المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تدبر هذه الآية جيدا...


خديجة
01-29-2012, 03:48 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


" إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ "

دخل علينا يوم محاضرة النحو أستاذ دكتور مادة النحو والصرف ،

وسألنا هذه الأسئلة ، وطلب الإجابة عليها،

فقلت فى نفسى لن أحرم إخوتى من مساعدتى فى الإجابة عليها ،

علما بأننى حصلت على الإجابة من الدكتور ،

لكنى لم أجب حتى نتشارك جميعا فى البحث والمعرفة،

والأهم من كل هذا هو التدبر.



وإليكم الأسئلة:



1- لماذا قال تعالى ( إِنَّا) ولم يقل ( أنا) ؟؟؟

(ملحوظة: لا تقل للتعظيم ، لأنه تعالى سواء قال إِنَّا أو أنا فهى للتعظيم ، فالتعظيم لله فى كل الحالات )


2- لماذا قال تعالى ( أَنزَلْنَاهُ) ولم يقل ( نزّلناه) ؟؟؟


3- لماذا أسند تعالى هاء الضمير للفعل ( أَنزَلْنَاهُ) ولم يصرح به ؟؟؟


4- لماذا أتى تعالى بحرف الجر ( فى) ،فى حين أنه كانت تصلح الجملة بقول( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ)؟؟؟


5- لماذا قال تعالى (ليلة) ولم يقل ( يوم) ؟؟؟



أنتظر منكم الإجابة إخوتى ، بارك الله فيكم جميعا



:2:



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين





1 - لماذا قال تعالى ( إِنَّا) ولم يقل ( أنا) ؟؟؟


تشريفا للملائكة ،فالله تعالى شاكر الملائكة المنفذين لأوامره ،

فلن يتكلم عن نفسه فقط ، بل شرفهم بالذكر

( ملحوظة: فى القرآن كله لن يفرد نفسه تعالى فقط غير فى قضية التوحيد،

فعندما يتحدث تعالى عن التوحيد لا يأتى بلفظ الجمع،

لكن يأتى بلفظ الإفراد ،فيقول أنا - إننى -....)



2 - لماذا قال تعالى ( أَنزَلْنَاهُ) ولم يقل ( نزّلناه) ؟؟؟

أَنزَلْنَا : أتت لتتحدث عن نزول القرآن إجمالا ( أى جملة واحدة) ،

فكلمة ( نزّل) تدل على نزول القرآن منجما (أى على فترات) ،

وهنا الدلالة على أن نزول القرآن جملة واحدة الى السماء الدنيا كان فى ليلة القدر.



3 - لماذا أسند تعالى هاء الضمير للفعل ( أَنزَلْنَاهُ) ولم يصرح به ؟؟؟

ضمير الإشارة جاء للدلالة على أمرين :


أ- لتدويل قضية الوحى :

أى لتصبح قضية عالمية وذلك بعدم التقيد بذكر كتاب معين،

بمعنى أن الضمير هنا ممكن يعنى الوحى ، فإذا كذب أهل الكتاب الوحى ،

فإنهم بذلك يكذبوا أيضا رسلهم ، لأن الوحى ذكر فى كتبهم.

ب- إخفاء ذكر القرآن هنا للتعظيم،

فهذا تعظيم للشىء المخفى ، وهذا يسميه العرب ضمير الكناية ،

فكان العرب من يحترموه ويجلوه يكنوه (أى يخفوا اسمه تقديرا لمنزلته)




4- لماذا أتى تعالى بحرف الجر ( فى) ،فى حين أنه كانت تصلح الجملة بقول( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ)؟؟؟



جاء حرف الجر هنا والذى يدل على الظرفية وذلك لدفع التوهم :

فإذا لم تأتى "فى" فى الجملة وأصبحت "إنا أنزلناه ليلة القدر" ،

فكلمة ليلة هنا تصبح لها إحتمالان :


أ- الإحتمال الأول : أنها تكون ظرف (منصوبة) ،

وهذا يدل على أنه هنا بيكمل كلام عن ليلة القدر ،

وأن القرآن فعلا نزل جملة واحدة فى ليلة القدر

ب- الإحتمال الثانى : أنها تكون مبتدأ (مرفوع ) ،

وهذا يدل على أنها بداية كلام جديد،

وكأنه يقول (إنا أنزلناه) هذه جملة وحدها منفصلة عن (ليلة القدر)،

وكأن ليلة القدر ليس لها علافة بنزول القرآن.

فجاء تعالى باللفظ الذى يشرف الليلة بنزول القرآن، والذى يحسم الجدل ،

فوضع حرف الجر ليحيط بالمظروف.



5- لماذا قال تعالى (ليلة) ولم يقل ( يوم) ؟؟؟

جاء تعالى بكلمة (ليلة) وهذا للدلالة على رحمة الله تعالى لعبده فى أول التنزيل،

فكلمة (يوم ) تقتضى الليل والنهار، أما كلمة (ليلة ) تقتضى الليل فقط،


ولأن الليل ألطف جوا من النهار فى مكة ،

والوحى الذى ينزل على نبينا صلى الله عليه وسلم ملك نورانى،

والتقاء الوحى النورانى بالمخلوق الطينى يتولد عنه مشقة وحرارة،

فأراد الله الرحمة لعبده تخفيفا للمشقة عليه، فأتى الملك له بالليل.



منقول من محاضرة لأستاذ دكتور / خالد فهمى، أستاذ مادة النحو والصرف




:2:

ساردية
01-30-2012, 01:14 AM
:1:


http://www.lamst-a.net/upfiles/QQZ14151.gif

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.



وبعدُ:

وربك يخلق ما يشاء ويختار:

خلق الله السماوات سبعًا، واختار السماء السابعة منها فكرَّمها وشرفها على سائر السماوات، واختصها بالقرب منه سبحانه.



وربك يخلق ما يشاء ويختار، وخلق الله الجنان - اللهم اجعلنا من أهل الجنان؛ لأنها ليست جنة بل جنان - واختار جنة الفردوس من بين هذه الجنان، فكرمها وشرفها وفضلها على سائر الجنان، فجعل عرشه فوقها.



وربك يخلق ما يشاء ويختار، وخلق الله الخلق واصطفى من الخلق الأنبياء، واصطفى من الأنبياء الرسل، واصطفى من الرسل أولي العزم الخمسة: نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدًا، واصطفى من أولي العزم الخليلين الحبيبين إبراهيم ومحمدًا، ثم اصطفى محمدًا ففضله على سائر الخلق.



وربك يخلق ما يشاء ويختار، وخلق الله الشهور واصطفى شهر رمضان فكرمه على سائر الشهور، وخلق الله الأيام واصطفى يوم عرفة ففضله على سائر أيام العام، واصطفى يوم الجمعة ففضله على سائر أيام الأسبوع، وخلق الله الليالي واختار ليلة القدر فشرفها وكرمها وفضلها على سائر الليالي، اسمع إلى مولانا - تبارك وتعالى - يقول:




بسم الله الرحمن الرحيم

{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر ِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 1-5].


وَللهِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ لَيْلَةٌ لَقَدْ عَظُمَتْ قَدْرًا كَمَا مُلِئَتْ خَيْرًا
فَطُوبَى لِقَوْمٍ أَدْرَكُوهَا وَشَاهَدُوا تَنَزُّلَ أَمْلاَكِ السَّمَا آيَةً كُبْرَى فهي ليلة عظيمة القدر عند الله، وإنها لخسارة كبرى أن ينقضي شهر رمضان فلا يُدخلنا الفردوس الأعلى، وإنه لخسارة فادحة علينا أن ينقضي شهر الصيام ولا نُنقَّى من ذنوبنا كما ينقَّى الثوب من الدنس، وإنها لمصيبة عظيمة أن يخرج شهر الصيام من بيننا ويرحل ولا تكون نفوسنا أنقى من ثلج الصباح.




بسم الله الرحمن الرحيم

{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر ِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 1-5].



تناسب السورة مع ما قبلها وما بعدها:
أهل العلم عمومًا، وأهل التفسير على وجه أخص، قد اعتنوا بعلم المناسبات القرآنية، سواء في ذلك التناسب بين السور بعضها مع بعض، أم التناسب بين الآيات، وبنَوا على هذا قاعدة مفادها: أن الأصل في آيات القرآن الكريم أن يكون بينها تناسب وترابط، يظهر في أغلب الأحيان، ويخفى في أحيان أخرى، لكن يمكن كشفُه بمزيد تأمُّل وتفكر.



والإمام السيوطي يقرر قاعدة مفادها: أن كل سورة من سور القرآن تفصيل لإجمال السورة التي قبلها، وشرح لها، وهذا في غالب سور القرآن، كما دلَّ على ذلك الاستقراء.



وهنا في (سورة القدر) فقد سُبقت بـ (سورة العلق) وبعدها بـ (سورة البينة).



في آخر (سورة العلق) يقول الله - تعالى -: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19]،وتأتي بعدها {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}، وهذه الليلة هي ليلة السجود والاقتراب، فالمناسبة واضحة ظاهرة مع آخر آية من السورة التي قبلها، كما أن (سورة العلق) تبدأ بقوله - تعالى -: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1]، وهو يقرأ ما أُنزل في ليلة القدر، فكأن السورة تقول اقرأ ما أنزلناه في ليلة القدر، فهي مناسبة ظاهرة مع ما قبلها في بدايتها وفي نهايتها.



أما مناسبة السورة مع السورة التي بعدها وهي (سورة البينة)، نلاحظ في هذه السورة في قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} ذكر ضمير المنزِل {إِنَّا}، وضمير المنزَل الهاء في {أَنْزَلْنَاهُ} الذي هو القرآن، لكن لم يصرح لا بالمنزِل ولا بالمنزَل {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}، وفي آيات (سورة البينة) بيَّن هذا الضمير ضمير المنزِل ووضح المنزَل عليه، فقال: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [البينة: 2، 3] {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ} هو المنزَل عليه، و{اللَّهِ} المنزِل، إذن بيَّن ضمير المنزِل بـ {اللَّهِ}، والهاء في {أَنْزَلْنَاهُ} في {يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}، الصحف المطهرة هي القرآن، رسول يتلو الصحف المطهرة التي هي القرآن الكريم الذي أنزلناه، وضَّح المنزَل عليه {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ}، وذكر المنزِل وبيّنه بعد أن كان ضميرًا {مِنَ اللَّهِ}، والصحف المطهرة - أي القرآن -الهاء في {أَنْزَلْنَاهُ}، فإذن (سورة البينة) بيَّنت الضمائر التي في (سورة القدر)، وهو تناسبٌ جميل حتى في الاسم (البينة)؛ فهي بيَّنت هذه الضمائر، فإذن مناسبتها لما بعدها وما قبلها ظاهرة.



التفسير:

{إِنَّا}: بمعنى نحن، وهي ليست للكثرة بل للعظمة، فلم يقل: أنا أنزلته، إنما قال: إنَّا، فالمولى يتكلم بأسلوب العظمة، ولا أعظم من الله، فله العظمة كلها، وحتى لا يُفتح باب للشرك، فيتوهم البعض في {إِنَّا} أكثر من واحد، جاء بعدها بصيغة الإفراد في قوله {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ}.



{أَنْزَلْنَاهُ}؛ أي: القرآن العظيم، ولم يقل الله - تبارك وتعالى -: إنَّا أنزلنا القرآن في ليلة القدر، إنما قال: {أَنْزَلْنَاهُ}؛ لأن القرآن ليس في حاجة إلى بيان؛ لأنه أبين من البيان، وأوضح من الشمس في رابعة النهار، هو البحر في عطائه، وهو النهر في صفائه، وهو القمر في بهائه، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.



هو القرآن العظيم، كرمه الله وشرفه، فأنزله في ليلة ذات قدر؛ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}، وكرَّم البلد الذي نزل فيه؛ فقال سبحانه: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: 3]، وأكرم الملك الذي نزل به، فقال سبحانه: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [التكوير: 19-21]، وأكرم النبي الذي نزل عليه، فقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، إذًا فأنزلناه يعني القرآن الكريم.



هل نزل القرآن في ليلة أم في 23 سنة؟:
هنا نطرح سؤالاً واستفسارًا: كم كان عمر النبي عندما نزل عليه القرآن؟ كان عمره 40 سنة، وكم كان عمر النبي عندما مات؟ 63 سنة؛ أي إن فترة الرسالة المحمدية كانت 23 سنة؛ أي: إن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان نبيًّا لمدة 23 سنة؛ أي إن فترة استمرار نزول القرآن الكريم كانت 23 سنة، بدأت بقوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1]، وانتهت بقوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 3]، أو قوله: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281]، إذًا القرآن نزل في 23 سنة، فكيف يقول لنا القرآن: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} في ليلة واحدة؟ كيف نزل في ليلة واحدة، وهو فعليًّا نزل في 23 سنة؟



الإجابة: للقرآن الكريم ثلاثة وجودات ونزولان:
1- الوجود الأول: كان القرآن موجودًا في بادئ الأمر في اللوح المحفوظ، يدل على ذلك قوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 21، 22]، واللوح المحفوظ هو أيضًا الكتاب المكنون في قوله - تعالى -: {إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: 77، 78].



وهنا ينبغي علينا أن نعرف ما هو اللوح المحفوظ؟
اللوح المحفوظ هو السجل العام الذي كتب الله - عز وجل - فيه في الأزل ما كان وما هو كائن وما سيكون، والواجب علينا أن نؤمن بوجود اللوح المحفوظ لوروده في القرآن الكريم، أما شكل وهيئة ومادة هذا اللوح المحفوظ، وعلى أي حال هو؟ وكيف دوِّنت فيه الكائنات؟ وبأي قلم تمَّ التدوين؟ فلم يرد في القرآن والسنة الصحيحة شيء في هذا، فكل هذا من الأمور الغيبية التي لا يعلمها البشر ولا ينبغي البحث فيها، لعدم ضرورتها في أمر من أمور العقيدة، فلو كان الله - عزَّ وجلَّ - يريد أن يعلمنا إياها لأخبرنا بها.

ومعنى اللوح المحفوظ؛ أي: المحفوظ عن استراق الشياطين، محفوظ عن التغيير والتبديل، وهو كتاب مكنون؛ أي: مصون محفوظ عن الباطل.



2- النزول الأول: فبعد أن كان في اللوح المحفوظ نزل القرآن إلى السماء الدنيا جملةً واحدةً في ليلة واحدة، والدليل على ذلك قوله - تعالى -: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: 3]، وتسمى هذه الليلة المباركة بليلة القدر؛ كما في آية (سورة القدر) {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}، وهي من ليالي شهر رمضان، كما في آية (سورة البقرة): {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185].

3- الوجود الثاني: الوجود الثاني للقرآن هو استقراره في بيت العزة في السماء الدنيا، وهو مكان في السماء الدنيا نزل فيه القرآن النزول الأول من اللوح المحفوظ كاملاً، وحفظ فيه حتى ميعاد النزول الثاني، وقد يكون سبب تسميته ببيت العزة أنه يعز ويصعب على من يحاول اختراقه والعبث بمحتواه، والله أعلم.

4- النزول الثاني: بقي القرآن محفوظًا في الصحف المرفوعة المطهرة، حتى شاء الله لقرآنه أن ينزل، فيملأ أرجاء الأرض حكمة ونورًا، يبدد الظلمات على يد سيدنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - الصادق الأمين، ليكون معجزته الكبرى الباقية إلى آخر الزمان، فأنزل الله - تعالى - القرآن مفرقًا حسب الوقائع والأحداث وحاجات الناس.

بذلك تمَّ تفضيل القرآن على غيره من الكتب السماوية السابقة، بأن جمع الله له النزولين: النزول جملة واحدة كسائر الكتب المنزلة قبله، والنزول مفرقًا تشريفًا للمنزل عليه.
5- الوجود الثالث: وهو وجود القرآن على الأرض محفوظًا بعناية الله، إلى أن يرث الأرض ومن عليها؛ كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].



الخلاصة:
إذًا؛ لمّا يقول: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ} يقصد في حالته الأولى، والذي هو من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة، قبل أن ينزل على قلب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – متفرقًا؛ {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء: 106] على ترتيل هادئ بطيء متتابع، ولذلك ربنا يقول للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: لا تخف؛ {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16]، لماذا؟ قال: لأنني أعدك بثلاثة أمور؛ الأول: أن أجمع هذا القرآن في صدرك فلا تنساه؛ {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ} [القيامة: 17] والثاني: أن أعلمك كيف تقرأه للناس؛ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ} [القيامة: 18]، والثالث: أن أعلمك كيف تفهِّمه وتبيِّنه للناس؛ {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 19].



والوجه الثاني: أن القرآن ابتدئ نزوله في ليلة القدر، فقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}؛ أي: إنَّا أنزلنا أوله في ليلة القدر، كما تقول: وصل الحجيج، مع أن هناك حجيجًا وصلوا الآن وحجيجًا سيصلون بعد شهرين، فقوله: وصل الحجيج في يوم كذا وكذا؛ أي: بدأ وصولهم يوم كذا وكذا.



{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}:
{لَيْلَةِ}: لماذا الليل بالضبط؟ لِمَ لَم يقل: نهار القدر أو يوم القدر؟ إنما قال: {لَيْلَةِ الْقَدْرِ}؛ لأن الليل هو زمن الصالحين القائمين الراكعين الساجدين، لأن الليل زمن السكينة والهدوء والصفاء والنقاء.



