استخدم محرك جوجل للبحث في الملتقى

 

الرئيسية التسجيل البحث الرسائل طلب كود التفعيل تفعيل العضوية استعادة كلمة المرور
facebook facebook twetter twetter twetter twetter

المناسبات


   
العودة   ملتقى أحبة القرآن > ۩ ملتقى العلـــم الشرعـــي ۩ > ملتقى القرآن الكريم وعلومه > قسم تفسير القرآن الكريم
قسم تفسير القرآن الكريم يهتم بكل ما يخص تفسير القرآن الكريم من محاضرات وكتب وغيرذلك
 

   
الملاحظات
 

إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 09-07-2025, 09:12 PM   #31
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 38

امانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of light

افتراضي

      

"يسروا ولا تعسروا"..
مبادرة لتخفيف تكاليف الزواج

(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) [البقرة: 187].
﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾
هي سترٌ لك من معصيةٍ كبيرة، وأنت سترٌ لها من معصيةٍ كبيرة، وقفت وقفتين متأنيتين عند كلماتٍ في هذه الآية التي وردت في آيات الصيام. وقفت عند:
﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾
ووقفت عند قوله تعالى:
﴿ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾
من الوَلَد الصالح، فالإنسان عليه أن يحصِّن نفسه بالزواج، ولاسيما في هذه الأيام،
لأنه حقٌ على الله أن يُعين الشاب إذا طلب العفاف، هذا شيء ثابت، شاب مؤمن يخشى أن يعصي الله، إذا طلب العفاف فحقٌ على الله أن يعينه، فالزواج حِصن، والزواج سَبَب لإنجاب الأولاد الصالحين من بعدك،.
الزواج سُنةٌ من سُنَن النبي عليه الصلاة والسلام، وكل إنسان يسهم بشكلٍ أو بآخر، كل إنسان يُذلل العقبات أمام من يرغبون بالزواج له أجر عند الله كبير، الذي قدَّم بيتاً، الذي قدَّم مبلغاً من المال مساعدة، الذي قدَّم أثاثاً، الذي قدَّم مهراً، الذي زوَّج ابنته ولم يشدِّد على الصهر، تساهل معه، فهؤلاء لهم أجر، إذا تعاونا يُشيع النكاح، وإن لم نتعاون يشيع السِفاح مكان النكاح، لأن الزواج حاجة أساسية في الإنسان، فإذا وضعنا عقبات عالية أمامها طبعاً سلك الإنسان طريقاً منحرفاً

- إذا أتاكُم من تَرضونَ خُلقهُ ودينهُ فزوّجوهُ ، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم: 1022 | خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره

إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه ولم تزوجوه، لأنه ليس لديه بيت، أو لسكن خارج دمشق، أو ليس لديه سيارة، أو ليس له دخل كبير يحقِّق طموحات ابنتنا، فإذا كان هذا هو المقياس فابشروا بفسادٍ عَريض
الآيات تؤكد على تحصين الشباب بالزواج وابتغاء الولد الصالح منه
ولاسيما في هذه الأيام العصيبة التي تبدو فيها المرأة في الطريق كما خلقها الله، لم يبقَ للزوج شيءٌ منها.. هؤلاء
(( نساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ))
رواة مسلم: اللباس والزينة (2128) , وأحمد (2/355 ,2/440)
هكذا قال عليه الصلاة والسلام، لأنها تثير الشهوة قبل أوانها،

لذلك كان التركيز في هذه الآيات على تحصين الشباب بالزواج، وعلى أن يبتغوا من الزواج الوَلد الصالح، أو البِنت الصالحة التي تنفع الناس من بعده.
أنا كلَّما ذكرت موضوع الزواج حضرتني آيةٌ لا علاقة لها بالزواج، لا أدري لمَ؟
لكني أراها منطبقة على الموضوع انطباق كلي. قال تعالى:
﴿ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ﴾[ سورة النساء: 104]
أيْ أنَّ الشاب المؤمن حينما يسعى للزواج قد يتعب كثيراً لكي يؤمِّن مأوى صغيراً، قد يتعب كثيراً ليؤسِّس هذا المأوى، قد يتعَب ليقدِّم المهر لزوجته، لكنه يرجو من زواجه ما لا يرجوه الشاب الشارد، ذاك يرجو المُتعة، وهذا يرجو ولداً صالحاً ينفع الناس من بعده، هذا يرجو بيتاً إسلامياً ويرجو لبِنَةً محكمةً في بناءٍ شامخ، وذاك يرجو المتعة والابتهاج.


التطبيق العملي لهذا الدرس أن نسهم بشكلٍ أو بآخر في تسهيل الأمور أمام المتزوّجين، لأن الله عزَّ وجل يقول:

﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾[ سورة النور: 32]
أمر إلهي، معنى "أَنكِحُوا" أيْ يسِّروا سُبُل الزواج لكل إنسانٍ، " أَنكِحُوا الأَيَامَى "، من هو الأيِّم؟
الإنسان الذي لا زوجة له، أو المرأة التي لا زوج لها ثيباً كانت أو بكراً، وهذا أمر إلهي، أيْ معنى ذلك سهلوا سُبُلَ الزواج ليحلَّ النكاح مكان السفاح،


سيدنا شُعَيْب عندما عرض ابنته على سيدنا موسى قال له:

﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ﴾[ سورة القصص: 27]
هذا منهج، أيْ أن أي أب عنده بنت ينبغي عليه ألا يشقَّ على خاطب ابنته، إذا كان دينه جَيِّداً، أخلاقه عالية، لكن قليل ذات اليد، الفقير قد يغنيه الله عزَّ وجل، أما الغني الفاسق قد يزداد فِسْقاً.

امانى يسرى محمد متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة امانى يسرى محمد ; 09-07-2025 الساعة 09:14 PM.

رد مع اقتباس
قديم 09-07-2025, 09:14 PM   #32
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 38

امانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of light

افتراضي

      

صور من المال الحرام

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ الآية 188سورة البقرة


أما كسب المال بالباطل فطرقه لا تعد ولا تحصى، قد يكون كسب المال أساسه الكذب، وقد يكون كسب المال أساسه الاحتكار، وقد يكون كسب المال أساسه الاحتيال، وقد يكون كسب المال أساسه العدوان، أو السيطرة، أو إحراج الآخرين، وقد يكون كسب المال أساسه الكذب، كأن يدعي الفقر فيأخذ أموال الناس بالباطل، وقد يكون أساس المال أن تملك قوة قاهرة فتخلِّص الشعوب من ثرواتها.
هذا الدرس متعلِّق بما تشاهدونه وتسمعونه في العالَم، هناك حروب، هناك عدوان على الثروات الباطنيَّة، هناك هيْمنة وسيطرة، إن دَقَّقت في كل هذه الحركة البشرية تجد أن هدفها أخذ قدرٍ أكبر من المال كي يكون أداةً للاستمتاع بالحياة، والاستمتاع بالحياة فيه ترويةٌ للشهوات التي أودعت في الإنسان.
أعلى تجارة في العالم قبل تجارة الأسلحة، وقبل تجارة المواد الزراعية الكيماويَّة، هي تجارة المخدِّرات، تُدِرُّ أموالاً فلكيَّة، ثم توضع في البنوك لتأخذ صفة نظاميَّة ولتكون متداوَلَةً بين الناس.



﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾
يقابل الباطل هو الحق، الحقُّ هو الشيء الثابت، فعلى مر الحقب، والعصور، والأَمْصار، والأَعْصار، وكل المتغيرات، السرقة حرام، والغش حرام، والاحتكار حرام، وإيذاء المسلمين حرام، وإفساد أخلاقهم حرام، فعلى كل الأعصار إذا اكُتِسَب المال بالباطل، أو أُنفِق بالباطل عَمَّ الفساد الأرض، لذلك قال تعالى:
﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾[ سورة الروم: 41 ]

لو سمح لك إنسان أن تأكل ماله بالباطل لأنك أقوى منه، فهل قوتك تحميك من حساب الله يوم القيامة؟
إذاً إذا اعتمد الإنسان على تشريع أرضي لأكل أموال الناس، لا ينجو من عذاب الله..

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ﴾
أيْ أن تعطي القاضي شيئاً من هذا المال كي يحكُم لك كما تريد، أيْ يحكم لك حُكْمَاً يغطي عدوانك، فإذا فعلت هذا ارتكبت جُرْمَيْن: اغتصاب المال بالباطل، وفساد إنسانٍ معك في إقرارك على هذا الاغتصاب بالباطل..

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ ﴾
ينبغي أن تكون متداوَلَةً بينكم..
ولكن لو أنك احتكمت مع خصمك إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ـ في زمانه ـ وكنت طليق اللسان، قويَّ الحُجَّة، لَسِنَاً، وألحن بحجةٍ من أخيك، وانتزعت من فمِ النبي الشريف قراراً يُبَرِّئك ويغطي انحرافك، والقرار من النبي الكريم ـ فتوى من النبي ـ لا تنجو من عذاب الله..
((إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها))
[الجامع الصغير عن أم سلمة ]
دقِّق بقطعةٍ من النار.



آية تقصم الظهر :

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾

يجب أن تأكلها وَفْقَ منهج الله؛ بيعٌ مبرور، تجارةٌ مشروعة، زراعةٌ مشروعة، أما أن تزرع الحشيش، أو أن تزرع التبغ أنت بهذا تفسد أجسام المسلمين، زراعةٌ مشروعة، لا أن تستخدم المواد الهرمونية التي تعطي الثمرة شكلاً جميلاً، وحجماً كبيراً على حساب صحة الناس، هذه كلها مواد مسرطنة، إذاً كسب المال الحلال عن طريق زراعةٍ نظيفة، وتجارةٍ مشروعة، وصناعةٍ نافعة للمسلمين، لا أن تصنع أجهزةً تجعل أخلاقهم في الوَحْل، لا أن تصنع أجهزةً تجعل الزنا يفشو بينهم، لا أن تستثمر المال في أعمالٍ تفسِد أخلاق المسلمين، بل يجب أن تأكل أموال الناس بالحق لا بالباطل، والحَكَمُ هو الشرع وحْدَه، أما التشريعات الأرضيَّة فهي لا تحميك من عذابِ الله.

أحد الأخوة الكرام قال لي: أنا دخلت في مناقصة عقار، واستطعت بطريقةٍ ذكيةٍ جداً أن أُدْخِلَ معي ستة أشخاصٍ بشكل وهمي، وأن يزيدوا السعر قليلاً قليلاً، فرسا المشروع عليّ بسعرٍ يساوي ثُلُثَي ثمنه الحقيقي، وهو بهذا عدَّ نفسه شاطراً ـ بالتعبير الشائع ـ وعدَّ نفسه متفوقاً، وهكذا اشترى الأرض من أصحابها الشرعيين الذين يزيدون عن أربعين شخصاً، وفيهم أيتام وأرامل، عن طريق مناقصةٍ وهمية أدخل أصحابه، وأصدقائه، ووكلُّهم برفع السعر قليلاً، وكان الإعلان غير صحيح، بعد أن كسب المناقصة ورست عليه، جاء يستشيرني، قال لي: والله فكَّرت بالقبر، وجدت أنه لا يوجد حل، لا بد من أن أُحاسَب، فقلت له: إما أن تعطي أصحاب الأرض حقهم الكامل وإما أن تنسحب من هذه المناقصة.
التشريعات الأرضية لا تحميك من عذاب الله، فمن الممكن أن تشتري الأرض بقرار أساسه مناقصة أصوليَّة ـ قانونيَّة ـ دخل ثمانية أشخاص فاستقر السعر على هذا الرقم، ولكن هؤلاء السبعة هم ليسوا أنداداً لك، هم ممثلون، قد مثَّلوا دوراً وهمياً، وأنت بهذه الطريقة جعلت السعر يهبط، فأكلت أموال أصحابها بالباطل، ومعك سند، دخلت مناقصة وحقَّقت سعراً منخفضاً، وأنت تعلم الحقيقة، لذلك:
﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ﴾



جميع التشريعات الأرضية لا تحمي الإنسان الذي يأكل المال الحرام من عذاب الله :


أيْ أنَّ جميع التشريعات الأرضية في العالم كلِّه لا تحمي الإنسان الذي يأكل المال الحرام من عذاب الله، اضطر إنسان إلى ثلاثمئة ألف ليرة، فرهن مزرعته عند شخصٍ مليء، وطلب منه هذا الشخص أن يكتب له هذه المزرعة كضمان، بعد سنواتٍ وسنوات أصبح المبلغ جاهزاً، فجاء الذي أخذ المبلغ إلى من أعطاه المبلغ إياه ليردّه، ولكنّه أجابه: كل منا حقه عنده فوجئ بقوله له: المزرعة ثمنها أربعة أمثال المبلغ، فهذا الذي ضيَّع مزرعته أصابه الهم، وتصاعد الألم حتى أصابته أزمةٌ قلبيَّةٌ، ومات من شدة القهر، كيف ضحى بهذه المزرعة بمبلغ بسيط؟ لكن قبل أن يموت كلَّف ابنه أن يمشي بجنازته إلى أمام دكان هذا المُغْتَصِب، قال له: امش بجنازتي إلى أمام دكانه، وعند دكانه لتقف الجنازة، واخرج أنت من بين صفوف المُشَيِّعين وادخل إلى دكان هذا المُغْتَصِب، وسلِّمه رسالةً، كتب لها رسالة قبل أن يموت، في هذه الرسالة: " أنا ذاهبٌ إلى دار الحق، عند أحكم الحاكمين، فإن كنت بطلاً فلا تلحقني". سمعت أنه ردَّ المزرعة إلى ورثته.

