عرض مشاركة واحدة
قديم 10-22-2012, 08:32 PM   #3
مشرفه ملتقى فيض القلم


الصورة الرمزية المؤمنة بالله
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 105

المؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of light

افتراضي

      

الفصل الثالث
الذهب بغيته
شرط سعادته
ابتسمت له الدنيا فجأة!
ارتمت الثروة والمجد تحت قدميه بسهولةهذا المال غنيمة باردة سيناله بلا مخاطرات ولامتاعبفالسرقة مهنته والرجل الجريح عاجز لايكاد يقوى على الحراك، وليس هناك رقيب ولا شرطفليأخذ هذا الخرج الممتلئ وليرجع لاستخراج الثاني بعد حين ليقتنص الفرصة ولينهي شقائه إلى الأبد وسيجد بعدها مئة جواب لمن يسأله عن ثرائه المفاجئ!
وأحس بتصاعد أنفاسه وتلفتثم تفكر ملياً وأعاد المال إلى مكانهووجد نفسه متردداً في سلب الرجل ، مع أنه سلبه قبل قليل بعض الدريهمات!

حرك النار فتصاعد لهبها تأمل هذه الثروة التي تربض عند قدميه كالكلب الوفي ماذا لو أخذها ولاذ بالفرار وترك الرجل لمصيره يموت بهدوء لقمة سائغةفهو يسطو على المنازل ويقتحم الأخطار من أجل أشياء قليلة تضيع منه في صباح اليوم الذي يليه والآن وجد ما يكفيه مدى عمره كله ، فلماذا يترك هذه السعادة القابعة في حقيبة هذا الجريح العاجز تضيع منه؟إنه في الغالب سيموت، فقد تلقى في جوفه طعنة نافذة وهكذا لن يثقل كاهله بقتله فلا مجال للتقاعس والوجل؟!

وتناول الخرجا لثقيل مرة ثانية لكن شكوكه عادت فأرجع الخرج إلى مكانه

لقد علمته التجارب أن يكون حذراً ويفكر في كل شيء قبل أن يقدم على عمل جريء كهذا00
وقد تحصلت عنده قناعة تامة أن لهذا الذهب الوافر طلاباً غيره ، وأنهم لابد أن يتتبعوه أينما ذهب
فما زالت تطن في أذنه كلمات الرجل وهو يهذي ويقول: إنه طعن من أجل الذهب ثم خسر نصفه
وتلك الأسماء التي كان يرددهاحنظلةزليطعدي ولاشك أن الرجل لص مثله فقد رآه يوماً أو شخصاً يشبهه! والأشخاص الذين ذكرهم هم أعوانه أو أعداؤه

ولهذا قرر أن يحتال على الرجل ليعرف قصته، ويكون ذلك أدعى للأمن وأخذ الحيطة وخطرت له فكرة

أخذ الخرج محاذراً أن تحدث محتوياته صوتاً وحفر حفرةً صغيرةً في جهة من الحجرة، ودفن الخرج فيها و غطاه بطبقة رقيقة من التراب،ووضع صرة ثيابه فوقها وسوى الموضع ، ثم قام إلى الخارج ورفع رأسه وملأ رئتيه من الهواء الندي ، وجاء ببعض الحطب وقذف به إلى النار التي كادت تخمد ، وعلى ضوئها طفق يتفقد محتويات الغرفة ووجد شِباك صيدٍ قديمةٍ وسلال فارغة ، وحبال وثياب وخرق بالية ، ووجد صندوقاً به سيف صديء ، ورماح وسماح ، وكان الغبار يغطي كل شيء
ثم ترك الحجرة بعدما ألقى على قدمي الرجل المرتعش بعض الأغطية وجمع المزيد من الحطب والأخشاب ، ثم عاد ليجد الرجل قد استيقظ و وجده يكاد يجن فرقاً على حقيبته، وعندما وقعت عيناه على غياث سأله بفظاظة وريبة:

-أين أموالي؟

-هل تقصد الخرج؟

-نعم هل رأيت أحداً جاء إلى هنا و أخذها؟

-كيف يأتي أحد ليسرقها ولا أمنعه؟!