كان لأحد الصالحين أمة صالحة، كلَّما استيقظ من الليل وجدها تصلِّي، فقال لها: يا أمة الله، ألا تنامين؟ قالت: يا سيدي، كيف ينام من عرف أن حبيبه لا ينام؟!

فَإِذَا مَا اللَّيْلُ أَسْدَلَ سِتْرًا فَإِلَى رَبِّهَا تَحِنُّ الْقُلُوبُ
ولذلك قال المولى - جلَّ في علاه -: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6]، وقال: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، وقال: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا} [الإنسان: 26]، وقال - عزَّ وجلَّ - في صفة الصالحين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17].



فالليل هو أنسب زمن للتجليات والنفحات والفيوضات الربانية، وهو صنو الصفاء والنقاء والهدوء.



{الْقَدْرِ}: كلمة القدر لها ثلاثة معان:
1- بمعنى الشرف والمكانة، ليلة القدر؛ أي: ليلة التشريف والمكانة العالية.
2- القدر؛ أي: التضييق، {لَيْلَةِ الْقَدْرِ}؛ أي: ليلة التضييق، قدَّر الشيء؛ أي: ضيقه، ومنه قوله تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ} [الفجر: 15، 16]؛ أي: فضيَّق، ونحو قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الإسراء: 30]؛ أي: يضيِّق.



لماذا سميت ليلة القدر ليلة التضييق؟ قالوا: سميت بذلك؛ لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرة نزولهم في هذه الليلة؛ لأن الله ينادي على الملائكة، فيقول لهم: هل تذكرون عندما أردت أن أخلق خليفة في الأرض، قلتم: أتخلق فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟ انظروا إليهم هذه الليلة ما بين ساجد وراكع، فينزل الملائكة إلى الأرض، فلا يبقى موضع قدم إلا وفيه ملك يسبح الله ويستغفر للمؤمنين.



3- القدر التقدير، {لَيْلَةِ الْقَدْرِ}؛ أي: ليلة التقدير والحكم، الليلة التي تحدَّد فيها المقادير ومصائر الناس، ألم يقل الله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]، وتقول: قدَّر الله وما شاء فعل، والدليل على ما قلناه: ما نقله الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" عن عبدالله بن عباس قال: يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر حتى الحج، يقال: يحج فلان ويحج فلان، انتهى، ثم يسلم ذلك إلى مدبرات الأمور وهم أربعة من الملائكة، جبريل وإسرافيل وميكائيل وملك الموت؛ قال تعالى: {فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا * فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} [النازعات: 4، 5]، المدبرات: مدبرات الأمور الأربعة: جبريل وإسرافيل وميكائيل وملك الموت، وروي عن ابن عباس: أن الله يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان، ثم يسلِّمها إلى أربابها في ليلة القدر؛ قال الله تعالى: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} [الدخان: 1-5].



إذًا؛ ليلة القدر هي ليلة يقدِّر الله - جلَّ وعلا - فيها مقادير الخلائق مما يكون في العام؛ لأن التقادير أنواع:
أ‌- التقدير الأزلي: فمنها تقدير قدَّرَه الله - جلَّ وعلا - قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة؛ كما ثبت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.
ب‌- التقدير العمري: ثم قدَّر الله - جلَّ وعلا - على العبد التقدير العمري، وذلك أنه إذا كان في بطن أمه، وتمَّ له مائة وعشرون يومًا، بعث الله - جلَّ وعلا - الملك، فنفخ فيه الروح، ثم كتب رزقه وعمله وأجله، وشقيًّا أو سعيدًا، وهذا التقدير العمري لكل إنسان.
ج‌- التقدير الحولي: ثم بعد ذلك يأتي التقدير الحولي، وهو الذي ينزله الله - جلَّ وعلا - في ليلة القدر؛ قال الله - تعالى -: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} [الدخان: 1-5].
د- التقدير اليومي: ثم بعد ذلك يأتي التقدير اليومي، وهو ما يحدثه الله - جلَّ وعلا - في اليوم؛ كما قال - جلَّ وعلا -: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29].



{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}:

{وَمَا أَدْرَاكَ}: أسلوب استفهام يدل على التفخيم والتعظيم، ما أدراك؟ هذا سؤال الغرض منه التشويق ولفت الانتباه، وفيه تعظيم وتفخيم لشأن ليلة القدر، إنك إذا ما سمعت القرآن يقول: وما أدراك؟ فاعلم أن القضية عظيمة والخطب جلل والهول مروع؛ ولذلك يستعمل في الآخرة كثيرًا: {الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1-3]، {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ} [المدثر: 26، 27]، {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} [البلد: 11، 12].



إن لفظ: (ما أدراك) إذا ما سمعته من كتاب الله، فاعلم أن الأمر عظيم وهائل جدًّا، ولذلك قال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} ما شأنها؟ ما سرُّها؟ ثم يجيب المولى عن سؤاله، فيقول: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}.



{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}:
وما أدراك ما ألف شهر؟! إنه بالسنين ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر، ولكن هذا العدد ليس مقصودًا، لما يقول: ألف، لا يعني ألفًا محصورة، وإنما للمبالغة؛ {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]، إن (السبعين) إنما ذكرت حسمًا لمادة الاستغفار لهم؛ لأن العرب تذكر السبعين في أساليب كلامها للمبالغة، ولا تريد التحديد بها، ولا أن يكون ما زاد عليها بخلافها، وذكر ابن كثير: وقيل: بل لها مفهوم، كما روى العوفي عن ابن عباس: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال لما نزلت هذه الآية: أسمع ربي قد رخص لي فيهم، فوالله لأستغفرن أكثر من سبعين مرة، لعل الله أن يغفر لهم، فقال الله من شدة غضبه عليهم: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [المنافقون: 6].



فليلة القدر خير من العمر كلِّه، روى الإمام مالك: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أُري أعمار الأمم قبله، فكأنه تقاصر أعمار أمته ألاَّ يبلغوا من العمر مثل ما بلغ مَن قبلهم من العمل لطول أعمارهم، فأنزل الله عليه ليلة القدر لتكون بدلاً عن ألف شهر، تقاصر النبي أعمار أمته؛ لأن غالب أعمار أمته ما بين الستين والسبعين، أما الأمم قبله فكانوا يعمرون مئات من السنين؛ كما في الحديث الذي أخرجه الترمذي وصححه الألباني من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين، وأقلُّهم من يتجاوز ذلك))، فعوض الله ما نقص من أعمارهم عليهم بليلة القدر.



تحديد الليالي التي فيها ليلة القدر:
هي في العشر الأواخر من رمضان، فالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان رحيمًا بأمته، فقال - كما في الحديث الذي رواه البخاري من حديث عائشة، رضي الله عنها - : ((تحرَّوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان))؛ أي: ليلة 21، 23، 25، 27، 29.



والنبي خرج ذاتَ يوم ليخبر الصحابة بليلة القدر على وجه التحديد؛ كما في "صحيح البخاري" من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: خرج علينا رسول الله ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين فرفعت، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرًا لكم، فالتمسوها في التاسعة أو السابعة أو الخامسة)).



والإمام القرطبي - رحمه الله - يقول: أكثر أهل العلم على أنها ليلة سبع وعشرين؛ لما رواه مسلم في "صحيحه" من حديث زرِّ بن حبيش - رحمه الله - قال: قلت لأُبي بن كعب: إن أخاك عبدالله بن مسعود يقول: من يَقُم الحول يصب ليلة القدر - أي: من يقوم الليل خلال السنة كلها يصيب ليلة القدر - فقال أُبي بن كعب: يرحم الله أبا عبدالرحمن، والله إنه ليعلم أي ليلة هي، ولكن أراد ألا تتكلوا - يعني: ابن مسعود يعرف أنها ليلة سبع وعشرين، لكن أراد من الناس أن يقوموا السنة كلها لا ليلة سبع وعشرين فقط - والله الذي لا إله غيره إنها ليلة سبع وعشرين، قلت له: بأي شيء تقوله؟ فقال: بالعلامة التي قالها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إن الشمس تخرج في صبيحتها ولا شعاع لها))؛ يعني: تخرج باهتة.



وقالوا في القديم: (ليلة القدر) تسعة أحرف تكررت ثلاث مرات في هذه السورة، وإذا ضرب العدد (9) - وهو مجموع أحرف كلمتي (ليلة القدر) – في العدد (3) - وهو مجموع المرَّات التي تكررت فيها الكلمتان في السورة - فيكون المجموع (27) حرفًا، 9 × 3 = 27، قالوا: لعل أرجى ليلة هي ليلة السابع والعشرين، هكذا ذكروا في القديم.



وقالوا: لو أننا استعرضنا عدد مقاطع وكلمات (سورة القدر)، لرأيناها ثلاثين كلمة، وكلمة {هِيَ} في قوله: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، قالوا كلمة {هِيَ} تقع في المرتبة السابعة والعشرين، عدّ معي أخي المسلم: {إنا}1، {أنزلناه}2 ، {في}3، {ليلة}4، {القدر}5، {وما}6، {أدراك}7، {ما}8، {ليلة}9، {القدر}10، {ليلة}11، {القدر}12، {خير}13، {من}14، {ألف}15، {شهر}16، {تنزل}17، {الملائكة}18، {والروح}19، {فيها}20، {بإذن}21، {ربهم}22، {من}23، {كل}24، {أمر}25، {سلام}26، نقف هنا فنرى العدد قد بلغ ستة وعشرين كلمة، ثم تأتي كلمة {هي} العائدة إلى ليلة القدر لتحتل المرتبة السابعة والعشرين، وقالوا أيضًا: لعلها إشارة إلى أنها تُرجى في هذه الليلة؛ الليلة السابعة والعشرين، ولكن لا يثبت بهذا حكم، وإنما هي من باب إيجاد مناسبات، وهي كما قال ابن عطية: من ملح التفسير، وليس من متين العلم.



ومع هذا أخفيت عنَّا حتى نتعرَّض لنفحات الله - تعالى - في كل ليلة من ليالي العشر، وقد كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا دخل العشر الأواخر من رمضان شدَّ المئزر، واعتكف الليالي، ولم ينم حتى مطلع الشمس؛ كما ثبت في "الصحيحين" عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدَّ وشدَّ المئزر.



