المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أيها المظلومون! لكم الله جل جلاله


أسامة خضر
12-07-2012, 09:12 PM
أيها المظلومون! لكم الله جلَّ جلاله

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ قَدِيمًا دَائِمًا, وَخَبِيرًا بِالأَسْرَارِ عَالِمًا, قَرَّبَ مَنْ شَاءَ فَجَعَلَهُ صَائِمًا قَائِمًا, وَطَرَدَ مَنْ شَاءَ فَصَارَ فِي بَيْدَاءِ الضَّلالِ هَائِمًا, يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ وَإِنْ يَأْبَى الْعَبْدُ رَاغِمًا, وَيَقْبَلُ تَوْبَةَ التَّائِبِ إِذَا أَمْسَى نَادِمًا.
أَحْمَدُهُ حَمْدًا مِنَ التَّقْصِيرِ سَالِمًا, وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ الَّذِي سَافَرَ إِلَى قَابِ قَوْسَيْنِ ثُمَّ عَادَ غَانِمًا, وَعَلَى صَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ الَّذِي لَمْ يَزَلْ رَفِيقًا مُلائِمًا, وَعَلَى عُمَرَ الَّذِي يَعْبُدُ رَبَّهُ مُسِرًّا كَاتِمًا, وَعَلَى عُثْمَانَ الَّذِي قُتِلَ مَظْلُومًا وَلَمْ يَكُنْ ظَالِمًا, وَفِيهِ أُنْزِلَ: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وقائما}، وَعَلَى عَلِيٍّ الَّذِي كَانَ فِي الْعُلُومِ بَحْرًا وَفِي الْحُرُوبِ صَارِمًا, وَعَلَى عَمِّهِ الْعَبَّاسِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ حَوْلَ نُصْرَتِهِ حَائِمًا.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْ ذِكْرَ الآخِرَةِ لِقُلُوبِنَا مُلازِمًا, وَوَفِّقْنَا لِلتَّوْبَةِ تَوْفِيقًا جَازِمًا, وَذَكِّرْنَا رَحِيلَنَا قَبْلَ أَنْ نَرَى الْمَوْتَ هَاجِمًا, وَاقْبَلْ صَالِحَنَا وَاغْفِرْ لِمَنْ كَانَ آثِمًا.التبصرة لابن الجوزي (1/ 435)
أيها المظلومون في مشارق الأرض ومغاربها! لكم الله جلَّ جلاله، هو ناصركُم هو مؤيدُكم، هو معكُم أينما كنتم، وأنتم أيها الظالمون! "اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ؛ فَإِنَّهَا تُجْعَلُ =أو تحمل= عَلَى الْغَمَام، يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ". الصحيحة (870)، وقال: (رواه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 1/ 186) والدولابي (2 / 123)). «اتَّقُوا دَعَوَاتِ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا تَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ كَأَنَّهَا شَرَارٌ». المستدرك للحاكم (1/ 83، رقم 81) صحيح الجامع (118)، والصحيحة (871). "اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ".مسند أحمد (20/ 22، رقم 12549)، صحيح الجامع (119) والصحيحة (767).
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: «اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» أخرجه البخاري (2448) ومسلم (19)، «دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ، وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ» مسند أحمد (14/ 398، رقم 8795) مسند أبي داود الطيالسي (4/ 93، رقم 2450) وانظر الصحيحة (767).
وأنت أيها المظلوم! لك الحقُّ في أنْ تَستردَّ مظلمتَك، ولك أن تتقدمَ للقضاءِ فتقولُ في خصمِك ما فيه من ظُلْم، وتجهرَ بما فيه من سوءٍ في حقِّك، قال سبحانه: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}. (النساء: 148).
أيها المظلوم! أنت المنصور، يا وليَّ المقتول! أنت المنصور {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}. (الإسراء: 33)
أيها المظلومون! انتصروا لأنفسكم، مرفوعو الرأس فلستم أذلَّة، فإذا قَدِرتم فاعفوا واصفحوا.
قال البخاري: [بَابُ الِانْتِصَارِ مِنَ الظَّالِمِ؛ لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {لاَ يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ، وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}. (النساء: 148)، {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ}. (الشورى: 39)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: (كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُسْتَذَلُّوا، فَإِذَا قَدَرُوا عَفَوْا)؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا}. (النساء: 149) {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا، فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ، وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ، أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}. (الشورى: 41)، {وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ}. (الشورى: 44)].
يا عبد الله! احذر من الظلم، [احذر أَن تخاصمَ من إِذا نمت كَانَ منتبها؛ مَعْنَاهُ لَا تعادي أَوْلِيَاء الله، فَإنَّك تنام وهم مستيقظون، فَرُبمَا دعوا عَلَيْك فاستجيب فِيك وَأَنت لَا تشعر، احذر سِهَامَ اللهِ حِين تنامُ والمظلومُ ساهر، يَدْعُو عَلَيْك وَأَنت فِي غَمْضٍ وَربُّ الْعَرْشِ نَاظر، لَو بِتَّ فِي حِصْنٍ سَمَا فِي الجوِّ لَا يعلوه طَائِر، مِن حولِه الْأَبْطَالُ فِي أَيْديهم الْبيضُ =أي السيوفُ= البواتر، وَعَلَيْك أدرعةُ الْحَدِيد وحولَك الأُسْدُ الكواسر، ودعا عَلَيْك مظلومٌ لم يلقَ غيرَ اللهِ نَاصِر، لأصابَ سهمُ دُعَائِهِ مِنْك الْفُؤَادَ وَأَنت صاغر.
كثيرا مَا يستهينُ النَّاسُ بالظالم، وينسَون يَوْمًا يَأْخُذ فِيهِ اللهُ من الْمَظْلُوم للظالم، لاسيما الْغِيْبَة؛ فَإِنَّهَا من الرِّبَا وأغثُّ المطاعم، هَل فِينَا مَن تحلَّلَ خُصماءَه؟ هَل فِينَا مَن أَرضَى غرماءَه؟ مَا قَدَرْنَا اللهَ حقَّ قدْرِه، وَلَا فرَّقْنا بَين حُلْوِ الْعَيْشِ ومرِّه، كَأَنَّك بالزارع وَقد حصدَ زرعه، فطوبى لأهل الْعِبَادَة والتقى والورع، لم يزلْ للزارعِ مُزْدَرَع، إِلَّا التُّقَى والزهد والورع، وَعبادَةٌ فِي سُنَّةٍ خَلَصَت للهِ لَيْسَ يشوبها طمع..]. التذكرة في الوعظ (ص: 170)
عن رِيَاحُ بْنُ عَبِيدَةَ قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذُكِرَ الْحَجَّاجُ فَشَتَمْتُهُ، وَوَقَعْتُ فِيهِ، فَقَالَ عُمَرُ: (مَهْلًا يَا رِيَاحُ! إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ يُظْلَمُ بِالْمَظْلَمَةِ، فَلَا يَزَالُ الْمَظْلُومُ يَشْتِمُ الظَّالِمَ، وَيَنْتَقِصُهُ، حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَيَكُونُ لِلظَّالِمِ الْفَضْلُ عَلَيْهِ). الزهد والرقائق لابن المبارك والزهد لنعيم بن حماد (1/ 237، رقم 681)، وحلية الأولياء لأبي نعيم (5/ 277).
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا»، فَقَالَ رَجُلٌ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا؛ أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟!) قَالَ: «تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ». البخاري (6952)
وسبب ذلك ما ثبت عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: (اقْتَتَلَ غُلَامَانِ؛ غُلَامٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَغُلَامٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَنَادَى الْمُهَاجِرُ ..: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ! وَنَادَى الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ!) فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ؟» قَالُوا: (لَا يَا رَسُولَ اللهِ! إِلَّا أَنَّ غُلَامَيْنِ اقْتَتَلَا فَكَسَعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) =ضرب دبُرَه بِيَدِهِ أَو بِرجلِهِ=، قَالَ: «فَلَا بَأْسَ؛ وَلْيَنْصُرِ الرَّجُلُ أَخَاهُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا؛ إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ، فَإِنَّهُ لَهُ نَصْرٌ، وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ». مسلم (2584). أي يسعى في رفع الظلم عنه.
عَجِّلْ أخي المسلم! تخلّص من المظالم في الدنيا قبل الآخرة، فـ«مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ». البخاري (2449)
