استخدم محرك جوجل للبحث في الملتقى

 

الرئيسية التسجيل البحث الرسائل طلب كود التفعيل تفعيل العضوية استعادة كلمة المرور
facebook facebook twetter twetter twetter twetter

المناسبات


   
العودة   ملتقى أحبة القرآن > ۩ ملتقى العلـــم الشرعـــي ۩ > ملتقى الأحاديث القدسية والنبوية
ملتقى الأحاديث القدسية والنبوية الأحاديث القدسية والنبوية الصحيحة وما يتعلق بها من شرح وتفسير
 

   
الملاحظات
 

إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 12-30-2012, 04:49 AM   #1

 
الملف الشخصي:





 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 54

صادق الصلوي is a jewel in the roughصادق الصلوي is a jewel in the roughصادق الصلوي is a jewel in the roughصادق الصلوي is a jewel in the rough

إضاءة الْأَسَالِيبُ الْبَلَاغِيَّةُ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ -تَأَمُّلٌ وَ

      


الْـحَمْدُ للهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ
الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَـيَانَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ بُعِثَ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ وَفَوَاتِـحِهِ وَخَوَاتِـمِهِ إِلَى الْإِنْسِ وَالْـجَانِّ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الذِينَ فَاقُوا فِي الْفَصَاحَةِ قُسًّا وَسَحْبَانَ؛ أَمَّا بَعْـدُ:
فهذه مَسَائِلُ بَلَاغِيَّـةٌ تَضَمَّنَهَا حَدِيثٌ عَظِيمٌ، يُسَمَّى: أُمَّ السُّنَّةِ( )، واشْتَهر بحديثِ جِبْرِيلَ عليهِ السَّلَامُ، لا يُتَفَطَّنُ لها عندَ أوَّل قراءةٍ للحديثِ، إلَّا بالتَّكرار والتَّأمُّلِ والتَّحليلِ، ومُطالعةِ الشُّرُوح والـحَوَاشِي التي دوَّنها أَهْلُ العِلْمِ، وقد جمعتُها وجعلتُها على شَكْلِ عَنَاصِرَ مُرَقَّمَةٍ، مرتَّبَةٍ وِفْقَ ورُودِها في الـحديث( ).
وَهَذَا أَوَانُ الشُّرُوعِ في الْـمَقْصُودِ، وعَلَى اللهِ اعْتِـمَـادِي، وَإِلَـيْهِ تَفْوِيضِي وَاسْتِنَادِي.

* أَوَّلًا: نَصُّ الْـحَدِيثِ:
عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ، شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلاَمِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الإِسْلاَمُ: أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً»؛ قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»،قَالَ صَدَقْتَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟ قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ»، قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا؟ قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ»، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا عُمَرُ أَتَدْرِى مَنِ السَّائِلُ»، قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ، أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» رواهُ مُسْلِمٌ.
* ثَانِيًا: الْأَسَالِيبُ الْبَلَاغِيَّـةُ فِي حَدِيثِ جَبْرِيلَ:
1 * (ذَاتَ يَوْمٍ) أي: بينَمَـا نحْنُ في ساعةِ ذاتِ مرَّةٍ في يومٍ( ).
فحُذِفَتْ هذه الْـمُضَافَاتُ؛ لوُضُوح الأمْرِ، كما حُذِفَتْ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ( ):
إِذَا قَـامَتَا تَضَوَّعَ الْـمِسْكُ مِنْهُـمَا نَسِيمَ الصَّـبَا جَاءَتْ بِـرَيَّا الْقَرَنْـفُلِ
أي: تَضَوعَ تَضَوُّعًا، مِثْلَ تَضَوُّعِ نَسِيمِ الصَّبَـا( ).
* فيكونُ مِنْ إِيجَازِ الْـحَذْفِ( ) عند الْبَلاغيِّينَ.

2 * (إذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ)، (إِذْ) ظرفُ زَمَانٍ مَاضٍ لِلْمُفَاجَأَةِ، [ وهو جَوَابُ بَيْنَمَا]، التَّقْدِيرُ: بَيْنَ أزمنةِ كَوْنِنَا عِنْدَهُ، فاجَأَنَا طُلُوعُ رَجُلٍ أي: دُخُولُهُ عَلَيْنَا( ).
وهنا: عَبَّر بِالطُّلُوعِ إِشْعَارًا بِتَعْظِيمِهِ ورِفْعَةِ قَدْرِهِ؛ وفيه اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ؛ لأنَّه شَبَّهَ ظُهُورَهُ في ارْتِفَاعِ الشَّأْنِ بطلوعِ الشَّمْسِ؛ فحذفَ الْـمُشَبَّهَ (الظُّهُور) وصرَّحَ بالْـمُشَبَّهِ به (الطُّلُوع)، ثُمَّ اشْتَقَّ مِنَ (الطُّلُوعِ) -بمعنى الظُّهور- الْفِعْلَ (طَلَعَ)؛ على سَبِيلِ الاسْتِعَارَةِ التَّبَعِيَّةِ.
أو: شَبَّهَ الرَّجُلَ بِالشَّمْسِ، فحذفَ الْـمُشَبَّهَ به (الشَّمْس)، ورَمزَ له بِشَيْءٍ من لوازِمِهِ، على سَبيلِ الِاسْتِعَارَةِ الْـمَكْنِيَّةِ.

3 * قولُهُ: (رَجُـلٌ) أي: مَلَكٌ في صُورَةِ رَجُلٍ.
ونكَّرَهُ تَعْظِيمًا( )؛ كما نُكِّرَتْ كلمةُ (طَائِف) في قولِهِ تعالى: (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ)( ) [الْقَلَمُ: 19].

4 * (شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ) أي: شديدُ سَوَادِ شَعْرِهِ؛ فهو عامٌّ يَشْمَلُ كلَّ شَعْرٍ باعتبارِ اللَّفْظِ؛ ولكنَّ الْـمُرَادَ هُنا: هو شَعْرُ اللِّحْيَةِ، كما جاءَ في رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ: (شَدِيد سَوَادِ اللِّحْيَـةِ)( ).
فيكونُ هذَا مِنْ إِطْلَاقِ العامِّ وإرَادَةِ الْـخَاصِّ، وهو مَـجَازٌ مُرْسَلٌ، عَلَاقتُهُ: الْـعُمُومِيَّةُ.

5 * (لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ) وفي ضَبْطٍ: (لَا نَرَى عَلَيْهِ)؛ والأَوَّلُ: أًَشْهَرُ.
وإنَّما غَيَّر صِيغَةَ الْفِعْلِ( )، للدَّلَالَةِ على الْعُمُومِ، أيْ: لَـوْ رَآه أيُّ رَاءٍ لَـمَا وَجَدَ فِيهِ أَثَـرَ السَّفَرِ؛ بخلافِ: (لَا نَرَى عَلَيْهِ) فيَحْتَمِلُ اختصاصَه بالْـحَاضِرِينَ( ).

6 * (حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) أي: اسْتَأْذنَ ودَنَا حتى جَلَسَ؛ كما تُوَضِّحُه الرِّواياتُ الأُخْرَى( ).
ففيه: إِيـجَازُ حَذْفٍ.

7 * (جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) أي: جَلَسَ عِنْدَهُ أو مَعَهُ.
ففيه تَضْمِينٌ( )؛ والْـمَعْنَى -واللهُ أعلمُ-: حَتَّى جَلَسَ [عِنْدَهُ وَآوَى] إِلَيْـهِ.


