عرض مشاركة واحدة
قديم 10-22-2012, 08:33 PM   #5
مشرفه ملتقى فيض القلم


الصورة الرمزية المؤمنة بالله
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 105

المؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of light

افتراضي

      

الفصل الخامس



التصق الشابان عند النافذة كأنما نسيا عداوتهما وأمعنا النظر في الظلام ليريا خمسة أشخاص على خيولهم وهم يسرعون تجاه النخيل والبيت الصغير ، وقد أثارت أقدام الخيول خلفهم سحابةً من الغبار والتقت أعين الثلاثة في وجوم وقال مروان:
-لقد تأخرنا في الهرب، فلنتفق أيها الفتى لحين النجاة من هؤلاء وإلا هلكنا جميعاً!

وقال سعيد في خشونة:
-نتضافر لقتالهم ثم نسوي ما بيننا فيما بعد

فقال غياث بشجاعة وبلا تردد:
-قبلت

وقد قبل على الفور هذا الاقتراح ، لأنه من الخير له أن يجابه سعيد لوحده أو برفقة شقيقه على أن يحاول الفرار بالذهب ثم يجابه مطاردة هؤلاء كلهم

ورأى أن من الصواب أن يقضي على اللصوص بمعاونة سعيد ثم يقضي على سعيد فيما بعد وحدث نفسه أنه لن يواصل القتال بل سيهرب إذا سنحت له فرصة آمنة ، وإذا سلم جسده من طعنات اللصوص!

واقترب الرجال، ونزلوا عن خيولهم ماعدا واحد لم يرَ غياث وجهه بسبب الضلام ولكنه متأكد من أنه حنظلة زعيم هؤلاء الفتاك، لأن شارات السيادة والسيطرة تفيض من حركاته وتصرفاته وخضوع جماعته له

وسأل سعيد بغيض مكظوم:
-أين وضعت الأموال؟

فرد غياث بفضاضة :
لا شأن لك

-وسارع مروان يقول لأخيه: لقد عبرت النهر بالجمل على ظهر القارب، وسقطت قريباً من الضفة الأخرى حتى جاء وأنقذني ثم آثرت الاحتماء بالبيت والرجوع ، فرجعنا بعدما أنزلنا الخرجين اللذين فيهما الذهب إلى القارب وكاد القارب يغرق بنا
فقذف هو بأحد الخرجين لتخفيف حمل القارب، وقد كان يحسبه بعض المتاع أما الخرج الثاني فقد استولى عليه وأخفاه

وهنا برقت عينا سعيد الشريرتين وسأل غياث:
في أي موضع من النهر أسقطت الذهب؟

فأجاب غياث بهدوء وعبوس:
-لا شأن لك

فتركه وسأل مروان عن الموضع فقال:
-لا أدري كنت محموماً وكنت مستلقياً في القارب ولا أرى غير السماء

وسكت سعيد على مضض وأخذ غياث الحربة وأعطى مروان قوساً وسهماً،وهو يشك في قدرته على استخدامها بينما استعد سعيد بالسيف وسمعوا أحد اللصوص يقول:
-سعيد هنا وهذه هي الفرس التي هرب بها

وصاح الرجل الذي لم ينزل عن فرسه يخاطب سعيد:
-أخرج ياسعيد فإن شئتما أعطيتماني الذهب وتركت لكما أرواحكما

وألتفت غياث إلى مروان قائلاً:
-كيف عرفوا أنكما تختبئان هنا؟

فقال مروان:
-هذا مكان قديم لنا كنا نجتمع فيه

و صاح الرجل ثانية:
-ألا تسمع!!اخرج قلت لك!

وتمتم سعيد:
-هذا حنظلة إنه غاضب للغاية!

وسأله غياث مستفزاً:
-هل تخاف منه؟

-قَّبحك الله وإياه إنه لا يساوي أظفري!

-هل هو مرعب؟فأنت تبدو مرعوباَ؟!

-أصمت!

-أنت من يصمت فأنا لست عبداً لك!

ورد سعيد عليه بلطمة قوية كافأه غياث بأشد منها وكادا يقتتلان ثانية لولا تدخل مروان

وعاد حنظلة يصيح بغضب:
-سيحل عليك غضبي يا سعيد إنك رجلٌ واحدٌ ونحن خمسة فلا تورد نفسك موارد الهلاك لقد خنت ما اتفقنا عليه وقتلتَ أحدَ رجالي، وساعدت هذا الأحمق!

التوت شفتا مروان حقداً عندما سمع حنظلة يشتمه

وسكت حنظلة ليسمع جواباً ، فلم يسمع سوى هدير النهر فاستشاط غضباً وترجل عن حصانه وعاد يصرخ بنفس غضبه:
-اخرج أعرف أنك هنا لقد توقعت أن تجيء إلى هذا الجحر

ولم يتمالك مروان نفسه فرفع صوته مستكبراً على عجزه:
-ارجع وراءك ياحنظلة إنه الموت!

