استخدم محرك جوجل للبحث في الملتقى

 

الرئيسية التسجيل البحث الرسائل طلب كود التفعيل تفعيل العضوية استعادة كلمة المرور
facebook facebook twetter twetter twetter twetter

المناسبات


   
العودة   ملتقى أحبة القرآن > ۩ ملتقى العلـــم الشرعـــي ۩ > ملتقى الخطب والدروس المقروءة > قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله
قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله يهتم هذا القسم بطرح جميع المحاضرات والدروس والخطب المكتوبة لفضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله..
 

   
الملاحظات
 

إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 09-08-2012, 08:08 AM   #1

 
الملف الشخصي:





 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 85

أسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهر

افتراضي خطبة: شهر شعبان فوائد وأحكام

      

شهر شعبان فوائد وأحكام
الْحَمْدُ للَّهِ أَحَقُّ مَنْ شُكِرَ وَأَوْلَى مَنْ حُمِدَ، وَأَكْرَمُ مَنْ تَفَضَّلَ وَأَرْحَمُ مَنْ قُصِدَ، الْمَعْرُوفُ بِالدَّلِيلِ وَبِالدَّلِيلِ عُبِدَ، الأوَّلُ لَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَلِدْ، أَحَاطَ عِلْمًا بِالْمَعْلُومَاتِ وَحَوَاهَا، وَأَنْشَأَ الْمَخْلُوقَاتِ بِالْقُدْرَةِ وَبَنَاهَا، وَأَظْهَرَ الْحُكْمَ فِي الْمَوْجُودَاتِ إِذْ بَرَاهَا، وَمَنْ يتيح حُكْمَهَا لَمَّا رَآهَا، فَلْيَنْظُرْ بِالْفَهْمِ وَلْيَفَتَقَّدْ، تَعَرَّفَ إِلَى خَلْقِهِ بِالْبَرَاهِينِ الظَّاهِرَةِ، وَأَظْهَرَ فِي مَصْنُوعَاتِهِ الْعَجَائِبَ الْبَاهِرَةَ، وَتَفَرَّدَ فِي مُلْكِهِ بِالْقُدْرَةِ الْقَاهِرَةِ، وَوَعَدَ الْمُتَّقِينَ الْفَوْزَ فِي الآخِرَةِ، فَالْبُشْرَى لِلْمَوْعُودِ بما وعد، تعالى أن يشبهَ ما صَنَعَهُ، وَأَنْ يُقَاسَ بِمَا جَمَعَهُ، سُبْحَانَهُ لا وَزِيرَ لَهُ وَلا شَرِيكَ مَعَهُ، نَادَى مُوسَى لَيْلَةَ الطُّورِ فَأَسْمَعَهُ، فَاعْلَمْ هَذَا وَاعْتَقِدْ، وَتَمَسَّكْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلا تَمِلْ عَنْهُمَا وَسَلِّمْ إِلَيْهِمَا وَتَسَلَّمِ الْعِلْمَ مِنْهُمَا ولا تَنْطِقْ بِرَأْيِكَ وَظَنِّكَ فِيهِمَا، هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ لا تُنْقِصْ وَلا تَزِدْ.
أَحْمَدُهُ حَمْدًا إِذَا قِيلَ صَعِدَ، وَأُصَلِّي =وأسلم= عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ خَيْرِ مَوْلُودٍ وُلِدَ. التبصرة لابن الجوزي (2/ 46).
فـ[اللَّهُمَّ صلِّ على النَّبِي مُحَمَّد الْمُخْتَار، وَسيِّدِ الأَنْبِيَاءِ والأبرار، وزَينِ الْمُرْسلينَ الأخيار، وَأكْرم َمن أَظْلَمَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وأشرق النَّهَار، أبي الْقَاسِم الأوِّابِ الْمُخْتَار. بستان الواعظين ورياض السامعين (ص: 280).
شهر شعبان هو الشهر الثامن من الأشهر العربية الهلالية الهجرية، حدثت فيه أحداث وجرت فيه أمور على مرِّ السنين والأعوام، وشعبان شهر يسبق رمضان، فله اختصاص عند النبي صلى الله عليه وسلم، يختلف عن بقية شهور السنة، فقد قال أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، (يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ». سنن النسائي (2357). مسند أحمد ط الرسالة (ج36/ ص85) ح(21753) الصحيحة (1898).
بل إنَّ بعضَ أمهاتِ المؤمنينَ تؤجِّلُ ما عليها من قضاءِ رمضانَ إلى شعبان، فهذه عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، تَقُولُ: (كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ؛ الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مسلم (1146).
وما هذا إلاَّ لاستقبالِ شهرِ الصيامِ والحسناتِ والخيرات، بالصيامِ والأعمالِ الصالحات، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لا يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ). مسلم (1156).
أما مَن قصَّرَ لعذرٍ أو لغيرِ عذرٍ فلم يصُمْ في أوائل رمضان؛ فقد ترك مواسمَ الخير، ومُنِع من الصيامِ عند انتصاف شعبان، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ، فَلا تَصُومُوا»، سنن أبي داود (2337).
قال المناوي: [فعند أبي داود: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا"، وعند النسائي: "فكفُّوا عن الصيام"،=وجدته في معجم ابن المقرئ (ص: 60، رقم 96)=. وعند ابن ماجه =(1651)=: "إذا كان النصف من شعبان فلا صوم حتى يجيء رمضان"، وعند ابن حبان =( 3589)=: "فأفطروا حتى يجيء رمضان"، وفي رواية له =(3591)=: "لا صوم بعد نصف شعبان حتى يجيء رمضان" ولابن عدي: "إذا انتصف شعبان فأفطروا" = المعجم الأوسط (2/ 264، رقم 1936)، مصنف عبد الرزاق الصنعاني (4/ 161، رقم 7325)=.
وللبيهقي =(4/ 352، رقم 7961)=: "إذا مضى النصف من شعبان فأمسكوا حتى يدخل رمضان". =مسند أحمد ط الرسالة (15/ 441، رقم 9707)=].
