عرض مشاركة واحدة
قديم 08-22-2025, 03:06 PM   #5
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:





 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 0

امانى يسرى محمد غير متواجد حاليا

افتراضي

      




الجزء الثالث


﴿الحي القيوم﴾:
قال كثير من أهل العلم أنه اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب.

في حديث أبى أمامة مرفوعا أن اسم الله الأعظم في ثلاث سور، في سورة البقرة، وآل عمران، وطه.
قال أبو أمامة: ﴿فالتمستها فوجدت في البقرة: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾
وفي آل عمران: ﴿اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾
وفي طه: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّوم﴾.

﴿ لا تأخذه سنة ولا نوم ﴾
نتلوها كل ليلة قبل أن ننام ليحفظنا الله ويرعانا بعينه التي لا تنام.

(ولا يؤده حفظهما):
وإن الذي حفظ السماوات والأرض؛ لن يعجزه أن يحفظك من كل سوء، فاعبده وتوكل عليه.

(فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انْفِصَامَ لها):
العروة الوثقى هي الإيمان أو الإسلام أو التوحيد، فلتفلت كل العرى من يديك، ولتقبض على عروة الدين؛ لتبحر آمنا في بحر الحياة الهائج نحو شطآن الجنة.

(لا انْفِصَامَ لها):
إلا إن أراد العبد انفصامها! قال سعيد بن جبير: لا يُغَيِّرُ اللَّهُ ما بِقَوْمٍ حتَّى يُغَيِّروا ما بِأَنْفُسِهِم.



{ الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور }
وحَّد الله لفظ ( النور ) و جَمَع لفظ ( الظلمات )، لأن طريق الحق واحد، وطرق الباطل متعددة.

(الله وليُّ الذين آمنوا):
من كان الله وليّه، فلن يَضلَّ أبدا، ولن يُقهَر.

﴿ الله ولي الذين آمنوا ﴾ .. ﴿ ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ﴾ .
ومتى تولاك هل يضيِّعك؟!

﴿ الله وليُّ الذين آمنوا ﴾
على قدر إيمانك تكون ولاية الله لك.
1

﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾[البقرة: 254]:
قال عطاء بن دينار: والحمد لله الذي قال: ﴿والكافرون هم الظالمون﴾، ولم يقل: والظالمون هم الكافرون.

(وهو العلئ) [البقرة: 255]:
قال الماوردي:
«وفي الفرق بين العلي والعالي وجهان:
أحدهما:أن العالي هو الموجود في محل العلو وإن لم يكن مستحقا للعلو، والعلي هو المستحق للعلو.
الثاني:أن العالي هوالذي يجوز أن يُشارَك، والعلي هو الذي لايجوز أن يُشارَك»

(العظيم) [البقرة: 255]:
قال ذوالنُّون: «من أراد التواضع فلْيُوَجِّه نفسه إلى عظمة الله فإنها تذوبُ وتصفو، ومن نظر إلى سلطان الله ذهب سلطانُ نفسه؛ لأن النفوس كلَّها فقيرةٌ عندهيبته».

﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ [البقرة: 266]
مثل لسوء الخاتمة أو المرائي!
تلا عمر هذه الآية، وقال: هذا مثَل ضرب للإنسان يعمل عملا صالحا، حتى إذا كان عند آخر عمره أحوج ما يكون إليه عمل عمل السوء،
وقال السُّدِّي: هذا مثل المرائي في نفقته الذي ينفق لغير الله، ينقطع عنه نفعها أحوج ما يكون إليه.
أو مثل لشدة الحاجة للحسنات بعد الموت!
قال الحسن: «هذا مثل، قلَّ والله من يعقله من الناس: شيخٌ كبير ضعف جسمه، وكثر صبيانه، فقَد جنته أحوج ما كان إليها، وإن أحدكم والله لأفقر ما يكون إلى عمله إذا انقطعت عنه الدنيا».


﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾[البقرة: 271]:
أيهما أفضل في الصدقة: السر أم الإعلان؟
السِّرّ أوْلى في حالة ضعيف القلب الذي لا يأمن على نفسه الرِّياء.
والإعلان مع مجاهدة النَّفس من خطرات الرِّياء أوْلى للقوي الذي يأمن الرِّياء إذا قصد أن يدعو غيره إلى الاقتداء.