وأنت أيها المظلوم! إذا حلَّلْت من ظلمك وعفوت عنه فلا يجوز أن ترجع، قال البخاري: [بَابُ إِذَا حَلَّلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَلاَ رُجُوعَ فِيهِ.. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فِي هَذِهِ الآيَةِ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}. (النساء: 128) قَالَتْ: (الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ المَرْأَةُ، لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا، يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ)]. البخاري (2450)
[قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: (إِنَّ الرَّجُلَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ يَلْعَنُ نَفْسَهُ). قِيلَ لَهُ: (وَكَيْفَ يَلْعَنُ نَفْسَهُ؟!) قَالَ: يَقُولُ: {أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}. (هود: 18)، وَهُوَ ظَالِمٌ! لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الذُّنُوبِ أَعْظَمُ مِنَ الظُّلْمِ؛ لِأَنَّ الذَّنْبَ إِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِيمٌ يَتَجَاوَزُ عَنْكَ، فَإِذَا كَانَ الذَّنْبُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْعِبَادِ، فَلَا حِيلَةَ لَكَ سِوَى رِضَا الْخَصْمِ، فَيَنْبَغِي لِلظَّالِمِ أَنْ يَتُوبَ عَنِ الظُّلْمِ، وَيَتَحَلَّلَ مِنَ الْمَظْلُومِ فِي الدُّنْيَا، فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَغْفِرَ وَيَدْعُوَ لَهُ، فَإِنَّهُ يُرْجَى أَنَّهُ يُحَلِّلَهُ بِذَلِكَ]. تنبيه الغافلين للسمرقندي (ص: 377).
أيها المظلوم! إن وقعت في ورطة مع ظالم جاز لك استخدام التورية والمعاريض، فيفهم الظالم أمرا وأنت تريد غيره، [«قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِامْرَأَتِهِ: هَذِهِ أُخْتِي، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ». =حتى لو اضطرِرْت إلى الحلف على نيَّتِك=
قَالَ إبراهيم النَّخَعِيُّ: (إِذَا كَانَ المُسْتَحْلِفُ ظَالِمًا فَنِيَّةُ الحَالِفِ، وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَنِيَّةُ المُسْتَحْلِفِ)]. من صحيح البخاري
أيها المظلومون! انظروا ما أعدَّ الله سبحانه لمن ظلمكم وغشَّكم من سلاطينكم وحكامكم، قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ وَالٍ =سواء كان حاكما أو أميرا أو مسئولا= يَلِي رَعِيَّةً مِنَ المُسْلِمِينَ، فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ». البخاري (7151).
فـ«مَنْ وَلِيَ أَمْرًا مِنْ أَمْرِ النَّاسِ، ثُمَّ أَغْلَقَ بَابَهُ دُونَ الْمِسْكِينِ وَالْمَظْلُومِ، أَوْ ذِي الْحَاجَةِ، أَغْلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى دُونَهُ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ عِنْدَ حَاجَتِهِ، وَفَقْرِهِ أَفْقَرُ مَا يَكُونُ إِلَيْهَا». مسند أحمد (24/ 408، رقم 15651) حسنه لغيره في صحيح الترغيب (2/ 261، رقم 2210).
وإياك يا عبد الله! أن تعتديَ على غيرك فتظلمَه بسبٍّ أو شتم، فـ«الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ، مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ». مسلم (2587). [وَهَذَا لِأَنَّ البادئَ ظَالِمٌ بابتدائِه بالسبِّ، فَجَوَابه جَزَاءٌ، فَإِذا اعْتدى الْمَظْلُوم كَانَ عَلَيْهِ إِثْم]. كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 587).
هذا وليعلم أنَّ الدفاعَ عن الدين أو النفس، أو الأهل أو المال مما فُطِر عليه الخلق، وأيده الشرع، فـ«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ مَظْلُومًا فَلَهُ الْجَنَّةُ» النسائي (4086) صحيح الجامع (2191) وأحكام الجنائز (ص 41).
و«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». النسائي (4095)، وعلى العموم «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». النسائي (4093) وصححه لغيره في صحيح الترغيب (2/ 76، رقم 1413)
لقد قتل اليهود أنبياءهم ومنهم يحيى بنُ زكريا عدوانا وظلما، وقتل أبو لؤلؤةَ المجوسيُّ عمرَ الفاروق عدوانا وظلما، وقتل الخوارج عثمانَّ وعليًّا عدوانا وظلما، وقُتِل الحسينُ بنُ عليٍّ عدوانا وظلما، وشهد النبيُّ لعثمان بأنه يقتل مظلوما، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِتْنَةً، فَمَرَّ رَجُلٌ فَقَالَ: "يُقْتَلُ فِيهَا هَذَا الْمُقَنَّعُ يَوْمَئِذٍ مَظْلُومًا"، قَالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. مسند أحمد (10/ 169، رقم 5953)