{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}:
ما هي الروح؟ للعلماء فيها سبعة أقوال؛ قيل: إنها أرواح بني آدم، وقيل: إن الروح خلق لا يعلمه إلا الله، والذي عليه الأكثرون: أن الروح هو جبريل - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد أطلق عليه روحًا في قوله - تعالى -: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: 193]، وقوله: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 102]، فإن قيل: إن جبريل داخل في الملائكة في قوله: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ}، فلماذا نصَّ على الروح - على تفسير الروح بجبريل - مرة ثانية؟ فالجواب: أن هذا من باب عطف الخاص على العام؛ لبيان أهمية ذلك الخاص، وفضل ذلك الخاص، فعطف الخاص - وهو الروح الذي هو جبريل- على العام وهم الملائكة؛ وهذا لبيان شرف جبريل - صلَّى الله عليه وسلَّم - كما بيَّن شرف أولي العزم من الرسل في قوله - تعالى -: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [الأحزاب: 7]، فمحمد رسول الله، ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم من النبيين، ولكن نصَّ عليهم بالذكر لبيان شرفهم؛ وكما قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ} [النساء: 163]، فكل هؤلاء من الأنبياء، وذكروا مرة ثانية لبيان شرفهم، وهنا ذكر الروح - مع أن الروح من الملائكة- لبيان شرف جبريل، فجبريل ذو شرف وذو فضل كبير، وقد ذكر شرفه وذكرت فضائله في عدة آيات من كتاب الله؛ قال الله - سبحانه وتعالى -: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 97، 98]، وقال تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]، وقال تعالى: {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير: 20]، وهو جبريل - عليه الصلاة والسلام - فله قوة وله مكانة عند الله - سبحانه وتعالى - {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [التكوير: 21]؛ أي: مطاع هناك في الملأ الأعلى، يطيعه أهل السماء، {أَمِينٍ}؛ أي: أمين على الوحي، فكل هذه مناقب لجبريل - صلَّى الله عليه وسلَّم - فالملائكة تتنزل، وينزل مع الملائكة جبريل - صلَّى الله عليه وسلَّم - في هذه الليلة؛ {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا}، فهو منظرٌ مهيب، ومشهد عجيب، وأمر عظيم، ألا وهو نزول الملائكة إلى سماء الدنيا ومعهم جبريل سيدهم - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهو منظر مهيب، ومشهد عجيب، وإن كنَّا لا نراه؛ {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}؛ أي: إن نزول الملائكة لا يكون ارتجالاً منهم، فهم لا يتحركون إلاَّ إذا أذن الله لهم في ذلك، وقد قال الرسول لجبريل: ((ما يمنعك أن تأتينا أكثر مما تأتينا؟ فأنزل الله: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64]، فقوله: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ}، يفيد أن نزول الملائكة لا يكون باختيارهم، إنما هو بإذن ربهم.



{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}:
{مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}: ما المراد بها؟ {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}: من العلماء من فسَّرها على أساس ارتباطها بما قبلها، ومنهم من فسَّرها على أساس ارتباطها بما بعدها، فمن فسرها على أساس ارتباطها بما قبلها قرأ: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} ووقف، قال: {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}؛ أي: بكل أمر، وأحرف الجر تتناوب، فإن (الباء) قد تأتي بمعنى (مِن)، و(مِن) تأتي بمعنى (الباء)، فأحرف الجرِّ تأخذ معاني بعضها، فقالوا: المعنى: أن الملائكة تتنزل بكلِّ أمر؛ أي: بكلِّ أمر قضاهُ الله وأراده وحكم به؛ أي: إن الملائكة تنزل في هذه الليلة، وهي تحمل أمر الله - سبحانه - الذي أراده وقضاه، وتنزله إلى الدنيا في هذه الليلة: قضى ربُّك في هذا العام كذا وكذا، أثبت الله في هذا العام لفلان وفلان السعادة ولفلان وفلان الشقاوة، أثبت الله لفلان رزقًا وأجلاً، فتتنزل الملائكة في هذه الليلة بهذه الأقدار التي قدرها الله، والأحكام التي حكمها الله، والأوامر التي أمر بها الله، فقوله سبحانه: {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}؛ أي: بكل أمر قضاه الله وحكم به وأمر به، هذا على ربط الآية بما قبلها.



وبعض العلماء ربطها بما بعدها فقال: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ}، وانتهى الكلام، وبدأ كلامًا جديدًا: {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ}؛ أي: هي سالمة من كل أمور الشر، فليس في هذه الليلة إلا الخير؛ أي: إنها سالمة آمنة، فلا تتنزل مع الملائكة الشياطين، إنما ينزل - فقط - الملائكة، فتختفي الشياطين وتبتعد، ولا يأتي الباطل ولا الشيطان في هذا الوقت، بل هي سالمة آمنةٌ، فالملائكة إذا نزلوا فرَّت الشياطين، ومن ثمَّ جاء في الحديث المرسل: ((ما رئي الشيطان أصغر ولا أحقر في مثل يوم عرفة، إلاَّ ما كان منه يومَ بدر، قيل: وماذا رأى يوم بدر يا رسول الله؟ قال: رأى جبريل يَزَعُ الملائكة - أي: يصفُّ الملائكة - فهرب واندحر، فعندما تتنزل الملائكة تبتعد الشياطين وتهرب، فيحصل الأمن، ويندحر الباطل، فهذا على ربط الآية بما بعدها: {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ}؛ أي: هي سالمة من كلِّ الأمور، سالمة آمنة، لا يأتي فيها الباطل، ولا يتنزل فيها الشيطان.



قال الله تعالى: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}:
قوله: {سَلَامٌ هِيَ}؛ أي: لا يستطيع الشيطان أن يتصرف فيها بسوء، ولا أن يصيب أحدًا بأذى؛ لأنها ليلة سالمة من الآفات، وسالمة من البلايا والرزايا، قال بعض أهل التفسير: المراد تسليم الملائكة على المؤمنين؛ أي: إنهم ينزلون، فيسلمون على المؤمنين في مساجدهم واحدًا واحدًا.



{حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}؛ أي: هذه الليلة تنتهي بطلوع الفجر، وهل هذه الليلة فيها استتباع؟ أي: هل يتبعها اليوم الذي بعدها، أو اليوم الذي قبلها؟ لم يرد شيءٌ في ذلك عن رسول الله، والاستتباع كيوم عرفة، فإنه تتبعه الليلة التي بعده، فمثلاً: الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقف بعرفات إلى أن غربت الشمس، وبعد أن غربت الشمس بدأ في الإفاضة إلى مزدلفة، لكن هب أن شخصًا جاء ووصل إلى عرفات في منتصف الليلة التي انطلق فيها الرسول إلى مزدلفة، والرسول ذهب إلى مزدلفة بعد غروب الشمس، فلو جاء شخص بعد خروج الرسول بست ساعات أو بسبع ساعات ووقف بعرفات، فوقوفه بعرفات صحيح إذا أدرك مزدلفة قبل الفجر، فيوم عرفة تتبعه الليلة التي بعده؛ لأن عروة بن مضرس قال: يا رسول الله، أتعبت نفسي، وأكللت راحلتي، وما تركت جبلاً إلا وقفت عليه، فقال الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من شهد معنا صلاة الفجر بمزدلفة، وكان قبل ذلك وقف ساعة من ليل أو نهار بعرفات، فقد أتمَّ حجه، وقضى تفثه، وأتمَّ نسكه))، أو كما قال - عليه الصلاة والسلام - لكن ليلة القدر ليس فيها استتباع؛ لأن الآية قطعت ذلك بقوله - تعالى -: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، لكن هل اليوم الذي قبلها يدخل فيها؟ ليس في هذا خبرٌ عن النبي - عليه الصلاة والسلام.



