استخدم محرك جوجل للبحث في الملتقى

 

الرئيسية التسجيل البحث الرسائل طلب كود التفعيل تفعيل العضوية استعادة كلمة المرور
facebook facebook twetter twetter twetter twetter

المناسبات


   
العودة   ملتقى أحبة القرآن > ۩ البـــــرامج والتقنيــــات ۩ > ملتقى الكتب الإسلامية
ملتقى الكتب الإسلامية كل ما يتعلق بالكتب والمقالات والمنشورات الإسلامية،وغير ذالك
 

   
الملاحظات
 

إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 11-22-2010, 07:13 PM   #1

 
الملف الشخصي:







 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 61

وائل مراد will become famous soon enough

افتراضي أول مرة أصلي

      




رابط تحميل المادة : http://up.world-acc.net/do.php?filename=12904423141.rar


ليست مبالغة ولكنها حقيقة ... نعم هنا بإذن الله تصلح صلاتك ومن صلحت صلاته صلح سائر عمله وفاز فوزا عظيما بصدق قول النبي – صلى الله عليه وسلم – من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - " أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر " صحيح ... وفي رواية أخرى صحيحة عن أنس – رضي الله عنه - " أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله "

ولذا ... ارجوك ألا تلتفت لغير الموضوع وأنت تقرأه فلو علمت أنه سبب فلاحك وفوزك بإذن الله فكيف تقرأ متعجلا أو تقرأ بعينك دون قلبك ؟! فالخاسر أنت !! ولا أرضى أن تخسر هذه المعاني السامية .. فبالله عليك اقرأ وتأمل و استشعر معنى ما تقرأ

أما قبل

أليكم بطل هذه القصة؟

عن أبى هريرة – رضي الله عنه – أن رجلا دخل المسجد ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – جالس في ناحية المسجد فصلّى ثم جاء فسلم عليه فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعليك السلام ارجع فصلّ فإنك لم تصلّ فصلّى ثم جاء فسلم فقال وعليك السلام ارجع فصلّ فإنك لم تصلّ فصلّى ثم جاء فسلم فقال وعليك السلام ارجع فصلّ فإنك لم تصلّ فقال له في الثانية أو في التي تليها علمني يارسول الله فقال
" إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبّر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تستوي قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها "

كي لا تكون بطلا لهذه القصة إاليك هذه القواعد الهامة
1- قلما تجتمع الجودة مع السرعة فأعط الصلاة حقها ولا تستعجل في آدائها ولا تسرق منها فإنما تسرق من خشوعك وإيمانك
2- التنوع أساس لأن التكرار أول طريق الملل والسهو والغفلة فغيّر أذكار الصلاة وتفكّر في معانيها ولا تُكرر نفس الأذكار في كل صلواتك
3- لا تقرأ بسرعة وتنسى بل اقرأ القليل وتشرّب معانيه واعمل به تصل إلى الكثير بإذن الله
4- قم إلى الصلاة متى سمعت النداء وبكّر إليها لتطرد هم الدنيا واعلم أن خشوعك سيكون مكافأتك
5- اعلم أن هناك أوقات يكون قلبك أكثر استعدادا وقبولا وأطهر روحا فالتمس تلك الأوقات واعط قلبك حظه من الصلاة فيها
6- أطل في الصلاة منفردا ولا تطل إن كنت إماما فهو أقرب للإخلاص وصلاة الفرد والنافلة أرجى للخشوع
7- احفظ أذكار الصلاة المأثورة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – بأنواعها ورددها لتعيش مع الصلاة وتصلّي كما صلّى
8- جوف الليل أخشع وأحب للرب وأقرب للرحمة وأبعد عن الأشغال وأدنى للإخلاص ويستقبل الله فيه كلام من أحبّه وناجاه
9- الخشوع من الإيمان والإيمان يزيد وينقص والخشوع يزيد وينقص وبقدر عملك الصالح في يوم يكون خشوعك
10- إذا لم تسع في زيادة خشوعك فسيهاجم الشيطان خشوعك الحالي ليقل ويتضاءل لتتحول صلاتك إلى عبء ثقيل ثم تكسل وتؤخر وقتها والحل أن تعلو لكيلا تهبط وتزيد لكيلا تنقص وتتطلع إلى مقام أعلى وأخشع
11- لا تنشغل في صلاتك بدنياك واقض حاجتك قبل دخولك في الصلاة لتصلي بقلب فارغ خاشغ

أما بعد
فهي رسالة أوجّهها إلى نفسي وإلى الأكثرية الغالبة من المصلين في وقت قلّ من يقيم للصلاة ركوعها وسجودها وخشوعها ولقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – " أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعا " حديث صحيح