إن هلاك القرى وأهلها ناشئ عن تفشي الظلم بين أهلها، {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ * ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}. (يونس: 13، 14).
{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ * وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}. (هود: 100- 102) {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}. (هود: 116، 117)
أيها المغلوبون المظلومون! اصبروا واستنصروا اللهَ العزيزَ الحكيم، قال صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؟ الْمَغْلُوبُونَ الضُّعَفَاءُ، وَأَهْلُ النَّارِ كُلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ». المستدرك للحاكم (1/ 129، رقم 202) وقال: [هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ]، ووافقه الذهبي. وانظر الصحيحة (931).
وحذار أخي المسلم! أن تمرَّ بمظلومٍ فلم تنصرْه وأنت قادرٌ على نصره، فقد "أُمِرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ أَنْ يُضْرَبَ فِي قَبْرِهِ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ وَيَدْعُو حَتَّى صَارَتْ جَلْدَةً وَاحِدَةً، فَجُلِدَ جَلْدَةً وَاحِدَةً، فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ عَلَيْهِ نَارًا، فَلَمَّا ارْتَفَعَ عَنْهُ قَالَ: عَلَامَ جَلَدْتُمُونِي؟، قَالُوا: إِنَّكَ صَلَّيْتَ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ, وَمَرَرْتَ عَلَى مَظْلُومٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ". شرح مشكل الآثار (8/ 212، رقم 3185) انظر الصحيحة (2774). جلدةٌ واحدةٌ فعلت هذا الفعل بمن لم ينصرْ المظلوم، فكيف بمن دولته وحكومته قائمة على الظلم ليلا ونهارا؟؟!!
فالعدل مطلوب من الإنسان، والظلم محظور عليه فـ[ـأَمَّا عَدْلُهُ فِي غَيْرِهِ، فَقَدْ يَنْقَسِمُ حَالُ الْإِنْسَانِ مَعَ غَيْرِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ: عَدْلُ الْإِنْسَانِ فِيمَنْ دُونَهُ؛ كَالسُّلْطَانِ فِي رَعِيَّتِهِ، وَالرَّئِيسِ مَعَ صَحَابَتِهِ، فَعَدْلُهُ فِيهِمْ يَكُونُ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: بِاتِّبَاعِ الْمَيْسُورِ، وَحَذْفِ الْمَعْسُورِ، وَتَرْكِ التَّسَلُّطِ بِالْقُوَّةِ، وَابْتِغَاءِ الْحَقِّ فِي الْمَيْسُورِ. فَإِنَّ اتِّبَاعَ الْمَيْسُورِ أَدْوَمُ، وَحَذْفَ الْمَعْسُورِ أَسْلَمُ، وَتَرْكَ التَّسَلُّطِ أَعَطْفُ عَلَى الْمَحَبَّةِ، وَابْتِغَاءَ الْحَقِّ أَبْعَثُ عَلَى النُّصْرَةِ... وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: (أَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ صَرْعَةُ الظَّلُومِ، وَأَنْفَذُ السِّهَامِ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ). وَقَالَ بَعْضُ حُكَمَاءِ الْمُلُوكِ: (الْعَجَبُ مِنْ مَلِكٍ اسْتَفْسَدَ رَعِيَّتَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ عِزَّهُ بِطَاعَتِهِمْ).. وَعُوتِبَ أَنُوشِرْوَانَ عَلَى تَرْكِ عِقَابِ الْمُذْنِبِينَ فَقَالَ: (هُمْ الْمَرْضَى وَنَحْنُ الْأَطِبَّاءُ، فَإِذَا لَمْ نُدَاوِهِمْ بِالْعَفْوِ فَمَنْ لَهُمْ).
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: عَدْلُ الْإِنْسَانِ مَعَ مَنْ فَوْقَهُ؛ كَالرَّعِيَّةِ مَعَ سُلْطَانِهَا، وَالصَّحَابَةِ مَعَ رَئِيسِهَا. فَقَدْ يَكُونُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: (بِإِخْلَاصِ الطَّاعَةِ، وَبَذْلِ النُّصْرَةِ، وَصِدْقِ الْوَلَاءِ). فَإِنَّ إخْلَاصَ الطَّاعَةِ أَجْمَعُ لِلشَّمْلِ، وَبَذْلَ النُّصْرَةِ أَدْفَعُ لِلْوَهَنِ، وَصِدْقَ الْوَلَاءِ أَنْفَى لِسُوءِ الظَّنِّ. وَهَذِهِ أُمُورٌ إنْ لَمْ تَجْتَمِعْ فِي الْمَرْءِ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ مَنْ كَانَ يَدْفَعُ عَنْهُ، وَاضْطُرَّ إلَى اتِّقَاءِ مَنْ يَتَّقِي بِهِ كَمَا قَالَ الْبُحْتُرِيُّ:

مَتَى أَحْوَجْت ذَا كَرَمٍ تَخَطَّى ** إلَيْك بِبَعْضِ أَخْلَاقِ اللِّئَامِ

وَفِي اسْتِمْرَارِ هَذَا حَلُّ نِظَامٍ جَامِعٍ، وَفَسَادُ صَلَاحٍ شَامِلٍ...
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: عَدْلُ الْإِنْسَانِ مَعَ أَكْفَائِهِ؛ وَيَكُونُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: (بِتَرْكِ الِاسْتِطَالَةِ، وَمُجَانَبَةِ الْإِدْلَالِ، وَكَفِّ الْأَذَى)؛ لِأَنَّ تَرْكَ الِاسْتِطَالَةِ =وهي الكبر والتكبر فتركها= آلَفُ، وَمُجَانَبَةَ الْإِدْلَالِ =وهو المنَّة= أَعْطَفُ، وَكَفَّ الْأَذَى أَنْصَفُ. وَهَذِهِ أُمُورٌ إنْ لَمْ تَخْلُصْ فِي الْأَكْفَاءِ، أَسْرَعَ فِيهِمْ تَقَاطُعُ الْأَعْدَاءِ، فَفَسَدُوا وَأَفْسَدُوا]. أدب الدنيا والدين (ص: 139، 140)
وتوبوا إلى الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الآخرة

الحمد لله أحكمِ الحاكمين، وأعدلِ العادلين، قاصم الجبارين والمعتدين، وناصر المستضعفين المظلومين على الظالمين، والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة للعالمين، وآله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وبعد؛
فأبشر أيها المظلوم بالفرج العاجل والنصر القريب، [عَنِ ابْنِ شُرَيْحٍ, قَالَ: (سَيَعْلَمُ الظَّالِمُونَ حَظَّ مَنْ نَقَصُوا! إِنَّ الظَّالِمَ يَنْتَظِرُ الْعِقَابَ وَالْمَظْلُومَ يَنْتَظِرُ النَّصْرَ!)
عَنْ وَهْبٍ, قَالَ: بَنَى جَبَّارٌ قَصْرًا وَشَيَّدَهُ، فَجَاءَتْ عَجُوزٌ مُسْلِمَةٌ، فَبَنَتْ إِلَى ظَهْرِ قَصْرِهِ كُوخًا تَعْبُدُ اللَّهَ فِيهِ, فَرَكِبَ الْجَبَّارُ يَوْمًا فَطَافَ بِفِنَاءِ الْقَصْرِ, فَرَأَى الْكُوخَ فَقَالَ: (مَا هَذَا؟!) فَقِيلَ له: (امرأة ها هنا ثَاوِيَةٌ), فَأَمَرَ بِهِ فَهُدِمَ، وَلَمْ تَكُنِ الْمَرْأَةُ حَاضِرَةً, فَجَاءَتْ فَرَأَتْهُ قَدْ هُدِمَ, فَقَالَتْ: (مَنْ فَعَلَ هَذَا؟!) فَقِيلَ لَهَا: (إِنَّ الْمَلِكَ رَكِبَ فَرَآهُ، فَأَمَرَ بِهَدْمِهِ). فَرَفَعَتْ طَرْفَهَا إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَتْ: (يَا رَبِّ! أَنَا لَمْ أَكُنْ, فَأَنْتَ أَيْنَ كُنْتَ!) قَالَ: (فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جِبْرِيلَ أَنْ يَقْلِبَ الْقَصْرَ عَلَى مَنْ فِيهِ!)

