بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخي أبو عبد الله على هذه المعلومات المفيدة والقيمة
أما بالنسبة لصبغ الشعر الأبيض هل يجوز أم لآ ؟
صبغ الشعر الابيض فقد وردت فيه أحاديث عديدة نذكر منها ما يلي:
1 ـ عن جابر بن عبد الله قال «جِيءَ بأبي قُحافة يوم الفتح إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وكأنَّ رأسَه ثَغامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اذهبوا به إلى بعض نسائه فلْتغيِّره بشيء، وجنِّبوه السواد» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنَّسائي وابن ماجة. والثَّغامة: هي شجرة بيضاء الزهر والثمر تنبت في أعالي الجبال.
2 ـ عن عثمان بن عبد الله بن مَوْهب قال «دخلت على أم سلمة، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنها، فأخرجت إلينا شعراً من شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخضوباً بالحِنَّاء والكَتَم» رواه أحمد وابن ماجة. ورواه البخاري دون أن يذكر الحناء والكَتَم. قوله الكتم - بالتحريك: نباتٌ صبغُهُ أسودُ يميل إلى الحمرة يُدق ويُخضب به. والحناء: معروف ولونه أحمر.
3 ـ عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إن أحسن ما غُيِّر به هذا الشيب الحنَّاء والكَتَم» رواه أحمد وأبو داود والنَّسائي وابن ماجة. ورواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
4 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم» رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود. وقد مرَّ .
وقد اختلف العلماء من السلف والخلف في حكم الخضاب، أي صبغ الشيب، فقال بعضهم: ترك الخضاب أفضل، رُوي ذلك عن أبي بكر وعمر وعلي وآخرين. وقال آخرون: الخضاب أفضل، رُوي ذلك عن ابن عمر وأبي هريرة، وعليٍّ في رواية عنه، وعثمان وسعد والحسن والحسين وعقبة بن عامر وابن سيرين. وقد علَّل الطبري هذا الخلاف بقوله (الصواب أن الأحاديث الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بتغيير الشيب وبالنهي عنه كلها صحيحة وليس فيها تناقض، بل الأمر بالتغيير لمن شيبه كشيب أبي قحافة، والنهي لمن له شمطٌ فقط). والشَّمط هو القليل من الشعر الأبيض. وأضاف الطبري (واختلاف السلف في فعل الأمرين بحسب اختلاف أحوالهم في ذلك، مع أن الأمر والنهي في ذلك ليس للوجوب بالإجماع، ولهذا لم ينكر بعضهم على بعض) وقال أحمد - وقد رأى رجلاً قد خضب لحيته -: إني لأرى رجلاً يُحيي ميْتاً من السُّنَّة. وفرح به، وهذا يدل على أنه يرى الخضاب سُنَّة، أي مندوباً . وقال النووي وهو من الشافعية (مذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصُفْرة أو حُمْرة، ويحرم خِضابه بالسواد على الأصح).
والذي أذهب إليه هو أن الخِضاب سُنة ، وأنه أفضل من تركه ، وهذا هو ما تدل عليه الأحاديث ، فطلب الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن نخالف بالصبغ اليهود والنصارى يكفي قرينة على الندب، وهذا الطلب عام يشمل شعر الرأس وشعر اللحية، ويشمل الشيب الكثير والشيب القليل، وتتحقق السُّنة باستعمال أية مادة صالحة للصّباغ، أمّا ما ذُكر في الأحاديث من أن الصباغ بالحناء والكَتْم حسن، فإنه لا يدل على أن الصباغ بغيرهما غير حسن، فقد ورد في َآثار الصحابة أنهم كانوا يصبغون بالورس، ويصبغون بالزعفران، وما ذكر في الأحاديث من مواد صابغة إنما خرج على الأعم الأغلب لا غير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجامع لأحكام الصلاة/ محمود عبداللطيف عويضة.-
ط 3.- عمان: المؤلف، 2004 ص 219