8 * (وقَالَ: يَا مُحَمَّدُ) قَدْ يُسْتَشْكَلُ هذا بِحُرْمَةِ نِدَائِهِ صلى الله عليه وسلم بِاسْمِهِ، قال تعالى: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا) [النور: 63]، وأُجِيبَ بأجوبةٍ، منها: أنَّه يحتَمِلُ أنَّ حرمةَ ذلك عَرَضَتْ بَعْدَهُ؛ أو أنَّه نَادَاهُ تَعْمِيَةً حتَّى لا يُعْرَفَ، أو أنَّ النهيَ في الآيةِ لمَنْ بُعِثَ إليهم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وهم الْـجِنُّ والْإِنْسُ اتِّفَاقًا، بخلافِ الـملائكةِ؛ ففي رِسَالتِه صلى اللهُ عليه وسلَّمَ إليهِمْ نِزَاعٌ.
* وفِي هذهِ الْعِبَارَةِ من الْبَلَاغَةِ: أنَّه استعملَ أداةَ النِّداءِ (يَا) وهي -في الْأَصْلِ- لِنِدَاءِ الْبَعِيدِ( )، مع أنَّ جِبْرِيلَ كان قَريبًا مِنَ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم؛ وذلكَ لتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْبَعِيدِ، تَنْبِيهًا عَلَى عُلُوِّ قَدْرِهِ.
ونَظِيرُ هذا الْأُسْلُوبِ؛ قولُه تعالى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي) [الفرقان: 30]، فَفِيهِ نداءُ القَرِيبِ بالأدَاةِ الْـمَوْضُوعةِ لِلْبَعِيدِ؛ إذْ أنَّ الله قد أخبرَ عن نفسِهِ بقولِهِ: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) [البقرة: 186] ( ).

9 * (وقَالَ: يَا مُحَمَّدُ).
فيه إِيـجَازٌ بِالْـحَذْفِ، والتَّقْدِيرُ: يَا أيُّهَا الإنسانُ الذِي اسْمُهُ مُـحَمَّدٌ؛ هذا إذَا قُلْنَا: إِنَّ الِاسْمَ غيرُ الـمُسَمَّى، وفيه بَحْثٌ، وقد أفْرَدَه الْبَطَلْيُوسِيُّ( ) بمُصَنَّفٍ، وذكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ في أوائلِ تفْسِيرِه الْـخِلَافَ فيها( ).
والْأَوْلَى: الْكَفُّ عن الْـخَوْضِ في هذهِ الْـمَسْأَلَةِ( )؛ ويُقال: إنَّ الاِسْمَ لِلْمُسَمَّى؛ كما قال تعالى: (وَللهِ الْأَسْمَاءُ الْـحُسْنَى) [الأعراف: 180].

10 * (أَخْبِرْنِي).
هذهِ الصِّيغةُ: صِيغةُ أَمْرٍ (فِعْلُ أَمْرٍ)، والْـمُرادُ بها الدُّعاءُ( )؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ مِنْ جِبْرِيلَ عليه السَّلامُ( ).

11 * (أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلاَمِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الإِسْلاَمُ) .
عرَّفَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ (الإِسْلاَم)، تَنْبِيهًا على أنَّه الْإِسْلَامُ الذِي سَأَلَ عَنْهُ، فـ(أَلْ) فِيهِ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ.
والْقَاعِدَةُ عِنْدَ عُلَماءِ الْـمَعَانِي: أنَّ الكلمةَ إنْ تَكَرَّرتْ معرفةً فهي عَيْنُ الأُولَى، وإنْ تكرَّرَت نَكِرَةً كانت خلافَ الأُولَى؛ قال الْإمَامُ السُّيُوطِيُّ في عُقودِ الْـجُمَانِ( ):
ثُـمَّ مِنَ الْقَـوَاعِدِ الْـمُشْتَهِرَهْ إِذَا أَتَــتْ نَـــكِـرَةٌ مُـكَـــرَّرَهْ
تَــغَايَـرَا، وَإِنْ يُعَرَّفْ ثَــانِي تَـوَافَـقَا، كَـذَا الْـــمُـعَــرَّفَـانِ
شَاهِدُهَـا فِـيمَا رَوَيْنـَا مُسْنَدَا لَنْ يَغْلِبَ الْيُسْرَيْنِ عُسْرٌ أَبَدَا( )
12 * (أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) أي: لَا مَعْبُودَ حَقٌّ إِلَّا اللهُ.
وفِيهِ: أُسْلُوبُ الْقَصْرِ، وهو: تَخْصِيصُ أَمْرٍ بِأَمْرٍ بِطَرِيقٍ مَخْصُوصٍ( ).
وفيه إيجَازُ حَذْفٍ؛ وهو حَذْفُ خَبَرِ لَا النَّافيةِ للجِنْسِ( )، وتقْدِيرُهُ (حَقٌّ).