﴿الم (1) اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَّ الْحَيُ الْقَيُّومُ﴾ [آل عمران: 2]:
قال النبي ﷺ: «اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: ﴿وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ﴾[البقرة: 163]، وفاتحة آل عمران: ﴿الم اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾» صحيح الجامع رقم: 980

الدعاء باسمي الحي القيوم!
قال النبي ﷺ لابنته فاطمة يوما: «ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به؟
أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت: يا حي يا قيوم .. برحمتك أستغيث..وأصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا». السلسلة الصحيحة رقم: 227

﴿ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ [آل عمران: 3]:
التنزيل هو النزول مرة بعد مرة، والقرآن نزل منجَّما: أي شيئا بعد شيء، فلذلك قال: ﴿نَزَّلَ﴾، وأما التوراة والإنجيل فنزلا دفعة واحدة، لذا قال: ﴿وَأنْزَل﴾.

﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ﴾[آل عمران:5]:
اختباؤك بعيدا عن نظر الله علامة قلة عقل فضلا عن ضعف دين.




﴿فإن الله يأتي بالشمس من المشرق﴾:
آيات الله ساطعة بيِّنة، لكن انطماس البصيرة واعتياد رؤية المعجزات ألهى الناس عنها.

﴿ وإذْ قال إبراهيم ربِّ أرني كيف تُحيي الموتى قال أوَلَمْ تؤمن.. قال بلى ولكن لِيطمئنّ قلبي ﴾
ليس الخبر كـالـمُـعاينة !

(قالَ فَخُذ أربَعَةً منَ الطَّيرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيك }
فَصُرْهُنَّ إليك : ليس معناها ضعها في صُرَّة، وإنما معناها (فقطعهن)

﴿ والله يضاعف لمن يشاء ﴾:
كُلٌّ بحسب ما حوى قلبه من إخلاص ويقين وحسن ظن بالله، مضاعفات الأعمال تكون بحسب محتوى القلوب وتباين الأحوال.

﴿ الذين ينفقون أموالهم .. فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾؛
لا خوف عليهم مما يستقبلهم من أهوال، ولا يحزنون على ما أصابهم من مصائب



الأخلاق قبل الأموال! ..
﴿ (قولٌ معروف) ومغفرة خير من (صدقة) يتبعها أذى ﴾

(لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى):
ولذا قيل: من أعطى فمنَّ، كان كَمَن بَخِل وضنَّ.

في آيات الإنفاق قال الله
(وتثبيتا من أنفسهم):
منا من يُخرِج الصدقة بعد تردد، ومنا من يبذلها ثابت القلب غير متردد، لا يستوون عند الله!

(يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم):
لا تسرق وتتصدق، ولا تأكل الرشوة وتحج، فليتها ما زنت ولا تصدَّقت!

وعْد الشيطان في الإنفاق:
{الشيطان يعدكم الفقر}، ووعْد الله في الإنفاق: {والله يعدكم مغفرة منه وفضلا}،
فلينظر صاحب المال بأي الوعدين يثق !!
وما يَضرك وعد الشَّيْطَان مع ضمان الرحمن؟


﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ﴾[آل عمران:5]: قال القشيري:
«لا يتنفس عبد نفسا إلا والله مُحصيه، ولا يحصل فى السماوات والأرض أمر إلا وهو سبحانه محدثه ومبديه، هذا على العموم، فأما على الخصوص مع أوليائه: فلا رفَع أحد إليه حاجة إلا وهو قاضيها، ولا رجع أحد إليه فى نازلة إلا وهو كافيها».



﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ﴾[آل عمران:5]:
لا يخفى عليه منك سرُّ ولا علانية، فاحذر أن ينظر إليك نظرة بغض وغضب، وأنت لا تشعر بذلك فرحا بعصيان أو قرة عين باتباع شيطان .
قال بعض السلف لابنه: إذا دعتك نفسك إلى كبيرة، فارم ببصرك إلى السماء، واستح ممن فيها، فإن لم تفعل فارم ببصرك إلى الأرض واستح ممن فيها، فإن كنت لا ممن في السماء تخاف، ولا ممن في الأرض تستحي، فاعدد نفسك في عداد البهائم!
قيل لبعضهم: كيف تشكو إلى من لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء؟ فقال:
قالوا: أتشكو إليه ... ما ليس يخفى عليه؟!
فقلتُ: ربي يرضى ... ذُلُّ العبيد لديه

﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمِة﴾[آل عمران: 7]:
التَّخلية قبل التَّحلية!
قدَّم التخلية فقال: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا﴾، ثمَّ التحلية في قوله: ﴿وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً﴾، فقدَّم اللهُ سؤال تطهير القلبِ عمَّا لا يَنبغي له، على طلبِ تَزويده بما ينبغي له؛ لأنَّ إزالة الحشائش الضارة قبل غرس البذور النافعة هو عين الحكمة.

﴿بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾[آل عمران: 8]
لا يراد به الافتخار بالهداية، بل التَّوسُّل بها كنعمة من النِّعَم السَّابقة لاستجلاب النعم اللاحقة.

﴿ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ﴾[آل عمران:8]:
قال ابن عاشور: «دعاء علمه النبي ﷺ تعليما للأمة: لأن الموقع المحكي موقع عبرة ومثار لهواجس الخوف من سوء المصير إلى حال الذين في قلوبهم زيغ، فما هم إلا من عقلاء البشر، لا تفاوت بينهم وبين الراسخين في الإنسانية، ولا في سلامة العقول والمشاعر، فما كان ضلالهم إلا عن حرمانهم التوفيق، واللطف، ووسائل الاهتداء».

﴿رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ﴾[آل عمران:9]:
يصف الله دائما يوم القيامة بأنه لا ريب فيه، لأن البعض يستبعدون هذا اليوم عقلا لعدم إيمانهم، وكثيرون يستبعدونه غفلة وتكاسلا لضعف إبمانهم وقلة يقينهم



قال الحسن البصري:
قرأت في تسعين موضعا من القرآن أن الله قدر الأرزاق وضمنها لخلقه، وقرأت في موضع واحد:
﴿الشيطان يعدكم الفقر﴾.

( والله يعدكم مغفرة منه وفضلا):
قدَّم المغفرة لأنها أغلى جائزة، وهي مفتاح باب العطايا التي تحول دونها الذنوب.

حينما تهّم الصدقة ثم تتراجع؛ فاعلم أن الشيطان قد نجح في مهمته
﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْر﴾

(ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا}.
قال ابن عباس وأبو الدرداء وغيرهما: الحكمة: الفقه في القرآن.

{وَمَا للظالمين من أنصار}
حتى وإن امتلأت الأجواء من حولك بأنفاس الظالمين، فلا أحد يستطيع أن يمنع عنهم عذاب الله في الدنيا والآخرة.

{وَمَا للظالمين من أنصار}:
قالالقاضي شُرَيْح: الظَّالم ينْتَظر الْعقُوبة، والمظلوم ينْتَظر النَّصْر.




الله يمدحهم بقوله:
﴿إن تبدواالصدقات فنعما هي﴾!
ونتهمهم نحن في نياتهم! ما رأيك أن تتفرَّغ لنيّتك؟!

﴿ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء﴾:
تسلية للدعاة إن لم يلمسوا ثمرة جهدهم ونتيجة دعوتهم.

(وما تنفقوا من خير فلأنفسكم) ..
إنما تتصدق على نفسك لا على غيرك !!

من طرق إزالة الأحزان صدقة السر:
(الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).

﴿وأحل الله البيع وحرَّم الربا﴾
لا تَسميته بغير اسمه، ولا المقالات التي تمدحه، ولا الإعلانات التي تروِّج له، ستجعل ما حرَّم الله حلالا .


الدين يُسر، لذا فمنهج القرآن في التغيير؛
أن يوفِّر البدائل الطيِّبة قبل أن يحرِّم شيئا :
﴿ وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾.

﴿يمحق الله الربا﴾:
لا يطلب أحد شيئا من طريق حرام إلا عاقبه الله بنقيض قصده، طلبوا الربح من الربا فعوقبوا بفقد المال.

قبل أن تدخل أي معركة، تعرف على خصمك فيها!!
﴿ وذروا ما بقي من الربا......فإن لم تفعلوا فأْذنوا بحرب من الله ورسوله﴾

من لوازم الإيمان ترك الربا:
﴿ وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين﴾،
فالربا و الإيمان لا يجتمعان.
هناك معاص تؤذي صاحبها فحسب، أما الربا فضرره على الكُلِّ،
في الحديث:«ما ظهر في قوم الربا والزنا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله». صحيح الجامع رقم: 5634

﴿وإن كان ذو عُسْرة فنظرة إلى ميسرة﴾:
تكفيك هذه البشارة النبوية: «من نفَّس عن غريمهِ ، أو محَا عنه ، كان في ظلِّ العرش يوم القيامة». صحيح الجامع رقم: 6576

مهما أغرتك لذائذ السفر، فإياك ونسيان التجهز لرحلة العودة
(واتقوا يوما تُرجَعون فيه إلى الله).

(واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله)
آخر آية في القرآن، عن آخر يوم من حياتنا.
﴿ واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ﴾،
وقد توفي رسول الله ﷺبعدها بتسع ليال



﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ﴾[آل عمران:10]:
لم خصَّ الأموال والأولاد بالذكر؟!
لأن التصدق بالأموال يطفئ غضب الرب، واستغفار الأولاد يرفع درجة الآباء، وكذلك الصبر على موت الأولاد مما يرفع درجات آبائهم.

