استخدم محرك جوجل للبحث في الملتقى

 

الرئيسية التسجيل البحث الرسائل طلب كود التفعيل تفعيل العضوية استعادة كلمة المرور
facebook facebook twetter twetter twetter twetter

المناسبات


   
العودة   ملتقى أحبة القرآن > ۩ ملتقى العلـــم الشرعـــي ۩ > ملتقى القرآن الكريم وعلومه > قسم تفسير القرآن الكريم
قسم تفسير القرآن الكريم يهتم بكل ما يخص تفسير القرآن الكريم من محاضرات وكتب وغيرذلك
 

   
الملاحظات
 

إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 09-10-2025, 08:25 PM   #37
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 38

امانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of light

افتراضي

      

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾[ سورة البقرة: 208]
(وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴾



حينما يطيع الإنسان الشيطان لا يرضى إلا أن يضعه في الحضيض :
قال العلماء: الشيطان ذكي جدّاً فلا يأمرك بالكفر، ولكنه يأمرك بمخالفة بسيطة، فإن أطعته فيها أمرك بأكبر منها من وقت إلى آخر، حتى تجد نفسك أخيراً في الكبائر، ذكر لي أحدهم في سفرتي الأخيرة أن شاباً مسلماً يساكن فتاة دون عقد زواج مدني ولا ديني، أبداً، سئل ما تفعل؟ قال: إنّ الإسلام لم يحلّ لي مشكلتي هنا، وأنا بحاجة، إذاً تزوجها!! أجاب: هي لا تصلح لي زوجة، لقد نامت مع عشرات الرجال قبلي، وصل به الشيطان إلى أن يرتكب الزنى كل ليلة، دون أن يحسب حسباناً للحرام، فحينما يطيع الإنسان الشيطان لا يرضى إلا أن يضعه في الحضيض، فالشهوات كأنها صخرة مستقرة على رأس جبل، إن زحزحتها من مكانها لن تستقر إلى في قعر الوادي


الزناة بدؤوا بنظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء، والذين شربوا الخمر بدؤوا بشربه بالمناسبات، ثم أصبحوا مدمنين على الخمر، فقضية الإنسان قضية ديناميكية بالتعبير الحديث، أي أنّ كل طاعة تنقلك إلى طاعة أكبر، وكل معصية تنقلك إلى معصية أكبر، فالشيطان لو فرضنا بدأ بأكبر شيء، فدعا الإنسان إلى الكفر فوجد إيمانه قوياً، ثم دعاه إلى الشرك فوجده موحِّداً، ثم دعاه إلى البدع فوجده مطبقاً للسنة، فدعاه إلى الكبائر فوجده ورعاً، فإلى الصغائر فوجده متمسكاً، فدعاه إلى المباحات حتى يغرق فيها، فوجده زاهداً، فإلى التحريش بين المؤمنين، فهناك نقطة مهمة جداً، هناك معاصٍ لها وهج، ولها جذب، فمثل هذه المعاصي لستَ مكلَّفاً بالامتناع عنها فحسب، بل أن تمتنع عن أسبابها أيضاً، وهذا معنى قوله تعالى﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ﴾[ سورة البقرة: 187 ]


اجعل بينك وبين الحد هامش أمان، غض البصر هامش الأمان فيه عدمُ صحبة الأراذل، وعدمُ الاختلاط، والانغماسُ في متع رخيصة، أما إذا تجاوزت هذا الحد فقد وقعت في المعصية، كمثلِ نهر عميق له شاطئ مائل زلق، وله شاطئ مستوٍ جاف، أنت إن وقفت على الشاطئ المائل الزلق وقعت في النهر، وإن وقفت على الشاطئ المستوي الجاف فأنت في أمنٍ وبحبوحة.


(فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )(209) سورة البقرة

معنى كلمة (عزيز)

بعد البينات وبعد التوضيح وبعد البيان لا يوجد عذر، فالجاهل معذور، أما الذي طلب العلم، وعرف الحلال والحرام، فكيف يعذر عند الله عز وجل؟
ومع ذلك فالإنسان حينما يخطئ من له غير الله، وحينما تزل قدمه من له غير الله، أي يجب ألاَّ تفكر إلا في التوبة، ومهما تكن الشروط والظروف فإنّ الله عز وجل عزيز حكيم، عزيز لا ينال جانبه، وليس من السهل أن تصل إليه، وقال العلماء: عزيز أي تشتد الحاجة إليه، ويندر مثله، ومن الصعب أن تصل إليه، فالله عزيز، عزيز أي ليس مثله شيء، إذا قلنا: شيء عزيز أي قليل، بضاعة نادرة، وإذا قلنا: هذه البضاعة عزيزة أي هي نادرة، وقليلة جداً، قد تبحث عنها طويلاً حتى تجدها، فإذا قلنا: الله عزيز أي ليس كمثله شيء، وتشتد الحاجة إليه، إذْ يحتاجه كل شيء في كل شيء
الشيء الثالث: ليس من السهل الوصول إليه، فالله عز وجل عزيز، وسلعته غالية، حتى يقبل عليك، وحتى يتجلى عليك، وحتى يملأ قلبك نوراً وإيماناً، وحتى يدافع عنك، وحتى يؤيدك بنصره، فأنت تحتاج إلى طاعته، وإلى أن تجاهد نفسك وهواك في سبيله، كلمة دكتوراه عزيزة، ويمكن لأيِّ إنسان مثلاً أنْ يشرب كأساً من الشراب في الطريق ثمنه خمس ليرات، أو عشر ليرات، أو خمسون ليرة، فهو مبذول لكل الناس، أما شهادة الدكتوراه فهي ليست مبذولة لكل الناس، تحتاج إلى ابتدائي، وإعدادي، وثانوي، وفرع بالجامعة، وتقدير جيد جداً، ودبلوم عامة، ودبلوم خاصة، وماجستير، ودكتوراه، وتأليف كتاب، وأخيراً مناقشة الأطروحة، يقول لك: أربعون سنة حتى نلت هذه الشهادة، هي شيء عزيز
﴿ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾
عزيز ليس كمثله شيء، واحد، إذا كان الشيء عزيزاً أي قليلاً، لكنه متعدد، أما الله فعزيز واحد، تشتد الحاجة إليه، يحتاجه كل شيء في كل شيء، يصعب الوصول إليه إلا بالصدق.

من عاهد الله عز وجل يجب أن يكون عند حدود هذا العهد :
قال تعالى
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾[ سورة العنكبوت: 69 ]
عندما تزل قدمك وتقول: غداً أتوب، وتزل، وتتوب بهذه البساطة!!! لا، الله عز وجل عزيز، أول توبة سهلة جداً، لمجرد أن تقول: يا رب، تبت إليك، يقول لك: عبدي، وأنا قد قبلت، ويزيح عنك هموماً كالجبال، أما كلما تبت إليه نقضت التوبة!! فالله عز وجل عزيز، فقد تجد الطريق مغلقاً، والباب مسدوداً، والإقبال عسيراً،

﴿ فاعلموا أن الله عزيز حكيم ﴾
يعني إن زللتم قبل أن تأتيكم البينات فالقضية سهلة جداً، وأما إن زللتم بعد أن جاءتكم البينات، فتوبة الذي يعلم أصعب من الذي لا يعلم، قال العلماء: لو أن الإنسان دخل في الدين في رمضان، ولم يعلم أن مقاربة الزوجة تنقض الصيام، فلا شيء عليه، ما دام هناك جهل فالقضية سهلة جداً، ولكن ترتكب المعصية بعد العلم، عندئذٍ صار الطريق إلى الله صعباً فالتوبة مع الجهل سهلة جداً، أما العائد إلى ذنبه كالمستهزئ بربه باستمرار، عندئذٍ فالله عزيز، وقد لا تجد إليه الطريق سالكاً، قد تجد عقبات وعقبات، هذا معنى الاية:
﴿ فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾

وإذا تعامل الإنسان مع الله ينبغي له أن يعامله بإخلاص، وبصدق، وافتقار، ووفاء، قال تعالى
﴿ وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ﴾[ سورة الأعراف: 102]
أنت حينما تعاهد الله عز وجل فالشيء الرائع أن تكون عند حدود هذا العهد، أما حينما تعاهد وتنقض، وتعاهد وتنقض،
﴿ فاعلموا أن الله عزيز حكيم ﴾
ربما لا يسمح لك أن تقبل عليه، وقد يصرفك عن أهل الحق.
التوبة الثانية تحتاج لعمل صالح حتى يقبلها الله :
مثلاً: إنسان يحضر ويغيب، ويحضر ويغيب، ويؤثر أتفه سبب على درس العلم، إذا زاره إنسان ترك الدرس، وإذا كان جالساً مع زوجته ترك الدرس، يأتيه وقت ما لا يحضر الدرس، ويكون الله قد طرده،
﴿ فاعلموا أن الله عزيز حكيم ﴾
أتاك ضيف فاحضر وإياه، ما معنى قوله تعالى
﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً ﴾[ سورة السجدة: 16 ]

لا يركن للدنيا، وقاف عند كلام الله، مطبق للسنة، يلتزم دروس العلم، ويضبط شهوته، ويعرف أنه بعد المعرفة لو زلَّت قدمه لكانت المشكلة كبيرة، فعد للمليون قبل أن تقترف معصية وأنت تعلم، إن كنت لا تعلم فالقضية سهلة جداً، أما حينما تعلم فقد وقعت في مشكلة كبيرة، ومع ذلك لو زلت القدم ـ مع العلم أنْ ليس لنا غير الله عز وجل ـ فإني أقترح على الإنسان إذا كان يعلم وزلَّت قدمه أنه يحتاج إلى عمل صالح ليمحو السيئة، لقول الله عز وجل﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾[ سورة هود: 114]

إذاً إذا تاب الإنسان ثم عاد إلى ذنبه فإنّ التوبة الثانية أصبحت صعبة، فيحتاج أن يدعمها بعمل صالح، بإنفاق المال، وبصيام طويل، حتى تُرَمَّم نفسه، والإنسان حكيم نفسه، أجمل حالة يعيشها المؤمن أن يكون مع الله، وأن تكون العلاقة بالله عامرة.

و من معاني اسم العزيز:

1 ـ العزيز هو الغالب:
معاني هذا الاسم "العزيز" هو الغالب.
﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾( سورة الصافات )
لمجرد أن تتحقق جنديتك لله عز وجل فأنت الغالب، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تكون جندياً لله ولا تنتصر.
﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾( سورة محمد الآية: 7 )
﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾
، إن لم ننتصر فالخطأ منا ، الكرة في ملعبنا، هناك خلل في جنديتنا لله عز وجل،
﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾
الله عز وجل يقول في آيات كثيرة من هذه الآيات:
﴿ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ﴾( سورة ص )
أي غلبني، "العزيز" هو الغالب، فالبطولة أن تكون مع الغالب دائماً، والخطأ المدمر أن تنحاز إلى المغلوب، إذا كنت مع الغالب فأنت الغالب، إذا كنت مع الله فأنت المنتصر، إذا كان الله معك فمن عليك، وإذا كان عليك فمن معك.
سبحانك إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت.

2 ـ العزيز هو الشريف:
المعنى الآخر: "العزيز" هو الشريف، بكل مجتمع في فئة من الناس تسمى في اللغة علية القوم، عزيز، صادق، كريم، أصيل، جواد، صبور، حليم، هؤلاء النخبة من الناس هم أعزة القوم.
لذلك ماذا قالت بلقيس ؟:
﴿ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ﴾( سورة النمل الآية: 83 )
كلام من ؟
كلام بلقيس،
ماذا قال الله عز وجل:﴿ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾( سورة النمل الآية: 83 )
إذا إنسان لم يعرف ربه لكن تكلم كلمة صحيحة، يجب أن تكون خطأ ؟
لا ، بلقيس قبل أن تعرف الله قالت:
﴿ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ﴾
خالق السماوات والأرض قال:﴿ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾
يعني الانفتاح يقتضي أن تصغي إلى كل قوم، الإمام الشافعي يقول: أنا على حق، وخصمي على باطل، وقد أكون مخطئاً، وخصمي على حق، وقد يكون مصيباً، تواضع حينما تحاور.
"العزيز" هو الجليل والشريف.

