ملتقى أحبة القرآن

ملتقى أحبة القرآن (http://www.a-quran.com/index.php)
-   قسم المناسبات الدينية (http://www.a-quran.com/forumdisplay.php?f=69)
-   -   تذكير الباحث بأنه لا يصح في تحديد تاريخ حادثة الإسراء والمعراج أثر ولا حديث (http://www.a-quran.com/showthread.php?t=4376)

ابو عبد الرحمن 07-01-2011 06:56 PM

تذكير الباحث بأنه لا يصح في تحديد تاريخ حادثة الإسراء والمعراج أثر ولا حديث
 
:1:


الحمد لله الذي أنعم على الخلق ورحمهم بإرسال المرسلين، وأيد إرسالهم بالمعجزات والحجج والبراهين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وسيد ولد آدم أجمعين، الذي أظهر الله برسالته الإسلام بعد اندراس قواعده، وأفول شموخه، ونسيان آياته، وعلى آل بيته وأصحابه الذين هم بهديه مستمسكون، ومن على سبيله في كل عصر وأوان إلى الله يسير.
فقد شاع عند كثير من المسلمين ـ سددهم الله إلى مراضيه ـ أن حادثة الإسراء والمعراج كانت في السابع والعشرين من شهر رجب، وهذا الاعتقاد لا يثبته حديث نبوي صحيح، ولا يقويه أثر عن أحد من أهل القرون المفضلة الأولى وعلى رأسهم الصحابة، ولا اتفق عليه أهل التأريخ والسير، ولا ذهب إليه أكثرهم، وقد جعلت الكلام عن هذه الحادثة في ثلاث مباحث:

المبحث الأول / عن زمن وقوع حادثة "الإسراء والمعراج".

لم يثبت في تحديد زمن وقوع حادثة " الإسراء والمعراج " حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي تأكيد ذلك يقول الإمام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني الدمشقي المولد سنة (661هـ ) ـ رحمه الله ـ كما في كتاب "زاد المعاد"(1/54):
لم يقم دليل معلوم لا على شهرها، ولا على عشرها، ولا على عينها، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة، ليس فيها ما يقطع به.اهـ
وقد اختلف العلماء في تحديد زمن وقوعها اختلافاً كثيراً، ودونكم ما وقفت عليه من الأقوال:

القول الأول: أنها كانت في شهر رجب.

ونُسب إلى بعض القُصاص، وبه قال ابن الجوزي وعبد الغني المقدسي من الحنابلة، والنووي من الشافعية في أحد أقواله الثلاثة، وابن خلكان.
وقد رد هذا القول أو نفى صحة حديث فيه غير واحد من أهل العلم، وممن تكلم عنه هؤلاء:
أولاً: أبو الخطاب الأندلسي المالكي الشهير بابن دحية الكلبي ـ رحمه الله في كتابه "أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب"(ص110) حيث قال:
وذكر بعض القُصاص أن الإسراء كان في رجب، وذلك عند أهل التعديل والتجريح عين الكذب.اهـ

وقال في كتابه "الابتهاج في أحاديث المعراج"(ص9):
وقيل: كان الإسراء في رجب، وفي إسناده رجال معروفون بالكذب.اهـ
ثانياً: علي بن إبراهيم ابن العطار الشافعي الدمشقي ـ رحمه الله ـ في كتابه "حكم صوم رجب وشعبان وما الصواب فيه عند أهل العلم والعرفان وما أحدث فيهما وما يلزمه من البدع التي يتعين إزالتها على أهل الإيمان" (ص 34) حيث قال:
وقد ذكر بعضهم أن المعراج والإسراء كان فيه، ولم يثبت ذلك.اهـ

ثالثاً: أبو الفداء إسماعيل ابن كثير القرشي الدمشقي الشافعي ـ رحمه الله ـ في كتابه "البداية والنهاية"(3/108) حيث قال:
وقد أورد حديثا لا يصح سنده، ذكرناه في "فضائل شهر رجب" أن الإسراء كان ليلة السابع والعشرين من رجب، والله أعلم.