(لا تَظْلِمَنَّ إِذَا مَا كُنْتَ مُقْتَدِرًا ** فَالظُّلْمُ آخِرُهُ يَأْتِيكَ بِالنَّدَمِ)


(تَنَامُ عَيْنَاكَ وَالْمَظْلُومُ مُنْتَصِبٌ ** يدعو عليك وعينُ الله لم تنمِ)]

التبصرة لابن الجوزي (1/ 92)
عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مُضْطَجِعًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَثَوْبُهُ عَلَى وَجْهِهِ إِذْ مَرَّ بِهِمْ قُسٌّ =وهو من كبار رؤساء النصارى في دينهم= فَأَعْجَبَهُمْ سِمَنُهُ، فَقَالُوا: (اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَعْظَمَهُ! وَمَا أَسْمَنَهُ! =مَا أَغْلَظَ رَقَبَتَهُ!=) فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: (مَنْ ذَا الَّذِي لَعَنْتُمْ آنِفًا؟) قَالُوا: (قُسًّا مَرَّ بِنَا)، قَالَ: (لَا تَلْعَنُوا أَحَدًا، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلَّعَّانِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صِدِّيقًا). الزهد والرقائق لابن المبارك والزهد لنعيم بن حماد (1/ 238، رقم 682)، والصمت لابن أبي الدنيا (ص: 205، رقم 377).
[{وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظالمون} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هَذَا وَعِيدٌ لِلظَّالِمِ وَتَعْزِيَةٌ لِلْمَظْلُومِ]. التبصرة لابن الجوزي (1/ 91).
[رَوَى عُتْبَةُ بْنُ عَبدٍ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أَنَّهُ قَالَ: "لَوْ أَنَّ رَجُلا يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى يَوْمِ يَمُوتُ هَرَمًا فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ لَحَقَّرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".=الصحيحة (446)=. يَا لَهُ مِنْ يَوْمٍ يُقْتَصُّ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ, وَتُحِيطُ بِالظَّالِمِ الْمَظَالِمُ, وَتَصْعَدُ الْقُلُوبُ إِلَى الْغَلاصِمِ, وَلَيْسَ لِمَنْ لا يَرْحَمُهُ الإِلَهُ عَاصِمٌ. قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ». =مسلم (2582)=. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَخْلُصُ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا». =البخاري (6535)=.
{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}. (الزمر: 69) {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}. (غافر: 17)]. التبصرة لابن الجوزي (1/ 80)
اللَّهُمَّ إِنّنا ظَلَمْنا أنفُسَنا ظلما كثيرا، وَلَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت، فَاغْفِر لنا مغْفرَة من عنْدك، وارحمنا إِنَّك أَنْت الغفور الرَّحِيم.
رَبّنا نَجِّنا وسائرَ المسلمين مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين.
اللَّهُمَّ اقْسِم لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلاَ تَجْعَل الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا.
عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل: 90) فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدْكم، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}(العنكبوت: 45).
كتب وخطب وألف بين الجمل: أبو المنذر/ فؤاد بن يوسف أبو سعيد
الزعفران- المغازي الوسطى غزة
23 محرم 1434 هلالية.
وفق: 7/ 12/ 2012 شمسية
للتواصل مع الشيخ عبر البريد الالكتروني: zafran57@yahoo.com (zafran57@yahoo.com)
أو قوموا بزيارة الموقع الإلكتروني الرسمي للشيخ: www.alzafran.com (http://www.alzafran.com/)

آمال
12-07-2012, 10:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيراا شيخنا الفاضل على الخطبة القيمة
وبارك فيكم اخونا الفاضل اخونا الفاضل اسامة خضر على النقل الطيب
الموضوع رائع والشرح قيم
لدي استفسار بخصوص ظلم النفس , هل هناك تفصيل عن ظلم الانسان لنفسه؟ وما حكم ظلم الانسان لنفسه؟
وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ
جعلنا الله جميعا من أهل الجنة

