ومن يتق الله يجعل له مخرجا
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
تفسير قوله ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
قال الله تعالى: { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا } [1] قد روي عن أبي ذر عن النبي أنه قال: «لو أخذ الناس كلهم بهذه الآية لكفتهم»، وقوله: { مَخْرَجًا } عن بعض السلف: أي من كل ما ضاق علي الناس، وهذه الآية مطابقة لقوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [2] الجامعة لعلم الكتب الإلهية كلها؛ وذلك أن التقوي هي العبادة المأمور بها، فإن تقوي الله وعبادته وطاعته أسماء متقاربة متكافئة متلازمة، والتوكل عليه هو الاستعانة به، فمن يتقي الله مثال: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }، ومن يتوكل علي الله مثال: { وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }، كما قال: { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } [3]، وقال: { عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا } [4]، وقال: { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } [5].
ثم جعل للتقوي فائدتين: أن يجعل له مخرجا، وأن يرزقه من حيث لا يحتسب. والمخرج هو موضع الخروج، وهو الخروج، وإنما يطلب الخروج من الضيق والشدة، وهذا هو الفرج والنصر والرزق، فَبَين أن فيها النصر والرزق، كما قال: { أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } [6] ؛
وأما التوكل فَبَين أن الله حسبه، أي: كافيه، وفي هذا بيان التوكل علي الله من حيث أن الله يكفي المتوكل عليه، كما قال: { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } [7] خلافا لمن قال: ليس في التوكل إلا التفويض والرضا. ثم إن الله بالغ أمره، ليس هو كالعاجز،
مجموع الفتاوى/المجلد السادس عشر
اثبت وجودك
..
تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع
|