وعند الترمذي (738): «إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلا تَصُومُوا».
فمن كان له عادة أن يصوم اثنين وخميس، أو من سرر الشهر وختامه، أو ابتدأ صوما من قبل انتصاف شعبان، فكل ذلك لا يمنع من الصوم بعد انتصاف هذا الشهر.
وليلة النصف من شعبان لها شأن عظيم؛ حيثُ «إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ؛ إِلاَّ لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ»، ابن ماجه (1390).
وأَكَّدَ ذلك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله الآخر: «يَطْلُعُ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيُمْهِلُ الْكَافِرِينَ، وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدْعُوهُ». المعجم الكبير للطبراني (22/ 223، رقم 590)، انظر صحيح الجامع (831)، الصحيحة (1144).
وفي آخر شعبان تشتدُّ كراهيةُ الصيام، فعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ» البخاري (1914)، ومسلم (1082) نحوه.
أمَّا يومُ الشكِّ؛ هل هو من رمضانَ أو من شعبانَ، فقد ورد النهيُ صريحا عن صومه، واستثني من كان له عادة بالصيام فوافق ذلك اليوم، عَنْ صِلَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَمَّارٍ =رضي الله تعالى عنه= فَأُتِيَ بِشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ =أي مشوية=، فَقَالَ: (كُلُوا)، فَتَنَحَّى بَعْضُ الْقَوْمِ، قَالَ: (إِنِّي صَائِمٌ)، فَقَالَ عَمَّارٌ: «مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». سنن النسائي (2188). . رواه أبو داود (2334) ، والترمذي (686) وقال: حديث حسن، ورواه أيضا ابن ماجه (1645).
وعَنْ سِمَاكٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عِكْرِمَةَ فِي يَوْمٍ قَدْ أُشْكِلَ؛ مِنْ رَمَضَانَ هُوَ أَمْ مِنْ شَعْبَانَ، وَهُوَ يَأْكُلُ خُبْزًا وَبَقْلاً وَلَبَنًا، فَقَالَ لِي: (هَلُمَّ!) فَقُلْتُ: (إِنِّي صَائِمٌ)، قَالَ وَحَلَفَ بِاللَّهِ: (لَتُفْطِرَنَّ)، قُلْتُ: (سُبْحَانَ اللَّهِ) مَرَّتَيْنِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ يَحْلِفُ لا يَسْتَثْنِي تَقَدَّمْتُ قُلْتُ: (هَاتِ الآنَ مَا عِنْدَكَ)، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابَةٌ أَوْ ظُلْمَةٌ، فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ عِدَّةَ شَعْبَانَ، وَلا تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْرَ اسْتِقْبَالاً، وَلا تَصِلُوا رَمَضَانَ بِيَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ». سنن النسائي (2189).
وفي رواية: «أَحْصُوا هِلالَ شَعْبَانَ لِرَمَضَانَ، وَلا تَخْلِطُوا بِرَمَضَانَ؛ إِلاَّ أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صِيَامًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ، وَصُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ؛ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ تُغْمَى عَلَيْكُمُ الْعِدَّةُ». سنن الدارقطني (3/ 111، رقم 2174) الصحيحة (565). فوجودِ السُّحُبِ والغيوم، وما يحول دون رؤية هلال رمضان؛ لا يُبيحُ استعجالَ الصيامِ، ولا بُدَّ من التريُّثِ والتمهُّلِ حتى التيقُّن من رؤية هلالِ رمضان، أو إكمالِ شعبان ثلاثين ليلة، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابٌ أوْ ظُلْمَةٌ أَوْ هَبْوَةٌ، =الْهَبْوَةُ: الْغَبْرَةُ،= فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ، وَلا تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْرَ اسْتِقْبَالا، وَلا تَصِلُوا رَمَضَانَ بِيَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ». شرح السنة للبغوي (6/ 232، رقم 1716) وانظر الصحيحة (1917).
ألا واعلموا أنَّ شهرَ شعبانَ يتكرَّرُ على مَرِّ السنينَ والأعوام، فإذا قال قائل: حدث حادثٌ في شعبان مثلا، فيشكل على المستمع؛ أيُّ شعبان هذا؟ كما حدث ذلك في عهد عمرَ رضي الله تعال عنه، مما جعله يؤرخ بالتاريخ الهجري الهلالي، قال ابن كثير في [وقائع السّنة الأولى من الْهِجْرَة: ذِكْرُ مَا وَقَعَ فِي السَّنَةِ الأُولَى مِنَ الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة من الْحَوَادِث والوقائع الْعَظِيمَة، اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، أَوْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ، فِي الدَّوْلَةِ الْعُمَرِيَّةِ عَلَى جَعْلِ ابْتِدَاءِ التَّارِيخِ الإِسْلامِيِّ مِنْ سَنَةِ الْهِجْرَةِ.
وَذَلِكَ أَنَّ أَمِيرَ المومنينَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ =تعالى= عَنْهُ رُفِعَ إِلَيْهِ صَكٌّ، أَيْ حُجَّةٌ، لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ، وَفِيهِ أَنَّهُ يَحِلُّ عَلَيْهِ فِي شَعْبَانَ، فَقَالَ عُمَرُ: (أَيُّ شَعْبَانَ؟ أَشَعْبَانُ هَذِهِ السَّنَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا، أَوِ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، أَوِ الآتِيَةِ؟!) ثُمَّ جَمَعَ الصَّحَابَةَ =رضي الله تعالى عنهم= فَاسْتَشَارَهُمْ فِي وَضْعِ تَأَرِيخٍ يَتَعَرَّفُونَ بِهِ حُلُولَ الدُّيُونِ وَغَيْرَ ذَلِكَ.
فَقَالَ قَائِلٌ: (أَرِّخُوا كَتَارِيخِ الْفُرْسِ)، فَكَرِهَ ذَلِكَ، وَكَانَتِ الْفُرْسُ يُؤَرِّخُونَ بِمُلُوكِهِمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ.
وَقَالَ قَائِلٌ: (أَرِّخُوا بِتَارِيخِ الرُّومِ)، وَكَانُوا يُؤَرِّخُونَ بِمُلْكِ إِسْكَنْدَرَ بْنِ فَلبس الْمَقْدُونِيِّ، فَكَرِهَ ذَلِكَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: (أَرِّخُوا بِمَوْلِدِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). وَقَالَ آخَرُونَ: (بَلْ بِمَبْعَثِهِ). وَقَالَ آخَرُونَ: (بَلْ بِهِجْرَتِهِ). وَقَالَ آخَرُونَ: (بَلْ بِوَفَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ).
فَمَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى التَّأْرِيخِ بِالْهِجْرَةِ؛ لِظُهُورِهِ وَاشْتِهَارِهِ، وَاتَّفَقُوا مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ]. السيرة النبوية لابن كثير (2/ 287).
ومن هذا نستفيد أنَّ وليَّ الأمر لا بُدَّ له من مستشارين في شتى الأمور الدينية والدنيوية؛ من أهل العلم والخبرة، وبعد الاستشارةِ غيرِ الموجبة، يختار ما هو أنفعُ للأمة وأفضل، ليس على حسب ميل النفس والهوى.
ومن الأمور الهامة في شريعة الإسلام، التي حدثت في هذا الشهر تحويلُ قبلة الصلاة، فقد كان بيتُ المقدسِ قبلةَ المسلمين، لبضعةَ عشرَ شهرا، وكان صلى الله عليه وسلم يجولُ ببصره إلى السماء، ويحِبُّ أن تكونَ قبلةُ الصلاة إلى البيتِ الحرام، فقد كان عليه الصلاة والسلام قبل الهجرة إذا صلَّى جعل الكعبةَ بينه وبين القبلة؛ بيتِ المقدس، يجمع بينهما، وبعدما هاجر لم يستطع الجمعَ بينهما، فصار يصلِّي مستقبلا بيت المقدس، مستدبرا البيتَ الحرام، وكان ينتظرُ الأمرَ من السماء بالتوجه إلى المسجد الحرام في الصلاة، فنـزل قول الله جل جلاله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} (البقرة: 144)، قال ابن كثير: [وفي شعبان من هذه السنة =أي الثانية من الهجرة= حُوِّلَت القبلةُ من بيت المقدس إلى الكعبة، وذلك على رأس ستةَ عَشَرَ شهراً من مَقْدَمِه المدينة، وقيل: سبعةَ عشرَ شهراً، وهما في الصحيحين.
وكان أَوَّلَ من صلَّى إليها؛ أبو سعيد بنُ المعلَّى وصاحبٌ له، كما رواه النسائي: وذلك أنَّا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطُبُ الناسَ ويتلو عليهم تحويل القبلة، فقلت لصاحبي: (تعالَ نصلي ركعتين فنكونَ أوَّلَ من صلى إليها، فتوارينا وصلينا إليها)، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس الظهر يومئذ..
=وفي شعبان=فُرضَ صومُ رمضان، وفرِضت لأجلِه زكاةُ الفِطرِ قُبَيلَه بيوم]. الفصول في السيرة (ص: 127).
[وغزا صلى الله عليه وسلم بني المصطلق من خزاعة في شعبان من السنة السادسة، وقيل: كانت في شعبان سنة خمس، والأول أصحُّ، وهو قول ابن إسحاقَ وغيرِه]. الفصول في السيرة (ص: 179).
وفي هذا الشهرِ توفِّي أخو رسولِ الله صلى الله عليه وسلم [عثمانُ بن مظعون، بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جُمَح. يكنى أبا السائب. أسلم قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دارَ الأرقم، وهاجرَ إلى الحبشة الهجرتين، وحرَّم الخمر =على نفسه= في الجاهلية. وقال: (لا أشرب شيئاً؛ يُذهب عقلي، ويُضحك بي من هو أدنى مني، ويحملني على أن أُنكح كريمتي من لا أريد). وشهد بدراً وكان متعبداً. توفي في شعبان على رأس ثلاثين شهراً من الهجرة، وقبَّل النبي صلى الله عليه وسلم خَدَّه وسمَّاه السلف الصالح، وهو أوَّلُ من قُبِر بالبقيع...]. صفة الصفوة (1/ 169، رقم 30).
ولَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، ... قَالَ =الراوي=: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ، وَقَالَ: «أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي». سنن أبي داود (3206).
وفي سنة خمس من الهجرة [في شعبان ولد الحسين بن علي -رضي الله عنهما]. سير أعلام النبلاء ط الرسالة (سيرة 1/ 462).
وفيها كانت [غزوةُ المريسيع؛ وتسمى غزوة بني المصطلق، كانت في شعبان سنة خمس على الصحيح, بل المجزوم به]. سير أعلام النبلاء ط الرسالة (سيرة 1/ 468).
وفي سنة ثمان وثلاثين، [في شعبان: ثارت الخوارج وخرجوا على علي رضي الله عنه، وأنكروا عليه كونه حكم الحكمين]، سير أعلام النبلاء ط الرسالة (راشدون/ 279).
وسعيد بن حبير [كَانَ قَتْلُهُ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ]، سير أعلام النبلاء ط الرسالة (4/ 341).