ومن الناس من يزعم أن الإسراء كان أول ليلة جمعة من شهر رجب، وهى ليلة الرغائب التي أُحدثت فيها الصلاة المشهورة، ولا أصل لذلك.اهـ
رابعاً: أبو الفرج زين الدين عبد الرحمن بن رجب الحنبلي البغدادي ـ رحمه الله ـ في كتابه "لطائف المعارف"(ص177) حيث قال:
وروي بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم كان في سابع وعشرين من رجب، وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره.اهـ

خامساٌ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز النجدي ـ رحمه الله ـ كما في "مجموع فتاويه" (4/282و1/192و1/138) و "فتاوى مهمة"(ص 58-67) حيث قال:
أما ليلة الإسراء والمعراج فالصحيح من أقوال أهل العلم أنها لا تعرف , وما ورد في تعيينها من الأحاديث فكلها أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم, ومن قال: إنها ليلة سبع وعشرين من رجب فقد غلط، لأنه ليس معه حجة شرعية تؤيد ذلك.اهـ

سادساً: محمد بن صالح العثيمين النجدي ـ رحمه الله ـ كما في كتاب " اللقاء المفتوح"(4/4و60/4) و "فتاوى نور على الدرب"(3/109-110) حيث قال:
كذلك يظن بعض الناس أن الإسراء والمعراج كان في رجب في ليلة سبعة وعشرين، وهذا غلط، ولم يصح فيه أثر عن السلف أبداً، حتى إن ابن حزم رحمه الله ادعى الإجماع على أن الإسراء والمعراج كان في ربيع الأول، ولكن الخلاف موجود ولا إجماع، وأهل التاريخ اختلفوا في هذا على نحو عشرة أقوال، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كل الأحاديث في ذلك ضعيفة منقطعة مختلفة لا يعول عليها، إذاً ليس المعراج في رجب، وأقرب ما يكون أنه في ربيع.اهـ



القول الثاني: أنها كانت في ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الأول.

وبه قال الإمام المحدث الفقيه اللغوي المؤرخ أبو إسحاق الحربي، وأبو الخطاب ابن دحية من المالكية، والنووي من الشافعية في أحد أقواله الثلاثة، والقاضي زين الدين ابن المنير الإسكندري المالكي.
قال أبو الخطاب الأندلسي المالكي الشهير بابن دحية الكلبي ـ رحمه الله ـ في كتابه "الابتهاج في أحاديث المعراج"(ص 6-7):
وكان الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الأول، قاله الإمام العالم أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي.اهـ

القول الثالث: أنها كانت في ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول.

ونسب ابن سيد الناس اليعمري الأندلسي الشافعي ـ رحمه الله ـ في كتابه "عيون الأثر"(1/148) هذا القول إلى:
عائشة وأم سلمة وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن عباس، ثم قال:
وهذا هو المشهور.اهـ.
وقال شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي المصري الشافعي ـ رحمه الله ـ كما في كتاب "الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية"(2/445سؤال رقم:112):
قد اختلف في ليلة الإسراء، فقيل: لسبع عشرة خلت من ربيع الأول قبل الهجرة بسنة، وقيل: ليلة سبع وعشرين من ربيع الآخر، وقيل: ليلة السبت لسبع عشرة خلت من رمضان قبل الهجرة بسنة ونصف، وقيل غير ذلك، والأول هو المشهور، فقد روي عن عائشة وأم سلمة وأم هانئ وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم.اهـ

القول الرابع: أنها كانت في شهر ربيع الآخر.

وبه قال القاضي عياض من المالكية، والنووي من الشافعية في أحد أقواله الثلاثة.


القول الخامس: أنها كانت في ليلة السبت لسبع عشرة خلت من شهر رمضان.

حيث قال ابن سعد ـ رحمه الله ـ في كتابه "الطبقات"(1/1/142-143):
أخبرنا محمد بن عمر عن أبي بكر بن عبد الله بن سبرة وغيره من رجاله قالوا: (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل ربه أن يريه الجنة والنار فلما كان ليلة السبت لسبع عشرة خلت من شهر رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم في بيته ظهراً أتاه جبريل وميكائيل فقال: انطلق..)).
وإسناده ضعيف جداً، لأنه من طريق محمد بن عمر بن واقد الواقدي، وقد قال عنه علي بن المديني والبخاري ومسلم والنسائي: متروك الحديث، وقال أحمد بن حنبل: كذاب، وقال الذهبي: مجمع على تركه.