ورغم الأخطار فقد ابتسم غياث من تهديد مروان وهو لا يكاد يقف على قدميه!

بينما قال حنظلة ساخراً:
-هذا صوت مروان!!
بطن مثقوب ولسان طويل!
القتل لمن خان أصحابه تقدموا و ائتوني بهذا الشقي

وشهر اثنان من رجاله سيفيهما وتقدما ناحية الباب
لم يسيرا غير القليل حتى ذهل اللصوصُ جميعاً،فقد انتقلت حربة من نافذة الغرفة الصغيرة لتستقر في فخذ أحد الرجلين فصرخ صرخة مكتومة وسقط على ظهره يتلوى من الألم،والحربة الطويلة مرتكزة في فخذه كالعلم وصاح صاحبه:
-لقد أُصيب زليط!!

ثم جعل يجره بإبطيه مبتعداً به وقاس اللصوص المسافة بين الرجل والنافذة فكانت بعيدة تدل بوضوح على رامٍ ماهر!
مما حدا بأحدهم أن يهتف مدهوشاً:
-أهلكني الله إن لم يكن في الغرفة غير مروان وأخيه!!

ورد عليه الآخر:
-صدقت فمروان جريح وسعيد لا يجيد غير السيف!

ولم يخْف سعيد إعجابه فقال لغياث بعبوس:
-إنك رامي حاذق ياغلام لقد أفزعتهم!

فقال غياث:
-لو شئت لو وضعتها بين نهديه ولكني لا أحب القتل!

فقال سعيد بحنق:
-يجب أن تحب القتل وإلا فماذا ستفعل إذا دخلوا علينا بعد قليل!؟

-إذا وقع ذلك فسأعرف ماذا أفعل

تراجع اللصوصُ بعيداً عن الحجرة يتشاورون ويعالجون رجل صاحبهم لقد حسبوا أن البيت الصغير مملوءٌ بالرجال0ثم جلسوا على الأرض في شيء من الحذر والترقب وقال سعيد وقد طمأنه وجود هذا الشاب الماهر بجانبه:
-إنهم ينتظرون الصباح سيرون منَّا مالا يسرهم

مضت مدة، وأفرغ غياث في جوفه قليلاً من الماء، ونظر إلى مروان الذي استند إلى الجدار ومد رجليه وقد سطعت في عينيه نظرة العجز والحيرة فأقترب منه ورفع القربة إلى فمه فانتزعها مروان بخشونة من يده وهو يقول:
-سأشرب بنفسي فلست مقعداً ولا عاجزاً كما تظن!

وابتسم غياث من أحد جانبي فمه فيما أضاف مروان وهو يمسح الماء عن لحيته!

-لا تبدو شريراً يا فتى!؟

-ولِمَ البخل ببعض الماء والموت يحيط بك والرجال يطلبون دمك؟

-يطلبون دمي!!لم يبقَ لهم إلا القليل منه!

-لا أظن ذلك فإن العافية قد بدأت تسير فيك دعني أرى الجرح

وبرفق رفع يد مروان عن الجرح ، وشق الثوب من فوقه ثم مسحه بخرقة وبعض الماء وأزل الدماء المتيَّبسة حوله كان جلد بطنه مشقوقاَ بطول الكف وكان محاطاً بالزرقة وتأمله غياث ثم قال بسرور حقيقي:
-الطعنة التي أصابتك على جلد البطن ولم تنفذ إلى الأحشاء!
ولو أسرعت إلى الطبيب وخاط بطنك لنجوت

فقال مروان بيأس:
-الطبيب!! وأين الطبيب وأنا في هذا الموضع؟!

وأطرق غياث برأسه إلى الأرض متأملاً ثم قال لسعيد:
-هل تظن أن يسمحوا له بالرحيل؟

-كيف يسمحوا له أن يرحل سالماً،وقد قتلت أنا صاحبهم وجرحت أنت الأخر؟

-حتى ولو أعطيناهم بعض الذهب؟

-ويلك لن ينالوا منه قطعة واحدة

-حتى ولو كان في ذلك هلاك أخيك؟!