قال الإمام أحمد بن حنبل " إنما قدرهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة فاعرف نفسك واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك "
ورجائي في الله كبير أن يغيّر حالكم ويورثكم الخشوع لتحسّ بقول النبي – صلى الله عليه وسلم – " وجعلت قرة عيني في الصلاة "
أخي ... الخشوع تذلل القلوب لعلام الغيوب والقلب أمير البدن فإذا خشع القلب خشع السمع والبصر والوجه وسائر الأعضاء وما نشأ عنها حتى الكلام
الخشوع يقظة حتى لا يلتفت القلب وهو من أنفع العلوم وأجلّها لذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم - يستعيذ من قلب لا يخشع لأن القلب الذي لا يخشع علمه لا ينفع ودعاؤه لا يسمع
ولكن ... أطمع في أكثر من الخشوع بكثير فلي هدف أبعد من الصلاة وهو الإقبال على الله في سائر الشئون فلا تقطع أمرا دونه وتكمّل حقوق العبودية على الوجه الذي يرضي الرب سبحانه وتعالى
تغرس بذور التربية الذاتية في قلبك فتخشع ولو كنت الخاشع الوحيد في مسجدك فتتربى على أن تستقيم ولو انحرف الكون كله ويضيء قلبك ولو عمّ الظلام قلوب من حولك
تربي نفسك على المسئولية الفردية والمحاسبة الفردية والتهيؤ للوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى يوم القيامة كما وقفت بين يديه في الصلاة في الدنيا
تشارك في إحياء الأمة ونصرتها عن طريق صلاة الخاشعين وتضرعهم وما أحوجنا لدعوة صادقة من قلب منيب
فليست الصلاة حركات تستغرق ساعة من اليوم وينقضي الأمر وتنسى معاني الصلاة لكنها حركة تصحيح وثورة تغيير تستهدف تعديل مسار الحياة لتعيد صياغتها على عين الله ... والله أسأل التوفيق والسداد وادراك غايتنا القريبة والبعيدة من هذه الرسالة
استجداءالمغفرة
اللهم إنا نستغفرك من كل سهو سهوناه ونحن بين يديك ... ونستغفرك من كل التفات إلى غيرك ونحن في بيتك ... ونستغفرك من كل خاطر دنيوي شغلنا به ونحن نتزود للآخرة ... ونستغفرك من كل تعظيم لغيرك خالج صدورنا ونحن في قبضتك ... ونستغفرك من كل عجلة نقرنا بها صلاتنا في غفلة ... ونستغفرك من كل شهوة خطرت ببالنا ونحن نناجيك ... ونستغفرك من ... ومن ... ومن ...
وإلى هنا استحى القلم من تكرار سرد جرائمه في حقك ... لكن حسبي أنني طامع في سحابة مغفرة ربانية تمطر قلوبنا المحاصرة بغبار الذنوب والمدنّسة بالغفلات
فهل ترحم ضعفي ... وتعطف عليّ ... وتستجيب لي ... يامولاي ؟!
الضربة القاضية
كم مرة هزمك الشيطان في معركة الصلاة وكم ألهاك عنها ؟ ثم ولّى مدبرا يُقهقه فرحا بغوايتك .... كم صلاة ضاعت عليك وأنت لا تشعر وذهب خشوعها وخضوعها وأنت تبتسم ؟ ... كم مرة كانت الصلاة عبئا ثقيلا عليك واستقبلتها بالكسل والفتور ؟
هل ذقت يوما طعم قول حبيبك – صلى الله عليه وسلم – " وجعلت قرة عيني في الصلاة "
لقد ساق الله إليك هذه الرسالة لتكون إمدادا ربانيا ورحلة روحانية رائعة تلتذ معها بطعم الصلاة فتأتيها في لهفة وترتوي روحك ويرقى إيمانك وحينها ترفع راية الظفر منتشيا فوق ارض عدوك بعدما ولّى مدبرا ينتحب
سر الصلاة الإقبال
سر الصلاة وروحها ولُبّها هو إقبالك على الله بكل ذرة من كيانك ولا ينبغي أن تصرف قلبك عن ربك إلى غيره في الصلاة .. فالصلاة صندوق مغلق لا يُفتح إلا بمفتاح الإقبال على الله ولا يعطي اسراره إلا لمن جعل همّه واحدا .. فالكوب الممتلئ لا يقبل المزيد إلا إذا فرّغته والقلب لا تدخله معاني الصلاة إلا إذا فرغته من هموم الدنيا
فاجعل الكعبة قبلة وجهك وبدنك ورب الكعبة قبلة روحك و قلبك واعلم أنه على قدر إقبالك على الله يكون إقبال الله عليك وإذا أعرضت أعرض الله عنك
ومن الإقبال على الله في الصلاة
** إقبال العبد على قلبه ليحفظه من الشهوات والوساوس والخواطر الدنيوية التي قد تبطل الصلاة أو تنقص من أجرها
** إقباله على الله بتعظيمه ومراقبته فيعبده عبادة من يراه ويقف بين يديه
** إقباله على معاني كلام الله وتدبره للقرآن ولأذكار الصلاة
الوضوء
تطهّر بالوضوء من الأوساخ وأقدم على ربك متطهرا واعلم أن ظاهر الوضوء طهارة البدن وأعضاء العبادة وباطنه طهارة القلب من أوساخ الذنوب والمعاصى لذا ربطه الله بالتوبة في قوله " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " وبعد الوضوء تقول " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " ثم تقول " اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين " لتُفتح لك أبواب الجنة الثمانية تدخل من أيها شئت كما صحّ عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -
فكمّل مراتب العبودية والطهارة باطنا وظاهرا .. تطهر من الشرك ومن الذنوب لتدخل على الله عز و جلّ وتقف بين يديه .. بل وحافظ على الصلاة بعد كل وضوء لتحظى بما حظي به بلال رضي الله عنه لما سأله النبي – صلى الله عليه وسلم – " يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يديّ في الجنة قال : ما عملت عملا أرجى عندي أني لم اتطهر طهورا في ساعة من ليل ولا نهار إلا ماصليت بذلك الطهور ما أذن الله لي أن أصلّي "
وأنت كلما زرت ملكا من ملوك الدنيا ارتديت أجمل الثياب وتعطرت بأزكى العطور ,أليس ملك الملوك أولى بذلك ؟!
بل ان الله سبحانه وتعالى جعل الوضوء عبادة مستقلة بنفسها ورتّب عليها تكفير الذنوب والوضوء الخالي من النيّة وحضور القلب لا يكفّر الذنوب بالاتفاق وليس مأمورا به بل ربما لا تصح به الصلاة
وتأمل رحمة الله أن شرع الوضوء على أكثر الأعضاء مباشرة للمعاصي لتغتسل من الذنوب ولتتطهر من الأوساخ وهي كذلك أسهل الأعضاء غسلا فلا يشق تكرار غسلها فكانت الحكمة في تشريع الوضوء عليها دون سائر الأعضاء
كان علي بن الحسين إذا توضأ اصفر لونه وردّ على من سأله بقوله أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم ؟
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال‏:‏ ‏"‏السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا‏"‏ قالوا‏:‏ أولسنا إخوانك يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أنتم اصحابي، واخواننا الذين لم يأتوا بعد‏"‏ قالوا‏:‏ كيف تعرف من لم يأتِ بعد من أمتك يا رسول الله‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم، ألا يعرف خيله ‏؟‏‏"‏ قالوا بلى يا رسول الله، قال‏:‏ فانهم يأتون غرًا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض (‏رواه مسلم‏)
وعنه رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته، فليفعل‏"‏ ‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏
فأطل غرتك ليعرفك رسول الله – صلى الله عليه وسلم - على الحوض
الذهاب للمسجد
وما بين كل صلاة وصلاة تستهدفك ألوان الغفلة والقسوة والخطايا فيبعدك ذلك عن ربك وينحّيك عن قربه وربما ألقيت بيدك إلى عدوك فأسرك وغلّ يدك وقيّدك وحبسك في سجن نفسك ودنياك وهواك وهو معنى الاحتراق في قوله – صلى الله عليه وسلم - " تحترقون تحترقون فإذا صليتم الصبح غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها ثم تنامون فلا يُكتب عليكم حتى تستيقظوا " حسن – صحيح الترغيب والترهيب -
لذا دعاك ربك للصلاة خمس مرات تتحرر فيها من أسر عدوك وتعود فيها إلى ربك ولا ينبغي أن تعود بغير وجه التذلل والانكسار لتستدعي عطفه وإقباله ولهذا كان المجيء إلى المسجد من تمام العبودية الواجبة عند قوم والمستحبة عند آخرين وللمشي إليها أعظم الثواب
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ من غدا إلى المسجد أو راح، أعدّ الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح‏"‏‏.‏ ‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏
وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏‏"‏من تطهر في بيته، ثم مضى إلى بيت من بيوت الله، ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته، إحداها تحط خطيئة، والاخرى ترفع درجة‏"‏ ‏‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏
وعن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏بشروا المشائين في الظُلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة‏"‏ ‏‏‏(‏رواه ابو داود والترمذي‏)‏‏
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات‏؟‏ ‏"‏ قالوا بلى يا رسول الله‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏اسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط‏"‏ ‏‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏‏‏
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالايمان، قال الله عز وجل ‏{ ‏إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاخر‏ }‏ ‏‏الاية‏. (‏ رواه الترمذي وقال حديث حسن‏)‏‏
تخيل ثواب الصلاة في المسجد ... وكم تصلي في البيت .. وكم ضيعت من حسنات واجور لابد أنك يوما ستندم عليها
استقبال القبلة
واستقبل القبلة بوجهك واستقبل الله بقلبك واصرف نفسك عن كل شيء سوى الله والوجه يتبع القلب ويأتمر بأمره وقم مقام المتذلل الخاضع المسكين المستعطف لسيّده وارفع يديك للتكبير عاليا إلى حذو منكبيك بل إلى شحمة أذنيك على هيئة المستسلم وكما ألقيت بظاهر كفيك واستدبرت الدنيا فألقها من قلبك هذه الساعة واستقبل بباطن يدك الكعبة وبقلبك رب الكعبة وكن ناكس الرأس خاشع البصر وإياك أن تلتفت بعينك فإن الله ينصب وجهه الكريم لوحه عبده في الصلاة ما لم يلتفت ولا يزال مقبلا عليك فإذا التفت بقلبك أو بصرك أعرض الله عنك وإنما هي سرقة الشيطان من إيمانك وأنت لا تشعر .. فاحذر .. وغمّض عيني قلبك عن الالتفات لغير الله وكما قال الحسن " كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أقرب "
أيها الساهون في صلاتكم .. أيها التائهون عن أجمل لحظات قلوبكم .. وأشهى وجبات أرواحكم . ياغارقون في سُكر الشهوة والغفلة أنصحكم " لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون " البقرة 222
أخي .. أزل حجاب الشهوات والوساوس والدنيا وأقبل على الخالق جل وعلا يُقبل عليك
التكبير
ثم كبّر الله لتملأ قلبك من التعظيم والإجلال ليترجم لسانك ولا تكبّر بيدك دون قلبك وأول آفة يخلّصك منها التكبير هي آفة الكذب فالبتكبير الصادق تعلن أن الله أكبر في قلبك من كل شيء فاحذر وأنت تكبّر أن يكون شيء في قلبك أكبر من الله فتُكتب من الكذّابين لأن هواك أكبر
والآفة الثانية التي يطهّرك منها التكبير هي التكبُّر المنافي للعبودية فلست خيرا من غيرك .. والكبر هو أكبر مانع من الإنتفاع بآيات الله التي ستقرؤها في صلاتك كما قال الله تعالى " سأصرف عن آياتي الذين يتكبّرون في الأرض بغير الحق " الأعراف 146
لذا تناول هذه الجرعة الشافية في الصلاة مرات ومرات لتتذكر المعنى وتخرج من صلاتك متواضعا
لأول مرة : يخرج التكبير من قلبي حقا وأستشعر معناه وأنطق به بقوة متخذا منه صرخة تحذير وجرس تنبيه ينتشلني من الغفلة والنسيان والسهو
عبودية الاستفتاح
واقرأ دعاء الاستفتاح قائلا " سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك " تثني بذلك على الملك الذي وقفت بين يديه وألق ِبهذه التحية والثناء تعظيما ومقدمة بين يدي سؤال حاجتك مما يستجلب إقبال الله عليك ورضاه عنك
أو ادخل من باب المذنبين المرتدين ثواب الاعتراف عساه يرحمك بقولك " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب , اللهم نقّني من الخطايا كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس , اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبَرَد " صحيح
نعم .. إنه مدخل هام وعهد جديد في تاريخ توبتك يتعدّى اللسان ويصل الجوارح لتُقدّم بصلاتك البرهان على جديّتك في التوبة .. يتنظّف قلبك ليستقبل آي الذكر وأذكار الصلاة فلا يُجدي مع الثوب الوَسِخ البخور فاغسله قبل أن يُعطّر
واعلم أن ذلك من تجديد التوبة خمس مرات في اليوم ولا مكان أنسب من المحراب ولا مقام أرجى من الصلاة لتتوب ويعفو الله عنك
أو امزج بين الدعائين في دعاء جامع " وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين , إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا من المسلمين , اللهم أنت الملك لا إله لي إلا أنت , أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت , لبّيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك أنا بك وإليك تباركت وتعاليت , أستغفرك وأتوب إليك " صحيح
الاستعاذة
فإذا شرعت في القراءة فقدّم الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فالصلاة معركة الشيطان ولا مقام أعظم ولا أغيظ ولا أشد على الشيطان من هذا المقام وهو حريص على هزيمتك في أشرف مقاماتك وأنفعها في دنياك وآخرتك فهو يشحذ قواه ليصرفك عن الصلاة بالكلّية فلا تصلي أو يسرق منك قلبك ليشغلك عن العبودية وأنت بين يدي ربك فالاستعاذة رحمة من الله بك وحرصا عليك وحبا لك لأنه لا طاقة لك بعدوك
ولذا كان مما قال شيخ الإسلام ابن تيمية لتلميذه ابن القيم يوما " إذا هاش عليك *** الغنم فلا تشغتل بمحاربته ومدافعته وعليك بالراعي فاستغث به فهو يصرف عنك ال*** ويكفيكه "
تفاعلية القراءة
ثم ابدأ في القراءة واستشعر أنك في مقام مخاطبة ومناجاة الربِّ جل وعلا فاحذر مقته وسخطه بأن تناجيه وقلبك معرض أو مشغول عنه فلا تلتفت بعد أن قرّبك ملك الملوك إليه وأقامك بين يديه
واستشعر جلال الفاتحة وأنها أعظم سور القرآن فالله يجيبك بنفسه بعد كل آية لذا قف عند رأس كل آية وقفة يسيرة واسمع بأذني قلبك جواب ربِّك لتسمعه – كما ورد في الحديث – يقول " حمدني عبدي " إذا قلت " الحمد لله رب العالمين "
لكن ما هو الحمد ؟ وما الفارق بينه وبين الشكر ؟
الحمد أعمّ من الشكر فكلاهما ثناء على الله والحمد يشمل الشكر على النِّعم ويحمل معنى الثناء الحسن على الله بما هو أهله لصفاته الجميلة وأسمائه الحُسنى الجليلة والحمد لله تملأ الميزان ومن كمال الحمد أن تعلم أن حمدك لله نعمة منه عليك يستحق عليها الحمد ولو استنفذت أنفاسك كلها في حمد نعمة واحدة من نِعم الله كان عليك من الحمد أضعاف ذلك لكن في مقابل تكرار حمدك يأتي تكرار ثوابك ومضاعفة أجرك ... وأصدِق حمدك في حياتك كلها على ما تحب وما تكره حتى وإن غابت عنك حكمة ذلك وسلِّط الحمد على سائر جوارحك فلكل جارحة حمد زحمد اللسان أسهل الحمد
وما بين مستقلّ ومستكثر يقع العباد على قدر معرفتهم بالله وكلما زادت معرفتك بالله زاد حمدك إذ تنفتح أمام قلبك الحُجب فترى نِعم الله التى لا تُحصى
نِعم منسيّة
التوفيق لطاعته .. واعتبر بقول رجل مُبتلى أعمى مجذوم مقعد عريان يقول " الحمد لله على نعمته " فقال له وهب بن مُنبِّه أي شيء بقى عليك من النعمة تحمد الله عليها فقال له ارم ِببصرك على أهل المدينة فانظر إلى كثرة أهلها أو أحمد الله أنه ليس فيها أحد يذكره غيري !!