وهناك أقوال اخرى منهم من قال أنها كانت في شهر شوال.وبه قال الماوردي من الشافعية.
وأشار ابن كثير ـ رحمه الله ـ في كتابه" البداية والنهاية"(2/107) : أنها كانت في شهر ذي القعدة.
وقال القاسمي ـ رحمه الله ـ في تفسيره "محاسن التأويل"(6/431): أنها كانت في ليلة تسع وعشرين من شهر رمضان.


المبحث الثاني / عن ذكر بعض من أشار من العلماء إلى الاختلاف في زمن حصول هذه الحادثة.

أشار جمع كثير من العلماء والمؤرخين إلى الاختلاف في زمن وقوع حادثة الإسراء والمعراج، ودونكم بعضهم مع ذكر كلامهم:
أولاً: قال أبو عمر يوسف ابن عبد البر النمري القرطبي المالكي ـ رحمه الله ـ في كتابه "التمهيد"(8/48):
واختلفوا في تاريخ الإسراء.اهـ

ثانياً: قال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي القرشي البغدادي الحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه " الوفا بتعريف فضائل المصطفى"(1/161-162):
الباب الثالث والثلاثون

في ذكر معراج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الواقدي عن رجاله: كان المَسْرَى ليلة السبت لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان في السنة الثانية عشرة من المبعث، قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً.
ورَوى أيضاً عن أشياخ له قالوا: أُسْري برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة سبع عشرة من ربيع الأول قبل الهجرة بسنة.
وهذا قول ابن عباس وعائشة.
وسمعتُ شيخنا أبا الفضل بن ناصر يقول: قال قوم: كان الإِسراء قبل الهجرة بسنة، وقال آخرون: قبل الهجرة بستة أشهر.
فمن قال لِسَنة فيكون ذلك في ربيع الأول، ومن قال لثمانية أشهر فيكون ذلك في رجب، ومن قال لستة أشهر فيكون ذلك في رمضان.
قلت: وقد كان في ليلة سبع وعشرين من رجب.اهـ
ثالثاً: قال مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير الموصلي الشافعي ـ رحمه الله ـ في كتابه "أُسد الغابة"(1/12):
واختلفوا في الوقت الذي أسري به، فروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه أسري به ليلة سبع من ربيع الأول قبل الهجرة بسنة، وقال ابن عباس وأنس: أسري به قبل الهجرة بسنة، وقال السدي: قبل الهجرة بستة أشهر، وقال الواقدي: أسري به لسبع عشرة من رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً، وقيل: أسري به في رجب.اهـ

رابعاً: قال أبو عبد الله الأنصاري الخزرجي القرطبي الأندلسي المالكي ـ رحمه الله ـ في كتابه "الجامع لأحكام القرآن"(10/210أو138):
المسألة الثانية: في تاريخ الإسراء، وقد اختلف العلماء في ذلك أيضاً.اهـ

خامساً: وقال ابن سيد الناس اليعمري الأندلسي الشافعي ـ رحمه الله ـ في كتابه "عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير"(1/146-147):
وقد اختلف العلماء في المعراج والإسراء هل كانا في ليلة واحدة أم لا؟ وأيهما كان قبل الآخر؟ وهل كان ذلك كله في اليقظة أو في المنام أو بعضه في اليقظة وبعضه في المنام؟ وهل كان المعراج مرة أو مرات؟.

واختلفوا في تاريخ ذلك.اهـ
سادساً: قال ابن حجر العسقلاني الشافعي ـ رحمه الله ـ في كتابه" فتح الباري بشرح صحيح البخاري"(7/242-243 عند رقم:3888):
وقد اختلف في وقت المعراج، فقيل: كان قبل المبعث وهو شاذ، إلا إن حمل على انه وقع حينئذ في المنام كما تقدم، وذهب الأكثر إلى أنه كان بعد المبعث.

ثم اختلفوا، فقيل: قبل الهجرة بسنة، قاله ابن سعد وغيره، وبه جزم النووي، وبالغ ابن حزم فنقل الإجماع فيه، وهو مردود، فإن في ذلك اختلافاً كثيراً يزيد على عشرة أقوال، منها:
ما حكاه ابن الجوزي أنه كان قبلها بثمانية أشهر، وقيل: بستة أشهر، وحكى هذا الثاني أبو الربيع بن سالم، وحكى ابن حزم مقتضى الذي قبله، لأنه قال: كان في رجب سنة اثنتي عشرة من النبوة، وقيل: بأحد عشر شهراً، جزم به إبراهيم الحربي حيث قال: كان في ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة، ورجحه ابن المنير في "شرح السيرة لابن عبد البر، وقيل قبل الهجرة بسنة وشهرين حكاه ابن عبد البر، وقيل: قبلها بسنة وثلاثة أشهر حكاه ابن فارس، وقيل بسنة وخمسة أشهر، قاله السدي، وأخرجه من طريقه الطبري والبيهقي، فعلى هذا كان في شوال أو في رمضان على إلغاء الكسرين منه ومن ربيع الأول، وبه جزم الواقدي، وعلى ظاهره ينطبق ما ذكره ابن قتيبة وحكاه ابن عبد البر أنه كان قبلها بثمانية عشر شهراً، وعند ابن سعد عن ابن أبي سبرة: أنه كان في رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً، وقيل: كان في رجب حكاه ابن عبد البر، وجزم به النووي في "الروضة"، وقيل: قبل الهجرة بثلاث سنين، حكاه ابن الأثير، وحكى عياض وتبعه القرطبي والنووي عن الزهري: أنه كان قبل الهجرة بخمس سنين، ورجحه عياض ومن تبعه.اهـ
سابعاً: قال شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي المصري الشافعي ـ رحمه الله ـ كما في كتاب "الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية"(2/445سؤال رقم:112):
قد اختلف في ليلة الإسراء، فقيل: لسبع عشرة خلت من ربيع الأول قبل الهجرة بسنة، وقيل: ليلة سبع وعشرين من ربيع الآخر، وقيل: ليلة السبت لسبع عشرة خلت من رمضان قبل الهجرة بسنة ونصف، وقيل غير ذلك، والأول هو المشهور، فقد روي عن عائشة وأم سلمة وأم هانئ وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم.اهـ

وأخيرا: قال محمد بن يوسف الصالحي الشامي ـ رحمه الله ـ في كتابه "سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد"(3/65):
واختلفوا في أي الشهور كان الإسراء، فجزم ابن الأثير وجمع منهم النووي في "فتاويه" كما في النسخ المعتمدة، بأنه كان في ربيع الأول، قال النووي: ليلة سبع وعشرين، وجرى عليه جمع، وهكذا عن "الفتاوى" الأسنوي في "المهمات" والأذرعي - بفتح أوله والراء وسكون الذال المعجمة بينهما - في "التوسط" والزركشي في "الخادم" والدميري في "حياة الحيوان" وغيرهم، وكذا رأيته في عدة نسخ من "الفتاوى" وفي بعض النسخ من "شرح مسلم" كذلك، وفي أكثرها ربيع الآخر كما في نسخ "الفتاوى".

ونقله ابن دحية في "الابتهاج" والحافظ في "الفتح" وجمع عن الحربي.
والذي نقله عنه ابن دحية في كتابيه "التنوير" و"المعراج الصغير" وأبو شامة في "الباعث" والحافظ في "فضائل رجب": ربيع الأول.
وقيل: كان في رجب، وجزم به النووي في "الروضة" تبعا للرافعي، وقيل في رمضان، وقيل في شوال.اهـ

المبحث الثالث / عن الاحتفال في شهر رجب بذكرى حادثة الإسراء والمعراج.