-إذاً قل لي أين ذهبت؟

-لقد استوليت عليها أنا

-أنت؟

-نعم

وتوقع غياث أن يلعنه الرجل ويغضب ويحاول القيام أو يقذفه بأي شيء لكن شيئاً من ذلك لم يحدث!! بل تغيرت سحنته، وتكدرت ملامحه إلى هيئة مهزومة ساذجة وحزينة بشكل كاد يبعث الأسى في نفسه!!

لقد أُتي من مأمنه، وسُرق من الشخص الذي كان يظن أنه منقذه وعاد يستفسر بطريقة أراد لها أنتكون ثابتة متوعدة:

-بأي حق تأخذ مالاً ليس لك؟!

-وليس لك أنت أيضاً!

كيف تقول هذا إنها أموالي؟!

رد غياث مصطنعاً الثقة:

-لقد عرفتك ساعة نظرت إليك لقد أخذت هذه الأموال ظلماً وعدواناً وليست هذه أولى أعمالك فأنا أعرف عنك الكثير!

لم يكن غياث متأكداً مما يقول، وكان مستعداً لن يتنازل عن شكوكه لو استمر الرجل في إنكاره غير أن استسلام الرجل السريع أدهشه حيث قال الرجل مناوراً:

-أنت لا تعي شيئاً مما تقول أنا اسمي شهاب الدين وأنا تاجر من تجار حلب وقد داهمني اللصوص عندما كنت

-بل أنت لص من لصوص العراق واسمك مروان!

وتقلبت عينا الرجل مبهوتاً وحدج غياث بنظراته المرعوبة المدهوشة في صمت و حنى رأسه، وجعل يتحسس جرحه بيده الملطخة بالدماء اليابسة وخاطبه غياث:

-لقد رأيتك أول مرة في سجن الوالي من أجل جبن سرقته وتدعي الآن أنك تاجر وأن لك أمولاً!؟

واستقام الرجل في جلسته لاهثاً بعدما تجلى عنه الكثير من وطأة الحمى،وأسند ظهره إلى الجدار وقال بصوت هادئ مستسلماً:

-إذاً فأنت تعرفني يا فتى؟

فقال غياث معلناً عن نفسه بصراحة:

نعم أعرفك فجميعنا أصحاب مهنة واحدة وعندما كنت تهذي فهمت من كلامك ما يمكن أن تكون وقد سمعتك تهذي باسم حنظلة وعدي وبكر بن مرة وزليط

وعند ذكر عدي تمتم"مروان"وهو يخاطب نفسه:

-عذًبك الله يا عدي

ثم قال لغياث بسذاجة ناسياً عجزة:

-ستشاركني هذه الغنيمة سأهبك نصف المال مقابل أن تساعدني؟

فابتسم غياث مستغرباً كيف أصبح هذا لصاً فاتكاً ثم قال بمكرٍ مستجراً مروان إلى الكلام:

-حسناً وكيف أساعدك؟

-تركبني على ظهر الجمل وتدفع بي إلى سبيل النجاة

-سأفعلولا أريد نصف المال،فهذا كسب لك وحدك، و إنني من القناعة بحيث يكفيني القليل إذا أخبرتني كيف سلبتَ المال و لك أن أساعدك؟

-ومن يضمن لي أنك لا تخونني؟

-لا خيار لكفأنت عاجز وإذا لم تستجب لي قمت وتركتك!

- والذهب؟

رد غياث محاولاً كسب ثقة مروان:

-الذهب لك إلا ما تصدقت به عليً،فما كنت لآخذ ما حصلت أنت عليه بجهدك

ورفع إلى فم مروان قدحاً كان قد ملأه من النهر فشرب وقال:

-سأحكي لك

وسكت برهة يتحسس جرحه ثم قال بنكد:

-هذا المال لتاجر ثري، يسكن بغداد وهو من أهل فلسطين يقال له ذاهب المقدسي، وكان متصلاً بالخلفاء والولاة وقد جمع من الأموال الكثير وكانت له ضياع ودور وعقار

