الله سبحانه أن يحفظنا في الدنيا على محبته وطاعته وفي الآخرة على منابر من نور في جنات النعيم
كتبه أبو محمود رزوق
:2:

ابو عبد الرحمن
04-09-2011, 11:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على هذا النقل
وأسأل الله العلي العظيم أن يحفظ الشيخ ويزيده علما ونفع به

almojahed
04-10-2011, 12:32 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آمين و بارك الله في مرورك المبارك يا ابو عبد الرحمن

ابو احمد قنديل
04-10-2011, 06:26 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك اله فيك وفي شيخنا رزوق رزقه الله الذرية الصالحة

أبوالنور
04-10-2011, 08:23 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
http://pic.ksb7.com/images/p01pi7ln4qjjyqbr3g62.gif

almojahed
04-12-2011, 11:31 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
و فيك بارك الله أخي ابو النور و مشكور على المرور

ابونواف
09-24-2011, 04:08 PM
جزاك الله خير اخي في الله

جندالاسلام
01-07-2012, 09:22 AM
http://www.marafi-alebda.com/up1//uploads/images/marafi-alebda.com9a09ec4e49.jpg (http://www.marafi-alebda.com/up1//uploads/images/marafi-alebda.com9a09ec4e49.jpg)

ام هُمام
01-07-2012, 04:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على خير المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه اجمعين
جزاكم ربي خير جزاء وبارك فيكم وفي عمركم وفي عملكم وفي صحتكم ورزقكم الاخلاص
رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين
لا تنسونا من صالح دعائكم