هذا هو التشريع، فلو كان معك ألف دليل ودليل، وألف حجَّة وحجَّة، وألف قانون، وألف اجتهاد محكمة نقض، ولو كان معك مئة ألف اجتهاد لصالحك، ولم تكن محقاً لا تنجو من عذاب الله.
﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ﴾


المقصود ب أَمْوَالَكُمْ( وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾سورة البقرة - الآية 188
لكلمة (أموالكم) في الآية التالية معنيان :
إذاً هذه القضية قضية كبيرة جداً، حينما يشرب الإنسان الخمر يؤذي شخصه، وحينما يزني يؤذي معه فتاةً كانت طاهرةً عفيفة فجعلها ساقِطة، أما حينما يأكل الربا فهو يُسهم في انهيار مجتمعٍ وهو لا يدري، حينما يأكله أو يوكله، فقضية المال قضيةٌ خطيرةٌ جداً، لأن المال قوام الحياة. وربنا عزَّ وجل في هذه الآية يقول:
﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ ﴾
هنا توجد دِقَّة، حينما أضع في جيبي خمسمئة ليرة، وآخذها من جيبي الأيسر وأضعها في جيبي الأيمن، ماذا فعلت؟ أنا أكلت مالي، ماذا فعلت؟ فما معنى هذه الآية؟
1 ـ وجوب الحفاظ عليه وكأنَّه مالُك:
المقصود أن هذا المال الذي هو مال أخيك، عند خالق الكون هو مالُك من زاويةٍ واحدة، هو مالك من زاوية أنه يجب أن تحافِظ عليه وكأنَّه مالُك، سمَّى الله مال أخيك مالَكَ، فمثلاً إذا أعار إنسان مركبته لإنسان آخر يقول له: اعتبرها سيارتك، أي اعتنِ بها، راعِها، دارِها، لا تُحمّلها ما لا تطيق، اعتبرها مركبتك، أي استعملها كما لو أنها مركبتُك، فكلمة:
﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ ﴾
أيْ أنَّ هذا المالَ الذي هو مال أخيك هو مالك من زاوية أنك يجب أن تحافظ عليه وكأنَّه مالُك.
2 ـ وجوب إنفاقه في مصالح المسلمين :
هناك زاوية ثانية: هذا المال الذي هو مال أخيك هو لكل الناس من زاويةٍ واحدة، إنسان معه مبلغ ضخم، يجب أن يعتقد أن هذا المال مِلْك المسلمين، بمعنى أنه يجب أن يُستثمر ـ فَرَضاً ـ في شيء ينفع المسلمين، في معمل غذائي، صناعة راقية، مشروع سكني، أما حينما يُستثمر المال في إيذاء المسلمين؛ في فتح الملاهي، والنوادي الليلية، فأنت بمالك الذي هو ملكٌ لك أفسدت أخلاق الناس، إذاً يجب أن يعتقد المؤمن أن المال الذي بين يديه فيه حقٌ لكل المسلمين، عليه أن ينفقه لمصلحتهم لا لمصلحته هو فقط، فلو أخذه من بلادهم ونقله إلى بلادٍ بعيدة، حَرَمَ المسلمين الانتفاع منه، أو لو أنفقه في معصيةٍ كبيرة، أو في إفساد الأخلاق، أو في عملٍ لا يرضي الله، معنى ذلك أنه سبَّب إيذاءً للمسلمين بماله، فالله يخبره أن هذا المال ليس ماله بل إنه مالٌ لجميع المسلمين. المعنى الأول: وجوب الحفاظ عليه وكأنَّه مالُك. والمعنى الثاني: وجوب إنفاقه في مصالح المسلمين، لأن كل المسلمين لهم الحق أن ينتفعوا بمالك بشكلٍ مشروع وفق منهج الله عزَّ وجل.
فرضاً لو أن إنساناً معه أموال وأسَّس مزرعة ضخمة، وجعل يبيع من إنتاجها في السوق، هو يتاجر، يزرع ويبيع الفواكه، وحينما تطرح في السوق فاكهةٌ بكمياتٍ كبيرة تهبط الأسعار وينتفع المسلمون، فليس معنى قولنا لك: إن هذا المال هو للمسلمين معنى ذلك أن يأخذوه منك، لا، بل أنت استثمره في صالح المسلمين؛ في الزراعة، أو الصناعة، أو التجارة، أو في عملٍ يرضي الله، لا في أعمال تفسد أخلاق الناس.
اجعل كسبك حلالاً، أيْ أخلص وأتقن واصدق، وكن أميناً ومتقناً حتى تأخذ المال ـ الذي يعبِّر عن جهدك في الأرض ـ حلالاً، فإذا اشتريت به طعاماً وأطعمته لأولادك كان هذا الطعام طَيِّباً:
((يا سعدُ أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة))[مجمع الزوائد عن سعد بن أبي وقاص ]


تداول الأموال بين الناس للحفاظ على التوازن الاجتماعي :
هناك آيتان أخريان في الموضوع نفسه ،
قال تعالى :

﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾[ سورة النساء : 188]
هذه الأموال يجب أن تكون متداولة بينكم ، وفي آيةٍ أخرى حينما حرَّم الله الربا ، جاء التعليل لأن لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ، لئلاّ تجمَّع الأموال في أيْدٍ قليلة ، وتُحْرم منها الكثْرة الكثيرة فَيَخْتلّ التوازن الاجتماعي ، ومع اخْتلال التوازن الاجتماعي يضطرب السلوك الإنساني .
الآية الكريمة وصَفَتْ مال أخيك بأنّه مالُك من زاويَة ضرورة الحفاظ عليه ، ومن زاوية أنَّك مكلّف به ، فلو أفقرْتهُ لكنتَ مكلّفًا أن تغْنِيَهُ ، فما جدْوى أن تأكل مالهُ ثمّ تُعينهُ ؟
على كُلٍّ حينما قال الله عز وجل : لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ؛ هناك أكْلٌ لأموال الناس بالحق ،
قال تعالى :

﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾[ سورة النساء : 29]
امانى يسرى محمد متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-2025, 09:15 PM   #33
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 38

امانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of light

افتراضي

      

أساس مشروعية القتال في الإسلام
﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾

قبل أن أمضي في شرح هذه الآية لا بد من ضرب مثل، تصور بلدةً لها وليّ أمرٍ تسميه: رئيس بلدية، تسميه: حاكم البلدة. لها ولي أمرٍ، هذا الإنسان على درجة عالية جداً من العلم والأخلاق، أراد أن ينشئ في هذه البلدة معهداً من أعلى مستوى، يستقدم له أعلى الأساتذة، هذا المعهد مجهَّز بكل وسائل التعليم، والتربية، والتثقيف، والتأديب، أراد ولي أمر هذه البلدة أن ينشئ معهداً يربي شبابه تربيةً عالية، من أجل أن يسعد هؤلاء الشباب في حياتهم، وأن يحتلوا مناصب مرموقة، وأن يصلوا إلى أعلى درجات السعادة في الدنيا، أُنْشِأَت هذه المدرسة، وبنيت بناءً راقياً، واستحدث فيها كل وسائل التعليم، وَعُيِّنَ فيها كبار المدرسين.
ثم فوجئ صاحب هذه البلدة أن فئةً من قُطَّاع الطرق ومن المنحرفين تصرف الطلاب عن المدرسة، إما أن تغريهم بارتياد أماكن منحطة، أو مشاهدة أفلام مُنْحَطَّة، أو إبعادهم عن هذه المدرسة، أو أن تمنعهم بالقوة من أن يدخلوا هذه المدرسة، هل يقف ولي أمر هذه البلدة مكتوف اليدين ؟ هل يسمح لفئةٍ أن تمنع نشر العِلم في البلدة ؟ هل يسمح لفئةٍ لِتحول بين الطُلاَّب وبين دخول معهدهم ؟ هل يسمح لفئةٍ أن تغري الطلاب بالانحراف الخلقي وتعويدهم على المخدرات والخمور والزنا وما إلى ذلك ؟
لا بد من التدخل، لا بد من التدخل من أجل أن تؤدي هذه المدرسة رسالتها، فهؤلاء الذين يقفون على مسالك الطرق إلى المدرسة، يمنعون الطلاب من الدخول إليها، أو يصرفونهم إلى أماكن اللهو والانحطاط، هؤلاء شاذون، هؤلاء خرجوا عن مبادئ هذه البلدة وعن قيمهم، فلا بد أن يُحال بينهم وبين ما يصنعون، هذا هو القتال في سبيل الله.