صحبة الصالحين .. واعتبر بقول الربيع بن خثيم لما قال له أبو وائل جئنا لتذكر الله عز وجل ونذكره معك وتحمد الله ونحمده معك فرفع يديه قائلا الحمد لله .. لم تقولا جئناك تشرب فنشرب معك ولا جئناك تزني فنزني معك .. وغيرنا يفعله

الإفلات من الكفر .. واعتبر بقول أيوب الحمد لله الذي عافانا من الشرك ليس بيني وبينه إلا أبو تميمة – يعني أباه –
لطف الله وإحسانه .. اشتهى شبل المدري اللحم فأخذه ليحمله فاختلسته الحدأة فنوى الصوم ورجع للمسجد فأقبلت الحدأة ونازعتها حدأة أخرى لتأخذ اللحم منها وذلك بجوار منزله فسقط اللحم في حجر امرأته فقامت وطبخته ولما قدّمته له في إفطاره قال من أين هذا اللحم ؟! فأخبرته .. فبكى وقال الحمد لله الذي لم ينس شبلا وإن كان شبل ينساه !!
ثم قُل " رب العالمين " والمقصود بالعالمين : عالم الإنس والجن والحيوان والنبات والطير وكل عالم نعرفه وكل عالم لم نكتشفه بعد فهو وحده المتفرِّد بالربوبية لكل العالمين فهو رب العالمين وخالقهم ورازقهم ومدبّر أمرهم وموجدهم ومغنيهم
فإذا قُلت " الرحمن الرحيم " فقف .. كما وقف نبيك – صلى الله عليه وسلم - تنتظر سماع قوله تعالى أثنى عليّ عبدي
وافهم أن قولك " الرحمن الرحيم " إعادة وتكرار لأوصاف كماله ف " الحمد لله رب العالمين " آية الحمد , و " الرحمن الرحيم " آية الثناء ولكل آية عبودية واجبة فاستشعر أن كل نعمة أنعم بها عليك هي من الرحمن الرحيم فرحمته وسعت كل شيء فخلق خلقه برحمته وأنزل كتبه برحمته وأرسل رسله برحمته وخلق الجنة برحمته وخلق النار أيضا برحمته فهي سوطه الذي يسوق به عباده المؤمنين لجنّته ويطهّر بها أدران الموحدين
وإن كنت جاحدا للنِعم تنساها دائما فلا تنسى آخر نعمة أنعم بها عليك .. وهي مقامك بين يديه تصلي وتسترحمه وتدعوه وتستعطفه وتسأله فغيرك من المطرودين كثير والمحرومون أكثر فكم جهل حلاوة الصلاة كثير فما أقبلوا وكم حاول المواظبة عليها كثير فما أفلحوا .. وهؤلاء جميعا فاتتهم الرحمة وأدركتك أنت
فإذا قُلت " مالك يوم الدين " فانتظر ردّ الله عليك مجّدني عبدي والمالك هو الذي لا يحتاج لشيء ويحتاج إليه كل شيء وتبيّن الآية أن قضية الهداية قضية وقت فكل الخلق سيهتدون ولكن منهم من يهتدي في الوقت المناسب ومنهم من يهتدي في الوقت الضائع فالكل سيُقِر يوم القيامة بأن الملك لله الواحد القهار بينما يرى كثير في الدنيا أنهم مُلاّك للنعم فلا يشكروها بل يكفرون بها ونسوا أن المُلك معار لهم وأنهم مُستخلفون بل ومُمتحنون فيه وربط الله المُلك بيوم الدين فلا منازع له سبحانه حينها أما اليوم فكم من منازع ومُدّع للقدرة والجبروت
وسُمّي يوم القيامة بيوم الدين لأن الكل سيُدين لله بأعماله ويحاسبه الله سبحانه عليها وذلك من موجبات حمده كما قال تعالى " وقُضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين " وتأمّل حالك يوم القيامة يوم تكون أفزع ما تكون وأعطش ما تكون وأعرى ما تكون وتتمنى الانصراف ولو إلى النار تأمل ذلك وأنت تقرأ هذه الآية واذكر كبرياء الله سبحانه وتعالى وعظمته وعدله ووحدانيته وصِدق رُسله فصفات العدل والاحسان والجلال والعظمة كلها لله
فيا لذة ذكر الله لك ثلاث مرات بـ حمدني عبدي وأثنى عليّ عبدي ومجّدني عبدي ولو لم تخرج من صلاتك سوى بذكر الله لك بجلاله وعظمته فكفاك غنيمة لو كان قلبك حيا
وإذا وصلت " إياك نعبد وإياك نستعين " فقد وصلت إلى الآية المحورية والوقفة المفصلية في السورة وهي الآية التي تقسم الفاتحة ما بين الثناء قبلها والدعاء بعدها وهي أول آية تطلب منك واجبا عمليا في القرآن وتتطلب مراجعة نفسك ومحاسبتها وعندها انتظر قول الله هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل فلا يعلم صدقك في قولك من كذبك إلا الله ولا يطّلع على ما يحويه قلبك وأنت تقرأها إلا الله فكم من قاريء لقوله " إياك نعبد " وهو عابد لغيره من المال والشهوة والجاه والسلطان يبيع دينه من أجلهم ! وكم من قاريء لقوله " وإياك نستعين " وهو بستعين بغير الله ويتذلل إليه !
فتوحيد الألوهية في " إياك نعبد " وتوحيد الربوبية في " وإياك نستعين " وتجد الإخلاص في " إياك نعبد " وهو يتضمن العمل الخالص لله والعلم الخالص لله فلا رياء ولا سمعة ترجوها بعملك ولا بعلمك والعبادة تجمع غاية الحب وغاية الذل والخضوع
واقصد بقولك " وإياك نستعين " تجديد العجز والاحتياج والتبرؤ من حولك وقوتك إلى حول الله وقوته فأنت بالاستعانة تجمع بين الثقة بالله والاعتماد عليه فقد تثق بانسان ولا تعتمد عليه لعدم حاجتك إليه وقد تعتمد على إنسان مع عدم ثقتك فيه لعدم وجود من يقوم مقامه ... فلا تستعن بغير الله فيكلك إليه
وتعرّف على سبب تقديم " إياك نعبد " على " وإياك نستعين " أي تقديم العبادة على الإستعانة
1- من باب تقديم الغايات على الوسائل فالعبادة غاية العباد التي خُلقوا لها والاستعانة وسيلة إليها
2- من باب تقديم حق الله على حق العبد فالعبادة لله والاستعانة للعبد والعبادة حق الله عليك لذا قُدِّم حق الرب
3- لأن العبادة المطلقة تتضمن الاستعانة من غير عكس فكل عابد لله عبودية تامة مستعين به وليس العكس فالعبادة أكمل وأتم
4- لأن الاستعانة جزء من العبادة من غير عكس
5- لأن العبادة طلب له والاستعانة طلب منه
6- لأن العبادة لا تكون إلا من مخلص أما الاستعانة تكون من مخلص ومن غير مخلص
7- لأن العبادة حق للرب والاستعانة طلب وهي بمثابة التعرض لصدقته وأداء الحق أهم من التعرض لصدقته
8- لأن العبادة شكر نعمته عليك والله يحب أن يُشكر واإعانة توفيقه لك فالتزم عبوديته يُعِنك وأتم العبودية تستحق عظيم العون
9- العبودية محفوفة بإعانتين إعانة قبلها على إلتزامها والقيام بها وإعانة بعدها على عبودية أخرى وهكذا أبدا

ولكن ... احذر فكل عبادة لا تكون لله وبالله فهي باطلة مضمحلة وكل استعانة لا تكون بالله وحده خذلان وذُل
وتكرار " إياك " تأكيد وجزم فلا يجب على الإطلاق أن يُعبد غير الله ولا أن يُستعان بغير الله .. وضمير المخاطَب الحاضر دون الغائب ضروري لتشعر بالمواجهة والوقوف الفعلي بين يدي الله سبحانه وتعالى .... فما من تيسير طاعة إلا بعونه
بل إن مدار القرآن كله حول هذه الآية , نعم .. فأجلّ الغايات عبودية الله وأجلّ الوسائل إعانته
قال شيخ الإسلام ابن تيمية تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته ثم رأيته في الفاتحة في " إياك نعبد وإياك نستعين "
فإذا قُلت " اهدنا الصراط المستقيم ..... " فانتظر قول الله لك هذا لعبدي ولعبدي ما سأل وتأمل أنك تدعو بهذا الدعاء بعد آيات الثناء وبعد التعهد بعدم العبادة أو الاستعانة بغير الله مما يجعل الإجابة أرجى والقبول أقرب
وافهم معنى الهداية وأنواعها
من أمور فعلها المرء عاصيا واستغّل الشيطان ضعفه فأغواه وأضلّه فهو على غير الهداية علما أو عملا أو إرادة لذا فهو محتاج إلى التوبة
وأمور هُدي إلى أصلها دون تفصيلها فهو محتاج لهداية لتفصيلها كمن صلّى لكن صلاته لم تنه عن الفحشاء والمنكر
وأمور أعتقد فيها الصلاح والخير وهي خلاف ذلك فهو محتاج لهداية كي تنسخ من قلبه هذا الإعتقاد الباطل كمن ظنّ أن إصلاح قلبه أهم من المبادرة بالعمل أو من أفتاه إبليس بجواز أكل الحرام والرشوة من أجل نفقة أبنائه

