عرض مشاركة واحدة
قديم 11-24-2012, 09:17 PM   #2
أبو جبريل نوفل

الصورة الرمزية almojahed
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 3

almojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond repute

افتراضي

      

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكلام على هذا الحديث في مسائل :
المسألة الأولى :
من المعلوم لدى أهل العلم أن ما ورد في الكتاب أو السنة من النصوص التي فيها تفضيل بعض الأماكن أو الأقوام على بعض ، لا يعني ذلك أبدا تفضيلا لكل من انتسب إلى ذلك المكان ، أو لأولئك القوم ، على غيرهم من البشر ، وكذلك ما ورد في النصوص من ذم بعض الأماكن ، وذكر ما فيها من الشر ، فلا يعني ذلك – بأي حال من الأحوال – ذم وانتقاص جميع من ينتمي إلى ذلك المكان .
والدليل على ذلك قوله سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات/13
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ) رواه مسلم (2564)
فميزان الصلاح والفساد هو القلب والعمل ، وليس القبيلة أو العرق أو الجنس أو اللون ، وهذا التقرير متفق عليه بين أهل العلم .
روى مالك في "الموطأ" (1459) عن يحيى بن سعيد : أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان الفارسي أن هَلُمَّ إلى الأرض المقدسة – يعني بلاد الشام - ، فكتب إليه سلمان : إن الأرض لا تقدس أحدا ، وإنما يُقدِّسُ الإنسانَ عملُهُ " انتهى .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (27/45-47) :
" وهو كما قال سلمان الفارسى ، فإن مكة حرسها الله تعالى أشرف البقاع ، وقد كانت فى غربة الإسلام دار كفر وحرب يحرم المقام بها ، وحرم بعد الهجرة أن يرجع إليها المهاجرون فيقيموا بها ، وقد كانت الشام فى زمن موسى عليه السلام قبل خروجه ببني إسرائيل دار الصابئة المشركين الجبابرة الفاسقين ، وفيها قال تعالى لبنى إسرائيل: ( سأريكم دار الفاسقين )
فإن كون الأرض دار كفر أو دار السلام أو إيمان ، أو دار سلم أو حرب ، أو دار طاعة أو معصية ، أو دار المؤمنين أو الفاسقين ، أوصافٌ عارضةٌ لا لازمة ، فقد تنتقل من وصف إلى وصف ، كما ينتقل الرجل بنفسه من الكفر إلى الإيمان والعلم ، وكذلك بالعكس .
وأما الفضيلة الدائمة فى كل وقت ومكان ففي الإيمان والعمل الصالح ، كما قال تعالى ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ) الآية . وقال تعالى : ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين . بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ) الآية . وقال تعالى : ( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم )
فلا ينبغي للرجل أن يلتفت إلى فضل البقعة فى فضل أهلها مطلقا ، بل يعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه ، ولكن العبرة بفضل الإنسان فى إيمانه وعمله الصالح والكلم الطيب .
وإذا فضلت جملة على جملة لم يستلزم ذلك تفضيل الأفراد على الأفراد : كتفضيل القرن الثاني على الثالث ، وتفضيل العرب على ما سواهم ، وتفضيل قريش على ما سواهم ، فهذا هذا والله أعلم " انتهى .
المسألة الثانية :
وعليه فلا يجوز أن يفهم الحديث المذكور على أنه ذم لجميع أهل العراق عبر التاريخ ، وإنما ورد الذم والتنفير عنها مقيدا بوجود الفتن والشرور ، ولا يلزم أن يكون ذلك في جميع القرون مُطَّرِدًا ، بل قد يكون في عصر من العصور منارة علم وهدى وفضل وخير .
يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن في "مجموعة الرسائل والمسائل" (4/265) :
" وعلى كل حال ؛ فالذم إنما يكون في حال دون حال ، ووقت دون وقت ، بحسب حال الساكن ؛ لأن الذم إنما يكون للحال دون المحل ، وإن كانت الأماكن تتفاضل ، وقد تقع المداولة فيها ، فإن الله يداول بين خلقه ، حتى في البقاع ، فمحل المعصية في زمن قد يكون محل طاعة في زمن آخر ، وبالعكس " انتهى .
المسألة الثالثة :
ليس في لفظ الحديث ذم لأهل ( العراق ) وساكنيها ، وإنما فيه ذكر الفتن والشرور التي ستقع وتخرج منها ، ولا يعني ذلك ذمَّ الساكنين مطلقا .
فقد جاء في السنة النبوية ذكر وقوع الفتن في المدينة المنورة ، كقوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( إِنِّي لَأَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ ) رواه البخاري (1878) ومسلم (2885)
ولا يجوز أن يفهم من ذلك أي ذم لأهل المدينة المنورة .
يقول الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي (ت 1326هـ) في كتابه "صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان" (ص/500) :
" وهذه الأحاديث وغيرها مما ورد في هذا الباب دالة على وقوع الفتن في المدينة النبوية ، فلو كان وقوع الفتن في موضع مستلزماً لذم ساكنيه ، لزم ذم سكان المدينة كلهم أجمعين ، وهذا لا يقول به أحد ، على أن مكة والمدينة كانتا في زَمَنٍ موضع الشرك والكفر ، وأي فتنة أكبر منهما ، بل وما من بلد أو قرية إلا وقد كانت في زمن أو ستصير في زمان موضع الفتنة ، فكيف يجترئ مؤمن على ذم جميع مسلمي الدنيا ؟ وإنما مناطُ ذم شخصٍ معينٍ كونُه مصدراً للفتن من الكفر والشرك والبدع " انتهى .
فالمقصود من الحديث هو ذكر ما سيقع في منطقة (العراق ) من الفتن والبلايا العظيمة في مرحلة من التاريخ ، وأنها ستكون كالزلازل التي تطال كل من فيها ، وسيكون كثير من أهل تلك البلاد ضحايا الفتنة ، ولا يعني أن جميع أهلها هم من يُثيرُها ويقومُ عليها ، ومَن فهم ذلك من الحديث فقد أساء وظلم .
يقول الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة" (5/305) :
" وجهلوا أيضاً أنَّ كونَ الرجل من بعض البلاد المذمومة لا يستلزم أنه هو مذموم أيضاً إذا كان صالحاً في نفسه , والعكس بالعكس ، فكم في مكة والمدينة والشام من فاسق وفاجر , وفي العراق من عالم وصالح , وما أحكم قول سلمان الفارسي لأبي الدرداء حينما دعاه أن يهاجر من العراق إلي الشام : أما بعد , فإن الأرض المقدسة لا تقدس أحداً , وإنما يقدس الإنسان بعمله " انتهى .
والله أعلم .
التوقيع:

من مواضيعي في الملتقى

* العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
* حقوق المرأة في الإسلام
* ما معنى ‏{‏وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏}‏‏؟‏
* تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل
* تلاوة القرآن بالمقامات الموسيقية
* من فضائل الأعمال
* النصيحة و الموعظة اليوم لمعشر الشباب

almojahed غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة almojahed ; 11-24-2012 الساعة 09:23 PM.

رد مع اقتباس