الجماعة المؤمنة من حقها أن تعرف ربها، من حقها أن تسعد به، من حقها أن تصل إلى غايتها في الدنيا، من حقها ألا تُفْتَنَ عن دينها، فأنت كأب لو كان لابنك صديق أفسده عليك، وجعله يهرب من المدرسة، وينغمس في الرذيلة والمخدرات، بماذا تشعر تجاه هذا الصديق؛ صديق ابنك ؟ تشعر أنه اعتدى عليك أعلى عدوان.
فأعلى عدوان على الإطلاق أن تعتدي على دين الإنسان، أن تفسده، هؤلاء الذين ينشرون الرذيلة بطريقةٍ أو بأخرى، عن طريق المجلات، أو عن طريق الفضائيّات، أو عن طريق الكُتُب، على ماذا يعتدون هؤلاء ؟ يعتدون على دين الإسلام، يفتنونه عن دينه، فإما أن تعتدي على الدين مباشرة، وإما أن تفتن الناس عن دينهم، لذلك هؤلاء الذين يعيشون على انهيار البيوت، ويعيشون على إفساد الشباب، يعيشون على إفساد الفتيات، هؤلاء الذي يعيشون ليمنعوا دخول الطُلاَّب إلى المدرسة، ليمنعوا نشر العِلم، مع أن ولي أمر هذه البلدة لم يجبر أحداً على دخول هذا المعهد، لكن طُلاَّب المعهد من حقهم أن يصلوا إلى معهدهم سالمين، وأن يستمعوا إلى الدروس هادئين، وأن يصلوا إلى أهدافهم مرتاحين.
لذلك مشروعية القتال في الإسلام، حينما جاء بها القرآن، وحينما طبَّقها النبي عليه أتمُّ الصلاة والسلام أساسها من أجل ضمان حُرية العمل، من أجل ضمان حرية العبادة، من أجل ضمان حرية الاستقامة على أمر الله، من أجل ضمان حرية طلب العلم، هذا هو.

شُرِّع القتال في الإسلام من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا:

الآية الأولى أيها الأخوة يقول الله عز وجل:
﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾
أول نقطة في هذه الآية: ينبغي أن يكون القتال في سبيل الله إعلاءً لكلمة الله، أما الحروب القذرة التي تشهدها البشرية اليوم، تارة يقولون تطهير عِرْقي، ذبح على الهوية، لأنه مُسْلم، وتارة يقولون: من أجل اتخاذ البلاد مجال حيوي، أطماع اقتصادية، أينما كان البترول تجد المطامع تحوم حوله، فهذه الحروب الحديثة التي تقودها بعض البلاد القوية، حروبٌ لا علاقة لها إطلاقاً بنشر فكرةٍ، ولا بتحقيق مبدأٍ، ولا بترسيخ دينٍ، إنما المصالح فقط تحرف هؤلاء الذين يعتدون على حقوق الشعوب، الآية دقيقة جداً أول شيء:
﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

القتال المشروع في الإسلام من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا، ومن أجل ألا تكون فتنة، ومن أجل أن يكون الدين لله، أنت لا تسمح لابنك أن يرتاد بيتاً إلى جوارَك تمارس فيه كل أنواع الرذيلة، يعتدون على طُهْر الأطفال، وعلى عفَّتهم، وعلى أخلاقهم، وعلى انضباطهم بإغراءات، لا بد أن تقف بين هؤلاء وبين ما يفعلون، هذا هو الأصل.
الهدف أن يكون الدين مُهَيْمِنَاً، والهدف أن يكون الدين لله، والهدف ألا تكون فتنةٌ، والهدف أن تنصُر مظلوماً.


الآداب التي جاء بها الإسلام في القتال :

قال تعالى:
﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ﴾

1 ـ لا تقاتل إلا من يُقاتل فالنساء والأطفال والشيوخ لا يقتَلون :
المرأة لا تُقتل، والصبي لا يُقْتل، والشيخ الفاني لا يقتل، وهذا الذي التجأ إلى صومعةٍ يعبد الله فيها لا يقتل، هكذا النصوص تأتي، يقول عليه الصلاة والسلام:
((نهى عن قتل النساء والصبيان وإذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه ))[من شرح الجامع الصغير ]
تأكيداً لكرامة الإنسان و " أعف الناس قتلةً أهل الإيمان ". عندهم أخلاق، حتى في حربهم أخلاقيون، وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن قتل الصَبْرِ أي أن تدعه بلا طعامٍ حتى يموت، فلذلك أول شيء:
﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ﴾
حسب تعليمات هذا القرآن العظيم لا يُقاتَل إلا المُقاتِل، أما هذه الحروب الحديثة تنزل هذه القنبلة فتقتل النساء والأطفال والشيوخ معاً، ولا تفرِّق بين وليدٍ رضيعٍ بريءٍ طاهرٍ وبين مقاتلٍ شرسٍ خبيث، هذه الأسلحة التي اخترعتها أوروبا وأمريكا، هذه لا تفرِّق بين طفلٍ ومُقاتل، ولا بين امرأةٍ ومقاتل، ولا بين شيخٍ ومقاتل، والآية تقول:
﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ﴾
هذا من حيث النوعية، لا تقاتل إلا من يُقاتل، فالنساء والأطفال والشيوخ لا يقتَلون.

2 ـ ينبغي أن تكون متأدِّباً بآداب القتال :
الشيء الثاني ينبغي أن تكون متأدِّباً بآداب القتال، فلا تجعل خصمك يموت صبراً، جوعاً، أو عطشاً، أو تعذيباً، ولا تضرِب الوجه حفاظاً على كرامة الإنسان، ولا تقتل امرأةٍ، ولا طفلاً، ولا شيخاً، ولا تعقروا ناقةً إلا لمأكلةٍ، ولا تقطعوا شجراً، هذه هي الآداب التي جاء بها الإسلام حتى في القتال.


قال تعالى:
﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
لمجرَّد أن تعتدي على إنسان فالله عز وجل لا ينصُرك ولا يأخذ بيدك بل يهزمك.
هذا الإنسان الذي تقاتله هو إنسان شارد عن الله، ينبغي أن تُريه عدلاً، وإنصافاً، وقوةً، وبأساً من دون أن تظلمه، ثم يقول الله عز وجل:

﴿ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾
الإنسان حينما يُقْتَل مظلوماً يدخل الجنة، أما حينما يُفْتَنَ عن دينه يدخل النار، فلا شك أن الفتنة أشد بكثيرٍ من القَتل.



(وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ)[سورة البقرة:191]

تخيل فتاة عمرها أربع سنوات، يأتي أبوها يحفر لها حفرة، وينزلها فيها، ويهيل التراب عليها، هل من عمل أشد وحشية من هذا العمل؟
الأب الذي يطلق لابنته العنان، ولا يضبط أخلاقها، وتنحرف هذا العمل أشدّ من أن يقتلها لقول الله عز وجل:(وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ)[سورة البقرة:191]
وفتاة نشأت على غير منهج الله، ولا يهتم أبوها بها لا تعليماً، ولا ضبطاً، ولا تربية، هذه الفتاة تأتي يوم القيامة تقف أمام رب العزة ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ *ِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ )[سورة التكوير:8-9]
قتل الفتاة وهي بريئة طاهرة وبلا سبب إلا خوف العار المتوهم تلك العادة الجاهلية أشد من قتلها، والعمل يبدو بشعاً، أشد من قتلها فتنتها، أن تتفلت من منهج الله، أن تخرج كما تحب،
لذلك الله عز وجل قال:(وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ)[سورة البقرة:191]

هل تصدقون أن الفتاة الواحدة إذا ربيتها، وأحسنت توجيهها، ثم زوجتها لشاب مؤمن، إنك بهذا العمل وحده تضمن الجنة، من جاءته بنتان فأحسن تربيتهما فأنا كفيله في الجنة، قالوا: وواحدة؟ قال: وواحدة.
تصور بيتاً فيه بنت، هذه الفتاة وحدها كافية لإدخال أبويها الجنة، بسبب تربيتها، وتعليمها العلم الشرعي، وتعريفها بربها، وحملها على طاعة الله، وحفظها، وصيانتها، والأخذ بيدها لما تحب الله، فالفتاة الواحدة تكفي لإدخال والديها الجنة.

الفتنة تعني الامتحان، سيدنا عمر كان يتجول في طرق المدينة، فرأى قافلة قد أقامت في أطراف المدينة، فقال لمن معه – كان معه سيدنا عبد الرحمن بن عوف -: تعال نحرسها، سمع هذا الصحابي الجليل بكاء طفل فتوجه لأمه وقال: أرضعيه، فبكى ثانية، نبه أمه، فبكى، فغضب: قال: يا أمة السوء أرضعيه، قالت: ما شأنك بنا؟ إنني أفطمه، قال: ولمَ؟ قالت: لأن عمر لا يعطي العطاء إلا بعد الفطام- التعويض العائلي- تروي الروايات أنه ضرب جبهته وقال: ويحك يا بن الخطاب كم قتلت من أطفال المسلمين؟ وصلى الفجر في أصحابه لم يفهم أصحابه قراءته من شدة بكائه.
سمعت منذ يومين خبراً أن بعض الدول المحاصرة اقتصادياً مات فيها خمسمئة ألف طفل، ماتوا جوعاً.
كل إنسان له عمل، سيدنا عمر لما أخر التعويض إلى ما بعد الفطام، قال: ويحك يا بن الخطاب كم قتلت من أطفال المسلمين؟ البنت إذا علمتها، وعرفتها بربها، وحملتها على طاعة الله، وحفظتها، وراقبتها، ثم بحثت لها عن زوج صالح يتابعها، هذه الفتاة وحدها كافية لإدخال أبيها الجنة، أما إذا وأدها وهي صغيرة فهذا العمل جريمة، تنجو ويحاسب، أما إذا فتنها فتحاسب ويحاسب أبوها، أما إذا رباها فيدخل الجنة. المخرج من الفتن

ليس هناك حل، مهما تعددت الحلول، إلا أن نصطلح مع الله، لأن الله أعزنا في الماضي بالإسلام، ولن يعزنا بشيء آخر، لا حل إلا أن نقيم الإسلام في بيوتنا، والحل الذي أضعه بين أيديكم بإمكان كل واحد منا تطبيقه، دعك من المجموع، دعك من الأقوياء، دعك من الطواغيت، أقم الإسلام في بيتك، وأقمه في عملك، وانتظر من الله النصر، قال تعالى:(بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ )( سورة الزمر: الآية 66 )

الحل الأول والأخير القرآن الكريم أن نعود إليه، وأن نعود إلى فهمه من السنة الصحيحة، ومن فهم الأجيال الثلاثة من صحابة رسول الله، فإذا عدنا إلى الله عاد الله لنصرنا، واستعدنا دورنا القيادي، وأصبحنا أعلاماً بين الأمم، أما الآن فوالله نحن مضغة الأفواه بين الأمم، ويسخر بقصصنا، نتقاتل، لسنا مؤهلين أن نحكم أنفسنا، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام:

(( أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، ثَلَاثَ مِرَارٍ ))[ أخرجه أحمد في مسنده والترمذي والحاكم عن عمر ].

وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(( إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ، كَذِئْبِ الْغَنَمِ، يَأْخُذُ الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ، فَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ وَالْمَسْجِدِ ))[ أحمد ]

الزم الجماعة، كن مع المؤمنين، لا تنفرد برأي، خذ رأي العلماء الأجلاء الربانيين الورعين، لا تجتهد من عند نفسك، لا تسبب للمسلمين متاعب لا تنتهي، المسلمون سلمهم واحدة، وحربهم واحدة .
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: << يا أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله الذي أمر به، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة

راتب النابلسى
موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية
امانى يسرى محمد متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-2025, 09:17 PM   #34
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 38

امانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of light

افتراضي

      

من أرضى الناس جميعاً فهو منافق :
قال تعالى:
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204)
وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205)سورة البقرة


هذا النموذج شائع جداً، يواجهك إنسان فيُثْني عليك ثناءً، يمدَحك مديحاً يجعلك تخجل، وبعد أن تدير ظهرك يتكلم بعكس ما مدحك به، ذو الوجهين لا يكون عند لله وجيهاً، كن بطلاً، وكن موحَّداً، وكن واضحاً.
كن صريحاً، فهذا الشيء يؤلم كثيراً، إذ تلتقي مع إنسان يثني ثناءً عطراً على كل شيء، تصدقه أنت، تعدّه من طرفك، فإذا به في غيبتك يطعن في كل شيء، وهذا النموذج ممقوت عند الله عز وجل، كن واضحاً، فكلمة الحق لا تقرِّب أجلاً ولا تقطع رزقاً، فالذي تمدحه امدحه صادق، والذي لا تحبه لا تمدحه، اسكت عن مدحه، وإلا فأنت منافق، ومن أرضى الناس جميعاً فهو منافق.


كلمة (تولى) لها معنيان :
قال تعالى:
﴿ وَإِذَا تَوَلَّى ﴾
عنك..
﴿ سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾
"تولى " لها معنيان هنا:
1 ـ تولى عنك أي ترك المجلس :
تولى عنك أي: ترك المجلس، تولى؛ كان عمله سيِّئاً، هو أشهد الله على ما في قلبه، أنه مؤمن، وصادق، ومحسن، ومستقيم، فإذا تركك وانصرف إلى جماعةٍ آخرين أفسد الأرض ومن عليها، فهذا معنى.
2 ـ إذا تولى أي انصرف أو استلم عملاً فجعل الفساد همَّه :
المعنى الثاني: إذا تولى شيئاً، أو مهمةً، أو استلم عملاً، فإنه يريد الاختلاط، والفسق، والفجور، والمال الحرام،

﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا ﴾
فالفساد أيها الأخوة لا يمكن أن يكون إلا بتدَخُّل بشري، لأن كمال الله عز وجل مُطْلَق، وكل شيء خلقه الله عز وجل كامل إطلاقاً، فنحن نفسد، خلق الله الطفل الصغير مثل المَلَك، ولو كان ابن مجوسي، أو ابن أفسق إنسان فهو مَلَك، فالأسرة تفسد الابن أو تصلحه، كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، إذاً هذا الإنسان الذي يقسم لك أنه مخلص، ومحب لله، ومستقيم، وطاهر، ويحب الله ورسوله، وهو ألد الخصام، فما الذي يكشفه؟ إذا انتقل إلى حقل آخر، إلى مكان آخر، إلى جماعة آخرين، هذا ورد في سورة البقرة أيضاً:
﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُون ﴾[سورة البقرة: 14]
إنّه ملوَّن، " فتولى " أي انصرف أو استلم عملاً فجعل الفساد همَّه.