وبعدُ:

أيها الإخوة الصائمون، هذا هو شهر رمضان يجمع خيامه، ويطوي أسفاره، ويحمل أمتعته ورحاله، ويلوح لنا بتحية الوداع، فهو سيرحل خلال ثلاثة أيام من ديارنا، فهل اتقيتم الله فيه وقمتم بحقوقه وحافظتم على آدابه؟ هل أحسنتم التعامل مع الله وخلق الله فيه؟ هل استنارت قلوبكم فيه بعد ظلمة العصيان؟ هل تهذَّبت بالصيام نفوسكم وقويت عزيمتكم؟ هل عرَفتم مقدار النعمة بفقدها، فشكرتم الله عند وجودها؟ انقضى شهر العبادة، فهل أحييته بالعبادة؟ انقضي شهر القرآن، فهل اشتغلت فيه بتلاوته؟ انقضى شهر صلة الأرحام، فهل وصلت فيه قريبًا أو جبرت بعيدًا؟ انقضى شهر البرِّ والإحسان، فهل أكرمت فيه يتيمًا أو أرملة أو سائلاً أو محرومًا؟ انقضى شهر العفو والصفح، فهل عفوت فيه عمَّن ظلمك، أو صفحت عمَّن أساء إليك؟ انقضى شهر التوبة، فهل صرت من التائبين المقبولين المتطهرين؟ هل تبت إلى الله من جميع ذنوبك؟ هل أنبت إليه؟ هل عزمت على دوام الطاعة بعد شهر رمضان كما كنت فيه؟ كيف يرجو الخير في هذا الشهر من أطلق لسانه بالكذب والغيبة والنميمة، ولم يستح من خالق الأرض والسماوات؟! كيف يحسب من المقبولين المرحومين، من إذا جنَّ عليه الليل اشتغل باللعب عن الطاعة واستماع القرآن، أو أمضاه في بيوت اللهو وأماكن الفسوق؟! كيف يرجو القبول من ساءت أخلاقه في الصيام، ولم يكن من المتواضعين في ليلة القدر، التي تتنـزل فيها الملائكة بالرحمة والمغفرة والقبول؟! ولكن لا لكلِّ الناس، فرحمة الله قريب من المحسنين دون غيرهم، والمغفرة لمن تحلَّى بصفات فعلية؛ {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82]، والقبول من شريحة خاصة فقط دون غيرهم، ألم تسمعوا قول الله - عزَّ وجلَّ - حين يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].



أيها الإخوة:

وطِّنوا أنفسكم وحاسبوها قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا سجَّلتم في صحائفكم قبل فوات الأوان، فمن أحسن فليتزوَّد من الإحسان وليسأل الله الثبات، فإنه لا يدري بماذا يختم له، وليكثر من قول: يا مقلب القلوب ثبِّت قلبي على دينك، ومن كان مسيئًا فليتب إلى الله، فالوقت بعدُ لم يفت، وليُتبع سيئاته حسنات في باقي شهر رمضان، وليكثر من قول: يا محول الأحوال حول حالي إلى أحسن، قالت السيدة عائشة - رضي الله عنها -: يا رسول الله، إذا وافقت ليلة القدر، فماذا أقول؟ قال: ((قولي: اللهم إنك عفوٌّ كريمٌ تحبُّ العفو فاعف عني))، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنَّا، اللهم أعتق رقابنا من النار بفضلك وكرمك يا عزيز.





منقول للفائدة

جندالاسلام
01-30-2012, 08:51 AM
بارك الله فيكم .... وننتظر المزيد

النورابى
01-30-2012, 10:25 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
موفقة بإذن الله
هو ما فيش خيارات؟ ما مشكلة

السؤال الثانى
لماذا قال تعالى ( أَنزَلْنَاهُ) ولم يقل ( نزّلناه) ؟؟؟

(الحل منقول)- قال ابن عباس (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=929&ftp=alam&id=1000017&spid=929) رضي الله عنهما: نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم بعد ذلك نزل به الملك منجماً على حسب الوقائع والأحداث، كما قال الله عز وجل: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الإسراء:106]، وقال عز وجل: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الفرقان:32].
أىأن انزل هنا دلت على نزول القران كاملاً ثم بعد ذلك تم إستخدام كلمة نزل التى تدل على نزوله دفعات حسب الوقائع والأحداث

السؤال الثالث:-
لماذا أسند تعالى هاء الضمير للفعل ( أَنزَلْنَاهُ) ولم يصرح به ؟؟؟

(الحل منقول)-قال العلامة الطاهر بن عاشور (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000203&spid=929) رحمه الله: وفي الإتيان بالضمير بدلاً من الاسم الظاهر إيماء إلى أنه مستقر في أذهان المسلمين؛ لشدة اشتغالهم به وشغفهم بقراءته. يعني لم يقل الله عز وجل: إنا أنزلنا القرآن في ليلة القدر، وإنما قال: (( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ )) اكتفى بذكر الضمير، فقوله: ((إنا أنزلناه)) هذه الجملة إشارة إلى أنه من الله سبحانه، أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم،

السؤال الرابع
لماذا أتى تعالى بحرف الجر ( فى) ،فى حين أنه كانت تصلح الجملة بقول( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ)؟؟؟

