عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-2025, 09:09 PM   #9
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:





 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 0

امانى يسرى محمد غير متواجد حاليا

افتراضي

      



الجزء الخامس
(والله يريد أن يتوب عليكم)
لا تعاند ربك فتؤذي نفسك؛ وذلك بإرادة المعصية والإصرار عليها.

(والله يريد أن يتوب عليكم .. }
{ يريد الله أن يخفف عنكم .. }
ما أحلم الرب في تودده إلى العبد !!

﴿ ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً ﴾:
هـل أدركت الآن حجم المؤامرة التي فضحها الله؟!

{وخلق الانسان ضعيفا)
فلا قوة له إلا بربه، فاقترب من ربك، واستمد منه القوة.

سئل الثوري عن قوله تعالى
{وخلق الانسان ضعيفا}:
ما ضعفه؟
قال: المرأة تمر بالرجل فلا يملك نفسه عن النظر إليها، وهو لاينتفع بها؟
فأي شيء أضعف من هذا؟!

﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفا ﴾:
خلقنا الله ضعفاء لنفتقر إليه، فإذا افتقرنا إليه قوينا!

﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفا ﴾:
بلغ من ضعفه أن كلمةً تُفرحه، وأخرى تُحزنه ، وثالثة تغضبه، ورابعه تُقلِقه،
فماذا أضعف من هذا؟!



﴿ولا تقتلوا أنفسكم﴾:
قال الفضيل بن عياض:
لا تغفِلوها عن ذكر الله، فإن من أغفلها عن ذكر الله -تبارك وتعالى- فـقـد قـتلهـا.

( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم):
مجرد اجتناب الكبائر يكفر عنا الصغائر!
أي كرم هذا؟!


لم نسمع بكريم قال لأحد: سَلْني، ثم لم يعطه، فكيف بأكرم الأكرمين؟!
وهو الذي قال: (واسألوا الله من فضله).
قال سفيان : ما أمر بالمسألة إلا ليعطي.


﴿ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض﴾ ﴿واسألوا الله من فضله﴾:
ادفع الحسد عن قلبك بدعاء ربك وسؤال فضله.

﴿ ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض﴾
نهى الله عن مجرد تمني ما في أيدي الغير،
فكيف بالعدوان وهو عمل الجوارح؟!

﴿ولا تتمنوا ما فضل "الله" به بعضكم على بعض ..﴾
ذكَّرنا الله بأن تفضيل بعضنا على بعض محض منحة إلهية لا دخل للعبد فيها؛
لئلا يسخط المفضول، أو يفخر الفاضل.



﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْب ﴾
تفقد المرأة من صلاحها بمقدار ما تفقد من حفظها سر زوجها.

﴿ فعظوهن﴾:
لطف الله بالنساء ورحم ضعفهن حتى جعل عقوبتهن مجرد كلمة!

((إن الله كان عليّا كبيرا }
لن يردع الزوج عن ظلم زوجته شيء أعظم من تذكره عظمة الله وعلوه وكبره!

صدق إرادة الإصلاح عند الزوجين من أهم أسباب التوفيق بينهما عند الخلاف
(إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما).

‏﴿ إن يريدا إصلاحا يُوَفِّق الله بينهما﴾:
قال القاسمي: من أصلح نيته فيما يتوخاه؛ وفّقَه الله تعالى لمبتغاه.

﴿والصاحب بالجنب﴾:
على الصاحب لصاحبه حق زائد على مجرد إسلامه من:
- مساعدته على أمور دينه ودنياه
- والنصح له
- والوفاء معه في اليسر والعسر
- وأن يحب له ما يحب لنفسه





﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾:
هب أن العالم كله ضجَّ بامتيازاتك وتكلم عن إنجازاتك، لكن الله لا يحبك!!

﴿ الذين يبخلون و يأمرون الناس بالبخل ﴾:
عجَبًا ممن لم يكتف بالبخل على نفسه، بل أمر الناس بالبخل وحثَّهم عليه.

﴿إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها﴾:
قال قتادة: لأن تفضُل حسناتي ما يزن ذرّة أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها.

﴿ ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا ﴾:
قال ابن عطية: الله إذا مَنَّ بتفضله.. بلغ بعبده الغاية!

﴿فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد﴾:
بكى الشهيد هنا، فماذا عن المشهود عليهم؟!

(وإن تك حسنة يضاعفها):
من مضاعفتها نشر ثناء الناس عليها، ودعاؤهم لصاحبها.


﴿وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا﴾:
يضاعفها إلى كم؟!
قال السعدي: إلى عشرة أمثالها إلى أكثر من ذلك، بحسب حالها، ونفعها، وحال صاحبها إخلاصا ومحبة وكمالا.

(لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ماتقولون)
كم من مُصَلٍّ غافلٍ من سكرة هواه، لا يعلم ما يتلوه في الصلاة.

﴿أو لامستم النساء﴾:
أعظم موضع يحتاج إلى التصريح هو موضع الأحكام الشرعية، ومع هذا كنَّى القرآن فيه، فحافِظ على رُقيِّ كلماتك في جميع أحوالك.

﴿لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى﴾:
قال السعدي: فيه إشارة إلى أنه ينبغي لمن أراد الصلاة أن يقطع عنه كل شاغل يشغل فكره.

الضال يتمنى أن يكون الناس كلهم مثله، كي لا يشعر بوحشة الانحراف:
(ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء).

إذا تخلى الناس عنك في كربك، فاعلم أن الله يريد أن يتولاك
(وكفىٰ بالله وليّاً) .

﴿ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء﴾:
يزكيك الله وينشر لك الذكر الحسن بقدر ما تقاوم تزكية نفسك ومدحها.

﴿بل الله يُزكّي من يشاء﴾:
إن لم تكن تزكيتك من رب الأرض والسماء، فلن ينفعك من الناس تزكيةً ولا ثناء.

﴿ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولايظلمون فتيلا﴾:
تزكية النفس عادة يكرهها الله وينفر منها الناس، فلماذا تفعلها؟!

﴿أم يحسدون الناس على ما أتآهم الله من فضله﴾:
لا تحسد أحداً على نعمة من النعم، وأنت لا تعلم ماذا حرمه الله أو أصابه من النقم!

الحاسد معترِض على ربه لا على من حسده:
﴿أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله﴾؟!

﴿كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب﴾
﴿كلما خبت زدناهم سعيرا﴾!
هذا حالهم.. كلما ظنوا تخفيفا زِيد في عذابهم، فمن الذي يطيق؟!

أخذ النبي ﷺ مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة فأمره ربه:
(إن الله يأمركم أن تؤدوا اﻷمانات إلى أهلها)،
فكيف بالأمانة في ما هو أعظم من مفتاح!


أعظم المواعظ مواعظ القرآن:
﴿إن الله نعما يعظكم به﴾.

{ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}:
قال السعدي: الأمانات يدخل فيها أشياء كثيرة، وأداؤها بأن يجعل فيها الأكفاء لها.

إذا أردت كشف المنافق، فتحاكم معه إلى الكتاب والسنة، وراقب موقفه:
{وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون…}

انصح سرا فهو أرجى للقبول
(فأعرِض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغاً).

﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم﴾:
إيمان بلا تسليم لأحكام الشرع هو محض هراء.

الاستقامة لا تعني فقط المداومة على الطاعات، بل لزوم الحق والإذعان له في كل الأحوال
﴿ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما﴾


من دلائل الإيمان الصادق: التسليم التام لأمر الله من غير حرج في النفس
﴿ثم لا يجِدوافي أنفسهم حرَجا مما قَضَيْتَ﴾

﴿ولو أنهم فعلوا ما يُوعظونَ به لكانَ خيرًا لهم﴾:
فعل المواعظ وتنفيذها من أهم أسباب الثبات على الحق.

أكثر الناس انتكاسًا ؛ أقلُّهم عملاً بما يوعظ به:
﴿ولو أنّهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرًا لهم وأشد تثبيتًا﴾.

﴿فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين (والصديقين) (والشهداء) ﴾:
قدَّم الصديق على الشهيد لأن الحياة في سبيل الله أصعب من الموت في سبيله.

﴿قل متاع الدنيا قليل﴾:
قليل .. لا يستحق أن تبكي على فقده، ولا أن تقلق من أجله.

﴿ متاع الدنيا قليل ﴾:
قال السعدي: لذات الدنيا مشوبة بأنواع التنغيص وزمانها منقضي، والآخرة دائمة النعيم وأهلها خالدون، فإن فكَّر العاقل عرف الأحق بالإيثار .