3 ـ العزيز هو القوي:
شيء آخر: "العزيز" هو القوي.
﴿ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ﴾( سورة يس الآية: 14 )
أي قويناهم بثالث، إذا قلت فلان عزيز يعني قوي، والناس يحبون الأقوياء وطبع في الإنسان أن يحب القوي، لكن من هو أقوى الأقوياء ؟ خالق السماوات والأرض، من هو القوي إلى أبد الآبدين ؟ خالق السماوات والأرض، إن أردت أن تكون قوياً كن مع القوي لا تكن مع الضعيف، إن أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله، وإن أردت أن تكون أكرم الناس فاتقِ الله، وإن أردت أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك.

الله "العزيز" واحد أحد، فرد صمد: الآن لو دخلنا في التفاصيل، الشيء العزيز نادر الوجود، هناك معادن عزيزة مثلاً اليورانيوم، معدن نادر، غالٍ جداً، كل شيء نادر وجوده قليل يسمى عزيزاً ، العوام أحياناً يقول لك: مادة عزيزة، قليلة، لكن إذا قلنا الله عزيز لا مثيل له، لا ندّ له، لا نظير له، واحد أحد فرد صمد:
﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾( سورة الإخلاص )
إذا قلت شيء عزيز أي قليل، وجوده نادر، أما إذا قلت الله عزيز يعني واحد أحد، فرد صمد
﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾
﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾
( سورة الإخلاص )
﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾
( سورة الشورى الآية: 11 )
وكل ما خطر في بالك فالله بخلاف ذلك.

4 ـ العزيز من يحتاجه كل شيء في كل شيء:

الآن الشيء العزيز تشتد الحاجة إليه إذا قلنا الله عزيز أي يحتاجه كل شيء في كل شيء، الناس بحاجة إلى ملك يوفر لهم الأمن، والحاجات، والنظام،...إلخ،
كل إنسان بحاجة إلى الله عز وجل
أنت بحاجة إلى الله، بهذا الهواء الذي تتنفسه، القلب ينبض لو توقف انتهت الحياة، كل الأموال المنقولة والغير المنقولة تخسرها بثانية واحدة، يعني الإنسان قوته، وهيمنته، و عظمته، ومكانته، وسيطرته، وحجمه المالي الكبير، وحجمه الإداري الكبير، منوط بضربات قلبه، فإذا توقف قلبه انتهى كل شيء، صار خبراً على الجدران.



>>>>


سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ۗ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (211)سورة البقرة

معنى تبديل النعمة :
الآيات من رحمة الله بنا، هناك آيات كونية، وآيات قرآنية وتكوينية، وهذه الآيات سبب معرفة الله عز وجل، ومعرفته سبب السعادة في الدنيا والآخرة، فإذا لم يعبأ الإنسان بهذه الآيات، ولم يفكر فيها، ولم يأخذ بها، فقد شقي في الدنيا والآخرة
﴿ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ
لقد كانت نعمة كي يعرف الله بها فيطيعه، فيسعد في الدنيا والآخرة، ولكنه لم يعبأ بها، بل جعلها معطلة فشقي في الدنيا والآخرة، والآن أي نعمة، أعطاك الله نعمة البصر، فإن لم تستخدم هذه النعمة فيما أراد الله عز وجل فقد كفرتها، وأعطاك نعمة العقل، فإن لم تعمل العقل فيما أراد الله عز وجل فقد كفرت بنعمة العقل، ونعمة السمع فإن لم تصغِ إلى الحق فقد كفرت بهذه النعمة، ونعمة الصحة فإن لم تستغلها في طاعة الله فقد كفرت بهذه النعمة، ونعمة الفراغ فإن لم تملأ الفراغ بما يرضي الله عز وجل فقد كفرت بهذه النعمة، ونعمة الأمن فإن لم تستخدم هذه النعمة في طاعة الله عز وجل فقد كفرت بهذه النعمة، وهذا معنى تبديل النعمة، أي أن تستخدمها لغير ما أراد الله عز وجل، وأعطاك طلاقة اللسان فهذه النعمة إن لم تستخدمها في ذكر الله فقد كفرت هذه النعمة

