
سورة يوسف يظن البعض أنها مجرد قصة وعلاقتهم مع سورة يوسف أنه (تاه ووجدوه) لكن لسورة أعمق من هذا بكثير ونحن نحاول أن نصنع علاقة صحبة مع السور والحبة ليست فق بالحفظ ولكن حت لو عندك فهم عام لمعاني السورة. عندما يُذرك أمامك صاحب لك تأتي في نفسك وفي صدرك أشياء عنه أخلاقه، شكله، ذكريات بينكم، هذه هي الصحبة.
تكلما عن سورة هود وذكرنا أنها شيبت النبي صلى الله عليه وسلم والسورة ذكر فيها مصارع الأمم وكيف واجه الأنبياء هذه الأمم المكذبة الظالمة.
سورة يوسف امتداد لمدرسة الأنبياء ولكن بشكل مختلف. أغلب قصص الأنبياء في القرآن تكون كلاماً مجملاً سريعاً لكن في قصة يوسف سورة بالكامل تتكلم عن قصة نبي، كل السورة تتحدث عن قصة سيدنا يوسف عليه السلام ما عدا آخر صفحة أو صفحتين لكن القصة بشكل عام كلها في تفاصيل دقيقة جداً في حياة النبي يوسف عليه السلام. وهذا له علاقة بتوقيت النزول. سورة يونس وسورة هود وسورة يوسف هذه السور الثلاث التي سميت بأسماء أنبياء وهي متتالية نزلت في فترة واحدة وقيل أن سورة يوسف نزلت في عام الحزن الذي توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها وتوفي فيه عم النبي صلى الله عليه وسلم ابو طالب وحصل فيه الاستضعاف الشديد وكانت الأحزان شديدة جداً على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فكانوا بحاجة إلى تثبيت وهذا من أحد مقاصد ذكر قصص الأنبياء كما ذكرنا في سورة هود (وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ (120) هود) هذا تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم خصوصاً هذه السورة التي بين أيدينا التي فيها قصة ابتلاء شديدة جداً قصة سيدنا يوسف عليه السلام، أيّ مبتلى ينظر إلى ما حلّ بيوسف عليه السلام من جفوة بينه وبين إخوته ومن ظلم وقع عليه ومن وِحدة أصابته في البئر. كثيرٌ منا يقرأ قصة يوسف عليه السلام ولا يتخيل نفسه لحظة أنه هو نفسه في البئر المظلم وكان يوسف في ذلك الوقت غلاماً صغيراً في بئر مظلم قد يكون فيه ما فيه من دوابّ الأرض والظلام وما إلى ذلك ويكفيه جفوة الأهل أن إخوته هم الذين رموه في البئر وأبعدوه عن حضن أبيه. ابتلاءات وراء ابتلاءات وهو الكريم ابن الأكرمين يصبح عبداً يُباع ويُشترى، كل هذه ابتلاءات لما نعرض كيف تعامل معها سيدنا يوسف عليه السلام يمكن تلخيص سورة يوسف بكلمة (إعمل الصحّ) سيدنا يوسف عمل الصح في كل موقف، مواقف صعبة جداً وُضع فيها سيدنا يوسف عليه السلام وابتلاءات شديدة جداً وفتن شديدة جداً سواء فتن سرّاء أو فتن ضرّاء، سواء فتن شهوات أو فتن ابتلاءات وفي كل مرة كان يوسف عليه السلام يفعل الصحّ.
قصة سيدنا يوسف عليه السلام قصة نموذج ناجح، موضوع السورة يتجاوز مسألة سرد قصة بأحداثها للتسلية، لا، (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ (111)) وقصة سيدنا يوسف قال الله الله سبحانه وتعالى في نفس السورة (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ (3)) هي أحسن القصص لا تقال للتسلية، وإنما القضية أكبر من هذا، نحن نتعلم العقيدة عملياً وهذه هي مدرسة الأنبياء التي تحدثنا عنها في سورة هود، مدرسة الأنبياء تخرّجك عالم بالعقيدة بشكل عملي. قد تسمع كلاماً طويلاً عن التوكل وفضائل التوكل لكن هذا الكلام يمكن أن يُختصر عندما ترى مشهد توكل حقيقي وتستشهده وتعيشه، مثلاً لما تعيش قصة سيدنا هود التي ذكرت في سورة هود وهو واقف أمام أقوى قوة على الأرض في ذلك الوقت ويقول لهم (فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56) هود) تتعلم من هنا القوة في الحق، تتعلم قوة موسى عليه السلام وهو يواجه فرعون، كل هذه مدرسة، مدرسة الأنبياء تعلم عقيدة عملية، مدرسة أناس عملوا الصحّ ومن ضمنهم قصة يوسف عليه السلام.