﴿وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾:
فهمت من هذه الآية أن أحزاني وقلقي ومخاوفي من صنع يدي ..
وأن سعادتي قرار شخصي، وأن الناس لا يستطيعون -مهما فعلوا- أن يشقوني.

﴿ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ﴾:
الابتلاء تذكيرٌ عمليٌ بذنوبك لتتوب منها.

﴿أفلا يتدبرون القرآن﴾:
قال ابن القيم: فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم.

اللسان في الفتن وقعه كوقع السيف، ومنهج المؤمن في الفتن إمساك اللسان، واستشارة العلماء الثقات
(ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم).

(وكان الله على كل شيء مقيتا):
الآية الوحيدة في القرآن التي ورد فيها اسم الله المقيت، فلا تحمل الهم، إنما أنت شيء من اﻷشياء، فلن يعجز المقيت أن يدبِّر (قوتك).

الشفاعة هي الوساطة في إيصال خير أو دفع شر، سواء كانت بطلب من المنتفع أم لا، وتكون بلا مقابل، ومنها الشفاعة للمظلومين، وفي الحديث: «اشفعوا تؤجَروا».
﴿من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها﴾


دين يعلِّمك الإحسان في كل شيء حتى في التحية
(وإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا)
ما أجمل (الكرم) ولو كان في (التحية).

"فمالكم في المنافقين فئتين"
ليس العجب من مرض المنافقين، ولكن العجب من انقسام أهل الحق فيهم إلى فريقين!

(فما لكم في المنافقين فئتين):
لما كان للمنافق وجهان ،
كان مفهوما أنْ يكون للصّالحين فيه رأيان مختلفان، بحسب ما يراه كل واحد منهما.

(ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها):
هم قومٌ من أسَد وغطَفانَ كانوا إذا أتَوا المدينةَ أسلموا وعاهَدوا ليأمنوا المسلمين،
فإذا رجعوا إلى قومهم كفروا ونكَثوا عُهودَهم ليأمَنوا قومَهم، وما هم بمخلصين الود لأي من الفريقين.

يظنون الحياد بين الحقّ والباطل كافيا، وأنه الطريق الأسلم، وما علموا أن هذا أول خطوة في طريق السقوط
(يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردّوا إلى الفتنة أُركسوا فيها).

(وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ)
وعليه، فلا يقتل القاتل حين يقتل متعمدا وهو (مؤمن).

(وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلاخطأ):
هذه صيغة من صيغ الامتناع والمبالغة في النفي، أي يمتنع ويستحيل أن يصدر من أي مؤمن قتل مؤمن! أي: متعمدا، وغرض الآية: تفظيع قتل المؤمن.

(ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا):
ليس معنى (يصدقوا) الصدقة بل المعنى هنا العفو، وسمِّي العفوُ عنها صدقةً حثاً عليه وتنبيهاً على فضله .

(ومن يقتل مؤمنا متعمدا....وأعد له عذابا عظيما):
عذابه عظيم حتى يكون (ألم المقتول) أهون ما يكون مقارنة (بألم القاتل).

(إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا):
حتى عند القتال لابد من التبين والتثبت، فلا شيء يبرر التهور في إصدار الأحكام على الآخرين .

إلى كل معلم!
قال ابن عاشور في قوله تعالى:
( كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليكم ...):
هي عظة لمن يمتحنون طلبة العلم فيعتادون التشديد عليهم.

محال أن يساوي الله بين عبد أسرع إليه وآخر أبطأ عنه:
(لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون).

{ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها}
أرض الله واسعة ومليئة بالفرص ومنح التغيير !
فاخرج إلى أرض جديدة إن ضاقت أرضك بأحلامك.

التعلل بالأعذار لا يصلح أن يكون مبررا للفشل والاستسلام
(قالوا كنا مستضعفين في الأرض قال ألم تكن أرض الله واسعة).

{ومن يهاجر في سبيل الله}:
الهجرة في أقصر تعريف:
دليل على أن دين المرء أغلى من وطنه.

(ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله):
نية المرء خير من عمله، وبعض نياتك تبلغ بك أعظم الدرجات، ولن ينقطع أجرها حتى بعد موتك.


{فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}:
قال السعدي: فقد حصل له أجر المهاجر الذي أدرك مقصوده بضمان الله تعالى، وذلك لأنه نوى وجزم، وحصل منه ابتداء وشروع في العمل، فمن رحمة الله به وبأمثاله أن أعطاهم أجرهم كاملا ولو لم يكملوا العمل، وغفر لهم ما حصل منهم من التقصير في الهجرة وغيرها.

نزلت في جندب بن ضمرة وكان قد بلغه وهو بمكة قوله- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ.. الآية فقال لبنيه: احملونى فإنى لست من المستضعفين، وإنى لأهتدى إلى الطريق، وإنى لا أبيت الليلة بمكة، فحملوه على سرير متوجها إلى المدينة- وكان شيخا كبيرا، فمات بالتنعيم، ولما أدركه الموت أخذ يصفق يمينه على شماله ويقول: اللهم هذه لك، وهذه لرسولك ﷺ أبايعك على ما بايع عليه رسولك- ثم مات- ولما بلغ خبر موته الصحابة قالوا: ليته مات بالمدينة فنزلت الآية (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى الله).

﴿ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا﴾:
كان الحسن البصري يقول: يا ابن آدم .. ماذا يعز عليك من دينك إذا هانت عليك صلاتك؟!

الصلاة فضلا عن أنها أفضل العبادات لكنها كذلك من أهم عوامل تنظيم الأوقات:
﴿إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا﴾

الألم واحد
﴿فإنهم يألمون كما تألمون﴾،
لكن الجزاء مختلف ومتفاوت
(وترجون من الله ما لا يرجون).


"إن تكونوا (تألمون) فإنهم يألمون كما تألمون (وترجون) من الله ما لا يرجون):
آلامك .. لا يخفِّفها عنك إلا رجاء ثواب الله.

{إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ الله مَا لاَ يَرْجُونَ}:
تشجيعٌ على الصبر، فليس ما تقاسونه من ألم خاصا بكم، بل يشارككم فيه الكفار والفجار، وإنهم ليصبِرون على آلامهم، فما لكم لا تصبرون!
مع أنكم ترجُون من حسن العاقبة في الدنيا، وثواب الآخرة ما لا يرجون ..
آه من جلَد الفجار وعجز الأبرار..

(وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً):
أي لأجل الخائنين مخاصما ومدافعا عنهم، فلا تخاصم اليهود من أجل خائن، ولو كان مسلما.
قال الشوكاني: «أي: لأجل الخائنين خصيما: أي مخاصما عنهم مجادلا للمحقين بسببهم، وفيه دليل على أنه لا يجوز لأحد أن يخاصم عن أحد إلا بعد أن يعلم أنه مُحِقٌّ».

(يختانون أنفسهم) لم يقل (يخونون)،
وهوافتعال دال على التكلف لقصد المبالغة في الخيانة، وممكن أن يخون الإنسان غيره، لكن كيف له أن يخون نفسه؟

(يختانون أنفسهم):
خيانة للنفس تكون بالغفلة عن العقوبة الآجلة بالشهوة العابرة العاجلة، فجعلت خيانة هؤلاء لغيرهم خيانة لأنفسهم، لأن سوء عاقبة هذه الخيانة سيعود عليهم،
ولهذا يقال لمن ظلم غيره: إنه ظلم نفسه.


﴿ يستخفون من الناس ولا يستخفونَ من الله وهُو معهم ﴾:
الخاص عند الله كالعام !
فراقبه على الدوام، ولا تستهن بنظره إليك في السر والإعلان.

﴿ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما﴾:
مـا أقـرب الله .. ما أرحم الله .. ما ألطف الله !!

(ومن يعمل سوءا أو يظلم '' نفسه '' .... }
أبشع الظلم ظلم النفس، لأنها أغلى ما تملك، ولا تستحق منك هذه المعاملة!
كيف لعبد أن يذبح نفسه؟!

﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِينا﴾:
قال القشيري: من نسب إلى أحد ما هو برىء منه من المخازي عكَس الله عليه الحال، وألبس ذلك البريء ثواب محاسن راميه، وسحب ذيل العفو على مساويه،
وقلَب الحال على المتعدّى بما يفضحه بين أشكاله، في عامة أحواله.

وقوع العبد في المعصية أهون عند الله من اتهام بريء بها
(ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً)
{فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}:
قال السعدي: فقد حصل له أجر المهاجر الذي أدرك مقصوده بضمان الله تعالى، وذلك لأنه نوى وجزم، وحصل منه ابتداء وشروع في العمل، فمن رحمة الله به وبأمثاله أن أعطاهم أجرهم كاملا ولو لم يكملوا العمل، وغفر لهم ما حصل منهم من التقصير في الهجرة وغيرها.

نزلت في جندب بن ضمرة وكان قد بلغه وهو بمكة قوله- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ.. الآية فقال لبنيه: احملونى فإنى لست من المستضعفين، وإنى لأهتدى إلى الطريق، وإنى لا أبيت الليلة بمكة، فحملوه على سرير متوجها إلى المدينة- وكان شيخا كبيرا، فمات بالتنعيم، ولما أدركه الموت أخذ يصفق يمينه على شماله ويقول: اللهم هذه لك، وهذه لرسولك ﷺ أبايعك على ما بايع عليه رسولك- ثم مات- ولما بلغ خبر موته الصحابة قالوا: ليته مات بالمدينة فنزلت الآية (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى الله).

﴿ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا﴾:
كان الحسن البصري يقول: يا ابن آدم .. ماذا يعز عليك من دينك إذا هانت عليك صلاتك؟!

الصلاة فضلا عن أنها أفضل العبادات لكنها كذلك من أهم عوامل تنظيم الأوقات:
﴿إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا﴾

الألم واحد
﴿فإنهم يألمون كما تألمون﴾،
لكن الجزاء مختلف ومتفاوت
(وترجون من الله ما لا يرجون).


"إن تكونوا (تألمون) فإنهم يألمون كما تألمون (وترجون) من الله ما لا يرجون):
آلامك .. لا يخفِّفها عنك إلا رجاء ثواب الله.

{إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ الله مَا لاَ يَرْجُونَ}:
تشجيعٌ على الصبر، فليس ما تقاسونه من ألم خاصا بكم، بل يشارككم فيه الكفار والفجار، وإنهم ليصبِرون على آلامهم، فما لكم لا تصبرون!
مع أنكم ترجُون من حسن العاقبة في الدنيا، وثواب الآخرة ما لا يرجون ..
آه من جلَد الفجار وعجز الأبرار..

(وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً):
أي لأجل الخائنين مخاصما ومدافعا عنهم، فلا تخاصم اليهود من أجل خائن، ولو كان مسلما.
قال الشوكاني: «أي: لأجل الخائنين خصيما: أي مخاصما عنهم مجادلا للمحقين بسببهم، وفيه دليل على أنه لا يجوز لأحد أن يخاصم عن أحد إلا بعد أن يعلم أنه مُحِقٌّ».

(يختانون أنفسهم) لم يقل (يخونون)،
وهوافتعال دال على التكلف لقصد المبالغة في الخيانة، وممكن أن يخون الإنسان غيره، لكن كيف له أن يخون نفسه؟

(يختانون أنفسهم):
خيانة للنفس تكون بالغفلة عن العقوبة الآجلة بالشهوة العابرة العاجلة، فجعلت خيانة هؤلاء لغيرهم خيانة لأنفسهم، لأن سوء عاقبة هذه الخيانة سيعود عليهم،
ولهذا يقال لمن ظلم غيره: إنه ظلم نفسه.


﴿ يستخفون من الناس ولا يستخفونَ من الله وهُو معهم ﴾:
الخاص عند الله كالعام !
فراقبه على الدوام، ولا تستهن بنظره إليك في السر والإعلان.

﴿ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما﴾:
مـا أقـرب الله .. ما أرحم الله .. ما ألطف الله !!

(ومن يعمل سوءا أو يظلم '' نفسه '' .... }
أبشع الظلم ظلم النفس، لأنها أغلى ما تملك، ولا تستحق منك هذه المعاملة!
كيف لعبد أن يذبح نفسه؟!

﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِينا﴾:
قال القشيري: من نسب إلى أحد ما هو برىء منه من المخازي عكَس الله عليه الحال، وألبس ذلك البريء ثواب محاسن راميه، وسحب ذيل العفو على مساويه،
وقلَب الحال على المتعدّى بما يفضحه بين أشكاله، في عامة أحواله.

وقوع العبد في المعصية أهون عند الله من اتهام بريء بها
(ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً)

﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا﴾[النساء :53]:
كان اليهود يقولون: نحن أَوْلى بالملك والنبوة، فكيف نتبع العرب؟!
فكذَّبهم الله تعالى وأبطل دعواهم بأنهم ليس لهم حظ من الملك ليفعلوا ذلك، ولو كان لهم حظ من الملك لما أعطَوْا أحدا مِن النَّاس ولو نقيرًا (النُّقطة التي على ظهرِ نواة التمرة).


﴿فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا﴾ [النساء :62]:
حلِف المنافقين كذبا هو ديدنهم عند تضييق الخناق عليهم وافتضاح أمرهم بين الناس.

﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء :64]:
دلَّت الآية على أن من تكررت منه المعصية والتوبة صحت توبته لقوله تعالى: ﴿تَوَّاباً﴾، وهو ما ينبئ عن التكرار.

﴿فَاسْتَغْفَرا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ﴾ [النساء :64]:
لم يقل: واستغفرتَ لهم، بل عدل عنه عن طريق الالتفات: ﴿وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ﴾،
تفخيما لشأن الرسول ﷺ، وتعظيما لشأن استغفاره لأصحابه، وتنبيها على أن شفاعة الرسول من الله ذات مكانة عالية.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾ [النساء :71]:
أخْذُ الحذر من أهم قواعد القتال لاتقاء خدع الأعداء، ويشمل ذلك أعمال الاستخبارات وجمع المعلومات وبث العيون والجواسيس، وهو لون من ألوان محاربة الأعداء بنفس سلاحهم.
قال أبو بكر لخالد يوم اليمامة: «حارِبهم بمثل ما يحاربونك به: السيف بالسيف، والرمح بالرمح».

﴿وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا﴾ [النساء :72]:
المصائب كواشفٌ لمكنونات القلوب من إيمان أو نفاق.


﴿وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [النساء :73]:
فوارق! الفوز العظيم عند المنافق هو ما كسبه من دنياه، وأما عند المؤمن، فما نال من أخراه.

﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ﴾ [النساء :74]:
حسَم المجاهد المعركة الدائرة في قلبه بين الدنيا والآخرة، فانتصرت الآخرة، فكان جهاده إعلانا عمليا أن الآخرة أغلى وأعلى وأبقى وأعظم.

﴿وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء :74]:
قدَّم الله تعالى القتل على الغلبة، للإشارة إلى حرص المجاهد على الشهادة، وأنه أشد من حرصه على الغلبة والنصر.

﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ﴾ [النساء :76]:
ما أجمل قول الرافعي يصف رسالة الفاتحين المسلمين: «لسنا على غارة نُغِيرها، بل على نفوس نُغَيِّرها».


﴿فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء :76]:
قال الفخر الرازي: «كان في قوله ﴿كانَ ضَعِيفاً﴾ للتأكيد لضعف كيده، يعني أنه منذ كان، كان موصوفا بالضعف والذِّلَّة».

﴿قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ﴾:
قلَّلها في عينك وزهَّدك فيها ليُهَوِّن عليك الإنفاق منها، ثم أخبرك أنك لو بذلت منها أقلَّ القليل،
فتصدّقتَ بشقّ تمرة لتخلَّصْتَ من النار، وهذا والله غاية الكرم.

﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ [النساء :78]:
وما أحسن قول زهير بن أبى سلمى:
ومن هاب أسباب المنايا يَنَلْنَه ... ولو رام أسباب السَّماء بِسُلَّم

﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [النساء :78]:
التشاؤم من المصلحين سُنَّة قديمة للمجرمين!
قال القرطبي: «نزلت هذه الآية في اليهود والمنافقين، وذلك أنهم لما قدم رسول الله ﷺ المدينة عليهم قالوا: ما زلنا نعرف النقص في ثمارنا ومزارعنا منذ قدم علينا هذا الرجل وأصحابه».

﴿فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [النساء :78]:
الكفر والنفاق يؤديان لانطماس البصائر، فلا يكاد أهله يفقهون ما يُلقَى عليهم من مواعظ، ولا يفهمون معنى ما يسمعون،
إذ لو فقهوا لعلموا أن الله هو القابض الباسط، وأنه المعطي المانع


يتبع
امانى يسرى محمد متواجد حالياً   رد مع اقتباس