هذه الحادثة العظيمة، والآية الكبيرة، والمعجزة الظاهرة، والحجة الباهرة، قد جاء إثباتها في القرآن المجيد، وتكاثرت بها نصوص السنة النبوية، واتفق العلماء على حصولها، ومع هذا كله لم يأت في الاحتفال بذكراها خبر ولا أثر ولا قول، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ، ولا عن أحد من التابعين، ولا عن أحد من أتباع التابعين، ولا عن أحد من أئمة المذاهب الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد.
بل هذا الاحتفال عندهم متروك مهجور.
فعمل تركُه وعدم فِعله قد وسع النبي صلى الله عليه وسلم، ووسع خلفاءه الراشدين المهديين أبا بكر وعمر وعثمان وعلي، ووسع الصحابة أجمعين، ووسع التابعين لهم، ووسع من تبعهم، ووسع أئمة المذاهب الأربعة: أبا حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، أفلا يسعنا نحن أيضاً ما وسعهم، فنتركه كما تركوه، ولا نفعله كما لم يفعلوه، بلا والله إنه ليسعنا، وإنا لهم لمحبون، وبهم إن شاء الله مقتدون، وعلى طريقهم سائرون.
وهذا الترك والهجر للاحتفال من هؤلاء القوم الأكابر الأجلاء يكفي كل مؤمن بالله، ومحب لرسوله ومعظم وموقر، في أن لا يكون من المحتفلين، ولا من الداعين إليه، ولا من المباركين به، ولا من الداعمين بمال وطعام وشراب لأهله.
ويكفيه في إبطاله والإنكار على أهله، أو على من يسهل ويهون من شأنه، إذ لو كان هذا الاحتفال من الخير والهدى، والرشد والصلاح، والتقى والبر، لما تركه أشد الناس تعظيماً وانقياداً ومحبة للنبي صلى الله عليه وسلم، وأرغبهم في الخير والإكثار منه، وأسرعهم إلى فعل الطاعات وأقواهم فيها، ألا وهم أهل القرون الثلاثة الأولى، وعلى رأسهم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ.
ومن لم يسعه ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن بعدهم من الترك والهجر فلا يلوم إلا نفسه، فإنه لا يسير إلا على طريق هلكة، ولا يمشي إلا سبيل غواية وابتداع، ولا يجني إلا الإثم والمذمة والخسران، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في خطبه: (( أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة )) رواه الإمام مسلم (68 ).وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) رواه الإمام مسلم (1718).
ومعنى هذا الحديث عند العلماء:

أن من أحدث في دين الله تعالى عبادة أو تقرب إلى الله بعمل ليس عليه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو دينه وشرعه وسنته وهديه، فإن هذا العمل وهذا الإحداث مردود على صاحبه، باطل غير معتد به، ولا مقبول منه.
ولا ريب أن الاحتفال بهذه الذكرى لم يكن عليه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يكن من هديه، وإنما أحدث بعده بمئات السنين، فيكون حكمه بنص الحديث المتقدم هو: الذم والرد لا المدح و القبول.
وفي الختام أقول لمن يحتفل بهذه الذكرى من إخواني من المسلمين ـ سددهم الله ـ:

أن كان فيكم ـ وفقكم الله إلى كل خير ـ نشاط ورغبة وعزم وتحمس لفعل الطاعات، والمنافسة والمسابقة إلى الحسنات المنجيات، والاجتهاد في العبادات، والإكثار والزيادة في القربات، فاتركوا عنكم هذا الاحتفال لا سيما بعد ما قرأتم عنه ما تقدم، ولا تخاطروا بأنفسكم، واسألوها وقولوا لها: يا نفس كم من العبادات والطاعات التي جاءت في القرآن الكريم، وثبتت في السنة النبوية، وأنت لا تفعلينها، ولا تجتهدين في تحصيلها؟ يا نفس هلم إلى فعلها والإكثار منها، والتزود قبل الوفاة، وقبل العرض والجزاء، يا نفس إن من العيب أن تقصري أو تتساهلي وتضعفي أو تتكاسلي في عبادات من أقوال وأفعال قد ثبتت فيها النصوص وتنوعت وتعددت، وتجتهدي في ما لم يدعو إليه أو يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا دعا إليه أصحابه ولا فعلوه.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وكتبه أخوكم: عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.
27/7/1432هـ
بعد الزيادة والتهذيب

منقول بتصرف

:2:

almojahed 07-02-2011 07:56 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحسن الله اليك أخي ابو عبد الرحمن و جزيت خيرا على هذا البحث المتعلق بوقت حدوث الاسراء و المعراج
بارك الله فيك

ابو عبد الرحمن 07-12-2011 08:44 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك اخي ابو جبريل وجزاك الله خيراعى المرور

ابونواف 12-11-2011 10:00 AM

جزاك الله خير الجزاء
قيم جدااا
مبدع دائما
ودي وتقديري لك

ابو عبد الرحمن 01-24-2012 11:03 PM

اخي الفاضل ابا نواف

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ام هُمام 01-25-2012 03:12 PM

بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على خير المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه اجمعين

بارك الله فيكم
اللهم إنـا نسألك مغفرة ً لذنوبنـا
و إزاحــة ً لهمومنـا
و تفريــجـاً لكــروبـنـا
و شفــاءً لمرضـانــا
و رحمــة ً لموتـانـا
و سعـادة ً تـغمــر قلوبـنــا
و تحقيقـاً لأحلامنـا و استجابـة ً لدعائـنـا


الساعة الآن 03:21 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009