وأمور هو قادر عليها لكن لم تُخلق له إرادة فعلها فهو محتاج للهداية ليفعلها كمن أراد المحافظة على الصلاة أو التزام الحجاب أو الحج وهو غني أو من قدر على التوبة لكنه للأسف .. مشغول
وأمور هو غير قادر على فعلها مع أنه يريدها فهو محتاج للهداية ليفعلها كمن يريد التصدّق غير أنه لا يملك المال ومن أراد قيام الليل لكنه مكبَّل بأعباء المعيشة والسعي على الرزق طيلة النهار وبعضا من الليل
وأمور غير قادر عليها وغير مريد لها فالهداية تخلق عنده القدرة والإرادة ليعملها
وأمور هو قائم بها لكنه محتاج للثبات عليها حتى الممات
لهذا كله .. وغيره تحتاج قول " اهدنا " فأنت في فاقة شديدة وفقر عظيم لها في كل نَفَس و طرفة عين وإلا هلكت لهذا فهي عدة مرات لشدّة الضرورة والاحتياج لها
لأول مرة .. أقف مع نفسي وأحدد نقطة ضعفي ومن أين يأتيني الشيطان ليضلّني وما لم أدركه من الهداية لأسعى له ولأول مرة أدخل الصلاة وكلّي عزم على الدعاء من أعماق قلبي أن أهتدي لما فاتني وأن أُرزق ما حُرِمت منه
ثم سل نفسك ما هو " الصراط المستقيم " الذي أدعو به منذ زمن ؟ وهل أعرف معناه ؟ إنه صراط واحد وليس اثنان لذا جاء معرفا بالألف واللام هل اهتديته أم لا زلت بعد في الضالين ؟
ألا فاعلم ... أن الصراط المستقيم يتضمّن ستة أمور
1- معرفة الحق 2- قصده وإرادته 3- العمل به
4- الثبات عليه 5- الدعوة إليه 6- الصبر على أذى من دعوته إليه
وباستكمال المراتب الستة تكون قد هُديت إلى الصراط المستقيم
لأول مرة ... أراجع نفسي في اقتفائي الصراط المستقيم من عدمه وأقف على ما لم استكمله من أركانه وأعرف قدر نفسي وتقصيرها في حق ربي ثم أخرج من الصلاة وأنا حريص على إتمام الاستقامة على صراط الدنيا تمهيدا للاستقامة على صراط الآخرة والعبور عليه نحو الجنّة

ثم تأمل أقسام الخلق الثلاثة بالنسبة للهداية
1- مُنعم عليهم : بحصول الأركان واستمرارها وتذكّرهم في صلاتك واستشعر الرابطة الروحية والصلة الأخوية بهم واذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وحوله الخلفاء الراشدون واذكر الصحابة والتابعين وعلمهم وعملهم وثباتهم وجهادهم وخشيتهم وعدلهم .. واذكر رجالات قرننا فما أمّتنا بعقيم كالبنا وأحمد ياسين وادع الله أن يهديك سبيلهم جميعا لتُحشر معهم
ولاحظ قول الله " أنعمت عليهم " فلولا إنعام الله عليهم ما اهتدوا ولولا فضله ما ثبتوا على الهداية فالفضل كله لله فارجع إليه صاغرا متواضعا
2- مغضوب عليهم : عارفون بالهدايه علما دون عمل ولذا غضب الله عليهم وأخرجهم من رحمته
3- ضالون : حائدون عن الهداية حائرون لا يهتدون إليها سبيلا لم يُعطوها ولم يوفّقوا إليها

فادع الله في صلاتك أن يهديك صراط الذين أنعم عليهم لا صراط من عرف الحق ورفض اتباعه ولا صراط من ضلّ الطريق فلم يرَ الحق ولم يوفّق للعمل به
وتأمل إسناد فعل الإنعام إلى ضمير الجلالة ففيه رفع لقدر المُنعَم عليهم بنسب الإنعام والهداية لله جل وعلا بخلاف غيرهم من المغضوب عليهم والضالين
لأول مرة ... أراجع ذاكرة أيامي وصحيفة أعمالي وأخاف من أن أكون ممن عرف شيئا من الحق ثم نكص عنه فيغضب الله عليّ أو ممن زيّن له الشيطان باطله فرآه حقا وزيّن سيء عمله فرآه حسنا فأكون من الضالين
التأمين ورفع اليدين
ثم اشرع في التأمين آخر هذا الدعاء تفاؤلا بإجابته وحصوله وأصغِ لتأمين الملائكة معك فقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – " إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين فإنه من وافق قوله قول الملائكة غُفر له ما تقدّم من ذنبه " صحيح
ولهذا اشتدّ حسد اليهود للمسلمين حين سمعوهم يجهرون به قال – صلى الله عليه وسلم – " ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين " صحيح
الركوع
ثم ارفع يديك عند النزول للركوع تعظيما لأمر الله واتباعا لسُنّة النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم اشرع في التكبير الذي هو شعار الصلاة في الانتقال من ركن إلى ركن ثم اهبط راكعا والركوع خضوع بظاهر الجسد لذا كانت العرب لشرفها ومكانتها تأنف منه
فانزل برأسك استكانة لهيبة الله وتذللا لعزته وهو ما تعبّر عنه بانحناء صُلبك وخفض قامتك وتنكيس هامتك وكبّره معظما له ناطقا بتسبيحة مقترنا بتعظيمه لذا فالركوع ركن الخضوع للعظمة ولهذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم – " فأما الركوع فعظّموا فيه الرب " صحيح .. وانشد كمال العبودية في الركوع بأن تتصاغر وتتضاءل لربك فتُمحي كل تعظيم في قلبك لنفسك أو للخلق فالتعظيم لا يكون إلا لله وحده الذي لا شريك له
واحفظ أذكار الركوع عن ظهر قلب لأنها المعين على استحضار عظمة الرب والخضوع له وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يطيل في الركوع كإطالته للقيام تماما ليكرّر الأذكار في تأنٍ وتدبر ومنها إلى جانب " سبحان ربي العظيم " وكلها صحيحة
1- " سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة " .. و "الجبروت" من الجبر وهو القهر والغَلَبة فيقصم الجبّارين والمتكبرين أو بمعنى جبر الكسر فيرحم المظلوم والمكروبين أو بمعنى العلو فلا تناله الأفكار و "الملكوت" هو الملك الظاهر من آثار قدرته وعظمته والملك الغائب من الكرسي والعرش والجنة والنار وغيرها و "الكبرياء" وهي الترفّع عن الإنقياد وهي صفة مذمومة في حق البشر ولكنها مدح في حق الله سبحانه لذا تفرّد سبحانه بالكبرياء وقال "الكبرياء ردائي فمن نازعني في ردائي قصمته" صحيح .. بل وحرّم سبحانه الجنة على من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر
2- " اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت ..خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي " ... وانظر إلى التخصيص بتقديم بك و لك و "خشع" أي خضع وسكن لك "سمعي" فلا يسمع إلا ما يرضيك فلا أسمع لغوا ولا غيبة ولا فاحش قول ولا غناء و "بصري" فلا يخون من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ولا ينظر إلى حرام ولو خشع السمع والبصر لخشع المخ والعظم والعصب بل وكل خلية في الجسم .. ولكن احذر أن يخالف حالك خارج الصلاة قولك داخلها فتتمرّد على الله ولا تخضع لأوامره ونواهيه فتكون قد كذبت على ربك وأنت بين يديه أو تردد ما لا تفهم أو نسيت ما عاهدت الله عليه في الصلاة ألا تستطيع أن تكون رجلا على مستوى الكلمة التي وعدت ربك بها ؟!.... أيها الراكعون راجعوا ركوعكم قبل أن ترفعوا رؤوسكم واعلموا أن قلوبكم أولى بالركوع من أبدانكم وإذا كان الكون كله قد خضع لله فلم يبقَ إلا أنتم
لأول مرة ... أعرض حصائد سمعي وبصري ومخي على قلبي وأحاسب نفسي على ما دخل سمعي وما رأت عيني وما فكّر به مخي من الحرام
لا تكن متمردا ....
يا من لم ترتدي الحجاب أو ارتديتيه دون أن تتأدبي بآدابه وتراعي قدسيته فتزيّنتِ وتعطّرتِ هل خضعتِ لله ؟
يا من تلوث ماله بالربا .. يا من أطلق لبصره العنان وأرخى لشهوته الزمام واقتفى أثر الشيطان .. يا من كَنَز المال فما أخرج الزكاة وبخل على نفسه بالصدقة هل خضعت لله ؟
يا من ساء خلقه وآزى جيرانه هل خضعت لله ؟
3- " سُبّوح قُدّوس رب الملائكة والروح " .. "سُبّوح " هو المُسبّح أي المُبرأ من النقائص والشريك والولد وكل مالا يليق به و " قُدّوس " من القُدس والتقديس هو التطهير .. ومن عجيب ما جاء في تعريف اسم الله القُدّوس أنه المُنزّه عن كل وصف من أوصاف الكمال .!! فأنت إن أردت أن تُثني على ربك نسبت إليه الكمالات التي تعرفها لكن الله سبحانه مُنزّه عن الكمالات البشرية التي يتصوّرها عقلك القاصر والتي قد تصلح أن تُنسب لنفسك أو لبشر مثلك لكنها لا تليق بالخالق العظيم فكل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك لأنه أعلى وأجلّ .. وقوله "رب الملائكة والروح" يساعد على تعظيم الرب بعظمة خلقه وهل أعظم من خلق الملائكة ؟! والروح هو جبريل عليه السلام ولتعلم عظمة خلق مَلَك واحد يكفيك حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – الصحيح " أُذن لي أن أحدِّث عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السفلى وعلى قرنه العرش وبين شحمة أذنه وعاتقه خفقان الطير سبعمائة عام " فكيف لا تخضع له وقد خضع له من هو أعظم منك خلقا حتى ازدحمت بهم السماء فما فيها موضع قدم إلا ومَلَك ساجد لله
واسأل نفسك في جلسة صفاء وحضور قلب ونقاء هل أخضع لله بكل جوارحي وكياني في رمضان ثم أنساه بعد رمضان ؟ هل أرتدي الحجاب في موسم الحج والعمرة ثم أخلعه بعدهما ؟ هل أرجع لله تائبا مستغفرا تحت وطأة المرض أو الفقر ثم إذا شفاني أو أغناني أنساه وأهجره ؟ هل أبكي ويرقّ قلبي بعد موت قريب أو دفن حبيب ثم ما أسرع أن يلهيني الدينار وتعاقب الليل والنهار ؟ وبجملة ما سبق تجدك تسأل نفسك هل أخضع لله خضوعا موسميا أو مؤقتا ؟؟؟
4- " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك , اللهم اغفر لي " .. وطلب المغفرة نتيجة عملية وثمرة للخضوع لله و "وبحمدك" لأن كل نعمة بحول الله وقوته فتسبيح الله إشارة لصفات الجلال والحمد إشارة لصفات الكرم وتقديم الثناء والمدح أرجى لإجابة الدعاء "اللهم اغفر لي" ومع أن هذا الدعء مشروع في الركوع والسجود فله طعم هنا وطعم هناك ففي الركوع يرتبط بالخضوع للعظمة والله بعظمته لا يُعجزه أن يغفر ذنوبك وان كانت مثل الجبال الشاهقة أما في السجود فهو مرتبط بالتذلل لله والافتقار إليه
وبتقّلبك بين هذه الأدعية الأربعة إضافة إلى "سبحان ربي العظيم" تصل إلى هدف الركوع وهو الخضوع لعظمة الله سبحانه وإن لم تَصل لهذا المعنى فلا ترفع رأسك حتى تَصِله
لأول مرة .. أراجع نفسي في تحقق خضوعي لله هل هو في السر والجهر والجد والهزل والهدوء والغضب وفي كل أوقاتي وأحوالي ؟ أم أني خائن له في بعضها .. وبهذا أحدد التجاوزات وأسعى حثيثا فور التسليم لمعالجتها بعون الله وتوفيقه

القيام من الركوع
ثم انتقل إلى مقام الاستواء والاعتدال رافعا يديك واقفا في خدمة ربك وبين يديه كما كنت في القراءة واستبشر بقولك " سمع الله لمن حمده " فمعناه : سَمِع سَمْع قبول وإجابة ثم أحمد الله على ما حُرم منه غيرك كما في الفاتحة وأكثر من حمد الله والثناء عليه بقولك " ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد , أهل الثناء والمجد , أحق ما قال العبد وكلنا لك عبدك , اللهم لا مانع لما أعطيت ولا مُعطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد " صحيح ...
وافهم المقصود " ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما" أي ملء العالم العلوي والسفلي والفضاء بينهما فهو حمد يملأ الكون والوجود و "وملء ما شئت من شيء بعد" وهذا يشمل ما فوق تصوّرات عقلك وإدراكه مما فوق السماء وتحت الأرض وما لم يُخلق بعد فهو لكل المكان والزمان والخلق و " أهل الثناء والمجد" لتعود للحمد والثناء والمجد ليتجدد تعظيمك لله و" أحق ما قال العبد" أي أن هذا الدعاء أصدق دعاء وأحقّ قول قاله العبد فليس فيه ذرّة كذب أو زيف و " اللهم لا مانع لما أعطيت ولا مُعطي لما منعت" تغرس في قلبك اليقين فالله هو المُتفرّد بالعطاء والمنع
لأول مرة .. أوقن بما قسم الله لي ويطمئن قلبي على رزقي وأجلي فلا أقلق ولا أضطرب ولا أحقد على غيري ولا أحسده بل يمتلىء قلبي بالرضا والتسليم
و "ولا ينفع ذا الجد منك الجد" أي لا ينفع عنده ولا يخلّص من عذابه ولا يُدني من كرامته رئيس ولا ملك ولا غني ولا ذو سلطان إنما ينفعهم التقرّب إلى الله بطاعته وإيثار مرضاته .. فعِش في أنوار هذا الدعاء أو اختر الدعاء الذي تتسابق الملائكة في رفعه " ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه " أو قُل " اللهم ربنا لك الحمد " فإن حدث ووافق حمدك حمد الملائكة من حولك فيا بشراك يمغفرة ما تقدّم من ذنبك كما أخبر حبيبك – صلى الله عليه وسلم –
على موائد السجود
ثم كبّر الله وخرّ له ساجدا ولا ترفع يديك للسجود لأن اليدين ينحطّان للسجود كما ينحطّ الوجه فهبوطهما يُغني عن رفعهما ولم يُشرع كذلك رفعهما عند القيام من السجوم لأنهما يُفعان معه كما يوضعان معه .. والسجود أبلغ هيئات العبودية لذا أمرنا الله به خشوعا وتذللا بين يديه لتنسلى كبرك أو استعلاءك
ويكفي السجود شرفا أن الله تعالى جعل علامته في أشرف أعضاء الإنسان وهو الوجه حين قال " سيماهم في وجوههم من أثر السجود " الفتح 29 وفسرها مجاهد بأنها الخشوع وفسّرها غيره بأثر الخشوع وهو النور والبهاء الذي يعلو وجوه الساجدين .. ويكفيه فضلا أن النبي – صلى الله عليه وسلم – يعرف أُمّته يوم القيامة بكونهم غُرا من أثر السجود فمن كان أكثر سجودا في الدنيا كان وجهه أعظم ضياءً وأشد إشراقا يوم القيامة فيعرفه النبي – صلى الله عليه وسلم – أسرع من غيره ولقد سجدت الأمم من قبلنا فلم يظهر على جباههم شيء فتلك علامة تُميّزنا يوم الحشر
وظائف السجود الستة
1- الذل والإفتقار
مكِّن أعز أعضائك وهو الوجه من أذل الأشياء وهو التراب لتتدارك ما نزل بك من الغفلة والإعراض وأقرب باب تدخل منه على ربك هو باب الإفلاس فلا يرى لنفسه حالا ولا مقاما يمنُّ به على ربه أو يتطاول به على خلقه بل يدخل من باب الافتقار والإفلاس ويشهد أن في كل ذرة من ذراته فاقة تامة وضرورة كاملة إلى ربه تبارك وتعالى وإن تخلى عن ربه طرفة عين هلك وخسر خسارة لا تُجبَر إلا بالعودة لمولاه ليتداركه برحمته
وإن أمكنك أن لا تجعل بينك وبين الأرض حائلا فتسجد على الأرض مباشرة فافعل فذلك أجلب للخشوع وأدلُّ على الذل وهكذا كان يفعل النبي – صلى الله عليه وسلم – وتيقّن أن الأرض سترُد إليك يوما ما هذا الجميل وكما قال عطاء الخرساني "ما من عبد يسجد لله سجدة في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له يوم القيامة وبكت عليه يوم يموت" ... وضع رأسك راغما أنفك مُعفّرا وجههك وقد سجدت يداك وركبتاك ورجلاك وارفع بطنك عن فخذيك وفخذيك عن ساقيك وعَضُديك عن جنبيك ولا تضعهما على الأرض ليأخذ كل عضو حقه من الخضوع والخشوع
وبقي خشوع الباطن فلا بُد للقلب من السجود كما سجد الجسد فكن متذلل القلب لعظمة ربك مُنيبا إليه مُستكينا خاضعا مُنكسرا فعليك بسجود القلب سجدة لله لا يرفع منها حتى تلقاه
2- القُرب القُرب
واستشعر في سجدة أخرى لذة القُرب من الرب الجليل لذا قال لنبيه – صلى الله عليه وسلم – " واسجد واقترب " العلق 19 ... ولعل هذا هو السر في الراحة القلبية العظيمة والسكينة الروحية العالية التي يجدها الساجد في سجوده ويحس بها إذا أطال فيه – أوضحت دراسة علمية أن تعرض الإنسان لجرعات زائدة من الاشعاع والمجالات الكهرومغناطيسية يشوِّش على الخلايا ويُفسد عملها ويسبب العديد من الأمراض فيأتي السجود بمثابة وصلة أرضية لتفريغ الشحنات الزائدة بوصل الجبهة بالأرض والعجيب أنها أوضحت أيضا أن السجود تجاه مكة –مركز الأرض- هو أفضل وضع لتفريغ تلك الشحنات لتتخلص من الهموم وترتاح راحة نفسية عميقة وبسببه أسلم رجل ألماني لأنه رأى المسلمين على الهيئة التي اعتادها كلما أراد الاسترخاء - وبسبب القُرب يستجيب الله الدعاء
3- دعاء الملهوف
وفي سجدة ثالثة بُث إلى الله شكواك وارفع إليه حاجتك وتوٍل إليه أن يؤيدك ويقف بجانبك لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – " وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقَمِنٌ أن يسجاب لكم " صحيح قَمِنٌ : حقيق وجدير فادع الله بحاجتك ولك الوعد بالإجابة على لسان نبيك – صلى الله عليه وسلم – وفي الحديث " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء " صحيح ... ومن منا يعيش بلا مُنغصات من ذنب يؤرِّقه أو زوجة تُضايقه أو ولد يعُقّه أو رزق يعسر عليه أو رئيس عمل أو جار أو مرض أو غيره مما يدفعك دفعا للدعاء ... ولا تكن أنانيا في دعائك بل ادع لإخوانك وقلِّد أبا الدرداء الذي قال "إني لأدعو لثلاثين من إخواني وأنا ساجد أسميهم بأسمائهم وأسماء آبائهم"
وإياك أن تعوق الإجابة بيأسك منها وأبشر بما قال سفيان بن عيينة "لا يمنعن أحدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه فإن الله عز وجل أجاب دعاء شر الخلق إبليس لعنه الله إذ قال رب أنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين"
لأول مرة ... أطيل قرع باب الله في طلب حاجتي وحل مشاكلي وكلما أطلت وجدت من الراحة ما يشرح صدري ويُسر قلبي ولأول مرة أذكر غيري وأدعو للمسلمين المستضعفين في كل مكان وأخصص لهم صلوات كاملة ودعوات وفيرة
4- الحط من الأوزار
وأحسّ في سجدة رابعة أن ذنوبك موضوعة فوق رأسك وكلما خشعت وبكيت وصدقت في خشوعك وبكائك كلما تساقطت عنك الذنوب ذنبا ذنبا حتى ترفع رأسك من سجدتك بغير الوجه الذي سجدت به .. قال – صلى الله عليه وسلم – " إن العبد إذا قام يصلي اُتي بذنوبه كلها فوضِعت على رأسه وعاتقيه فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه " صحيح
5- العزة والفخار
واستشعر في سجود خامس روح العزة وأنك لا تحني هامتك لأحد إلا الله ولا تذل إلا لله ولا تستعين ولا تتوكل إلا عليه وتعلّم من الإمام أحمد دعاءه "اللهم كما صُنت زجهي عن السجود لغيرك فصُنه عن المسألة من غيرك"
لأول مرة ... أراجع نفسي حين أطلب شيئا من غيري وأصون وجهي عن الإلحاح في سؤال الخلق عن ما قسمه الله لي وأكتسي ثوب العزة وأطلب من الله بدلا من الخلق
6- عبودية المراغمة
وفي سجدة سادسة امتلىء بنشوة الانتصار ولذة الظفر وأنت تقهر عدوك واسمع وأنت ساجد صوت شيطانك وهو يبكي قائلا "يا ويله اُمر بالسجود فسجد فله الجنة واُمرت بالسجود فعصيت فلي النار" .. وليس أحب إلى الله من عبوديتة المراغمة وهي إرغام أنف عدوه في التراب وليس أعدى لله من إبليس لذا عظم قدر السجود عنده وقرّب من يفعله
وكرر هذه الوظائف الستة في صلاتك الواحدة أو اجعل لكل صلاة وظيفة منها وبذلك تهتدي راشدا كلما هويت ساجدا وتُشفى سريعا كلما دعوت طويلا
أذكار السجود
إن إطالة السجود كان سمة النبي – صلى الله عليه وسلم – فكان سجوده مقدار قراءة خمسين آية وكان يقول " إذا صلى أحدكم فليُتم ركوعه ولا ينقر في سجوده فإنما مثل ذلك كمثل الجائع يأكل التمرة والتمرتين فماذا يُغنيان عنه " حديث حسن ... فكما لا تُشبع التمرة الجائع لا يشعر بطعم الصلاة المُتعجِّل بل ربما انقلب إحساسه إلى ضيق وكسل ولذا نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – عن نقرة الغراب وإليك ما كان يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – في السجود
1- " سبحان ربي الأعلى " ووصف الرب بالعلو في هذه الحالة في غاية المناسبة لحالك لأنك قد هويت لأسفل ووجهك على الأرض وتذكر أن تُنزّه ربك عن كل ما لا يليق به مما يضاد علوه وعظمته
2- " اللهم اغفر لي ذنبي كله دِقّه وجِلّه وأوله وآخره وعلانيته وسِرّه "
3- " اللهم اغفر لي خطئي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني الله اغفر لي جدّي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت " ... وردد هذين الدعاءين في سجدة ندم تؤكد و تتجدد فيها توبتك التي سبق وأن أعلنتها في دعاء الاستفتاح وتذكر اسرافك على نفسك لتذرف الدموع الغزار فتندم تائبا وتخرج نقيا طاهرا وتذكر كذلك سرائرك التي خُنت فيها عهدك ومزاحك الذي استولك فيه الشيطان فكذبت وتمثّل كذلك عبوديتك وفقرك لله واعلم أن مفتاح الإجابة صدق الإنابة
4- " اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوّره فأحسن صوره وشقّ سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين " ... ردد هذا الدعاء في نوبة حياء من توالي نعم الله عليك مع توالي عصيانك له وتتابع إحسانه مع تتابع إساءاتك وتأمل حالك إن عشت في عالم من الظلام كما يعيش العُميان أو عشت في عالم الصمت الرهيب كما يعيش الصُم لتدرك نعمة الله عليك
5- " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " وهذا الدعاء تتستغفر فيه من التقصير في بلوغ الواجب من حق عبادة الله سبحانه والثناء عليه ومدحك بقول "لا أحصي ثناء عليك" أي لا أطيقه ولا أحيط به و"أنت كما أثنيت على نفسك" اعتراف بالعجز عن الثناء فأنت لا تدركه مهما حاولت ولأنه لا نهاية لصفاته فلا نهاية للثناء عليه
تعلّم هذه الاشراقات السجودية من أقوال الصحابة والتابعين:
• اللهم إني خائف مستجير فأجرني من عذابك وسائل فقير فارزقني من فضلك لا مذنب فأعتذر ولا ذو قوة فأنتصر ولكن مذنب مستغفر
• رب زردني لك خشوعا كلما زاد أعداؤك لك نفورا ولا تكُبّن زجزهنا في النار من بعد السجود لك
• عظُم الذنب عندي فليحسن العفو عندك يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة
حالك بين السجدتين
ثم ارفع رأسك من سجودك واعتدل جالسا وتعلّم عظم شأن الجلوس لأنه محفوف بسجدة قبلة وسجدة بعده وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يُطيل الجلوس بين السجدتين ويقول " اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني " وتأمل هذه الكلمات التي تجمع خير الدنيا والآخرة ... فالرزق يجلب مصالح الدنيا والعافية تدفع مضارّها .. والهداية تجلب مصالح الآخرة والمغفرة تدفع مضارّها .. والرحمة تجمع ذلك كله .... وتذكر تقصيرك في حق مولاك ورغبتك في مغفرته وأن يعافيك من إبتلاء بالذنب وأن يهديك طريق الهداية الذي لا رجعة فيه وأن يرزقك حلاوة الطاعة
ولو لم تخرج من صلاتك بغير إجابة هذا الدعاء لكفاك وفضُل عليك وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – لمن سأل كيف أقول حين أسأل ربي ؟ قال " قل:اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني " وجمع أصابعة الأربعة إلا الإبهام " فإن هؤلاء يجمعن لك دينك ودنياك " ... وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يُكثر من الاستغفار بين السجدتين ويلِحُّ على الله " رب اغفر لي رب اغفر لي رب اغفر لي "
وتخيّل نفسك أيها المُصلي أنك تجلس جاثيا على ركبتيك تنتظر أن تُضرب عنقك عقابا لك على جرائمك في حق مولاك ثم لاحت لك فرصة عفو فاغتنمتها وألقيت بنفسك بين يديه معتذرا له مما جنيت تطلب منه المهلة الأخيرة وتدعوه دعاء الغريق رب اغفر لي .. رب اغفر لي .. رب اغفر لي
لأول مرة ... اراجع شريط ذكرياتي وأتذكر سوابق ذنوبي من نظرة أو لُقمة أو شُبهة حرام أو سهو عن صلاة أو وقوع في عرض مسلم أو ظلم لأحد أو رفع صوت على أم أو أب وأكرر الدعاء بالمغفرة ثلاثا تأكيدا لطلب العفو وتذكيرا بضرورة الصدق وتصميما على بلوغ المغفرة ... وتفاؤلا بالإجابة
السجدة الثانية
ثم ارجع ساجدا كما كنت فإنك لا تكتفي من الله بسجدة واحدة في الركعة كما اكتفيت بركوع واحد بل لا بد من مضاعفة جرعة السجود لفضله وشرفه وقرب العبد فيه من ربه فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد
التكرار

ثم كرر ما مررت به من الأفعال والأقوال من القراءة والركوع والاعتدال من الركوع والسجود فهي غذاء القلب والروح فكرها حتى تشبع نفسك وتُروى من العبودية والقرب والخير والإيمان والمعرفة والإقبال وقوة القلب وانشراح الصدر وزوال درن ووسخ القلب ... فاشكر الله على ركعتك الأولى بالركعة الثانية .. وتدارك ما فاتك فيها عن طريق الثانية والثالثة والرابعة واحذر أن تكون ممن عناهم النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله " إن الرجل ليُصلي ستين سنة وما تُقبل له صلاة .. ولعله يُتِم الركوع ولا يُتِم السجود ويُتِم السجود ولا يُتِم الركوع " حديث حسن
فهي حكمة الله ودليل على رحمته ولُطفه بتكرار الركعات .. وما لم تُحِط به علما من الصلاة أعلى وأعظم وما هذا إلا يسير من كثير !!
الجلوسللتشهد ومعنى التحيات
عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " أعطيت فواتح الكلم وخواتمه " قلنا " يارسول الله علِّمنا مما علمك الله عز وجل فعلَّمنا التشهد حديث صحيح
وقال بن مسعود أيضا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يُعلّمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القراءن ... فاستشعر مكانة التشهد وشرفه واعلم الحكمة منه ذلك أنه من عادة الملوك أن يحييهم الناس بأنواع التحيات من الأفعال والأقوال المتضمنة للخضوع لهم والذل فمنهم من يُحيّا بالسجود ومنهم من يُحيّا بالثناء عليه ومنهم من يُحيّا بطلب البقاء والدوام له ومنهم من يُجمع له ذلك كله فيُسجَد له ويُثنى عليه ويُدعى له بالبقاء والدوام
... والتحيات جمع تحية وأصلها من الحياة فأنت تطلب لمن تُحيي دوام الحياة .. والله وحده كل شيء هالك إلا وجهه فهو أولى بالتحيات وهي له وهو أهلها ومع ذلك يخشع الناس عند تحية ملوك البشر أكثر مما يخشعون لتحية ملك الملوك ورب البشر !!
والتحيات لله كذلك أي السلام له من جميع ما يلحق بالعباد من العناء وسائر أسباب الفناء وذلك جميعه لا ينبغي إلا لله الحي القيوم
الصلوات الطيبات
ثم اعطف عليها الصلوات فالتحيات له مُلكا والصلوات له عبودية والتحيات والصلوات لا تكون إلا لله ثم اعطف عليها الطيّبات وهي تتناول الوصف والكلام والفعل
فالوصف أنه سبحانه طيب لا يقبل إلا طيبا وأفعاله كلها طيبة وصفاته أطيب شيء وهو إله الطيبين وربهم ولا يُقرّب منه ولا يجاوره إلا طيب فطِيب كل ما سواه من طيبته سبحانه
وكلامه طيب وكلامه يتضمن تسبيحه وتحميده وتكبيره وتمجيده والثناء عليه بآلائه وأوصافه ومنها مما لا يجوز معانيها إلا له سبحانه – سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك و – سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر و – سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
وفعله كله طيب فلا يصدر منه إلا الطيب ولا يُضاف إليه إلا الطيب ولا يصعد إليه إلا الطيب .... وقد يُقصد بالطيبات التنبيه على الإخلاص في العبادة فلا يُفعل ذلك ولا يكون إلا لله أو يُقصد أن التحيات : العبادات القولية والصلوات : العبادات الفعلية والطيبات : الصدقات المالية
السلام على عباد الله الصالحين
ثم سلِّم على عباد الله الصالحين وهم عباده الذين اصطفى مُتمثِّلا أمر الله لنبيِّه– صلى الله عليه وسلم – " قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى " النمل 59 واستشعر عندها أن عليك في الصلاة حقا للعباد مع حق الله ذلك أن السلام دعاء والله يطلب من المسلم أن يدعو في صلاته لصفوة خلقه ويريد منه تحية المخلوق بعدما قدّم التحية للخالق ... وابدأ بأولى الخلق بها وهو النبي – صلى الله عليه وسلم – لشرفه وعظيم حقه عليك واستشعر قربه منك ولو بعدت بينك وبينه المسافات واستحضره أمامك ليمتلىء قلبك مهابة له وليصدق أملك في أن يبلغه سلامك ويردُّه عليك بما هو أوفى منه
والسلام اسم من أسماء الله الحسنى وتأويله لا خلوتَ من الخيرات والبركات وسلّمك الله من المكاره وكل ما يوجب الذم فإذا قلت "السلام عليك أيها النبي" فاقصد به : اللهم اكتب لمحمد في دعوته وأمّته السلامة من كل نقص فتزداد دعوته على الأيام علول وأمّته كرامة وعزا وأما الرحمة : فهي ايصال كل خير له وإثابته على ما بذل في حقنا وقدّم
ثم سلِّم على نفسك ثم على سائر عباد الله الصالحين مُستصحبا أهمية الصحبة الصالحة ومعلّيا قيمتها مع استشعارك أن هذا السلام يعُم كل عبد صالح في السماء والأرض مما يجعل تارك الصلاة والمُقصّر فيها مقصرا في حق كل المسلمين لأنه أضاع حقهم عليه في الدعاء من مضى منهم ومن سيولد إلى يوم القيامة ولذا عظُمت معصية تارك الصلاة . قال النبي – صلى الله عليه وسلم – " قولوا : التحيات لله والصلوات الطيبات ,السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته , السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين , فإنكم إذا قُلتم ذلك أصاب كل عبد في السماء والأرض " صحيح
معنى الشهادتين
ثم اشهد شهادة الحق التي بُنيت عليها الصلاة والصلاة حق من حقوقها ولا تنفع إلا بقرينتها وهي الشهادة للرسول – صلى الله عليه وسلم – بالرسالة وخُتمت بها الصلاة كما قال عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه – "فإذا قُلت ذلك فقد قضيت صلاتك فإن شئت فقم وإن شئت فاجلس" وهكذا جُعلت شهادة الحق خاتمة الصلاة كما شُرع أن تكون خاتمة الحياة لأن " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة " وكذلك شُرع للمتوضيء أن يختم وضوءه بالشهادتين
وارفع السبّابة وأنت تشهد واستشعر أنك بذلك تختم صلاتك بخنق شيطانك وعصر أضلاعه وقهره بسبّابة التوحيد فقد كان عبد الله بن عمر –رضي الله عنه – إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه وأشار بأصبعه وأتبعها بصره ثم قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " لهي أشد على الشيطان من الحديد " يعني السبّابة صحيح
الصلاة على النبي وآله
ثم استمر في الهجوم على شيطانك وإلحاق الأذى به عن طريق ذكر اسم أكثر الخلق إغاظة له وانتصارا عليه وتوسل إلى الله بالصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – فإنها من أعظم الوسائل بين يدي الدعاء وخير تمهيد لإجابته وفد جُعل الدعاء آخر الصلاة كخير الختام
وصلِّ على آل محمد كي تقر عين نبيك – صلى الله عليه وسلم – بإكرام أهله والصلاة عليهم كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم والأنبياء كلهم من آل إبراهيم فهي أكمل صيغة وأفضلها بأن تصلى على النبي – صلى الله عليه وسلم – صلاة مثل الصلاة على إبراهيم وعلى جميع الأنبياء بعده
وقولك "وبارك على محمد" أي أدِم وثبّت ما أعطيته له من التشريف والكرامة والبركة تطلق على الزيادة ومعناها أي بارك في رسالته التي جاء بها فتعاليمها خالدة وبركتها انتشارها وعمومها
"وآل محمد" هم كل من اقتفى الأثر ونهل من النبع ومعنى البركة كما في قوله " وجعلني مباركا " قال شيخ الإسلام سفيان بن عيينه " مُعلِّما للخير وتعليم الرجل الخير هو البركة التي جعلها الله فيه فالبركة حصول الخير ونماؤه ودوامه وهو ليس إلا في العلم الموروث عن الأنبياء وتعليمه "
فهل نُلت من هذا العلم وتعليمه شيئا ؟ وهل دعوت غيرك للخير ودللت على الحق ؟ راجع نفسك .. هل نالك من بركة هذا الدعاء ؟ وفكِّر قبل أن تُسلِّم لتنطلق بعد التسليم هاديا وإلى الله داعيا آمرا ناهيا
لأول مرة ... أحس أن لي دورا لم أقم به وفريضة قصّرت فيها ورسالة نسيتها ودعاء طالما دعوت به ولم أعرف معناه ومبتغاه وهو أن أدعو إلى الله وأحث الناس على الخير وأخرج من استطعت من الظلمات إلى النور وسأفكر جديا في دوري مع أهلي وجيراني لتأتيني البركة التي دعوت بها
إنك حميد مجيد
" حميد " أي محمود مُستحِق لجميع المحامد على ذاته وصفاته وفعاله بل لا يستحق الحمد إلا هو وهو كذلك محمود في كل الأحوال في السراء والضراء والشدة والرخاء لأنه حكيم لا يجري في أفعاله غلط ولا يعتريه خطأ , وهي أيضا بمعنى حامد لذاته وأوليائه أو بمعنى الذي أجرى الحمد على لسان خلقه ومن كرمه أن نسب الحمد إليهم وهو من أعظم نعمه عليهم
" مجيد " أي المُتصف بالمجد وهو كمال الشرف والكرم والرفعة والصفات وإذا قارن شرف الذات حُسن الفعال سُمِّي مجدا والمجيد هو من تمجّد بفعاله ومجّده خلقه لعظمته
التعوذ
ثم تعوذ بالله من مجامع الشر كله امتثالا لوصية حبيبك – صلى الله عليه وسلم – الذي كان يُعلم الصحابة هذا الدعاء بعد التشهد " إذا تشهد أحدكم فليتعوذ من أربع : من عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات ومن شر المسيح الدجال ثم يدعو لنفسه بما بدا له " صحيح
والشر كل الشر في عذاب الآخرة وهو نوعان عذاب القبر وعذاب النار وأسبابه الفتنة وهي أيضا نوعان فتنة كبرى وهي فتنة الدجال وفتنة الممات لأن المفقتون بهما لا سبيل له ليتدارك نفسه إذا سقط فيها .. وفتنة صغرى وهي فتنة الحياة وهي تشمل فتنة الأهل والمال والدنيا وهي أهون لأن المفتون بها يمكن أن يتدارك نفسه بالتوبة
واعلم أن النبي – صلى الله عليه وسلم – تعوّذ بالله من هذه الأمور وهو معصوم منها لنلتزم خوف الله تعالى ولنقتدي بنبينا وتعوّذ الصحابة رضوان الله عليهم من الدجال مع علمهم بتأخره عن زمانهم لينتشر خبره من جيل إلى جيل فيعرفه الناس ويعرفون كذبه كما أخبرنا حبيبنا – صلى الله عليه وسلم – ولقد أوجب بعض السلف هذا الدعاء
والدعاء الآخر الذي شُرع هنا هو الاستغفار لتختم صلاتك بطلب المغفرة كما بدأتها بطلب المغفرة " اللهم اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المُقدّم وأنت المؤخّر لا إله إلا أنت " رواه مسلم
ومن الرائع أن تتخير لنفسك ما تشاء من الدعاء فقد أدّيت الحق الذي عليك في الصلاة وهو قبل السلام أفضل منه بعده
لأول مرة ... أعرف قيمة كنز الدعاء بعد التشهد فأدعو الله بحاجتي عندها وأتضرع إليه بما أرجوه فقد عرفت فضل الدعاء في هذا الوقت فادّخرت إليه أهم الدعوات وأغلى الأمنيات
التسليم
وانو ِبالتسليم التحلل من الصلاة كما تتحلل بالحلق من الإحرام واقصد به الدعاء لمن خلفك إن كنت إماما واقصد أيضا السلام على الملائكة والحاضرين وانو ِبه ختم الصلاة واستشعر شكر الله على توفيقك لإتمام طاعته وأذق قلبك الوجل والحياء من التقصير فيها وخف أن تُردّ عليك واخش من عدم القبول رغم أخذك بأسباب القبول واستشعر الحزن لانصرافك من بين يدي الله تعالى لأشغال الدنيا التي استرحت منها ساعة وقوفك لربك واحمل همّ تنقضائها فقد فارقت من كل سعادة في مناجاته إلى من كل همّ وأذى في مناجاتهم .. ولن يشعر بهذا إلا من كان قلبه حيا عامرا بالإيمان
وأخيرا .... ثمرة الصلاة
كما أن الصوم يُطهّر النفس والزكاة تُطهّر المال والحج يوجب المغفرة والجهاد تسليم النفس بالثمن وهو الجنة .. وكذلك فثمرة الصلاة الاقبال على الله .. ولهذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم – " وجُعِلت قرة عيني في الصلاة " صحيح وتأمل قوله – صلى الله عليه وسلم – " في الصلاة " أي بالدخول في الصلاة .. ولما أراد النبي – صلى الله عليه وسلم – الخلود إلى راحة قلبه من حزنه وألمه وراحة جسده من تعبه ونَصَبه قال " أرحنا بها يابلال " ... فلا تلغو في الكلام وترتكب الآثام وتملأ البطن من حرام ليأتيك الخشوع في الصلاة واستحضر قلبك وجوارحك كلها قبل دخولك في الصلاة لتُقبل على الله في صلاتك فيُقبل الله عليك في صلاتك وفي سائر أمور حياتك
موجز الأسرار
هام .. وعاجل .... أن تقيس مقدار خشوعك في الصلاة فتستدرك إن كنت قصّرت وتشكر إن كنت خشعت .. وقِس تقوى قلبك بمرآة الحق وفعل الخير
إنها خلاصة الموضوع وعصارة صفحاته .. استرجعها قبل كل صلاة واحفرها في نفسك واحفظها لتحفظ لك صلاتك
في الوضوء
لا تنس دعاء الفراغ من الوضوء
صلِّ بعد الوضوء ركعتين ان استطعت
استحضر بقلبك نية الطهارة من الشرك والذنب والدنس
في المشي إلى المسجد
انو ِبمشيك أنك عائد إلى الله لتصالحه في بيته
في التكبير
جدِّد صدقك وفِّرغ قلبك مما سوى الله
اطرد الكبر أو شبهة الكبر من قلبك
اقصد إجلال الله وتعظيمه بالقلب واللسان
في دعاء الاستفتاح
استفتاح التعظيم : املأ منه صدرك بعظمة الرب سبحانه
استفتاح المغفرة : انو ِبه تجديد توبتك وصدقها واعمل بها بعد فراغك من الصلاة
في الاستعاذة
اقصد الاستعانة بركن الله الشديد وسلطانه العظيم على أعدى أعدائك واحتمي بالله والجأ إليه
في الفاتحة
قف عند رأس كل آية وانتظر جواب الله عليك
حقِّق الحمد بلسانك وبجوارحك
تامل في مظاهر رحمة الله لتصل إلى حبه
توهَّم حالك يوم الدين
اقصد الهدايات السبع عند قولك " اهدنا "
اعزم على السير على الصراط المستقيم بمراتبه الستة
راجع نفسك أن تكون عرفت الحق وحدت عنه فتكون من المغضوب عليهم أو عرفته وضللت عنه فتكون من الضالين
في التأمين
تفاءل بالإجابة وأيقن بها
انو ِأن يوافق تأمينك تأمين الملائكة ليُفغر لك
ارفع به صوتك فهو شعار الاسلام ولتعيظ اليهود
في الركوع
اقصد تعظيم الله وحده
أخرج من قلبك أي تعظيم لغير الله
راجع نفسك في خضوع كل جوارحك لله وكل أحوالك وكل أوقاتك بلا استثناء
احذر الخضوع الموسمي المؤقت وراجع نفسك لئلا تكون ساقطا فيه وأنت لا تشعر
في القيام من الركوع
جدِّد ارسال رسائل الحمد اللا متناهي إلى الله
أيقن بتفرد الله بالمنع والعطاء
انو ِغفران الذنب إذا وافق حمدك حمد الملائكة
في السجود
تحقق بالفقر والذل
البس ثوب العزة والغنى بالله
تلذذ بالقرب من ربك
أسقط ذنوبك وأوزارك من على عاتقك
اقتنص فرصة الدعاء في السجود
لا تنس عبودية المراغمة
في الجلوس بين السجدتين
اقصد طلب المغفرة في استغاثة وتضرع يساعدك على ذلك جثوك على ركبتيك
استحضر شدة حاجتك للدعاء الجامع المأثور بالمغفرة والرحمة والمعافاة والهداية والرزق
في التشهد
اقصد به وداع الصلاة
سلِّم على النبي – صلى الله عليه وسلم – واستحضره أمام عينيك يرد عليك
استشعر أهمية الأخوة العامة مع جميع المسلمين والأخوة الخاصة مع الصحبة الصالحة
جدِّد توحيدك بالشهادتين
راجع نفسك في قيامك بواجبك في الدعوة إلى الله
في التسليم
استشعر لوعة الفراق وألم العذاب بالرجوع إلى هموم الدنيا وأكدارها
انو ِبالتسليم السلام على الملائكة والحاضرين
ولا تنس القواعد الهامة في أول الموضوع
هكذا صلّوا فهل صلّينا ؟!
عن مجاهد أن ابن الزبير كان إذا قام في لصلاة كأنه عود من الخشوع
وعن يحيى بن وثاب أن ابن الزبير كان يسجد حتى تنزل العصافير على ظهره ولا تحسبه إلا جزع نخلة
كان مسلمة بن يسار في المسجد فانهدمت طائفة من المسجد فقام الناس ولم يشعر أن اسطوانة المسجد قد انهدمت
وهذا يعقوب الحضرمي بلغ من خشوعه أنه سُرق رداؤه عن كتفه وهو في الصلاة ورُدّ اليه ولم يشعر
وقع حريق في بيت علي بن الحسين وهو ساجد فجعلوا يقولون يا ابن رسول الله النار ..النار فما رفع رأسه حتى اُطفئت فقيل له في ذلك فقال " ألهتني عنها النار الآخرة "
وكانس مسلم بن يسار يقول لأهله إذا دخل في الصلاة " تحدثوا فلست أسمع حديثكم "
وهذا محمد بن اسماعيل البخاري كان يصلي الظهر وبعده التطوع ثم انتهى فقال لبعض من معه : انظروا هل ترون تحت قميصي شيئا ؟ فإذا ذنبور قد أبرّه في ستة عشر أو سبعة عشر موضعا وتورّم جسده فقيل له : كيف لم تخرج من الصلاة في أول ذلك ؟ فقال : كنت في سورة فأحببت أن أتمها
وكان الربيع بن خثيم يقول : ما دخلت في صلاة قط فأهمني فيها إلا ما أقول وما يُقال لي
وقيل يوما لعامر بن عبد الله : هل تُحدثك نفسك في الصلاة بشيء؟ قال :نعم .. بوقوفي بين يدي الله ومنصرفي إلى إحدى الدارين الجنة أو النار قيل فهل تجد شيئا مما نجد من أمور الدنيا ؟ قال : لأن تختلف الأسنة فيّ أحب إلي من ذلك
وعن الحسن بن عمرو الفزاري : قال حدثني مولى لعمرو بن عتبة قال كنا نخرج إلى العدو فلا نتحارس لكثرة صلاته ورأيته ليلة يصلي فسمعنا زئير الأسد فهربنا وهو قائم يصلي لم ينصرف فقلنا له أما خفت الأسد ؟ فقال : إني لأستحي من الله أن أخاف شيئا سواه
ليَريَنّ الله ما أصنع !!
ليكن هذا شعارك وأنت تودّع هذا الموضوع وقل لنفسك لقد تغيّرت معاني الصلاة عندي .. واعلم أن كل يوم يمضي دون تنفيذ ما قرأت يجعله أصعب ومعانيه أبعد فبادر العمل به وإياك والتسويف والتمني فهما رأس مال الكسالى لكن رأس مالك أنت هو عملك
والمحروم كل الحرمان من خرج من القراءة وقد عرف الطريق لكن لم يمش فيه .. فلا تكن منهم
أخي .. الكافر سيخشع لله " خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة " وذلك يوم القيامة يوم لا ينفعه خشوع ولا ذلة ... فبالله عليك لا تجعل خشوعك مع خشوعه .. واخشع الآن في صلاتك
وليكن شعارك اصلاح ما بقي تدرك ما مضى .. واقرأ هذا الموضوع مرة بعد مرة لتستقر معانيه في قلبك ويتم مرادك ويتضاعف حصادك .. فالعقل وعى والقلب خشع
واحتفظ بنسخة منه على جهازك لترجع إليها كلما دبّ إلى صلاتك الفتور وزار قلبك الوهن
وأخيرا ... نضع أيدينا لنجدد العهد مع الله على أن نصلي لله كما يريد ونحول حروف كلماتنا إلى شهود لنا يوم القيامة ترتقي بخشوعنا وصلاتنا لنصل لهدف الصلاة ونحقق مقصودها
وإليك هديتك .... صحيح أذكار الصلاة .. احتفظ بها.. واحفظها جيدا ... ورددها في صلاتك
















اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع


أكتب تعليق على الموضوع مستخدماً حساب الفيس بوك

التوقيع:
((الناجحون لا يتراجعون والمتراجعون لا ينجحون ))
ربي لا تدعني أٌصاب باليأس إذا فشلت ولكن ذكّرني دائماً أن الفشل هو التجربة التي تسبق النجاح .
وائــل مـــراد

من مواضيعي في الملتقى

* من أحكام تلاوة القرآن الكريم
* برنامج رائع لأحكام التجويد
* كيفية تثبيت حفظ القرءان
* احفظ معنا القرآن في ثلاثين شهرا
* فاتبعوني يُحببكم الله
* أبو بكر الصديق .. أول الخلفاء
* أهمية بيت المقدس

وائل مراد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-08-2010, 03:32 PM   #2

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 137

ابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond repute

افتراضي

      

بورك فيك اخي الكريم وائل وبورك في جهودك الطيبة
امتعتنا بمواضيعك الراقية اتمني لك التوفيق والسداد

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
التوقيع:

من مواضيعي في الملتقى

* قصص الأنبياء من القرءان الكريم
* ماذا تعرف عن عذاب القبر
* مفسدات القلب الخمسة
* حديث عن الجنة وبعض ما فيها جعلنا الله من أهلها آمين
* نظام المرور عند النمل
* الذنوب والمعاصي واثرها على العبد
* القلق: كيف عالجه الإسلام؟

ابومهاجر الخرساني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-08-2010, 03:34 PM   #3

 
الملف الشخصي:







 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 61

وائل مراد will become famous soon enough

افتراضي

      

أشكر مرورك العطر أخي الفاضل
التوقيع:
((الناجحون لا يتراجعون والمتراجعون لا ينجحون ))
ربي لا تدعني أٌصاب باليأس إذا فشلت ولكن ذكّرني دائماً أن الفشل هو التجربة التي تسبق النجاح .
وائــل مـــراد

من مواضيعي في الملتقى

* من أحكام تلاوة القرآن الكريم
* برنامج رائع لأحكام التجويد
* كيفية تثبيت حفظ القرءان
* احفظ معنا القرآن في ثلاثين شهرا
* فاتبعوني يُحببكم الله
* أبو بكر الصديق .. أول الخلفاء
* أهمية بيت المقدس

وائل مراد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-11-2010, 02:16 PM   #4

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 137

ابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond reputeابومهاجر الخرساني has a reputation beyond repute

افتراضي

      

الللهم ثبتنا وثبت المسلمين والمسلمات على الصلاة ....اااااااااااااامين
التوقيع:

من مواضيعي في الملتقى

* قصص الأنبياء من القرءان الكريم
* ماذا تعرف عن عذاب القبر
* مفسدات القلب الخمسة
* حديث عن الجنة وبعض ما فيها جعلنا الله من أهلها آمين
* نظام المرور عند النمل
* الذنوب والمعاصي واثرها على العبد
* القلق: كيف عالجه الإسلام؟

ابومهاجر الخرساني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد
   
الكلمات الدلالية (Tags)
كيف.اصلي.اول.خشوع.ابي.هريره
 

   
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أصلح عيوبك قبل أن تنتقد عيوب الآخرين! المؤمنة بالله ملتقى فيض القلم 4 10-24-2012 07:18 AM
كيف أصلح العطل ADAM_youssef قسم برنامج كلام الله عز وجل 1 10-24-2012 12:21 AM


   
 

vBulletin® v3.8.7, Copyright ©, TranZ by Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009