وأحس سعيد أن غياث أراد أن يفضحه فسكت وقد طوى نفسه على حقد مكتوم وبعد مدة أطل غياث من النافذة الصغيرة، وخشي انبلاج الصباح ففكر ملياً ثم قال لمروان مبهوجاً:
-لقد وجدت طريقةً لإخراجك من هنا سنثقب جدار الحجرة الثانية من الخلف ثم تتسلل من الثقب بهدوء وتركب فرس سعيد وتهرب

-وكيف أهرب وهم يتربصون أمام النافذة والباب؟

إنهم أمام النافذة والباب لكن الجهة الخلفية للبيت لا يرونها فالنخيل يسترها وهي التي تقف خلفها الفرس وسيساعدك الظلام في الهروب

-أخشى أن تفشل خطتك فيدركونني ويقتلونني ؟

-ذلك خير لك من البقاء هنا وعليك المحاولة فإما أن تنجح وتهرب وإما أن يجتزَّوا عنقك بسيوفهم

بدون أن ينتظر موافقة أحد شرع في نقب الجدار بأحد الرماح وسعيد يراقب اللصوص
ولما قارب الضياء على الانبلاج كانت الثغرة قد أُنجزت وربط غياث بطن مروان وشدَّه وأعطاه قليلاً من الماء وقال له:
-هل تستطيع ركوب الخيل؟

-لا أدري

-إذا ركبت حاول أن تتماسك، وتتحامل على جرحك كي لا تقع

-سأحاولُ

وأخرج غياث السيف القديم من الصندوق وأمسك الحربة في يده،وبدأ الاستعداد لتهريب مروان من البيت لكن ما وقع لم يكن في الحُسبان!

فقد عمد رفاق حنظلة إلى العريش الصغير وأشعلوا فيه النار من أجل أن تحاصر اللذين بداخل الحجرة وتضطرهم للخروج وأرتفعت ألسنة اللهب وأضاء لها المكان، وعلقت النار في باب الحجرة المتداعي ثم اشتعلت في السقف كادت الحرارة والدخان تخنقهم،وهتف مروان كاظماً صوته حتى لا يسمعه اللصوص:
-ساعدوني على الخروج وإلا احترقت!

ثم زحف وأدخل رأسه في النقب ودفعه غياث إلى الخارج وتابعه وهو يمشي راكعاً يتخفى عن أعين مراقبيه وكي لا تشتد عليه آلامه ورآه يصل إلى الفرس المربوطة التي كانت تصهل وتحمحم،وقد أهاجتها رؤية النيران،ثم ركب بعد محاولات مضطربة ممسكاً بطنه وأنطلق مبتعداً وشك غياث في بقائه المدة الكافية ليصل إلى بغداد

التجأ غياث وسعيد إلى الحجرة الثانية هرباً من الحرارة، بينما اقتحم أربعة من اللصوص الحجرة الأولى المشتعلة
وكان أجرأهم زليط الذي تقدم وهو يعرج رابطاً فخذه بلفافة وقد لاحت في عينيه شهوة الانتقام وبرز لهم سعيد وغياث وتشيَّم غياث أن يقاتل صاحب اللفافة لعاهته فتركه لسعيد الذي قضى عليه في لحظات

وتراجع غياث قليلاً وشدَّ أصابعه على الحربة ثم قذفها بعنف لتستقر في جوف أحد الثلاثة وتصرعه ثم تقدم بالسيف القديم، ونشب بين الرجال قتال ضار زاده عنفاً ذاك اللهب الذي عمَّ أجزاء السقف وأصبح يتساقط عليهم من الأعلى،وتحامل غياث على صاحبه فصرعه وبقي سعيد ملتحماً بآخر الرجال

وتساءل غياث عن حنظلة كانت صرة ثيابه في زاوية الحجرة الثانية، وتحتها خرج الذهب مواراً بالتراب وقاس غياث بعينيه بين الباب وبين كنزه المدفون ، وكانت عينا سعيد تحاصره وهو يصارع خصمه على الأرض وبسرعة انتزع غياث ثيابه و ولى هارباً إلى الباب،لكن جزءاً من السقف انهار وسدَّ الباب وصاح سعيد بالرجل الذي كان يعتليه:
-الأموال!!إنه يهرب بالأموال!

وظنها الرجل خدعة فلم يتركه، وتصاعد الغبار والدخان ولم يعد أحد يرى شيئاً،و انطلق غياث إلى حيث النقب وخرج منه وهو يتنفس الهواء النقي ويتمنى أن تطول معركة الرجلين ومضى إلى أحد الخيول التي كانت ترعى الحشائش على حواف النهر وقد تفرقت بعد مقتل أصحابها وركب أحدها في عجلةٍ وهو يتلفت حذراً باحثاً عن الرجل الخامس!!



يتبع






التوقيع:




من مواضيعي في الملتقى

* من اقوال الحكماء!
* ما فائدة قراءة القرآن إذا كنت أنساه ؟!
* تفسير الاحلام. ليس تنجيماً او دجلاً ..
* أنواع الأنفس
* لا يَحطِمَنَّكُم
* صفه العفه في القران
* أختبر معلوماتك في القرآن

المؤمنة بالله غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة المؤمنة بالله ; 10-29-2012 الساعة 04:14 PM.

رد مع اقتباس