السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في تفسير الطبري " ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ولا تعجل يا محمد بالقرآن ، فتقرئه أصحابك ، أو تقرأه عليهم ، من قبل أن يوحى إليك بيان معانيه ، فعوتب على إكتابه وإملائه ما كان الله ينزله عليه من كتابه من كان يكتبه ذلك من قبل أن يبين له معانيه ، وقيل : لا تتله على أحد ، ولا تمله عليه حتى نبينه لك ."
و جاء في تفسير القرطبي " ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه علم نبيه كيف يتلقى القرآن . قال ابن عباس كان - عليه السلام - يبادر جبريل فيقرأ قبل أن يفرغ جبريل من الوحي حرصا على الحفظ ، وشفقة على القرآن مخافة النسيان ، فنهاه الله عن ذلك وأنزل ولا تعجل بالقرآن وهذا كقوله : لا تحرك به لسانك لتعجل به على ما يأتي . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : لا تتله قبل أن تتبينه . وقيل : ولا تعجل أي لا تسل إنزاله من قبل أن يقضى أي يأتيك وحيه . وقيل : المعنى لا تلقه إلى الناس قبل أن يأتيك بيان تأويله . قال الحسن : نزلت في رجل لطم وجه امرأته ؛ فجاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تطلب القصاص ، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لها القصاص فنزل الرجال قوامون على النساء ولهذا قال : وقل رب زدني علما أي فهما ؛ لأنه - عليه السلام - حكم بالقصاص وأبى الله ذلك"
و جاء في تفسير البغوي " ( ولا تعجل بالقرآن ) أي لا تعجل بقراءته ( من قبل أن يقضى إليك وحيه ) أي : من قبل أن يفرغ جبريل من الإبلاغ ، نظيره قوله تعالى : " لا تحرك به لسانك لتعجل به " ( سورة القيامة : 16 ) وقرأ يعقوب : " نقضي " بالنون وفتحها وكسر الضاد ، وفتح الياء : " وحيه " بالنصب . قال مجاهد وقتادة : معناه لا تقرئه أصحابك ، ولا تمله عليهم حتى يتبين لك معانيه ."
من هذا يتضح لأخي السائل أن النهي خاص بالنبي صلى الله عليه و سلم و مثله ايضا قول الله تبارك و تعالى ( لا تحرك به لسانك لتعجل به [ القيامة : 16 ]) و قد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
ما حكم القراءة مع القارئ الذي من المسجل ، وهل هذا يخالف قول الله تعالى : ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الأعراف/ 204 ؟ .
فأجاب :
"إذا كان للحفظ : فلا بأس به ، وإذا كان لغيره : فيقال : الأفضل أن تنصت" انتهى ." الفتاوى الثلاثية " .
وأما قوله تعالى : ( لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ . إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ) القيامة/ 16 ، 17 : فإن الذي نهى عنه الله تعالى رسولَه صلى الله عليه وسلم هو العجلة بالقراءة مع جبريل من أجل أن يحفظ ما يُلقى إليه من الوحي ، فليس في الآية ما يدل على النهي عن القراءة مع القارئ إذا كان ذلك من أجل المراجعة أو إتقان التلاوة .
هذا و الله تعالى أعلى و أعلم
|