وقد وشى به بعضهم عند الخليفة فجفاه وعنَّفه ، وأظهر له العداوة فضاقت عليه الدنيا وكره بغداد وعاف المقام فيها، واعتزم الرحيل إلى بلاده، والتحول إلى موطنه الأصلي فلسطين فأرسل أولاده وأسرته إلى هناك مع قليل من المال على أن يلحق بهم بعد أشهر

وطفق يبيع ضياعه وعقاره، وكل مايملك واشترى هذا الذهب الذي رأيته، وحمل أمتعته وأمواله على بعض الجمال واستأجرخمسة عشر فارساً لحراسته مع خمسة من عبيده

وكان من أصدقاء المقدسي رجل يحقد عليه ويحسده اسمه حنظلة ، وكانت قد جرت بينهما المعرفة في مجلس الخليفة ولم يكن ذاهب يخفي عن حنظلة شيئاً من أموره فجمع حنظلة تسعة من الفتاك وانضممت أنا إليهم مع أخ لي ، واتفقنا على أن نستولي على الأموال ونهاجم الرجال ليلاً ولم نكن على قلب واحد ولكن جمعتنا حمرة الذهب

وكان المقدسي صاحب حيطة وتدبير، فلم يخبر أحداً بمسيره ولا بما تحمله جماله ولم يكن يشك في إخلاص حنظلة، لذا علمنا كل شيء وتيسر لنا رصد الرجال ومتابعتهم و اختبأنا لهم ليلة البارحة في بعض الطريق ، ثم انقضضنا عليهم متلثمين ، كانوا أشد منا قوةً و أكثر عدداً لكن مفاجئتنا لهم ساعدتنا على غلبتهم فقاتلناهم قتالاً شديداً بالنبال والسيوف وقد أخفى زعيمنا حنظلة نفسه ، فلما رأى كفة القتال تسير لصالحنا انضم إلينا
وبدا لي أنه لن ينجو من رجال المقدسي أحد ، بينما لم يقتلْ منا سوى أربعة ، وفرَّ بقية الفرسان إلى بعض الصخور طلباَّ للنجاة فطاردهم رجالنا لإفنائهم وكان هذا رأي حنظلة حتى لا يعود أحدٌ منهم إلى بغداد فيعلم الناس بنا إنه لئيمٌ ويحب الدماء ويقتل بلا دافع للقتل!

وقد ساءني من حنظلة أنه لم ينضم إلينا إلا بعد أن هزمنا القوم، وأنه كان يحافظ على نفسه،وقدرت أيضاً أن هذا الذهب لو قُسَّم بيننا فلن ينالني منه ما أصبو إليه ، وكل هذا جعلني أتسلل في غمرة الهياج و البحث عن الجمل الذي فيه الذهب ، وأهرب به تاركاً الرجال يتقاتلون مستعيناً بالظلام والغبار

وسرت قليلاً وظننت أني فزتُ بالمال ، لكن أحد أعوان حنظلة واسمه عدي اعترضني وقد عرف مقصدي وبدلاً من أن أخفي فعلتي تصرفت بحماقة فصحت به إن الذهب لي وحدي فعلقت به وأصابني في بطني ورأيت أخي يأتي مسرعاً ، وقد فهم ما حدث فانضم إليَّ والتحم مع الرجل في مبارزة وأمرني أن أهرب بالجمل

وهربت ممسكاً بجرحي ممتطياً ظهر الجمل وكنت أعرف موضع القارب فتحاملت على جرحي وعالجت الجمل حتى برك في جوف القارب وقطعت به النهر وهذا ما زاد من آلامي ثم أنهضت الجمل وركبت عليه، لكني بدأتُ أفقد رشدي فسقطتُ من على ظهره، وغاب عقلي حتى جئتني أنت




يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع


التوقيع:




من مواضيعي في الملتقى

* من اقوال الحكماء!
* ما فائدة قراءة القرآن إذا كنت أنساه ؟!
* تفسير الاحلام. ليس تنجيماً او دجلاً ..
* أنواع الأنفس
* لا يَحطِمَنَّكُم
* صفه العفه في القران
* أختبر معلوماتك في القرآن

المؤمنة بالله غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة المؤمنة بالله ; 10-26-2012 الساعة 06:31 PM.

رد مع اقتباس