أيمكن لإنسان أنْ يشتري جهازاً معقداً جداً، كمبيوتر مثلاً ثمنه ثلاثون مليوناً، ثم يستخدمه منضدة؟ يكون حينئذ قد كفر به، فمثل هذا الجهاز لا يستخدم كمنضدة ثمنها ألفا ليرة أمام خمسة وثلاثين مليون ليرة!! أنت كفرت بهذه النعمة، أيستخدم إنسان أداة منزلية للتنظيف مصنوعة من الذهب الخالص؟ كفرت بنعمة الذهب الخالص، وكل نعمة من نعم الله عز وجل إن لم تستخدمها وفق ما أراد الله فقد كفرت بها، بل كفرت بالمنعم الذي أنعم الله عليك بهذه النعمة، والله عز وجل هدانا بالكون فلم نعبأ به، هدانا بالقرآن فلم نعبأ ولم نتدبر آياته، هدانا بأفعاله فلم نعتبر بها، بل أردناها أرضيةً، وهذا من الكفر بالنعمة
مثلاً النبي الكريم قال: "أصبح مؤمن بي وكافر"،عن زيد بن خالدٍ الجهني قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر السماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: ((هل تدرون ماذا قال ربكم؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((قال: أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ، فأما مَن قال: مُطِرْنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنَوْء كذا وكذا، فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب)).فهذا الذي يعزو هذه الأمطار التي أكرمنا الله بها إلى أشياء أرضية لا صلة لها بالخالق فقد كفر، وهذا معنى تبديل النعمة، أعطاك نعماً يجب أن تتحرك من خلالها وفق منهج الله عز وجل، ويجب أن تشكر الله عليها، إن استخدمت العقل لدحض الحق فقد كفرت بالله، وكفرت بنعمة العقل، وأعطاك طلاقة لسان، فإن استخدمت هذه الطلاقة لترويج الباطل والرد على أهل الحق فقد كفرت بهذه النعمة، وأعطاك فكراً دقيقاً، فإن استخدمته بالإيقاع بين الناس، وفي جمع الدرهم والدينار في طريق غير مشروع فقد كفرت بهذه النعمة، وأعطاك نعمة البصر، فإن تأملت بها عورات المسلمين كفرت بهذه النعمة، وأعطاك نعمة السمع، فإن لم تستمع إلى الحق واستمعت إلى الباطل فقد كفرت بهذه النعمة، وهذا معنى تبديل النعمة:
﴿ سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ﴾
وقد أعطاك نعمة الآيات الكونية الدالة على عظمته، ونعمة الآيات القرآنية الدالة على كلامه، ونعمة النظر في أفعاله، فلم تفعل ذلك، بل بدلت هذه النعم إلى نقم فإن الله شديد العقاب. ثم يقول الله عز وجل:﴿ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾الدنيا تملأ أعينهم وهي منتهى آمالهم، ومحط رحالهم، وهي كل شيء في حياتهم
﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾[ سورة الروم: 7 ]
لذلك فالكفار زينت لهم الحياة الدنيا.
امانى يسرى محمد متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة امانى يسرى محمد ; 09-10-2025 الساعة 08:27 PM.

