المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دروس في الهجرة النبوية


آمال
11-23-2012, 09:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
لقد بعث الله نبينا محمداً http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif بدعوة تملأ القلوب نوراً، وتشرف بها العقول رشداً؛ فسابق إلى قبولها رجال عقلاء، ونساء فاضلات، وصبيان لا زالوا على فطرة الله. وبقيت تلك الدعوة على شيء من الخفاء، وكفار قريش لا يلقون لها بالاً؛ فلما صدع بها رسول الله http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif أغاظ المشركين، وحفزهم على مناوأة الدعوة والصد عن سبيلها؛ فوجدوا في أيديهم وسيلة هي أن يفتنوا المؤمنين، ويسومونهم سوء العذاب، حتى يعودوا إلى ظلمات الشرك، وحتى يرهبوا غيرهم ممن تحدثهم نفوسهم بالدخول في دين القيّمة.
أما المسلمون فمنهم من كانت له قوة من نحو عشيرة، أو حلفاء يكفون عنه كل يد تمتد إليه بأذى، ومنهم المستضعفون، وهؤلاء هم الذين وصلت إليهم أيدي المشركين، وبلغوا في تعذيبهم كل مبلغ.
ولما رأى الرسول http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif ما يقاسيه أصحابه من البلاء، وليس في استطاعته حينئذ حمايتهم، أذن لهم في الهجرة إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، ثم لحق بهم في المدينة.
والناظر في الهجرة النبوية يلحظ فيها حكماً باهرة، ويستفيد دروساً عظيمة، ويستخلص فوائد جمة يفيد منها الأفراد، وتفيد منها الأمة بعامة. فمن ذلك على سبيل الإجمال ما يلي:

1 - ضرورة الجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله:

ويتجلى ذلك من خلال استبقاء النبي http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif لعلي وأبي بكر معه؛ حيث لم يهاجرا إلى المدينة مع المسلمين، فعليّ http://www.kalemat.org/gfx/article_ratheya.gif بات في فراش النبي http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif وأبو بكر http://www.kalemat.org/gfx/article_ratheya.gif صحبه في الرحلة.
ويتجلى كذلك في استعانته بعبدالله بن أريقط الليثي وكان خبيراً ماهراً بالطريق.
ويتجلى كذلك في كتم أسرار مسيره إلا من لهم صلة ماسّة، ومع ذلك فلم يتوسع في إطلاعهم إلا بقدر العمل المنوط بهم، ومع أخذه بتلك الأسباب وغيرها لم يكن ملتفتاً إليها بل كان قلبه مطوياً على التوكل على الله عز وجل.


2 - ضرورة الإخلاص والسلامة من الأغراض الشخصية:

فما كان عليه الصلاة والسلام خاملاً، فيطلب بهذه الدعوة نباهة شأن، وما كان مقلاً حريصاً على بسطة العيش؛ فيبغي بهذه الدعوة ثراء؛ فإن عيشه يوم كان الذهب يصبّ في مسجده ركاماً كعيشه يوم يلاقي في سبيل الدعوة أذىً كثيراً.


3 - الإعتدال حال السراء والضراء:

فيوم خرج عليه الصلاة والسلام من مكة مكرهاً لم يخنع، ولم يذل، ولم يفقد ثقته بربه، ولما فتح الله عليه ما فتح وأقر عينه بعز الإسلام وظهور المسلمين لم يطش زهواً، ولم يتعاظم تيهاً؛ فعيشته يوم أخرج من مكة كارهاً كعيشته يوم دخلها فاتحاً ظافراً، وعيشته يوم كان في مكة يلاقي الأذى من سفهاء الأحلام كعيشته يوم أطلت رايته البلاد العربية، وأطلت على ممالك قيصر ناحية تبوك.