***الخطبة الثانية***
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين وبعد؛
{رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ} (إبراهيم: 38) {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ* إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (البقرة: 270، 271)
ألا واعلموا؛ أنَّ إخفاءَ العباداتِ أحرى وأجدرُ في قبولها لقد [اشتَهَر بعضُ الصالحين بكثرةِ الصيام، فكان يجتهدُ في إظهارِ فطرِه للناس، حتى كان يقومُ يومَ الجمعةِ والناسُ مجتمعون في مسجد الجامع، فيأخذُ إبريقا فيضع بُلْبُلَتَه في فيه ويمصُّه، ولا يزدرد منه شيئا، ويبقى ساعة كذلك، ينظر الناسُ إليه فيظنون أنه يشرب الماء، وما دخل إلى حلقه منه شيء.
كم سترَ الصادقون أحوالهم وريحُ الصدق يَنِمُّ عليهم، ريحُ الصيام أطيبُ من ريح المسك، تستنشقه قلوب المؤمنين وإن خفي، وكلما طالت عليه المدة؛ ازدادت قوة ريحه]. لطائف المعارف (ص: 132)
[فيا أيها الْغَافِلُ! تَنَبَّهْ لِرَحِيلِكَ وَمَسْرَاكَ، وَاحْذَرْ أَنْ تُسْتَلَبَ عَلَى مُوَافَقَةِ هَوَاكَ، انْتَقِلْ إِلَى الصَّلاحِ قَبْلَ أَنْ تُنْقَلَ، وَحَاسِبْ نَفْسَكَ عَلَى مَا تَقُولُ وَتَفْعَلُ، وَلا تَغْفُلْ عَنِ التَّدَارُكِ؛ اللَّهَ اللَّهَ لا تَفْعَلْ]. التبصرة لابن الجوزي (2/ 48).
[اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْ ذِكْرَ الآخِرَةِ لِقُلُوبِنَا مُلازِمًا, وَوَفِّقْنَا لِلتَّوْبَةِ تَوْفِيقًا جَازِمًا, وَذَكِّرْنَا رَحِيلَنَا قَبْلَ أَنْ نَرَى الْمَوْتَ هَاجِمًا, وَاقْبَلْ صَالِحَنَا وَاغْفِرْ لِمَنْ كَانَ آثِمًا]. التبصرة لابن الجوزي (1/ 435)
اللَّهُمَّ أَعِنّا عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.
اللَّهُمَّ إِنّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ يَغْلِبَنا دَيْنٌ، أَوْ عَدُوٌّ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الرِّجَالِ.
اللهُمَّ إِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ.
اللهُمَّ آتِ نفوسَنا تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَا.
اللهُمَّ إِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا.
{وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت: 45)