أسامة خضر
12-08-2012, 10:45 AM
الأخت الفاضلة آمال رعاها الله
أنقل لحضرتكم جواب الشيخ حفظه الله بعد سؤالنا إياه سؤالك:::
قال:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه إلى يوم الدين وبعد؛
ظلم النفس يكون بمخالفة الأوامر وارتكاب النواهي الشرعية، فكلُّ معصية فهي ظلم للنفس، {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}. [النساء: 110، 111]
ورد في (تفسير السعدي ص: 200): [أي من تجرأ على المعاصي واقتحم على الإثم ثم استغفر الله استغفارا تاما يستلزم الإقرار بالذنب والندم عليه والإقلاع والعزم على أن لا يعود. فهذا قد وعده من لا يخلف الميعاد بالمغفرة والرحمة.
فيغفر له ما صدر منه من الذنب، ويزيل عنه ما ترتب عليه من النقص والعيب، ويعيد إليه ما تقدم من الأعمال الصالحة، ويوفقه فيما يستقبله من عمره، ولا يجعل ذنبه حائلا عن توفيقه، لأنه قد غفره، وإذا غفره غفر ما يترتب عليه.
واعلم أن عمل السوء عند الإطلاق يشمل سائر المعاصي؛ الصغيرة والكبيرة، وسمي "سُوْءًا" لكونه يسوء عامله بعقوبته، ولكونه في نفسه سيئًا غير حسن.
وكذلك ظلم النفس عند الإطلاق يشمل ظلمها بالشرك فما دونه. ولكن عند اقتران أحدهما بالآخر قد يفسر كل واحد منهما بما يناسبه، فيفسر عمل السوء هنا بالظلم الذي يسوء الناس، وهو ظلمهم في دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
ويفسر ظلم النفس بالظلم والمعاصي التي بين الله وبين عبده، وسمي ظلم النفس "ظُلما" لأن نفسَ العبد ليست ملكًا له يتصرف فيها بما يشاء، وإنما هي ملك لله تعالى قد جعلها أمانة عند العبد، وأمره أن يقيمها على طريق العدل، بإلزامها للصراط المستقيم علمًا وعملا فيسعى في تعليمها ما أمر به ويسعى في العمل بما يجب، فسعيه في غير هذا الطريق ظلم لنفسه وخيانة وعدول بها عن العدل، الذي ضده الجور والظلم.
ثم قال: {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} وهذا يشمل كل ما يؤثم من صغير وكبير، فمن كسب سيئة فإن عقوبتها الدنيوية والأخروية على نفسه، لا تتعداها إلى غيرها..] أهـ
ولما أكلَ أبوانا من الشجرة {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. [الأعراف: 23]
فـ{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}. [يونس: 44]
فالكفر والشرك وعدم طاعة الأنبياء ظلم للأنفس، {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}. [التوبة: 70]
واتخاذ إلهٍ غير الله ظلم للنفس، {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ}. [البقرة: 54] فبنو إسرائيل أكثر الناس ظلما لأنفسهم لذا عاقبهم الله بشتى العقوبات {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}. [الأعراف: 160]
وتدمير الأمم وهلاك البلدان ليس ظلما لأهلها بل أهلها هم الظالمون بشركهم وكفرهم: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ}. [هود: 100، 101]
قال القاسمي في محاسن التأويل (6/ 130): [وَما ظَلَمْناهُمْ بإهلاكنا إياهم؛ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ؛ أي بتعريضها لما أوجبه من الشرك، وعبادة الأوثان، والظلم، فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ أي إهلاك وتخسير]. أهـ

والمعاصي والذنوب ظلم للنفس: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. [آل عمران: 135]
قال القاسمي في تفسيره محاسن التأويل (2/ 414): [وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً: من السيئات الكبار، أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ: أي بأي نوع من الذنوب، ذَكَرُوا اللَّهَ: أي تذكروا حقه وعهده فاستحيوه وخافوه، فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ: أي لأجلها بالتوبة والإنابة إليه تعالى]. أهـ
ومن ظلم النفس الحكم على بعض الأشياء بالتحليل أو التحريم كذبا دون برهان من الرحمن، القائل: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}. [النحل: 116 - 118]
جاء في تفسير الطبري (17/ 315): [(وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) فجزيناهم ذلك ببغيهم على ربهم، وظُلمِهم أنفسهم بمعصية الله، فأورثهم ذلك عقوبة الله]. أهـ
وبلقيس ظلمت نفسها ببعدها عن منهج الأنبياء واعترفت أخيرا {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. [النمل: 44]

وكفران النعم ظلم للنفس، فمن منَّ الله عليهم بالأمن والأمان وكثرة الأرزاق، كما حدث مع سبأ {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}. [سبأ: 19]
قال الطبري في تفسيره جامع البيان (20/ 389): [قالوا: يا ربنا باعدْ بين أسفارنا؛ فاجعل بيننا وبين الشأم فلوات ومفاوز، لنركب فيها الرواحل، ونتزود معنا فيها الأزواد، وهذا من الدلالة على بطر القوم نعمة الله عليهم وإحسانه إليهم، وجهلهم بمقدار العافية، ولقد عجل لهم ربهم الإجابة..] أهـ

ومن طلق زوجته ولكنه أمسكها إضرارا بها وهو لا يريدها، فإذا اقتربت نهاية عدتها ارتجعها فهو ظالم لنفسه، {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا }. [البقرة: 231]
ومن تلاعب بأحكام الطلاق والعدد ونحو ذلك فهذا تعدٍّ لحدود الله وظلمٌ للنفوس {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}. [الطلاق: 1] [فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ أي: بخسها حظها، وأضاع نصيبه من اتباع حدود الله التي هي الصلاح في الدنيا والآخرة]. تفسير السعدي (ص: 870)

في كتاب (أدب الدنيا والدين) (ص: 139) قال الماوردي: [فَأَمَّا عَدْلُهُ فِي نَفْسِهِ؛ فَيَكُونُ بِحَمْلِهَا عَلَى الْمَصَالِحِ، وَكَفِّهَا عَنْ الْقَبَائِحِ، ثُمَّ بِالْوُقُوفِ فِي أَحْوَالِهَا عَلَى أَعْدَلِ الْأَمْرَيْنِ؛ مِنْ تَجَاوُزٍ أَوْ تَقْصِيرٍ. فَإِنَّ التَّجَاوُزَ فِيهَا جَوْرٌ، وَالتَّقْصِيرَ فِيهَا ظُلْمٌ. وَمَنْ ظَلَمَ نَفْسَهُ فَهُوَ لِغَيْرِهِ أَظْلَمُ، وَمَنْ جَارَ عَلَيْهَا فَهُوَ عَلَى غَيْرِهِ أَجْوَرُ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ تَوَانَى فِي نَفْسِهِ ضَاعَ].
والله تعالى أعلم

آمال
12-08-2012, 07:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم اخونا الفاضل اسامة خضر وبارك الله في الشيخ الفاضل على الرد والنقل القيم
وجعلنا الله جميعا من اهل الجنة
http://img.al-wlid.com/imgcache/214514.gif

ابو عبد الرحمن
12-08-2012, 08:36 PM
جزاك الله خيرا اخي اسامة وبارك فيك وفي شيخنا الجليل ابا المنذر حفظكم الله من كل سوء

قال عليه الصلاة والسلام " اتقوا الظلم ؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح ؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم ؛ حملهم على ان سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم "

وجاء في الحديث الحسن " الظلم ثلاثة فظلم لا يتركه الله وظلم يغفر وظلم لا يغفر فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك لا يغفره الله وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد فيما بينه وبين ربه وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد فيقتص الله بعضهم من بعض "

اللهم انا ظلمنا انفسنا فاغفر لنا ، فإنه لا يغفر الذنوب الا انت

ام هُمام
12-08-2012, 08:47 PM
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
اللَّهُمَّ إِنّنا ظَلَمْنا أنفُسَنا ظلما كثيرا، وَلَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت، فَاغْفِر لنا مغْفرَة من عنْدك، وارحمنا إِنَّك أَنْت الغفور الرَّحِيم.
رَبّنا نَجِّنا وسائرَ المسلمين مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين.
جزاكم الله كل خير

almojahed
12-09-2012, 02:49 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزى الله الشيخ عنا خير الجزاء و بارك الله في أخينا اسامة أبو عبد الله على النقل