السورة الثانية من سور القرآن هي سورة البقرة وهي أكثر سور القرآن آيات وما فيها من الأحكام والمقاطع كثيرة جدا حتى ليظن من يقرؤها أنها سورة منوعة وأنه لا يوجد رابط لهذا التنوع الكبير الموجود في هذه السورة الكريمة. ولكني سألخص لكم حقيقة هذه السورة وما ترمي إليه. سورة البقرة هي سورة الاستجابة والطاعة تريد من العباد وتريد من الناس أن يستجيبوا لله وأن يأخذوا أحكام الله بجدّ وقوة، هذه خلاصة هذه السورة.
افتتحت هذه السورة بذكر أقسام الناس في الاستجابة لله عز وجلّ وطاعته. قال الله عز وجلّ (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾) ثم ذكرت من هم هؤلاء المتقون (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴿٣﴾ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴿٤﴾ أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٥﴾) ثم ذكرت من لم يستجيبوا أساسًا وهم الكفار وأعلنوا ذلك صراحة (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٦﴾ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٧﴾) ثم ذكرت صنفًا ثالثًا وهم الذين أظهروا الاستجابة وأبطنوا الكفر وهم المنافقون (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴿٨﴾ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴿٩﴾ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴿١٠﴾) وأطالت في أوصافهم لأن أمرهم يخفى على كثير من الناس فهم لا يُعرفون بأسمائهم ولا بأشكالهم وألوانهم وإنما يعرفون بسيماهم وأوصافهم.
لما تقرر هذا في هذه المقدمة الجميلة المختصرة ذكر بعد ذلك ثلاثة نماذج في غاية الوضوح لتحقيق هذا الأمر:
|