عرض مشاركة واحدة
قديم 06-06-2012, 11:53 PM   #1
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 0

خديجة غير متواجد حاليا

افتراضي الفرق بين "يشرب منها" ، و"يشرب بها"

      


الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين




قال تعالى:﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴾(الإنسان:5- 6) ،

فأخبر سبحانه عن الأبرار أنهم يشربون من كأس ممزوجة بالكافور ؛ لبرده وعذوبته وطيب عرفه .

وجيء بـ( كان ) في جملة الصفة لإِفادة أن ذلك الكافور هو مزاج الخمر ، لا يفارقها أبدًا .
ثم أبدل تعالى منه قوله :﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ﴾ ، فدل بذلك على أن هذا الكافور تجري به عين في الجنة ، من زيته ،

وهو شرابه المستَخرَج من شجره . ومعنى كونه عينًا : أن شرابه المستخرج منه كثير كماء العين .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا :

لماذا قال تعالى في الآية الأولى: ﴿ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ ﴾ ، فذكر الأداة ( من ) ،
وقال في الآية الثانية :﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا ، فذكر ( الباء ) ؟ وهل من فرق بينهما ؟



والجواب عن ذلك :


أولاً- أن الأصل في فعل الشرب أن يُعَدَّى إلى المفعول بنفسه ؛ كقولك : شربت الماء ، وشربت الحليب . وكثيرًا ما يحذف ذلك المفعول للعلم به ؛

كما في قوله تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ (الواقعة:68) . أي : الماء الذي تشربونه ،

وقوله تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي (البقرة:249) . أي : فمن شرب الماء من النهَر .
ولما كان لفظ ( الكأس ) في اللغة يطلق تارة على الإناء الذي فيه الماء ، ويطلق تارة أخرى على الماء الذي في الكأس ،
حسُن تعدِّي فعل الشرب إليه بنفسه ؛ كقولك: شرب كأسًا . والمراد : ماء ؛ لأن مفهوم الكأس يتقوَّم بما في الإِناء من الماء .
وحملوا على هذين القولين قوله تعالى :﴿ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ ﴾ ، فقالوا : يجوز أن يراد بالكأس : آنية الخمر ، فتكون ( مِنْ ) لابتداء الغاية .

ويجوز أن يراد بها : الخمر ، فتكون ( مِنْ ) للتبعيض .

والقول الأول أفصح ، وأبين ؛ لأن ( يشرب ) لا يُعَدَّى إلى المفعول بـ( من ) ، خلافًا لمن زعم ذلك .

وعليه يكون المعنى : يشربون الخمر من كأس ممزوجة بالكافور . و( من ) لابتداء الغاية . أي : إن الكأس هي مبدأ شربهم ، وأول غايته .



ثانيًا- وأما قوله تعالى :﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ﴾ فالمراد به : أنهم يمزجون شرابهم بها ؛ فكأن المعنى: يشرب عباد الله بها الخمر .
أي : يشربونه ممزوجًا بمائها ؛ كما تقول : شربت الماء بالعسل . ولإفادة هذا المعنى جيء بهذه ( الباء ) التي هي باء الإلصاق . والله تعالى أعلم !




اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع

خديجة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس