المناسبات | |
|
|
11-29-2010, 12:16 PM | #1 | |
|
** التوكل النافع **
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: تأملت خصلة شرعية تعد ركيزة من ركائز هذه الحياة؛ فرأيتها فقدت أو ضعفت عند أكثر الخلق، إلا من رحم ربي وقليل ما هم، وبسبب فقدانها عند كثير من الخلق اتخذوا أنداداً مع الله، وبفقدانها آثر كثيرون متاعاً زائلاً على نعيم باق، بقدانها يعتري الكثير هم وعم وضيق وكرب؛ حتى صارت هذه الأدواء –أي: الهم والغم...- لا تكاد تعلو إلا من حرموا التحلي بهذه الخصلة، فصارت هذه الآفات علماً على أن صاحبها فاقد لهذه الخصلة من خصال الدين. لفقد هذه الخصلة شاهدت آكل الربا عاكفاً عليه لا يبالي بما يعقب صنيعه عاجلاً أو آجلاً، وشاهدت القيم على الزكوات والأوقاف، وأموال اليتامى والأرامل، ينتشر بطشه في أموالهم انتشار النار في الهشيم؛ فإن رجع يوماً لرشده، وآب لصوابه، عاجل نفسه معتذراً عن صنيعه: وماذا أطعم أولادي، وأسُدُّ حاجاتي وخلاتي، (كن ذئباً قبل أن تأكلك الذئاب)! فمن هذه المقدمة نلج لهذه الخصلة الخطر فقدها، وأظن أن نقابها قد زال لدى الألِباء، فأسفرت لهم عن حقيقتها. هذه الخصلة العظيمة هي (التوكل على الله)، ولا أعني التوكل العادي، فأكثر الناس من أهل الإسلام فيهم نوع توكل، ولكن مرادي التوكل النافع، الذي وجوده سبب لتغيير نمط عيش أكثر الخلق في كل زمان ومكان، مرادي (التوكل على الله حق التوكل). فلنقف قليلاً ونعمل النظر في (التوكل النافع)؛ فنقول -وبالله نستعين-: كل ما مر آنفاً من الآفات منشؤه انعدام أو ضعف التوكل على الله سبحانه؛ فذاك من يمد يده خفية لأخذ الأموال من حرز مثلها، لو وقفت معه وقفة مصارحة، لكان عذره الفاقة، والخوف على نفسه أو من يعول أن يموتوا جوعاً، أو يهلكوا عطشاً؛ فسلك هذا المسلك الردي، وتنحى عن الطريق السوي، ونسى أو تناسى أن لن تموت نفس إلا وقد نالت كل ما كتب لها في الأزل! فالتوكل النافع هو الذي يحجز صاحبه عن هذه الآفات، ويبطئ به عن السير في الدروب الحالكات، ويحدو به نحو المسالك الواضحات، ويزرع اليقين في قلبه أن مَن خلقه لم يخلقه ليموت جوعاً أو ظمأ، بل هناك ما غاية أجل وأعظم من خلقه؛ ولذا سخر كل ما في السماوات السبع، وما في مثيلاتها من الأرض لهذا الإنسان؛ ليتعرف بها عليه، وينتفع بها في السير إليه، قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29]. ومرادنا بالتوكل النافع، هو ما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً"، رواه الترمذي (4/573)، وصححه الألباني. وحق التوكل في الحديث: هو الاعتقاد الجازم بأن الله سبحانه قد كتب لكل نفس منفوسة ما تستحقه من رزق، وما تصاب به من خير أو شر، والاعتماد على الله وحده دون ما سواه في ذلك، قال المناوي رحمه الله: ( "حق توكله" بأن تعلموا يقيناً أن لا فاعل إلا الله، وأن كل موجود من خلق ورزق وعطاء ومنع من الله، ثم تسعون في الطلب بوجه جميل وتوكل). وينبغي أن يعلم أن في الحديث إشارة إلى أن حق التوكل هو ما كان مقروناً بعمل بالأسباب، لذلك قال فيه: " لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً" فجعل سبب رواحها بطاناً، هو غدوها باحثة عن رزقها، آخذة بالسبب، مع أنه قد كتب لها ما تأكله في الأزل. لذا يقول ابن القيم -رحمه الله-: " والذي يحقق لتوكل القيام بالأسباب المأمور بها، فمن عطلها لم يصح توكله، كما أن القيام بالأسباب المفضية إلى حصول الخير يحقق رجاءه؛ فمن لم يقم بها كان رجاؤه تمنياً، كما أن من عطلها يكون توكله عجزاً وعجزه توكلاً"،الفوائد ص87. وفي الحديث أيضاً: أن حق التوكل هو الذي ينفع صاحبه، أما التوكل على الله وعلى غيره فلا؛ فيوقن المسلم أن لا معطي حقيقة إلا الله، ولا مانع إلا هو سبحانه، ومَن سواه إنما هم أسباب نصبهم سبحانه ليصل خيره إليك. لكنا نجد أناساً -وهم كثر- يقولون بألسنتهم: نحن لا نتوكل إلا على الله، وفي حقيقة الأمر، توكلهم على فلان أو علان، أو على وعدٍ ما، أو راتب معين، فإن ذهبت هذه أو تلك أظلمت الدنيا في أعينهم؛ وتجد أحدهم عابساً مكفهراً كأنما وتر أهله وولده وماله؛ فانكشفت لنا حقيقته، وأنه إنما يتوكل حقيقة على أوهام دنيوية، وكلامه ذاك مجرد أكاذيب يمتطي صهوتها؛ ليظهر بمظهر المعتمد على مولاه، والمتوكل على ربه في كل أحواله وقضاياه. وفي هذا يقول ابن القيم -رحمه الله- كما في الفوائد ص87: ( فتوكل اللسان شيء وتوكل القلب شيء، كما أن توبة اللسان مع إصرار القلب شيء، وتوبة القلب وإن لم ينطق اللسان شيء؛ فقول العبد: توكلت على الله مع اعتماد قلبه على غيره، مثل قوله: تبت إلى الله، وهو مصر على معصيته، مرتكب لها). فجماع القول: أن التوكل النافع: هو ما كان فيه الاعتماد على الله وحده مسبب الأسباب، مع مباشرة الأسباب المباحة المتاحة، وعدم الركون إليها، والاعتقاد الجازم بأن الله قد قضى أمر الرزق قديماً؛ ففيما التحرق على أمر قد قضي؟ وإنما العمل بالسبب المباح لنيل المكتوب المقضي. والله الموفق والهادي،،، اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
11-29-2010, 09:43 PM | #2 | |
|
ومن توكل على الله فهو حسبه
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
11-30-2010, 01:23 AM | #3 | |
أبو جبريل نوفل
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في حسناتك موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
11-30-2010, 10:47 AM | #4 | |
|
وفقنا الله وإياكم أيها الأخوة الكرام شرفت بمروركم الطيب ونسأل الله وإياكم إلى سواء السبيل |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
11-30-2010, 09:01 PM | #5 | |
مشرف الحوار الاسلامي والسيرة
|
توكلنا علي الله من توكل علي الله فهو حسبه حسبنا الله ونعم الوكيل بارك الله فيك اخي الكريم وربنا يعطيك العافية ودي وتقديري لك |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
12-04-2010, 02:03 PM | #6 | |
|
وفيك يبارك الله أخي الكريم الزرنخي سرتني إطلالتك الطيبة بالموضوع |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
التوكل على الله | nejmstar | ملتقى الأحاديث القدسية والنبوية | 2 | 04-05-2019 01:07 PM |
فنون التوكل | almojahed | ملتقى الآداب و الأحكام الفقهية | 6 | 10-08-2018 12:01 PM |
الفرق بين التوكل والتواكل | آلغموض | ملتقى الحوار الإسلامي العام | 5 | 09-26-2012 09:27 PM |
التوكل على الله وحده لا على الأموال والأولاد والمناصب والأولياء | almojahed | ملتقى الأسرة المسلمة | 10 | 04-03-2012 01:30 AM |
|