عرض مشاركة واحدة
قديم 10-22-2012, 08:52 PM   #13
مشرفه ملتقى فيض القلم


الصورة الرمزية المؤمنة بالله
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 105

المؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of light

افتراضي

      

الفصل الثالث عشر



كانت الأيام التي تبعت تلك الليلة المحمومة التي اعتبرها غياث نقطة البداية في فجر حياته الجديدة00
حافلة بالأحداث فبعد خمسة أيام قضاها غياث بن عبد المغيث في كثير من الصمت والتفكير الهادئ في مستقبل حياته الجديدة،توصل إلى أنه لاحق له فيما ينعم به من المال وأن هذه الأملاك الواسعة والعبيد و الزروع وحتى جاريته الأثيرة على قلبه عطر،كلها ملك ورثة ذاهب المقدسي0 وأن عليه أن يسلم لهم كل شيء00بما في ذلك النصف المتبقي من الذهب في الخرج0لقد أمضى الأيام الأخيرة متأملاً في نفسه، وفي الشيء الذي يتدفق على قلبه في كسبه الطمأنينة التي لم يعهدها في أيام فقره أو أيام ثروته!

لقد عزم أن يصارح معبد بن ذاهب في كل شيء،ثم يمضي وحيداً خالياً00كما جاء وحيداً00
وكره بغداد وجوارها وآثر أن يذهب للقاء والديه،و ينطرح تحت أقدامهما ويسألهما الصفح،ثم يذهب إلى الثغور للجهاد في سبيل الله، فلم يعد شيء يهُّمه غير لقاء الله والرحيل عن الدنيا التي اكتشف مؤخراً أنها نواة الشقاء في حياته الماضية00واعتزم أن يصلح ما بينه وبينربه00واستولى عليه هم الآخرة00 وبذل دموعه بسخاء أسفاً على أيامه الخالية0وماكاد يصل إلى هذا الحد من التخطيط لمستقبله حتى أحدقت به الأخطار من جديد!!

فقدمضى في إحدى الصباحات الباكرة إلى البئر اليابسة التي قذف فيها بثيابه القديمة،وتدلى بحبل ونزل إلى القاع اليابس وبحث في التراب حتى وجد صرة ثيابه فاستخرجها وغسلها على شاطئ النهر00كأنه شاعرٌ أنه يغسل ماضيه0وجلس ينتظرها لتجف،ثم جمعهاوأراد الذهاب،لولا أن استوقفه وجه مألوف لديه فهتف في دهشة:
-مروان؟!!

و آسفه أن خنجره ليست معه00وقذف الصرة من يده وباعد بين رجليه استعداداً للعراك00 لكن مروان خاطبه بصوت يفيض بالحزن لا بالشر:
-نعم مروان00صاحبك في تلك الحجرة!

-إذاً فقد نجوت!؟

-نعم00 لقد وصلت إلى بغداد وعالج الطبيب جرحي00 وقد صدقت يا غياث فالجرح قد اخترق البطن ولم يمس الأحشاء00 هل تذكر عندما قلت لي ذلك؟!

وتأمله غياث فوجده كما تفارقا تلك الليلة إلا أنه أصبح مشموط اللحية بالبياض0 وقال مروان:
-لقد قضينا معاً ساعات عصيبة00وكتبت لنا النجاة من بين الآخرين أليس كذلك؟

فرد غياث وقد زاولته الريبة لكنه لم يكن راغباً في مواصلةاللقاء:
-لقد مضت تلك الأيام بخيرها وشرها0

-لولا جهودك يا غياث لما كنت أنامن الأحياء!

-لست في حاجة إلى إطرائك يامروان00بقدر ما أود معرفة سبب مجيئك؟!

-جئت للقائك00 وهذا كل ما في الأمر!

لم يكن بيني وبينك علائق ومودة00وقد مضيت أنا إلى سبيلي ومضيت أنت إلى سبيلك0

-قد لا تصدقني 00ولكن لاتسيء بي الظن فتقف وقفتك هذه00 وتحسب أني جئت لقتالك من أجل ذلك الذهب المأفون!!

وسكت قليلاً ثم قال بنبرة صادقة امتصت كثيراً من توتر غياث وتجهَّمه0

-يا غياث 00أنت فتى شجاع وقوي، والذي سيقاتلك سيكون الخاسر في النهاية!

-قلت أني لست في حاجة إلى إطرائك00؟

-لست في حاجة إلى إطرائي00ولكنك في حاجة إلى نصيحتي!

-وبماذا تريد أن تنصحني؟!

-أريد أن أحذرك من حنظلة00 هذا ما جئت من أجله0

-حنظلة!!
وأين هو حنظلة؟

-حنظلة في بغداد00ولم يتبقَ من أعدائك أحدٌ سواه0

-وأنت؟!

-أنا لست من أعدائك ياغياث00أنا أحس بالولاء لك منذ كنافي بيت الطين، ولولا حنظلة ما رأيت صفحة وجهي!

-وكيف عرفني حنظلة وهو لم يرني ولم يعرف اسمي؟أحنى مروان رأسه إلى الأرض وقال متلعثماً:

-لقد اضطررت إلى إخباره باسمك ومكان بستانك00تخبره عني وعن مكاني،ثم تدعي أنك صاحبي وأنك تودني؟!!

-أقسم لك بالله أني ما كنت لأفعل لولا أن هاجمني ليلاً في بيتي بالبصرة00ووضع خنجره على عنق أحد أولادي وهددني بذبحه مثل الشاة إذا لم أخبره عنمكان الذهب والأموال00ولم أصدق أنه ينوي قتل الصبي حتى رأيته يجرح عنقه بحد السكين جرحاً صغيراً ليؤكد لي أنه عازم على تنفيذ تهديده!

-ومتى كان ذلك؟

-قبل شهر0

-وكيف عرفت أنت مكاني واسمي؟

-اسمك عرفته عندما سمعتك تنطق به وأنت تقتتل مع سعيد00 ومكانك عرفته عندما رأيتك في بغداد موافقةً بعد أسابيع من ليلتنا تلك،وتتبعتك إلى البستان وسألت أحد مواليك فخبرني باسمك كاملاً،ولكنني كنت قد عزمت على أن أدعك وشأنك إكراماً لك على ما بذلت في سبيلي0

-ولكني لم أصنع شيئاً يستحق كل هذه التضحية منك؟!

-لا يهمني أن تشعر بمعروفك أو لا تشعر00 يكفيني أنني أعتقد هذا00ربما أكون لصاً وأحمقاً غبياً يا غياث ولكني لست وقحاً ولا جاحداً!

وفي خليط من المصانعة والتصديق قال غياث:

-أنت رجل طيب يامروان00سأعمل بنصيحتك00لكن قل لي لماذا لم يبحث عني حنظلة طوال تلك الأيام؟

-لأنه لايعرفك00ولأنه منذ ذلك الحين إلى أن هاجمني في البصرة وهو في السجن0

-لماذا سجن؟

-لقد لحقني عندما هربت بالفرس إلى بغداد،وشاء الله ألا يدركني إلا في بغداد، وحاول قتلي فصرخت واجتمع الناس عليه ليجدوني مشقوق البطن وهو ممسك بسيفه00فعلموا أنه يريد قتلي00 وزعمت أنه هو الذي طعنني فحملنا الناس إلى الوالي00وشهدوا عليه بما رأوا وحكم عليه أن يحبس عاماً كاملاً،وكرهه الخليفة وقد كان من مجالسيه فزاد في مدته بضعة أشهر0

-ولماذا لم يقتلك في البصرة وقد ظفر بك؟

-لو قتلني لعلم الناس بذلك،ولأخذوه لأنهم يعلمونما بيني وبينه من العداوة 00 ويعلمون أنه قد حاول قتلي في بغداد0وفي مخادعة قال غياث:
-وأين كان أخوك سعيد؟

-سعيد هو سبب شقائي00لقد بكيت عليه كثيراً وبكيت منه00إنه اليوم شرير ومسكين بائس!!
وقد افتقدته منذ ذلك اليوم الذي هربت فيه بالفرس00وظننت أنه قتل في الحجرة00فذهبت بعدما شفيت لأبحث عنه حياً أو رميماً00فماوجدت هناك سوى بقايا الحريق،وبحثت في الأنقاض فلم أجد شيئاً00فرجعت وسألت عنه في بغداد فلم يعرفه أحد،إلا شخص قال أنه رآه في السوق مرً ولم يره بعد ذلك!!

ومسح عبرة فرت من عينه ثم قال:
-وذهبت إلى البصرة أتلمس أخباره،فما ظفرت بأكثر مماظفرت به في بغداد00 ويئست وانكفأت على نفسي حتى جاءني من أخبرني أنهم وجدوه على شاطئ دجلة ميتاً متعفناً بالقرب من بيت الطين00وقد أخرجوا من جوفه ماءًكثيراً00فعلمت أنه مات غريقاً فهو لا يعرف السباحة00 وقد نجا من الغرق مراراً لكن تلك كانت الأخيرة0

-ولماذا دخل النهر وهو لا يعرف كيف يسبح؟

-ربما ذهب لاستخراج الذهب الذي قذفت به في قاع النهر!

ثم مسح دموعه ثانية، وأسهب في الكلام عن سير شقيقه وقد وجد في ذلك عزاء له:
-لقد مات أبي وأنا في العشرين من عمري،أماهو فكان في سن الخامسة00 ولم يكن له عائل إلا أنا00وطفقت أعمل لأعيشه وأعيش أهلي ووالدتي ثم أولادي فيما بعد00 وعندما كبر حاولت مراراً أن أشركه معي في أعمالي00لكنه بدأ يصاحب اللصوص والمنحرفين،وحاولت ثنيه عما فيه00وبدلاً من أن أرده إلى جادة الصواب استجرني هو،وبدأت أشاركه طريقته وسرقاته!







التوقيع:




من مواضيعي في الملتقى

* من اقوال الحكماء!
* ما فائدة قراءة القرآن إذا كنت أنساه ؟!
* تفسير الاحلام. ليس تنجيماً او دجلاً ..
* أنواع الأنفس
* لا يَحطِمَنَّكُم
* صفه العفه في القران
* أختبر معلوماتك في القرآن

المؤمنة بالله غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة المؤمنة بالله ; 11-10-2012 الساعة 09:36 AM.

رد مع اقتباس