(الحل حصرى) :-- قوله عز وجل( فى ليلة) يدل على ان الإنزال كان فى جزء من هذه اليلة والضمير فى انزلناه يرجع إلى القران
اما (أنزلناه ليلة )فالضمير هنا قد يدل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكون المعنى : أنزلنا ليلة القدر على محمد صلى الله عيه وسلم

ملحوظة فى صياغ السؤال الرابع (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ)؟ :- هذه الجملة طبعاً ليست بآية . لكنى رأيت كسرة فى آخر كلمة ليلة . السؤال لماذا جعلتيها مجرورة وما موقعها من الإعراب ؟(هى منصوبة)

سأجتهد فى حل السؤال الخامس ما استطعت

ام هُمام
01-30-2012, 08:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم على هذا الطرح القيم والاضافات المفيدة والشرح الوافي

خديجة
02-01-2012, 04:29 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


أسفة جدا لتأخرى فقط انقطع النت عنى هذه الفترة.


بارك الله فى كل من شارك وعلق، ومر على موضوعى .



أحسنت أخى النورابى ، جملة (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ لَيْلَة الْقَدْرِ) ، ليلة هنا منصوبة ،

والخطأ منى ومن الشيطان ، أسأله تعالى أن يغفر لى.

أما الإجابة على الأسئلة ، فسوف أسردها الآن ان شاء الله.

ابونواف
02-01-2012, 04:36 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

جزاكي الله خير الجزاء

وبارك فيكي اختي الفاضاله

ولا تعقيب بعد اخوتي جزاكم الله خيرا

خديجة
02-01-2012, 04:49 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين





1 - لماذا قال تعالى ( إِنَّا) ولم يقل ( أنا) ؟؟؟


تشريفا للملائكة ،فالله تعالى شاكر الملائكة المنفذين لأوامره ،

فلن يتكلم عن نفسه فقط ، بل شرفهم بالذكر

( ملحوظة: فى القرآن كله لن يفرد نفسه تعالى فقط غير فى قضية التوحيد،

فعندما يتحدث تعالى عن التوحيد لا يأتى بلفظ الجمع،

لكن يأتى بلفظ الإفراد ،فيقول أنا - إننى -....)



2 - لماذا قال تعالى ( أَنزَلْنَاهُ) ولم يقل ( نزّلناه) ؟؟؟

أَنزَلْنَا : أتت لتتحدث عن نزول القرآن إجمالا ( أى جملة واحدة) ،

فكلمة ( نزّل) تدل على نزول القرآن منجما (أى على فترات) ،

وهنا الدلالة على أن نزول القرآن جملة واحدة الى السماء الدنيا كان فى ليلة القدر.



3 - لماذا أسند تعالى هاء الضمير للفعل ( أَنزَلْنَاهُ) ولم يصرح به ؟؟؟

ضمير الإشارة جاء للدلالة على أمرين :


أ- لتدويل قضية الوحى :

أى لتصبح قضية عالمية وذلك بعدم التقيد بذكر كتاب معين،

بمعنى أن الضمير هنا ممكن يعنى الوحى ، فإذا كذب أهل الكتاب الوحى ،

فإنهم بذلك يكذبوا أيضا رسلهم ، لأن الوحى ذكر فى كتبهم.

ب- إخفاء ذكر القرآن هنا للتعظيم،

فهذا تعظيم للشىء المخفى ، وهذا يسميه العرب ضمير الكناية ،

فكان العرب من يحترموه ويجلوه يكنوه (أى يخفوا اسمه تقديرا لمنزلته)




4- لماذا أتى تعالى بحرف الجر ( فى) ،فى حين أنه كانت تصلح الجملة بقول( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ)؟؟؟



جاء حرف الجر هنا والذى يدل على الظرفية وذلك لدفع التوهم :

فإذا لم تأتى "فى" فى الجملة وأصبحت "إنا أنزلناه ليلة القدر" ،

فكلمة ليلة هنا تصبح لها إحتمالان :


أ- الإحتمال الأول : أنها تكون ظرف (منصوبة) ،

وهذا يدل على أنه هنا بيكمل كلام عن ليلة القدر ،

وأن القرآن فعلا نزل جملة واحدة فى ليلة القدر

ب- الإحتمال الثانى : أنها تكون مبتدأ (مرفوع ) ،

وهذا يدل على أنها بداية كلام جديد،

وكأنه يقول (إنا أنزلناه) هذه جملة وحدها منفصلة عن (ليلة القدر)،

وكأن ليلة القدر ليس لها علافة بنزول القرآن.

فجاء تعالى باللفظ الذى يشرف الليلة بنزول القرآن، والذى يحسم الجدل ،

فوضع حرف الجر ليحيط بالمظروف.



5- لماذا قال تعالى (ليلة) ولم يقل ( يوم) ؟؟؟

جاء تعالى بكلمة (ليلة) وهذا للدلالة على رحمة الله تعالى لعبده فى أول التنزيل،

فكلمة (يوم ) تقتضى الليل والنهار، أما كلمة (ليلة ) تقتضى الليل فقط،


ولأن الليل ألطف جوا من النهار فى مكة ،

والوحى الذى ينزل على نبينا صلى الله عليه وسلم ملك نورانى،

والتقاء الوحى النورانى بالمخلوق الطينى يتولد عنه مشقة وحرارة،

فأراد الله الرحمة لعبده تخفيفا للمشقة عليه، فأتى الملك له بالليل.



منقول من محاضرة لأستاذ دكتور / خالد فهمى، أستاذ مادة النحو والصرف




:2:

بليغ عمرو
05-10-2012, 09:03 PM
جزاكم الله خيرا

المؤمنة بالله
09-06-2012, 05:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سوره عظيمه ... سبحان الله بارك الله بك
اللهم ارزقنا القران والتدبر بمعانيه اللهم امين
http://www.lamst-a.net/upfiles/QQZ14151.gif