13 * (وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ).
فِيهِ: اسْتِعْمَـالُ الصَّلَاةِ في غَيْرِ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ( ) -كما هنا-، فهو مجازٌ لُغَوِيٌّ( ).

14 * (تُقِيمُ الصَّلَاةَ)، أي: تُعَدِّلُ أركانَها؛ مِنْ قولِهم: أَقَامَ الْعُودَ: إذا قَوَّمَهَ وعدَّلَهُ( ).
ففيه: اسْتِعَارَةٌ؛ وتُجرَى على طريقَتَيْنِ:
* الطَّرِيقُ الْأُوَلَى: شَبَّه الصَّلَاةَ بِالْعُودِ بجَامِعِ التَّعْدِيلِ، فحَذَفَ الـمُشَبَّهَ به، ورَمَزَ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ لوازِمِهِ وهو (تُقِيمُ)، على سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ الْـمَكْنِيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ.

* الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ: شبَّه تَعْدِيلَ الْأَرْكَانِ بِتَقْوِيمِ الرَّجُلِ الْعُودَ، واسْتُعِيرَ له: الْإِقَامَة، ثُمَّ اشْتُقَّ منه الِفْعل: (تُقِيمُ)؛ فصَرَّح بالْـمُشبَّهِ به، على سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ الْـتَّصْرِيحِيَّةِ التَّبَعِيَّةِ.

15 * (وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ).
فيه: اسْتِعْمَـالُ الزَّكَاةِ في غَيْـرِ معناهَا اللُّغَوِيِّ( )، فهو مجازٌ لُغَوِيٌّ، وسبقَ نَظيرُهُ قريبًا.

16 * (وَتَصُومَ رَمَضَانَ).
فيه: استعمالُ الصِّيَامِ في غير معناهُ اللُّغويِّ( )، فهو مجازٌ لُغَوِيٌّ.

17 * (وَتَحُجَّ الْبَيْتَ).
فيه: اسْتِعْمَـالُ الْـحَجِّ في غَيْرِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ( )، فهو مجازٌ لُغَوِيٌّ.

18 * (قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ؛ يَسْأَلُهُ).
فَصَلَ( ) بينَ الْـجُمْلَتَيْنِ؛ لِأنَّ الجملةَ الثانيةَ بَيَانٌ للجملةِ الْأُولَى، ومِثْلُ هذا يقول البَلاغيُّونَ عنه: إِنَّ بيْنَ الجملَتَيْنِ كمالَ الاتِّصَالِ( ).

19* (وَالْيَوْمِ الآخِرِ) هو يَوْمُ الْقِيَامَةِ؛ سُمِّيَ بذلكَ، لأنَّه آخِرُ أيَّامِ الدُّنْيَا، بمَعْنَى: أنَّه متَّصِلٌ بِآخِرِ أيَّامِهَا، لأنَّه ليسَ مِنْهَا حَتَّى يكون آخرَهَا، فهو مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ باسمِ مُجَاوِرِهِ.
فتَسْمِيَتُهُ بذلك: مَـجَازٌ مُـرْسَلٌ، عَلَاقَتُهُ: الْـمُجَاوَرَةُ.
ونَظيرُ هَذَا: تَسْمِيَةُ صَلَاةِ الْـمَغْرِبِ وِتْرَ النَّهَارِ( ).

20 * (وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ).
فيهِ: طِبَاقُ الْإِيـجَابِ( ) بَيْنَ (الْـخَيْرِ) و(الشَّرِّ).

21 * (وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ).
فيه إِطْنَابٌ( )، ونَـوْعُهُ: التَّكْـرَارُ لِدَاعٍ؛ إذْ كرَّر العَامِلَ (تُؤْمِنَ)؛ وفائدتُهُ: الاهْتِمَامُ بشأنْ الْقَدَرِ؛ أوْ لِطُولِ الْعَهْدِ بِالْعَامِلِ كما كُرِّرَ في قولِهِ تعالى: (إِنِّي رَأَيْـتُ أَحَـدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّـمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) [يوسف: 4].

