حكمة نفيسة من كتاب الحيوان " للجاحظ"
قالوا : بعض القتل إحياء للجميع . وبعض العفو إغراء ، كما أنّ بعض المنع إعطاء ، ولا خير فيمن كان خيره محضا ، وشرّ منه من كان شرّه صرفا ، ولكن اخلط الوعد بالوعيد ، والبشر بالعبوس ، والإعطاء بالمنع ، والحلم بالإيقاع ، فإنّ الناس لا يهابون ولا يصلحون إلّا على الثّواب والعقاب ، والإطماع والإخافة . ومن أخاف ولم يوقع وعرف بذلك ، كان كمن أطمع ولم ينجز وعرف بذلك ، ومن عرف بذلك دخل عليه بحسب ما عرف منه . فخير الخير ما كان ممزوجا ، وشرّ الشرّ ما كان صرفا ، ولو كان النّاس يصلحون على الخير وحده لكان الله عزّ وجلّ أولى بذلك الحكم .
وفي إطباق جميع الملوك وجميع الأئمة في جميع الأقطار وفي جميع الأعصار على استعمال المكروه والمحبوب ، دليل على أنّ الصواب فيه دون غيره . وإذا كان الناس إنما يصلحون على الشّدّة واللين ، وعلى العفو والانتقام وعلى البذل والمنع ، وعلى الخير والشرّ ، عاد بذلك الشرّ خيرا وذلك المنع إعطاء وذلك المكروه محبوبا . وإنّما الشأن في العواقب ، وفيما يدوم ولا ينقطع وفيما هو أدوم ، ومن الأنقطاع أبعد . من كتاب ( الحيوان ) للجاحظ ( ١٥٩ هـ - ٢٥٥ هـ ) |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جزاكم الله خيرا |
الساعة الآن 11:28 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي