عرض مشاركة واحدة
قديم 10-22-2012, 08:54 PM   #14
مشرفه ملتقى فيض القلم


الصورة الرمزية المؤمنة بالله
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 105

المؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of light

افتراضي

      

الفصل الرابع عشر


ابتسم غياث بعد تجهمه الطويل وقال:
-لكنك لا تبدو فاتكاً ماهراً مثله!؟

-أنا رجل أحمق وساذج00والسطو والاحتيال ليس من طبيعتي لكنها الغواية00 وقد أردت إثبات جدارتي أمام اللصوص، فاستوليت على الجمل الذي به الأموال لأستأثر به لنفسي ولأخي، فجنيت عليه وعلى نفسي وصارت الأموال من نصيبك0

-أنت حاولت و..

-لا تقل أنك ستعطيني بعض الأموال00فلم تعد لي حاجة في كثير أو قليل من ذلك00وقد تركت هذه الأعمال التي لا نتاج لها سوى الدماء والمصائب0 وأنا لم أجيء طامعاً في غنائمك يا غياث إنما جئت أحذرك من حنظلة فإنه سيظهر لك قريباً0

-سأعمل بنصيحتك يا مروان 0وأحنى مروان رأسه إلى الأرض في كدر،

ثم مد يده إلى غياث قائلاً:
-سأذهب فلم تعد لك حاجة بي0ومد غياث يده وودعه وتابعه حتى غاب عن نظره، ثم حمل صرة ثيابه ورجع0


مشى إلى بستان آل المقدسي متكاسل الخطى، يحرث الأرض بنظراته واتجه إلى القصر00وعند الباب صادفه سريع وأخبره أن رجلاً سأل عنه في غيبته فقال غياث متبرماً:
-إذاجاءك ثانية فبعه ما يشاء من الثمار فلا حاجة لأن أقابله0

-إنه شخص غريب لم يأتِ لشراء شيء!

فسأل غياث وقد قرن مابين حاجبيه:
-هل قال إن اسمه حنظلة؟

-لم يذكر اسمه يامولاي0

-إذا جاء ثانية00هو أو سواه00فادعني بدون أن يعلم0

فقال سريع بصوت خافت:
-هل هو عدو؟!

-إنه من جماعة السجين الذي هرب0وبدون أسئلة أخرى هزَّ الشيخ رأسه مؤذناً بالطاعة ثم انصرف0وجمع غياث بعض حاجياته ثم تذكرأنه لم يكن يملك منذ طرده والده سوى ثيابه فرد الحاجيات إلى مكانها00 وتمكنت منه النزاهة والورع فخلع ثوبه الفاخر ولبس أحد ثيابه القديمة!

وأرسل أحد مواليه للبحث عن معبد بن ذاهب المقدسي ثم جلس يفكر فيما هو مقدم عليه00 وسمع حفيف ثوب بالقرب منه فألتفت ليرى عطر مبهوجةً بلقائه00وقد آسفه منظرها وأحس بالرثاء لهالعلمه بمكانه من قلبها00 وقالت له معاتبة:
-لقد تغيرت يا مولاي؟!

فقال بهدوء:
-وماذا تريدين؟

-لقد أصبحت محزوناً تذهب وحدك ولا تخبر أحداًبوجهتك،وتغيب طويلاً ثم تعود مريضاً 00 أو تغلق على نفسك باب حجرتك!!ولم تكن هكذامن قبل!!

فقال تمهيداً لإنزال الخبر الثقيل عليها:
-وهل يسوؤك هذايا عطر؟

-نعم00أنت لا تدري كم يسوؤني ذلك!

فقال بنبر جادة:
-وما يدريك لعلي بذلك أهيئك لفراق سيحل بيننا!؟

فقالت باسمة وقد حسبته يمازحها:
-لن نفترق حتى لو ذهب أحدنا إلى أقصى الدنيا!

فقال بتجهم وقد تذكر الثغور وطلب الشهادة:
-وإذا رحلت أنا إلى مكان لا يوجد في الدنيا؟

-سألحق بك0فقال بما يشابه الابتسامة:

-هل ستقتلين نفسك؟

-وهل ستقتل أنت نفسك؟

-لا00لا يصح أن يقتل الإنسان نفسه،ولكن يبذل روحه في سبيل الله0

-هل تعني الجهاد؟

-نعم0وقارنت بين هذه الغاية السامية وبين سيرة غياث بن عبد المغيث العابثة ولهوه السابق

فقالت على الفور:
-ولكنك لست بصاحب هذه الأمور؟!

-لقدأصبحت من أصحابها إن شاء الله0

-هل تعني ما تقول؟

-نعم00 أنا جاد فيما أقول وسأرحل قريباً0

-هل تذهب لتموت؟!

-بل لأبحث عن الشهادة0وسكتت قليلاً وقد تيقنت أنه جاد فيما اعتزم00 وأن ما مر به من أحداث غريبة في الأيام الماضية كان إرهاصاً لتوبته

وقالت مشفقةً:
-لماذا لا تؤجل سفرك إلى حين؟

-ولماذا التأخر؟!سأمضي وأحارب لعلي أعمل عملاً يرضي الله فيرضى عني0

وتسرب الجزع إلى قلبها فسألت:
-وإلى من ستتركني؟

-أنت هنا عند أبيك00 وعند00وسكت مطرقا ًإلى الأرض

فسألت في هم:
-وعند من أيضاً؟

-عند سيدك الجديد0

-هل بعتني إلى أحد يا مولاي؟

-لم أبعك إلى أحد ولم أعد مولاكِ؟

-إذاً ماذا في الأمر؟!

-أنا ياعطر00 كنت لصاً00وقداشتريتك بمالٍ مسروق00 وكل ما في الأمر أني تبت إلى ربي وسأرجع المال المسروق إلى أصحابه0

-ومن هو صاحبه؟

-معبد بن ذاهب00وأسرته0

-معبد المقدسي!هذا الأجير الذي يعمل عندك؟!

-لم يعد أجيراًعندي00وكل ما ترين من الزروع والبساتين والأموال ملك له ولأسرته00وأنت من ذلك00وقدكان في قصة طويلة ستعرفينها فيما بعد0

وأخرست المفاجأة لسانها0فقال يواسيها:
-و أبشري فمعبد فتى شجاع 00وعاقل0

وأضاف مبتسماً:
-وجميل!

وأجهض أزيز بكائها ابتسامته وعاتبته من بين دموعها:
-ألايعز عليك أن تتركني هكذا؟!!

-بلى يعز علي00 ولكني آليت على نفسي ألا أضع في يدي إلا مالاً حلالاً من كسب يدي0

-لماذا لا تشتريني منه؟

-أنا لم أعد أملك غيرثيابي التي على ظهري00والتي في هذه الصرَّة!

فالتفتت إليه وقالت بانفعال:
-اسمع00سأسأل معبداً أن يهبني لك؟

-لا أحب ذلك ولا أميل إليه 0

-إذاً سأشتري نفسي منه بدراهم منجمةً كل شهر أهبه ما أتحصل عليه00وسأذهب إلى بغداد عند زوجة سيدي الأول وسأعمل هناك00 فأنا أتقن الحياكة والدبغ والغزل00 وإذا أصبحت حرةً نتزوج وأذهب معك إلى حيث تريد0

-غير مجدٍ كل هذا 00 فأنا لن أستقر في مكان ولن آوي إلى بيت مريح00 سأعيش حيناً في خيمة وحيناًعلى الأرض أو في كهف00كما عشت ما مضى من حياتي شقياً00سكيراً 00عربيداً00وعققت والدي00وقد رأيت بنفسك أطرافاً من حياتي الشائنة00وشهدت أيضاً توبتي وقد أبصرت في الإيمان لذتي وهناءتي التي أبحث عنها00فأصبحت الدنيا مثل السجن لي00وأنا ألتزم الهروب من هذا السجن0

-لكن كل هذا لا يستدعي أن نفترق!!
فبإمكانك أن تعيش في بغداد صالحاً وتقضي أيامك هناك تائباً!؟

-بإمكاني ذلك00 لكني كرهت بغداد وكرهت الدنيا00أنا أحس بصوت يناديني00يدعوني إلى الدار الآخرة وأنا أريد أن أغتسل من ذنوبي بالجهاد حتى أموت وأنا مرتاح البال0

وتساقطت دموعها وقد أعيتها الحيل وامتنعت عليها الكلمات فصرخت في وجهه:
-بل أنت لا تريدني!

وسكت محزوناً وقامت من عنده على عجل00 وأطرق إلى الأرض00فيما دخلت إلى أحدى الغرف ناشجة ببكاء مر0



وقف غياث على باب القصر وفي يده خرج الذهب وفي الأخرى صرة ثيابه00وتأمل البيت الكبير قليلاً00 ثم جعل يجول بين عرائش العنب00ومضى إلى أرض القمح والفواكه يتأملها كأنه يراها و لأول مرة!

ثم جال بينات النخيل00 وكان العبيد يعملون في الحقول00وقد ضاعفوا جهدهم عندما رأوه00وسريع يتسكع ببطء ويشرف على كل شيء00

وأحد الخدم يجمع مخلفات الشجر وأغصان الصدر الصغيرة ويلقيها في محجر الأحراق المربع تمهيداً لحرقها0

وانتهى بغياث المطاف في دار معبد في طرف البستان00ووجد الصبيان يلعبون قبالة البيت00 وعندما رأوه كفوا عن اللعب وفر بعضهم00وخرج موسى شقيق معبد واستقل سيدالبستان محتفياً وأدخله إلى الدار وسأله بخجل:
-هل أستدعي معبدا ًيا سيدي؟

فقال غياث بكآبة:
-نعم فأنا أبحث عنه0وخرج الفتى من الحجرة00وبقي غياث يفكر فيما سيقوله لورثة ذاهب المقدسي00وكيف يواجه حنظلة00 وهل يمضي لسبيله ويفسح المجال لمعبد وشقيقه وأسرته لينتقموا من قاتل أبيهم00أم يبقى ويساعدهم!؟
وهل سيتركونه بدورهم يمضي لسبيله أم سيعمدون إلى اعتقاله والانتقام منه لأنه ساهم في إشقائهم؟!

ودخل معبد مرحباً بضيفه الكبير ولم يستطع إخفاء دهشته وهو يقلب بصره في غياث مستغرباً هذه الأكياس التي يحملها وهذه الثياب البالية التي حلت بديلاً عن تلك الجبة الفاخر والثياب الثمينة!! وهذه الطاقية الخلقة التي صارت مكان تلك العمامة الخضراء المطعمة بخرزة كبيرة فوق الجبين!!

وفطن غياث لدهشته فابتسم وقال:
-ربما استغربت زيارتي يا معبد!؟

فقال الشاب مدارياً خجله:
-لم أنتظر أن تكرمني بهذه الزيارة00ولو أرسلت إليَّ لأخذت أُهبتي00 فالبيت دائماً مبعثر وهؤلاء الصبيان لا يتركون شيئاً في مكانه0

فقال غياث:
-هذا العبث للأطفال لابد منه00 إنه صباهم0ودخل موسى بشيء من الفاكهة فلما وضعها هم بالانصراف لكن غياث استبقاه قائلاً:
-اجلس ياموسى00حديثي لكم جميعاً0وجلس موسى وساد الصمت قليلاً00واحتار غياث كيف يبدأ00لكن معبد أسعفه حين قال:
-لقد جاء الرجل الذي حدثتك عنه00والذي كان صاحباً لأبي00وسأل عنك فقلت له اذهب إلى القصر ظناً مني أنك هناك0

-تقصد حنظلة؟

-نعم00هل جرت بينك وبينه معرفة؟

-أنا لم أره فيحياتي00 لكني أعرفه تمام المعرفة

-كيف كان ذلك؟!

-أريدك أن تريني إياه دون أن يراني0

-حسناً سأفعل ياسيدي00 لكني سأعيد لك كلامي فيه00فأنا أحذرك من مصاحبته00ولولا أنه جاء يطلبك اليوم لطردته من البستان شر طردة!

-بل أنا من يحذرك منه00 إن الذي قتل والدك هو حنظلة00وهذا الخرج بما فيه من الذهب الخالص،وهذه الزروع والبساتين والعبيد والأموال كلها لك ولأسرتك0والتفت الشابان إلى بعضهما وقد شلت الدهشة تفكيرهما00 وعقدت المفاجأة ألسنتهما عن الكلام00واعترت غياث رعشةً باردةً فأستند إلى الجدار متعباً ومضى في سرد قصته الثقيلة كاملة غير منقوصة ....



التوقيع:




من مواضيعي في الملتقى

* من اقوال الحكماء!
* ما فائدة قراءة القرآن إذا كنت أنساه ؟!
* تفسير الاحلام. ليس تنجيماً او دجلاً ..
* أنواع الأنفس
* لا يَحطِمَنَّكُم
* صفه العفه في القران
* أختبر معلوماتك في القرآن

المؤمنة بالله غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة المؤمنة بالله ; 11-10-2012 الساعة 09:39 AM.

رد مع اقتباس