نقلها من مظانها وخطبها:
أبو المنذر فؤاد بن يوسف أبو سعيد
الزعفران بالوسطي غزة فلسطين
9 شعبان 1433 هلالية.
وفق: 29 يوليو تموز 2012 شمسية.
للتواصل مع الشيخ عبر البريد الالكتروني: zafran57@yahoo.com

اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع

أسامة خضر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد
   
الكلمات الدلالية (Tags)
خطبة:, شعبان, شهر, فوائد, وأحكام
 

   
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لا تحول فوائد العبادات إلى فوائد دنيوية ابو عبد الرحمن ملتقى الآداب و الأحكام الفقهية 9 03-15-2013 10:30 PM
خطبة: شهر رمضان والصيام حكم وأحكام. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله أسامة خضر قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله 3 11-07-2012 04:10 PM
خطبة: يوم الجمعة فضائل وأحكام أسامة خضر قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله 8 11-06-2012 06:36 AM
خطبة: أصوات وأحكام في نعمة النطق والكلام. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله أسامة خضر قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله 4 05-07-2012 09:42 AM
خطبة: الحج إلى بيت الله الحرام (فوائد وفضائل وعبر للأنام). الشيخ: فؤاد أبو سعيد أسامة خضر قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله 4 09-28-2011 10:23 PM


   
 

vBulletin® v3.8.7, Copyright ©, TranZ by Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009