﴿ سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا ﴾
فالفساد تدخُّل بشري، وأصل الفساد كائن مخيَّر ومعه شهوة، وترك المنهج، ولو أمسك بالمنهج ما صار فساداً، فعلاقة إنسان بامرأة وفق المنهج زواجٌ، وبلا منهج زنىً ودعارة، وأعمال لا ترضي الله عز وجل، علاقته بالمال وبالمنهج كسب مشروع إذ لا توجد مشكلة، بلا منهج سرقة، واحتيال، وخداع، وربا، وما شاكل ذلك.

الحرث له معنيان:
قال تعالى:
﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ ﴾
1 ـ النبات بالمعنى النباتي الأرضي :
المعنى الأول: النبات، أيْ:
﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ﴾[ سورة الواقعة: 63-64 ]
هناك فساد حتى بالنبات، الله عز وجل صمم الخلق أكمل تصميم، فجاء الإنسان وأفسد النبات، وضع للنبات هرمون نمو، هذا يعطيه حجماً كبيراً، وألواناً زاهية، لكنه مسرطن، فاستخدم هرمونات للنمو، مثلاً هناك كثير من الأشياء تزيد من ملوحة التربة، فكل المبيدات الكيماوية مؤذية جداً، صمم ربنا مبيدات حيوية، فنحن استخدمنا المبيدات الكيماوية فصار هناك فساد، الأدوية الراقية أدوية نباتية، نحن استخدمنا أدوية كيماوية لأجسامنا، صار في مضاعفات، أمراض كثيرة جداً من أدوية نستعملها بشكل مثير، الشراب الطبيعي استبدلناه بشراب كيماوي، فأكثر أنماط السلوك أنماط مُبْتَدَعَة، ليست في أصل التصميم، فنشأت أمراض وبيلة، نشأ ارتفاع نِسَب السرطان، فهذا من باب إهلاك الحرث وإفساده.
2 ـ المرأة بالمعنى الإنساني :
والمعنى الثاني:
﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾[ سورة البقرة: 223]
فالإنبات يأتي عن طريق الأرض، وعن طريق المرأة، فالأرض فسدت، والمرأة أُفْسِدَت، فصار هناك إفساد للحرث، بالمعنى النباتي الأرضي، وبالمعنى الإنساني أي المرأة، والمرأة إذا فسدت حدث شيء مخيف، وهناك قصص عن فساد المرأة؛ ممكن أن تقيم مشكلات لا تنتهي إذا فسدت، فشيئان إذا فسدا فسد المجتمع، المرأة أحد هذين الشيئين، وقد يحارب المسلمون بالمرأة، فأكبر حرب تُشَن على المسلمين إفساد أخلاقهم عن طريق ما تأتي به الفضائيّات، فهذا إفساد، المرأة فسدت، فالزواج فسد، حدثني أخ كريم قاض شرعي، قال لي: نسب الطلاق في سوريا كانت اثنين بالألف، الآن خمسة عشر بالمئة، وأغلب هذا الطلاق أساسه هذه المحطات الفضائية.


(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ )(207)سورة البقرة
(يَشْرِي)
بمعنى يبيعُ ويشتري، وسياق الآية يُحَدِّد معنى يشري بمعنى يبيع، أيْ ومن الناس من يبيع نفسه ابتغاء مرضاة الله،
يقول الله عزَّ وجل:
﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾[ سورة التوبة: 111 ]

خُلقت لِجَنَّةٍ عرضها السماوات والأرض، ثمنها أن تأتي إلى الدنيا وتقدِّم شيئاً يرضي الله؛ فقد تُقَدِّم مالك، وقد تقدم وقتك، وقد تقدم علمك، وقد تقدم حياتك، والجود بالنفس أقصى غاية الجودِ، وكلٍ إنسان لم يقدم شيئاً فهذا أشقى الأشقياء، لأنه جاء إلى الدنيا ليقدِّم فلما نسي أن يقدم خسر الآخرة وخسر الحياة الأبدية في جنةٍ عرضها السماوات والأرض.
أنت مخلوقٌ لجنة لك فيها ما تشاء، فيها من كل الثمرات، فيها حورٌ عين، وأنهارٌ من كل الأنواع؛ من لبنٍ لم يتغير طعمه، ومن عسلٍ مصفَّى، ومن خمرٍ لذةٍ للشاربين، ومن ماءٍ غير آسن، وفيها ولدانٌ مخلَّدون، وفيها نظرةٌ إلى وجه الله الكريم، وفيها رضوانٌ من الله أكبر، هذه الجنة إلى أبد الآبدين؛ لا مرض، ولا قلق، ولا حزن، ولا جوع، ولا انتكاسة شيخوخة، ولا شيء مُزْعِج، خُلقْت لهذه الجنة.
إلا أن هذا العطاء الكبير يحتاج إلى ثمن تدفعه في الدنيا، الثمن أن تقرض الله قرضاً حسناً، أيْ أن تعمل عملاً صالحاً مع عباده، الإيمان درجات، فهناك إنسان طبَّق منهج الله وفعل بعض الصالحات وهذا ناجي، وهناك إنسان تفلَّت من منهج الله وأساء للخلق فهذا هالك في الدنيا والآخرة، لكن هناك طبقة أولى؛ هؤلاء السابقون السابقون، هؤلاء الذين باعوا أنفسهم في سبيل الله، وقتهم كله لله، ومالُهم كله لله، وعلمهم كله لله، وذكرهم كله لله، وكل أفعالهم وأحوالهم، وإقامتهم وسفرهم، وعطائهم وأخذهم، وصلتهم وقطعهم، وغضبهم ورضاهم في سبيل الله، هؤلاء لهم الطبقة الأولى،
فهناك سابقٌ في الخيرات، وهناك مقتصد، وهناك ظالمٌ لنفسه..
﴿ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ*فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ*وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ*فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ*وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ*فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ*وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ*إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ*فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾[ سورة الواقعة: 88-96 ]


ما كلّ ذكيٍ بعاقل :

قد يصل الإنسان إلى أعلى درجة في الاختصاص، وهو ذكي جداً باختصاصه، وماهر جداً في تجارته وصناعته، ولكنه ما عرف هدفه في الدنيا،
فهو ليس عند الله بعاقل، هو ذكيٌ، وليس بعاقل
المؤمن يقيِّم كل شيء تقييماً في ضوء الآخرة
إنك إن عرفت سر وجودك، وغاية وجودك، فالآن تقيّم أي شيء في الدنيا تقييماً في ضوء الهدف، فإن كان في خدمته أخذت به، وإن تناقض مع الهدف ركلته بقدمك، فلديك سياسة واضحة تسير عليها، وهناك منظومة قيَم، فكل شيء يقيَّم تقييماً في ضوء الآخرة، وكل شيء قرَّبك إلى الله أخذت به، وكل شيء أبعدك عن الله أعرضت عنه
المؤمن هدفه رضوان الله والجنة



امانى يسرى محمد متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-2025, 05:21 AM   #35
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 38

امانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of light

افتراضي

      

إن صحَّت عقيدتنا صحّ سلوكنا

(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)سورة البقرة
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ﴾

نحن إن صحَّت عقيدتنا صحّ سلوكنا، وصرنا نتحرك على منظومة قيَم، فهذا معنى بيع النفس، أي باع وقته لله، لا يوجد عنده كلمة أنا مشغول، لا يوجد لدي وقت، تجد الشخص يسترخي ساعات طويلة، يجلس جلسة فيها كلام فارغ، وقد يلتقي لقاء فيه معاص كثيرة، قد يغتاب المسلمين، أما إذا دُعي إلى حضور درس علم يقول: والله إنّني مشغول فاعذرني، درس علم ساعة لا يقبل، أما أربع أو خمس ساعات في مجلس غيبة، ونميمة، واختلاط يقبله، لأن هدفه واضح، فهدفه الدنيا والمُتعة، أما درس علم لا يوجد فيه شيء، فهو ناشف بالنسبة له، بل يريد جلسةأخرى فيها شيء من المتعة الرخيصة.
نحن نريد أن نؤكِّد في هذه الآية أنك إذا عرفت سر وجودك وغاية وجودك قيَّمت كل ما حولك، وكل من حولك؛ قيمت الأموال، والأصدقاء، والبيوت، قد ترفض بيتاً لا يناسب مكانتك الدينية، قد ترفض عملاً لا يناسب اتجاهك الديني، أو امرأةً تتزوجها إلا أن تكون طائعةً لله عزَّ وجل، فأنت عندما تؤمن بالله، وتعمل للآخرة، صار عندك منهج واضح، وخطة واضحة، وهذا معنى قوله تعالى:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ﴾هناك أعمال جيّدة ولكنها ليست ابتغاء مرضاة الله، فأهم شيء في العمل أن يكون وفق سنة رسول الله، وأن يكون خالصاً لله.

لخَّص هذا الإمام الفُضَيْل بن عياض فقال: " العمل لا يُقْبَل إلا إذا كان خالصاً وصواباً ". خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة، وأن أعمل صالحاً ترضاه".
إذاً من أجل ماذا يتعلم الإنسان الفقه؟
من أجل أن يعبد الله بما تعلَّم، بالكون تعرفه، وبالشرع تعبده، فأنت تتعلم الفقه كي تقف عند حدود الله، وألا تتعدَّى عليها.

طبعاً هذه ( مِن) للتبعيض، ما كل الناس كذلك، لكن بعضهم، هؤلاء السابقون السابقون،
هؤلاء المتفوقون، هؤلاء الذين باعوا أنفسهم في سبيل الله..
﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾[ سورة الأنعام: 162]


كل أعمال المؤمن خالصة لوجه الله :

كل أعمال المؤمن خالصة لوجه الله، حتى أعماله الدنيوية المَحْضَة هي عند الله عبادات، لأنه نوى بها التقوي على طاعة الله، والتقرب بها إلى الله عزَّ وجل،أما المنافقون فحتى عباداتهم هي عاداتٌ لا ترقى بهم عند الله عزَّ وجل.

﴿ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾
يعطيك عطاءً مذهلاً،
أي إذا كنت كريماً هو أكرم:(( ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه ))[ الجامع الصغير عن ابن عمر ]


﴿ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾
الرؤوف هو الذي يخفف عن عباده فلا يكلفهم ما يشق عليهم،
ولا يخرجهم عن وسعهم وطاقتهم يعطيك عطاءً مذهلاً،

الرؤوف في اللغة:
الرؤوف صيغة مبالغة من اسم الفاعل رائف، وهو الموصوف بالرأفة فعله رأف، يرأف، رأفة، فهو رؤوف، والرأفة في حق الإنسان أن يمتلئ قلبه بالرقة وهي أشد من الرحمة، رحمة، فرأفة، وقيل بل شدة الرحمة ومنتهاها، قال تعالى:

﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ (2) ﴾
(سورة النور)
الرأفة رقة القلب، مشاعر العطف والرحمة، ويمكن أن نقول: إن الرحمة تسبق الرأفة، والرأفة منزلة تأتي بعدها، فلان رحيم، فإذا اشتدت رحمته فهو رؤوف، أو الرأفة آخر ما يكون من الرحمة يعني في أعلى درجات الرحمة الرأفة، لذلك قدمت الرأفة على الرحمة تقديم أهمية، وذلك في هذه الآية:
﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) ﴾
( سورة التوبة)
لذلك قالوا أرحم الخلق بالخلق رسول الله.





امانى يسرى محمد متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-2025, 05:21 AM   #36
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 38

امانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of light

افتراضي

      

ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً

({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}
(208)سورة البقرة
خاطب الله الذين آمنوا به، آمنوا بكماله ووحدانيته، وآمنوا بأسمائه الحسنى وصفاته الفضلى، وبعلمه، وحكمته، وقدرته، ورحمته " ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً"، فالأصل أن تؤمن بالله، فإن أمنت به الآن اتبع أمره، ما هو أمره؟ ادخلوا في السلم "، السلم هو الإسلام، لمَ سمي هنا السلم؟
لأنك إن أطعت الله عز وجل كنت في سلام مع الله، لا تنتظر من الله إلا كل إكرام، فيجعل الله لك نعم الدنيا متصلة بنعم الآخرة، وإذا كنت مطيعاً لله فأنت معه في سلام، لأن المعاصي والآثام هي سبب كل المصائب والآلام، فإذا كنت مع الله في سلام، فأنت في حصنٍ حصين، وأنت في سلام، إن أطعته فأنت في سلام، وإن أطعت الله عز وجل كنت في سلام مع نفسك، أي أنت في سلام مع نفسك، لأن النفس جبلت على طاعة الله والقرب منه، إن أطعت الله عز وجل ارتاحت نفسك وأراحتك، وإن عصيت الله أتعبتها وأتعبتك، أكثر الأمراض النفسية والعقد هي بسبب خروج الإنسان عن فطرته، إذاً أراد الله من الإسلام أن يكون سلماً، لأنك إن أسلمت حقيقة أنت في سلام مع الله، وفي سلام مع نفسك، ومع من حولك، فالمطيع يحبه كل من حوله، لأنه وقاف عند حقوقه، لا يأخذ ما ليس له، ووقاف عند حقوق الآخرين، فالإنسان المسلم يحبه كل من حوله ويتمنى القرب منه، ويثني عليه كل من حوله ويحاول أن يخدمه، لأنه أخذ ما له وترك ما ليس له، هذا هو الحد الأدنى: العدل والإحسان، المؤمن محسن، والإحسان يجلب القلب، "يا داود ذكر عبادي بإحساني إليهم، فإن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها"، فالنقطة الدقيقة هي أن الإنسان حينما يستقيم على أمر الله يعيش حالة السلم أي حالة السلام مع كل المخلوقات.


ينبغي أن تكون كلك ضمن الإسلام :

﴿ ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾
هناك نقطة في كلمة
﴿ في ﴾
تعني الظرفية، نقول: الماء في الكوب، أي أنّ الماء كله في الكوب، والكوب ظرف، استوعب المظروف، إذا قال الله عز وجل:
﴿ ادْخُلُوا فِي﴾
أي يجب أن تدخل كلك في الإسلام، ليس أن تؤدي عبادات شعائرية بالمسجد، بل أن تدخل أنت وتجارتك، وزواجك، وتطليق زوجتك، وأفراحك، وأتراحك، وسفرك، وإقامتك، أنت ككيان بكل حركاتك، وسكناتك، ونشاطاتك، وجوانب شخصيتك ضمن الإسلام، لا يوجد لك نزاعات نافرة، ولا أشياء خارجة عن الإسلام، ولا أفكار غير صحيحة وشاذة، ليس لك سـلوك شـاذ، ولا تصـرفات شاذة:
إذا أنت دخلت في الإسلام يعني طبقت فيه العبادات الشعائرية، والعبادات التعاملية، وطبقت عملك وفق الإسلام، وتجارتك

أما إنسان ربعه ضمن الإسلام، وثلاثة أرباعه خارج الإسلام، وسفره غير إسلامي، وبيته، وعمله، ودخله، وإنفاقه، واستثماره للمال غير إسلامي، يقول لك: والله يا أخي هذا الفندق يعطي أرباحاً طائلة، فندق خمسة نجوم، كله معاص وآثام، طبعاً هناك أرباح طائلة، أنت جزء من مالك مستثمر بطريق غير مشروع مثلاً، فأنت لست بكلك في الإسلام، ما أدخلت الإسلام كلك، ثمة قسم لم يدخل في الإسلام، فجزء من دخلك غير إسلامي، جزء من لهوك غير إسلامي، جزء من علاقاتك الاجتماعية غير إسلامي، أي أنت ما دخلت كلك في الإسلام، بل بقي بعضك خارج الإسلام، أما الآية:
﴿ ادخلوا في السلم ﴾
كلك ضمن الإسلام، بتفكيرك، وبعقيدتك، وبلهوك، ومرحك، بجدك، وحزنك، وفرحك، وتجارتك، وإقامتك، وسفرك، وعلاقاتك، وعطاءك، ومنعك، وصلتك، وقطيعتك، وغضبك، ورضاك، كلك للإسـلام، تطبق منهج الله عز وجل


معنيان لكلمة كَافَّةً
( ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً)

كلمة (كافة) لها معنيان :
أما النقطة الدقيقة جداً هنا كلمة
﴿ كافة ﴾
ولتوضيح المعنى أورد هذا المثل: لو كان عندك هاتف، ولك خمسون صديقاً لا يملك أيٌّ منهم هاتفاً، فما قيمة هاتفك؟ لم يعد له قيمة إطلاقاً، أما قيمة هاتفك إذا كان عند كل أصدقائك هواتف، أنت صادق، والكل يكذبون، هم انتفعوا بصدقك، وأنت لحقك ضرر بكذبهم، هذا يحدث دائماً، المؤمن صادق، وسبيله الصدق، وعنده حسن ظن، كل من حولك يكذب عليك، أما هو فيصدق معهم جميعاً، الثمرة المرجوة لم تتحقق، لأنهم ما دخلوا في السلم كافة، بل دخل واحد واثنان، والبقية كذابون، أنت لا تغش، أنت مخلص، والبقية يغشون، فأنت ضاعت ميزتك مع فيضان الغش في المجتمع، ما ظهر الدين، الآن مشكلة الدين أنه ما ظهر، والأكثرية يكذبون ويغشون ويحتالون وينافقون، فالصادق المخلص الجريء الواضح لا يظهر، أما لو طبق الكل الإسلام، تجد له روعة ما بعدها روعة، الكل صادقون، والكل أمناء.
قدم أحد الأخوة إلى بيتي ليدهن البيت، تركت البيت كما هو، وذهب الأهل إلى بيت أهلهم، استغرب الجيران، ذلك لأنّهم ما عرفوا أنّ المؤمن مؤتمن على الروح، الإنسان المؤمن ترتاح معه، لا تخشى منه أنه يغدر بك، أو يسرق منك، أو يغشك، التعامل مع المؤمن مريح جداً.

1 ـ تعود (كافة) على المؤمنين :
النقطة الدقيقة أنه إذا توسع الإسلام وانتشر فإنّ ثماره تظهر الآن على مستوى مسجد، كل الأخوة صادقون، لا يكذبون، ولا يغشون، أعفة مثلاً، تجد أنّ لقاءاتهم ممتعة، فهناك سعادة وثقة مريحة جداً، حتى في التعامل التجاري الأمر مريح، لا يوجد كذب، ولا احتيال، ولا غش، ولا غدر، ولا قنص، أما الآن فالناس كل واحد لغم لا تدري متى ينفجر فيحطم من حولـه، أما المؤمن فهو مسالم، يعيش ثلاثين سنة لا يشكو منه أحد، وليس له قضية في مخفر إطلاقاً، يعرف حدوده، وقاف عند كتاب الله، يعلم ما له، وما عليه.
هذه أول نقطة
﴿ ادخلوا في السلم كافة ﴾
تعود كافة على المؤمنين.

2 ـ تعود (كافة) على الإسلام :
هناك معنى ثان
﴿ ادخلوا في السلم كافة ﴾
تعود على الإسلام، أي خذوه بأكمله، لا تأخذوا بعضه، إذا أخذتم بعضه وتركتم بعضه الآخر لم تقطفوا ثماره، فالإسلام منهج كامل، فيه عبادات شعائرية، صوم وصلاة وحج وزكاة، وفيه عبادات تعاملية، وآداب، وعقائد، فأنت يجب أن تدخل في الإسلام كله، بعقائده، فلا يوجد عندك بالعقائد خلل، تصورات غير صحيحة، أفكار غير صحيحة عن الآخرة، تتهم الله في عدله وأنت لا تشعر، تتهم النبي في كماله وأنت لا تشعر، أما إذا دخلت في الإسلام عقيدة، وعبادة، وتعاملاً، وأخلاقاً، وتفوقاً، أي دخلت في الإسلام كله
﴿ ادخلوا في السلم كافة ﴾
يعني جميعاً ادخلوا وطبقوا أحكامه جميعاً.
امانى يسرى محمد متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد
   
الكلمات الدلالية (Tags)
-د.محمد, البقرة, النابلسى, تفسير, راتب, صورة
 

   
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
د.محمد راتب النابلسي - تفسير سورة الفاتحة امانى يسرى محمد قسم تفسير القرآن الكريم 6 09-20-2025 06:53 PM
برنامج قصص الصحابة للدكتور محمد راتب النابلسي عادل محمد ملتقى الكتب الإسلامية 1 06-04-2020 10:37 PM
د : محمد راتب النابلسي: (إحدى عشر حقيقة لابد أن تعرفها) الزرنخي ملتقى الحوار الإسلامي العام 2 07-01-2017 05:25 PM
اسطونة تفسير الدكتور محمد راتب النابلسى كامل تقلب صفحاته بنفسك الشيخ ابوسامح قسم الاسطوانات التجميعية 2 08-11-2016 07:04 PM
اسطوانة تفسير الدكتور محمد راتب النابلسي للقرآن الكريم عادل محمد قسم الاسطوانات التجميعية 1 08-11-2016 06:57 PM


   
 

vBulletin® v3.8.7, Copyright ©, TranZ by Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009