4 - اليقين بأن العاقبة للتقوى وللمتقين:

فالذي ينظر في الهجرة بادئ الرأي يظن أن الدعوة إلى زوال واضمحلال.
ولكن الهجرة في حقيقتها تعطي درساً واضحاً في أن العاقبة للتقوى وللمتقين. فالنبي http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif يعلّم بسيرته المجاهد في سبيل الله الحق أن يثبت في وجه أشياع الباطل، ولا يهن في دفاعهم وتقويم عوجهم، ولا يهوله أن تقبل الأيام عليهم، فيشتد بأسهم، ويجلبوا بخيلهم ورجالهم؛ فقد يكون للباطل جولة، ولأشياعه صولة، أما العاقبة فإنما هي للذين صبروا والذين هم مصلحون.


5 - ثبات أهل الإيمان في المواقف الحرجة:
ذلك في جواب النبي http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif لأبي بكر http://www.kalemat.org/gfx/article_ratheya.gif لمّا كان في الغار.
وذلك لما قال أبو بكر: والله يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى موقع قدمه لأبصرنا.
فأجابه النبي http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif مطمئناً له: { ما ظنّك باثنين الله ثالثهما }.
فهذا مثل من أمثلة الصدق والثبات، والثقة بالله، والإتكال عليه عند الشدائد، واليقين بأن الله لن يتخلى عنه في تلك الساعات الحرجة.
هذه حال أهل الإيمان، بخلاف أهل الكذب والنفاق؛ فهم سرعان ما يتهاونون عند المخاوف وينهارون عند الشدائد، ثم لا نجد لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً.


6 - أن من حفظ الله حفظه الله:

ويؤخذ هذا المعنى من حال النبي http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif لما ائتمر به زعماء قريش ليعتقلوه، أو يقتلوه، أو يخرجوه، فأنجاه الله منهم بعد أن حثا في وجوههم التراب، وخرج من بينهم سليماً معافى.
وهذه سنة ماضية، فمن حفظ الله حفظه الله، وأعظم ما يحفظ به أن يحفظ في دينه، وهذا الحفظ شامل لحفظ البدن، وليس بالضرورة أن يعصم الإنسان؛ فلا يخلص إليه البتة؛ فقد يصاب لترفع درجاته، وتقال عثراته، ولكن الشأن كل الشأن في حفظ الدين والدعوة.


7 - أن النصر مع الصبر:

فقد كان هيناً على الله عز وجل أن يصرف الأذى عن النبي http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif جملة، ولكنها سنة الإبتلاء يؤخذ بها النبي الأكرم؛ ليستبين صبره، ويعظم عند الله أجره، وليعلم دعاة الإصلاح كيف يقتحمون الشدائد، ويصبرون على ما يلاقون من الأذى صغيراً كان أم كبيراً.


8 - الحاجة إلى الحلم، وملاقاة الإساءة بالإحسان:

فلقد كان النبي http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif يلقى في مكة قبل الهجرة من الطغاة والطغام أذىً كثيراً، فيضرب عنها صفحاً أو عفواً، ولما عاد إلى مكة فاتحاً ظافراً عفا وصفح عمن أذاه.


9 - إستبانة أثر الإيمان:

حيث رفع المسلمون رؤوسهم به، وصبروا على ما واجهوه من الشدائد، فصارت مظاهر أولئك الطغاة حقيرة في نفوسهم.


10 - إنتشار الإسلام وقوته:

وهذه من فوائد الهجرة، فلقد كان الإسلام بمكة مغموراً بشخب الباطل، وكان أهل الحق في بلاء شديد؛ فجاءت الهجرة ورفعت صوت الحق على صخب الباطل، وخلصت أهل الحق من ذلك الجائر، وأورثتهم حياة عزيزة ومقاماً كريماً.


11 - أن من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه:

فلما ترك المهاجرون ديارهم، وأهليهم، وأموالهم التي هي أحب شيء إليهم، لما تركوا ذلك كله لله، أعاضهم الله بأن فتح عليهم الدنيا، وملّكهم شرقها وغربها.


12 - قيام الحكومة الإسلامية والمجتمع المسلم.



13 - إجتماع كلمة العرب وارتفاع شأنهم.



14 - التنبيه على فضل المهاجرين والأنصار.



15 - ظهور مزية المدينة:

فالمدينة لم تكن معروفة قبل الإسلام بشيء من الفضل على غيرها من البلاد، وإنما أحرزت فضلها بهجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام أصحابه إليها، وبهجرة الوحي إلى ربوعها حتى أكمل الله الدين، وأتم النعمة، وبهذا ظهرت مزايا المدينة، وأفردت المصنفات لذكر فضائلها ومزاياها.


16 - سلامة التربية النبوية:

فقد دلّت الهجرة على ذلك؛ فقد صار الصحابة مؤهلين للاستخلاف، وتحكيم شرع الله، والقيام بأمره، والجهاد في سبيله.


17 - التنبيه على عظم دور المسجد في الأمة:

ويتجلى ذلك في أول عمل قام به النبي http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif فور وصوله المدينة، حيث بنى المسجد؛ لتظهر فيه شعائر الإسلام التي طالما حوربت، ولتقام فيه الصلوات التي تربط المسلم برب العالمين، وليكون منطلقاً لجيوش العلم، والدعوة والجهاد.


18 - التنبيه على عظم دور المرأة:

ويتجلى ذلك من خلال الدور الذي قامت به عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما حيث كانتا نعم الناصر والمعين في أمر الهجرة؛ فلم يخذلا أباهما أبا بكر مع علمهما بخطر المغامرة، ولم يفشيا سرّ الرحلة لأحد، ولم يتوانيا في تجهيز الراحلة تجهيزاً كاملاً، إلى غير ذلك مما قامتا به.


19 - عظم دور الشباب في نصرة الحق:

ويتجلى ذلك في الدور الذي قام به علي بن أبي طالب http://www.kalemat.org/gfx/article_ratheya.gif حين نام في فراش النبي http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif ليلة الهجرة.
ويتجلى من خلال ما قام به عبدالله بن أبي بكر؛ حيث كان يستمع أخبار قريش، ويزود بها النبي http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif وأبا بكر.


20 - حصول الأخوة وذوبان العصبيات.

هذه بعض الدروس والفوائد من الهجرة في سبيل الإجمال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ابو عبد الرحمن
11-23-2012, 09:55 PM
جزاكِ الله خيرا وبارك فيكِ
فقد كان من أمر الهجرة ان تعاظمت الدروس والمواقف الحكيمة وبداية فجر جديد ..

آمال
11-24-2012, 09:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

بارك الله فيكم شيخنا الفاضل ابو عبد الرحمن على المرور الطيب والمداخلة الطيبة
وجعلنا الله جميعا من اهل الجنة

ابو أمير
11-24-2012, 09:28 PM
اختي الغالي امال

شكرالك وجزاك الله خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك انه وليه
والقادر عليه موضوع رائع بوركت
وزادك الله علما على علمك وجعله
نورًالك يوم القيامة وجعل لك حسن
الخاتمة يارب امين
ودمت بااااالف خيرررررر

آمال
11-24-2012, 09:52 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا لدعائك الطيب ومرورك الطيب اخي الفاضل ابو امير
وبارك الله فيكم وجعلنا الله جميعا من اهل الجنة
http://photos.azyya.com/store/up2/090104112842gBHn.gif

ام هُمام
11-24-2012, 10:12 PM
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
بارك الله فيك
( تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا)

آمال
11-28-2012, 08:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك اختي العزيزة ام همام على المرور الطيب والاضافة الرائعة
وجعلنا الله واياك من اهل الجنة غاليتي

المحبة في الله
11-28-2012, 10:38 PM
بارك الله فيك اختي الفاضلة

و جزاك خيرا على نقل هذه الفوائد العظيمة

اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد

آمال
11-29-2012, 12:03 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
عليه الصلاة والسلام
بارك الله فيك اختي المحبة في الله على المرور الطيب
ورزقنا الله واياك الجنة عزيزتي