﴿قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ﴾[آل عمران:13]:
قال القشيري:
«إذا أراد الله إمضاء أمر قلَّل الكثير في أعين قوم، وكثَّر القليل فى أعين قوم، وإذا لبَّس على بصيرة قوم لم ينفعهم نفاذ أبصارهم، وإذا فتح أسرار آخرين فلا يضرهم انسداد بصائرهم».

﴿ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾[آل عمران:13]:
قال ابن عباس: «إن الله عز وجل أرى المسلمين أن المشركين هم ستمائة وكسر».
وقد أخبر الله أن المائة من المسلمين تغلب مائتين، فأراهم المشركين على قدر ما أعلمهم، ليقوي قلوبهم، وأرى المشركين أن المسلمين أقل من ذلك.

﴿زين للناس حب الشهوات﴾[آل عمران: 14]:
قال الإمام الرازي: «يدلُّ على أمورٍ ثلاثةٍ مُرتَّبةٍ، أوَّلُها: أنَّ المرء يشتهي أنواعَ المشتَهَيات، وثانيها: أنَّه يُحبُّ شهوتَه لها، وثالثها: أنه يعتقد أنَّ تلك المحبَّة حسَنة وفضيلة، ولَمَّا اجتمعت الدَّرجاتُ الثَّلاثة بلغت الغاية القصوى في الشِّدَّة والقوَّة، ولا يكاد ينحَلُّ ذلك إلَّا بتوفيق عظيم من الله تعالى».

﴿قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ﴾[آل عمران: 15]:
تسلية للمصابين في دنياهم، وتقوية لنفوس الزاهدين في متاعها، لأن نعم الآخرة خير من نعم الدنيا، فكل نعم الدنيا مشوبة بالمضرة، وأما نعم الآخرة فخالية من المضار بالكلية، ونعم الدنيا منقطعة، ونعم الآخرة باقية.



﴿ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ الله﴾[آل عمران: 15]:
هنا ذكر أربعة ألوان من النعيم، وما خفي كان أعظم: جنَّات تَجْري من تحتها الأنهار، والخلود، والأزواج المطهَّرة، والرضوان من الله.

﴿وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ﴾[آل عمران: 15]
الرضوان مصدر كالرضا، لكن يزيد عليه أنه الرضا العظيم، لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، والتنكير قُصِد به التفخيم والتعظيم.

﴿وأولو العلم﴾ [آل عمران: 18]:
متى تصل إلى مرتبة أولي العلم؟!
قال السعدي: «والشَّهادة لا تكونُ إلَّا عن عِلمٍ ويقين، بمنزلة المشاهدة للبصر، ففيه دليلٌ على أنَّ مَن لم يصِلْ في علم التوحيد إلى هذه الحالة، فليس من أولي العلم».

﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ ﴾[آل عمران: 19]:
قال النبي ﷺ: «من سمع بي من أمتي يهوديا أو نصرانيا، ثم لم يؤمن دخل النار». صحيح ابن حبان رقم: 4860

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ﴾[آل عمران: 21]:
خطورة عمل القلب! قال ابن عاشور:
»وإنما حمل هؤلاء تبعة أسلافهم لأنهم معتقدون سداد ما فعله أسلافهم، الذين قتلوا زكريا لأنه حاول تخليص ابنه يحيى من القتل، وقتلوا يحيى لإيمانه بعيسى، وقتلوا النبي إرمياء بمصر، وقتلوا حزقيال النبي لأجل توبيخه لهم على سوء أفعالهم، وزعموا أنهم قتلوا عيسى عليه السلام، فهو معدود عليهم بإقرارهم وإن كانوا كاذبين فيه، وقتل منشا ابن حزقيال ملِك إسرائيل النبي أشعياء: نشره بالمنشار لأنه نهاه عن المنكر، بمرأى ومسمع من بني إسرائيل، ولم يحموه».


﴿ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾[آل عمران: 21]:
لم يقتلوا كل النبييين، فلم ذكر النبيين جميعا؟
والجواب: أنهم بقتلهم لبعض النبيين قد استهانوا بمقام النبوة، ومن استهان بمقام النبوة بقتله لبعض الأنبياء فكأنه قد قتل الأنبياء جميعا، ونظير هذا قوله تعالى: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً﴾» .

﴿وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ﴾[آل عمران: 21]:
قال الحسن: «هذه الآية تدل على أن القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الخوف، تلي منزلته في العظم منزلة الأنبياء».

﴿وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ﴾[آل عمران: 21]:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. واجب كل العصور.



امانى يسرى محمد متواجد حالياً   رد مع اقتباس