ملتقى أحبة القرآن - مُرافق ابن لادن يبايع الملك عبدالله

:1:

مُرافق ابن لادن يبايع الملك عبدالله
ــ قصة واقعية ــ

تجاوز الخمسين من عمره، البياض بدأ يغزو لحيته، ظهر في غاية من الصراحة والحماس، صرّح بأنه لا يجامل ولا يحابي وأن حياته وموته بيد الله تعالى وأنه لا يخاف في الله لومة لائم

قال عن نفسه أنه أحد مرافقي أسامة بن لادن، وأن ابن لادن كان يجري كثيراً من مكالماته من هاتفه المحموللخّص ما بنفسه في نقاط؛ من أهمّها أن بيعته لـ (الملا محمد عمر) أمير طالبان سابقاً، وأنه لا بيعة في عنقه لخادم الحرمين الشريفين؛ لا الملك فهد رحمه الله، ولا الملك عبد الله حفظه الله

ثبات عجيب وجرأة أعجب .. حتى آخر دقائق الجلسة!

قلتُ له: يا والدي؛ هذا دوري في الحديث، وتبقّى من الوقت سبعُ دقائق، إن أذنتَ لي أن أتحدّث تحدّثتُ وإلا ختمتُ الجلسة الآن!

فقال بتواضع: لا؛ بل تحدث، وقد ينفع الله بما تقول

تجرّأتُ وسألتُه: منذ متى وأنت مبايع لـ (الملا محمد عمر)؟

أجاب: منذ ستة أشهر

ثم سألتُه: ومنذ متى وأنت منقطع عن أخباره؟

قال: منذ ستة أو سبعة أشهر

فقلتُ: هذا يعني أنه من المحتمل أنه توفي منذ سنة!

قال: ربما!

الوقت يمضي، كلماتي يجب أن تكون منتقاة بعناية، حتى هذه اللحظة؛ لم يخطر بباله أنني أهدف لشيء ما، بدا له أنها أسئلة للتعارف أو التآلف!

قطعتُ لحظة البرود بطرح هذا السؤال: هل تدري ما يكون؟

قال متعجباً: لا!

قلت: هذا يعني أنك منذ سنة وليس لك ولي أمر!

غيّر طريقته في الجلوس، ثم أرسلَ نظرة استفهام! وكأنه يقول: أكمل!

واصلتُ كلامي: وجاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وليس في عنقه بيعة؛ مات ميتة جاهلية"

ثم ختمتُ قائلاً: يا والدي! لأن تموت زانياً شارباً للخمر حالقاً للحيتك؛ خير لك من أن تموت ميتة جاهلية! يا والدي؛ خمسون سنة قضيتَها في الإسلام؛ تختمها الآن بميتة جاهلية؟!

نعيش الآن أكثر لحظات تلك الجلسة صعوبة: أما أنا فقد سكتّ بعد أن نطقتُ بكلّ ما لديّ، وأما هو فقد أطرقَ لبرهة، وبقية الحضور انتابتهم لحظة ترقّب

لم أكن أتوقّع أن أرى دموع رجل في سنّه وجرأته وقوّته!

قال وعيناه تذرفان: أشهدكم أنني لم أتراجع عن شيء مما قلتُه؛ إلا عن البيعة، وأشهدكم أنني الآن أبايع الملك عبدالله ولياً لأمري

لم تقلّ فرحتي بتوبته عن فرحته هو بالهداية، عندها انتهت الجلسة على أمل أن تكون بيعته لولي الأمر منطلقاً له في تصحيح ما بقي من آرائه

بارك اللهُ فيك أيها الشيخ، وجزاك خير الجزاء على تجرّدك واستجابتك للحقّ، وأحسن لك في الدنيا والآخرة

الذي أريد أن أقوله:

أننا كثيراً ما نقرأ النصوص الشرعية قراءة عابرة! كقراءة مقال صحفي أو لوحة إعلانية! ولو تأملنا كلام الله وكلام رسوله والمأثور عن سلف الأمة لعرفنا الحق

لننفض غبار الهوى، ولنقبل على كلام الله وسوله والسلف الصالح؛ قراءة وفهما وعملاً

لنترجم اتّباع الدليل والتجرّد للحقّ على أرض الواقع بدلاً من الاكتفاء برفع الشعارات؛ فإنما هي روح واحدة وحياة واحدة

من المعين الصافي:

قال صلى الله عليه وسلم: "من كره من أميره شيئا فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية"

وقال: "إنكم سترون بعدي أثرة وأموراً تنكرونها" قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: "أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم"

وقال: "إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض"

قال أبو الدرداء: "أول نفاق المرء؛ طعنه في إمامه"

وقال: "إياكم ولعن الولاة" قيل: فكيف نصنع إذا رأينا منهم ما لا نحبّ؟ قال: "اصبروا؛ فإن الله إذا رأى ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت"

قال أبو إسحاق السبيعي: "ما سبّ قوم أميرَهم إلا حُرموا خيره"

قال معروف الكرخي: "من لعن إمامَه؛ حُرِمَ عدلَه"

قال أحمد بن حنبل: "لا يحلّ لأحد أن يبيت ليلة ولا يرى أن ليس له عليه إمام؛ برّاً كان أم فاجراً"

بندر المحياني