بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا وبراك فيك
اعلم رحمك الله ان حكم النقاب مسألة خلافية بين أهل العلم ، فمنهم من قال بالوجوب ، ومنهم من قال بسنيته ولكل فريق أدلته ، ولكن لو بحثنا في الكتاب والسنة ، فليس هناك أمر بتغطية وجه وكفى المرأة أمام الأجانب بصيغة قاطعة الدلالة على الوجوب ومن المعلوم ان الإيجاب حكم تكليفي لا بد له من نص صريح يحسم مادة الخلاف ، فأدلة موجبي تغطية الوجه إما نص غير صريح الدلالة على الوجوب . بل دلالته على جواز كشف وجه المرأة أقوى من دلالته على وجوبه مثل آية الإدناء أو نص غاية ما فيه المشروعية لا الوجوب كتغطية أمهات المؤمنين وجوههن أو نص خارج عن محل النزاع كسؤال أمهات المؤمنين من وراء حجاب فهو خاص بمخاطبة النساء في المساكن سواء كن منتقبات أو غير منتقبات ،أو الاستدلال بسد الذرائع وهذا يستلزم تغطية وجه الرجل أيضا ، وأدلة الجمهور أولا هي الأصل ،وليس في مخالفيهم ما يدفع هذا الأصل دفعا صحيحا خال من معارض معتبر ،و ثانيا أدلة الجمهور في الغالب ،وإن عورضت من قبل مخالفيهم فاعتراضهم ليس اعتراضا معتبرا ،وإنما احتمال يخالفه الدليل ..
واليك بعض النصوص الدالة على ان النقاب سنة على سبيل المثال لا الحصر :
- قال النبي صلى الله عليه وسلّم : « إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لا تعلم »رواه احمد في مسنده .. الحديث ليس نصا في رؤية الخاطب وجه مخطوبته فقط ؛ لأن النظر في الحديث مطلق غير محدد ، وأحاديث النظر للمخطوبة جاءت مطلقة لم تحدد مقدار نظر الخاطب لمخطوبته ، و لذلك اختلف العلماء في مقدار نظر الخاطب لمخطوبته على أقوال منهم من قال ينظر للوجه والكفين ، و هو مذهب الجمهور ومنهم من يقول ينظر لمواضع اللحم كالأوزاعي ومنهم من يقول ينظر لجميع جسدها وهو رواية عن أحمد ومنهم من يقول ينظر لما يظهر عادة كالوجه والكفين والشعر وخلافه .
- عن عبد الله بن عباس قال : كان الفضل رديف النبي صلى الله عليه وسلم. فجاءت امرأةمن خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر. فقالت: « يا رسول الله . إن فريضة الله على عباده في الحج .أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه ؟ ». قال :« نعم » . و ذلك في حجة الوداع . وفي رواية أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس يومالنحر خلفه على عجز راحلته . وكان الفضل رجلاً وضيئاً. فوقف النبي صلى الله عليه وسلم للناس يفتيهم ، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فطفق الفضل ينظر إليها ، وأعجبه حسنها. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم – والفضل ينظر إليها– فأخلف بيده ، فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها. فقالت: « يا رسول الله . إن فريضة الله في الحج على عباده،أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستوي على الراحلة ، فهل يقضي عنه أن أحج عنه ؟ ». قال :« نعم » . وفي رواية علي : « وجعلت تنظر إليه أعجبها حُسنه ". قال العبّاس : يا رسول الله لِمَ لويت عنق ابن عمّك؟ فقال : " رأيت شاباً وشابة فلم ءامن الشيطان عليهما »
- حديث فاطمة بنتقيس: فقد طلقها البتة أبو عمرو بنحفص وهو غائب ، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال : والله ما لك علينا من شيء ، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال : ليس لك عليه نفقة ، فقال لها " انتقلي إلى أم شريك" وأم شريك امرأة غنية، من الأنصار. عظيمة النفقة في سبيل الله. ينزل عليها الضيفان. فقلت: سأفعل. فقال "لا تفعلي . إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان . فإني أكره أن يسقط عنك خمارك ، أو ينكشف الثوب عن ساقيك ، فيرى القوم منك بعض ما تكرهين. ولكن انتقلي إلى ابن عمك ، عبدالله بن عمروبن أم مكتوم .
- حديث جابر بن عبد الله قال : ( شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله ، وحث على طاعته ، وعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال : تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء ( أي : جالسة في وسطهن ) سفعاء الخدين ( أي : فيهما تغير وسواد ) فقالت : لم يا رسول الله ؟ قال : لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير قال : فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتمهن .
- حديث المرأة التى وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله جئت لأهب نفسي لك فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست فقام رجل من أصحابه فقال أي رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها قال هل عندك من شيء فقال لا والله ما وجدت شيئا فقال انظر ولو خاتما من حديد فذهب ثم رجع فقال لا.... "
- حديث لا تنتقب المرأة المحرمة ولاتلبس القفازين .
وجه الدلالة : لو كان النقاب فرضاً ماجعل من محظورات الإحرام فالمحظورات لا تقع إلا على المباحات والمندوبات ، فلا يمكن أن يكون النقاب فرضًا ثم يحرم فى الإحرام ، و النهى لم يعقب بلزوم تغطية الوجه .
فالخلاصة أن جميع جسد المرأة أمام الأجانب عورة إلا الوجه والكفان ، ويجب عليها أن تتجلبب . وإن أرادة المرأة التأسى بأمهات المـؤمنين زوجات خاتم المرسلين وغالب نساء الصحابة و التابعين عليها بلـبس النقاب ، فهو الأستر و الأفضل للمرأة ، والجـزاء على قـدر المشقة .
بارك الله فيكم وجزام خيرا
|