(وَتِلْكَ الايام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ الناس)
الأيدي التي ألقت يوسف في الجب هي نفس الأيدي التي امتدت إليه تسأله: ﴿وتصدَّقْ علينا﴾
. الكريم لا يُكثر عتاب من يحب بل يعذره:
﴿ قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم (جاهلون) ﴾؛
فنسب محاولة قتلهم له إلى الجهل!
. خلاصة (أحسن القصص: سورة يوسف)
وأهم دروسها في عشر كلمات:
(إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين).
. (إنه من يتق ويصبر)
تعليل لجملة (منَّ الله علينا)، فبسبب التقوى والصبر منَّ الله عليهم.
. على الواعظ أن يغتنم الفرصة لإلقاء الموعظة، وهي عند تأثر السامع وانفعاله كما فعل ذلك يوسف حين قال:
(إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)
. [ قال لاتثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ]
من أتاك نادما معتذرا ، فلا تكثر عليه اللوم، يكفيه ما به من ندم.
. ﴿ قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم﴾
النفوس الكبيرة تتسامى على الجراح، وتتناسى الآلام، وتغفر زلات الكرام.
. ﴿ إني لأجدُ ريح يوسف ﴾
لم يقل: أشم أو أحس دلالة على يقينه وثقته، فللفرج رائحة لا يجدها إلا المتفائلون.
. (إن ربي لطيف لما يشاء):
لا يلمح لطفه إلا من نظر في حكمته، وأيقن أن قضاءه كله خير.
. (من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي)
وصف محاولات قتلههم له بأنها نزغات شيطان! نفوس كبيرة.
. (تَوفَني مُسلِماً و أَلْحقني بالصّالحين )
هـذه أسمى أمنيات الأنبياء، ومع هذا لا تخطر ببال كثير من الخلق!
. (توفني مسلما وألحقني بالصالحين)
دعوة يوسف عليه السلام بعد أن تربع عرش مصر وملك خزائنها، دلالة على الزهد في الملك، والشوق إلى لقاء الرب، وإيثار الآخرة.
. ﴿حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا﴾
لا يوجد أداة عطف بين (كُذِّبوا) و (جاءهم) إشارة إلىنزول النصر فورا ، وبلا تريث أو تأخير.
. ﴿يدبر اﻷمر﴾:
أي أمر، مهما كان عظيما أو حقيرا، سيدبره الله، ويسخِّر لك مِنْ مخلوقاته من يقضي حاجتك، ويفتح لك اﻷبواب المغلقة.
. ﴿ وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ﴾:
قال ابن عباس: أرجى آية في القرآن، قول الله (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم).
. (وكل شيء عنده بمقدار):
خطوات حياتك مرسومة بأدق مما تتصور، ولحكمة بالغة لا يبصرها إلا أصحاب البصائر لا الأبصار.
. (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ):
علت المغفرة على الظُّلم، فالظلم يتطلب العقاب، ولكن رحمة الله لم تُعامِل الظالم بما يستحق، لأن رحمتة سبقتْ غضبه.
. {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ }:
قال ابن كثير: قرن هذا الحكم بأنه شديد العقاب، ليعتدل الرجاء والخوف.
. (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه): أنت في موكب حفظ إلهي وحراسة ملائكية خاصة، فلا تقلق!
. (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه):
قال الألوسي: فوائد الحفظة للأعمال أن العبد إذا علم أن الملائكة عليهم السلام يحضرونه ويحصون عليه أعماله، كان أقرب إلى الحذر عن ارتكاب المعاصي،
كمن يكون بين يدي أناس أجِلّاء من خُدّام الملك، مُوَكَّلين عليه، فإنه لا يكاد يحاول معصيةً بينهم.
﴿ إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾:
كلنا يشكو أحوال الأمة، وينسى أنه إنما من أسباب الغُمَّة، فلو تغير لتغيرنا.
. قال ابن الجوزي: ومتى رأيت تكديرًا في حال، فاذكر نعمة ما شكرت، أو زلة قد فُعِلت،
قد قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).
. (ويسبح الرعدبحمده):
نظام كوني بأكمله يسبِّح الله،فكن جزءا من هذا النظام. كان عبد الله بن الزبير إذا سمع صوت الرعد ترك الحديث:
وقال: (سبحان من يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته).
. (وظلالهم بالغدو والآصال):
ظلال ساجدة، وأجساد جاحدة قال مجاهد: «ظل المؤمن يسجد طوعا وهو طائع، وظل الكافر يسجد طوعا وهو كارِه»..
. العمل الصالح هو الذي يبقى أثره في الأرض ما دام نفعه للناس باقيا:
(وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض)
. اصنع في حياتك ما ينفع الناس بعد موتك:
(وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
. (فأما الزبد فيذهب جفاء):
ولو انخدعت به الجماهير، وانجرفت معه زمنا طويلا، سيبقى الزبد عند الله زبدا.
. (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً):
قال القرطبي: ضرب مثلا للحق والباطل، فشبَّه الكفر بالزبد الذي يعلو الماء، فإنه يضمحل ويعلق بجنبات الأودية، وتدفعه الرياح، فكذلك يذهب الكفر ويضمحل.
|