22 * (قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ) أي: الْإحسانُ عِبَادَتُكَ اللهَ تعالى، حالَ كونِكَ في عبادتِكَ مِثْلَ حالِ كَوْنِكَ رَائِيًا له؛ ولا شَكَّ أَنَّ مَنْ قَامَ في عبادَةٍ وهو يُعايِنُ رَبَّه، لم يَترُكْ شَيْئًا ممَّا يَقْدِرُ عليه من سائِرِ الْكَمَالَاتِ.
فَفِيهِ: تَشْبِيهٌ، نوعُهُ: تَشْبِيهٌ مُـجْمَلٌ( ).

23 * (قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟).
فيه حَذْفُ مُضَافَيْنِ، وَالْـمَعْنَى: أَخْبِرْنِي عَن زَمَنِ وُجُودِهَا؟ ولم يَكُنِ السُّؤَالُ عَنْهَا نَفْسِهَا؛ لأنَّها مَقْطُوعٌ بِهَا( )، قال تعالى: (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا) [الحج: 7].
فَهُوَ مِنْ الْإِيـجَازِ بِالْـحَذْفِ.

24 * (قَالَ: مَا الْـمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ) أي: بأَزْيَدَ عِلْمًا مِنْهُ بِهَا، والْـبَاءُ: زَائِدَةٌ( ) لِتأكيدِ النَّفْيِ.
فهو مَـجَازٌ بالزِّيَادَةِ؛ والْغَرَضُ منهُ: التَّأْكِـيدُ؛ ونَظيرُهُ: قولُه تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى: 11].

25 * (قَالَ: أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا) أي: سَيِّدَتَهَا؛ واختلَفَ العلماءُ في معنَى ذلكَ( ):
فقيلَ: هو كِـنَايَةٌ عن كَثْرةِ عُقوقِ الأولَاد لأمَّهاتِهم، فيُعاملونَهُنَّ معاملةَ السَّيِّدَةِ أَمَتَهَا، مِن الإهانَةِ والسَّبِّ.
وقيل: غير ذلكَ.
* فَعلى القَوْلِ الْـمَذْكُورِ؛ يكونُ فِيهِ كنايةٌ؛ نَوْعُهَا: كِنَايَةٌ عن صِفَـةٍ.

26 * (وَأَنْ تَرَى الْـحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ).
فِيهِ: إطلاقُ الْعُمُومِ وإرادةُ الخُصُوصِ، وهو مَجَازٌ مُرْسَلٌ، عَلَاقَـتُهُ: الْعُمُومِيَّـةُ.
ويَحتملُ أنْ تكونَ (أَلْ) لتَعْرِيفِ الْـمَاهِيَّةِ أو لِبَيَانِ الْجِنْسِ( ).

27 * (فَلَبِثْتُ مَلِيًّا).
(مَلِيًّا) صفةٌ لـمَوْصُوفٍ محذوفٍ، أي: زَمَانًا طَوِيلًا.
فَهُـوَ مِنَ الْإِيـجَازِ بِالْـحَذْفِ؛ ونظيرُهُ فِي حَذْفِ الْـمَوْصُوفِ: قولُهُ تعالى: (وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا)[الإسراء: 59] أي: آيةً مُبْصِرَةً( ).

28 * (يَا عُمَرُ، أَتَدْرِى مَنِ السَّائِلُ؟).
هذَا اسْتِفْهَامٌ خَرَجَ عن معْنَاهُ الأصْلِيِّ، والغَرَضُ منهُ: التَّشْويقُ.
ونَظيرُهُ؛ قولُه تعالى: (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)( ) [الصَّف: 10].
29 * (قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) أي: مِن غيرِهِما، فَـ(مِـنْ) مُقَدَّرَةٌ مَعَ الْـمُفَضَّلِ عليه؛ فهو مِنَ الْإِيـجَازِ بِالْـحَذْفِ.

30 * (فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ) الفَاءُ: فَصِيحَةٌ( )؛ أي: إذا فوَّضْتُم الأمرَ إلى اللهِ ورسولِه؛ فإنه جِبْرِيلُ.
فهو مِنَ الْإِيـجَازِ بِالْـحَذْفِ.

31 * وفي لفْظٍ لِـمُسْلِمٍ: (هَذَا جِبْرِيلُ).
فاستعملَ اسْمَ الْإشَارةِ في غيرِ الْـمُشَاهَدِ، لِتَنْزِيلِه منزلتَهُ؛ لِلاعتنَاءِ بشَأْنِهِ، وإِحْضَارِه في ذِهْنِ السَّامِعِ.

31 * (فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ) فأكَّدَ الكلامَ لأنَّ السَّائِلَ طالبٌ مُتَرَدِّدٌ. قاله التَّفْتَازَانِيُّ( ).

32 * (أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ) أي: جاءَكُمْ، وجملة: (يُعَلِّمُكُمْ): جملةٌ حالِيَّةٌ.
وإسنادُ التَّعليم إليه مجازٌ عَقْلِيٌّ، من الإسنادِ إِلَى السَّبَبِ؛ لأنَّ جِبْرِيلَ يسألُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فيُجيبُه، فيَعلمونَ الجوابَ؛ وإلَّا فالْـمُعلِّم حقيقةً هو النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

هذا ما قَصَدْتُ تَوْضِيحَهُ، وليس هو آخر يُمكِنُ قولُهُ عَنْ هذا الْـحَديثِ الشَّرِيفِ؛ واللهَ أسْأَلُ أنْ ينْفَعَ بهِ طُلَّابَ الْعَرَبِيَّةِ خاصَّةً، وطُلَّابَ العِلْمِ كَافَّةً. آمين.
وصلَّى اللهُ على نَبِيِّنَا مُـحَمَّدٍ وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعينَ
الْـهَـوَامِـشُ:

اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع


أكتب تعليق على الموضوع مستخدماً حساب الفيس بوك

التوقيع:
"


من مواضيعي في الملتقى

* حقيقة العلمانية
* صور : أكثر 10 أمراض بالعالم فتكاً بالبشر
* الإعجاز التصويري في: {وقال نسوة في المدينة}
* خمسة اطعمة يجب ان تأكلها كل يوم
* من صور الأدب النبوي
* مواقف اضحكت الرسول صلى الله عليه وسلم
* القران مع تفسيره

صادق الصلوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-30-2012, 09:12 PM   #2
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
بارك الله فيكم
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-04-2013, 10:45 PM   #3

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 0

طالب العلم غير متواجد حاليا

افتراضي

      

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم
التوقيع:




قال الامام الشافعي رحمه الله تعالى:

*إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة*

من مواضيعي في الملتقى

* استودعكم الله ,,,,,,,,,,,,,,الى الملتقى ان شاء الله
* لماذا سمي القران بالقران الكريم
* أقوال العلماء في التحذير من فتنة الطعن والتجريح وتبديع السلفيين
* ما معنى كلمة الفنان يجيب الشيخ صالح السحيمي حفظه الله
* أسهل طريقة لحفظ القرآن الكريم
* الأسئلة التي أشكلت و تنازع فيها الدعاة السلفيون في ولاية كيرالا
* تحذير الشيخ الألباني من بدعة

طالب العلم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد
   
الكلمات الدلالية (Tags)
-تَأَمُّلٌ, السَّلَامُ, الْأَسَالِيبُ, الْبَلَاغِيَّةُ, حَدِيثِ, جِبْرِيلَ, عَلَيْهِ, فِي, وَ
 

   
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الْأَسَالِيبُ الْبَلَاغِيَّةُ فِي سُورَةِ الـضُّحَى صادق الصلوي قسم تفسير القرآن الكريم 1 12-30-2012 03:04 PM


   
 

vBulletin® v3.8.7, Copyright ©, TranZ by Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009