فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الإسلام لا يُقال، ما فيه إنك تدخل في الإسلام اليوم، وتأتي تقول غداً أنا بطلت، يعني المسألة ما هي بفوضى، دخلت في الدين خلاص، خرجت من الدين هذا ارتداد، يقام عليه الحد. فقال الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم إني لم أصب في ديني هذا خيراً، أذهَبَ بصري ومالي وولدي، فقال النبي صلى الله عليه وسلمإن الإسلام يسبك الرجال كما تسبك النار خبث الحديد والفقه، وقيل ونزلت فيه هذه الآية ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾. لاحظ حتى في قراءة حرف، الحرف هو طرف الشيء، كما قال الله سبحانه وتعالى على (شفا جرف)، يعني أنه معرّض للانحراف بأسهل طريقة يعني إيمانه ضعيف لدرجة أنه ممكن يتأثر بأيّ مؤثر. قال (فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ)، يعني الآن هذا اليهودي لو زاد ماله وكثر أولاده لقال والله الدين الإسلامي هذا كله خير، لا، الإسلام ليس بالهوى، والله سبحانه وتعالى أعلم بما في قلوبنا، ولذلك لاحظ كيف أن الله يركّز على هذا في القرآن قال ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾. وهذا الرجل علم الله ما في قلبه من الكذب ومن عدم الصدق مع الله سبحانه وتعالى فبتلاه فبهذه الابتلاءات ولذلك شوف مثل هذه الابتلاءات الذي ابتلي بها هذا الرجل وقعت لعدد من الصحابة وعدد من المسلمين، فما زادتهم إلا ثباتاً مثل مصعب بن عمير رضي الله عنه ومثل أيضاً عروة بن الزبير عندما مات أولاده وذهبت رجله، فما زاده إلا إيماناً وتسليماً في سبيل الله سبحانه وتعالى. يبتلى الإنسان، وإذا لم يبتلى الإنسان المؤمن فمن الذي يبتلى؟! فإن الله سبحانه وتعالى قال في أول سورة العنكبوت ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ فالابتلاء سنّة ماضية، ولكن يتفاوت الناس في درجات الابتلاء، والله هو الذي يقدّر سبحانه وتعالى. لذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال أشد الناس بلاءً الأنبياء، ولذلك إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو سيد الأنبياء وهو من إبراهيم عليه السلام إلى اليوم كل الأنبياء من ذريته، وهذا فضل عظيم، يعني تخيل كل أبنائه وأسرته كلهم أنبياء هذا شرف عظيم ناله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فأبناؤه كلهم أنبياء إسحاق وإسماعيل كل أنبياء بني إسرائيل من ذريته، ومحمد عليه الصلاة والسلام من ذريته، فابتلاه الله ابتلاء عظيماً، أولاً ابتلاه بتكذيب أبيه له، يعني لاحظ العادة أن والدك أشد الناس فرحاً بتميّزك، يعني الآن المفروض أن والد إبراهيم كان أول من يسارع إلى التصديق به، يعني كم تساوي أن يكون ابنك نبياً؟! رسول مرسل من الله، لكن للأسف أنه كان هو أشد الناس عداوة لابنه إبراهيم وقال (لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) مريم) وفعلاً خرج وقال (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ (47)) خرج إبراهيم، فهذا أول ابتلاء .
|