رد مع اقتباس
قديم 09-11-2025, 07:48 PM   #38
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 38

امانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of light

افتراضي

      

خصائص النفس متوافقة مع التكليف

﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾سورة البقرة 213

الواقع أن هناك اختلافات بين البشر لا تعد ولا تحصى، والناس اليوم مذاهب، واتجاهات وشيع، وملل، ونحل، وأعراق، وأقوام، وقبائل، وعشائر،
فما سبب هذا الاختلاف بين الناس؟ ومتى يكون الاختلاف طبيعياً؟ ومتى يكون عدوانياً؟ ومتى يكون محموداً؟
الإجابة عن هذه الأسئلة في هذه الآية، وتمهيداً لهذه الآية لا بد من التنويه بأن الله جل جلاله جبل الناس جبلةً واحدة، وهذه الجبلة تعني أن طبعهم وهو أقرب إلى الجسد متناقض مع التكليف، وكلمة تكليف تعني أنه ذو كلفة، أيْ يحتاج إلى جهد، طبعاً الدراسة أصعب من عدم الدراسة، وأن تؤسس عملاً أصعب بكثير من أن تبقى بلا عمل، وكلمة تكليف تعني شيئاً يحتاج إلى جهد، ولحكمة بالغة بالغةٍ أرادها الله عز وجل كان التكليف متناقضاً مع الطبع، والطبع أقرب إلى الجسم، والتكليف متوافق مع الفطرة، والفطرة أقرب إلى النفس، فلك جسم، ولك نفس، ومعك تكليف، وهذا التكليف يتناقض مع خصائص الجسم.

مثلا التكليف يأمرك أن تصلي الفجر في وقته، والإنسان في الشتاء غارق في نوم عميق، وعلى فراش وثير، وتحت لحاف دافئ، فهذا التكليف أن تصلي الفجر في وقته يتناقض مع حاجة الجسم إلى الاستمرار في النوم، والتكليف يأمرك أن تغض البصر عن امرأة حسناء، والطبع يقتضي أن تملأ عينيك من محاسنها، والتكليف يأمرك أن تنفق المال، وقد حبب المال إليك، والطبع يقتضي أن تأخذ المال لا أن تنفقه، بل أن تجمعه، والتكليف يأمرك أن تكف عن الخوض في قصص الآخرين، وفي فضائحهم، وفي سقطاتهم، أما الطبع فيقتضي أن تستمع، وأن تتابع قصص الآخرين، وأن تكشف أسرار ما في البيوت، فالتكليف إذاً يتناقض مع الطبع، ولأنه يتناقض مع الطبع كان ثمنه الجنة.

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾[سورة النازعات: 41]

لكن التكليف يتوافق مع الفطرة، فأنت حينما تصلي الفجر في وقته ثم تنام، وتستيقظ مرتاحاً إلى أقصى حدود الراحة، لأنك كنت عبداً طائعاً لله عز وجل، تنام بعد صلاة الفجر نوماً هنيئاً، وحينما تغض بصرك عن محارم الله وقد منعت نفسك من أن تملأ عينيك من محاسن امرأة لا تحل لك، وتشعر أن الله يحبك، وأنك في ظل الله، وحينما تنفق المال الذي أنت في أمس الحاجة إليه تشعر أنك آثرت رضاء الله على حظوظ نفسك فترقى، وحينما تضبط لسانك، وتسكت، مع أنك تتمنى أن تتكلم، وتشعر أن الله يحبك، فشتان بين أن تأخذ لذةً عابرةً منقطعةً تعقبها كآبة، وبين أن تسعد بقرب الله عز وجل، لأنك كنت عبداً مطيعاً، إذاً معنا تكليف، ولنا جسم، وفي ثنايا هذا الجسم نفس، والنفس متوافقة مع التكليف، والدليل:
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾[سورة الروم: 30 ]

طبيعة النفس متوافقة تماماً مع خصائص ديننا :

كل خصائص النفس متوافقة مع التكليف حينما تصدق، وحينما تكون أميناً، وتعتز بالله، وتوحده، وتنصف وتقف موقفاً عادلاً، وترحم الآخرين، وتكون أباً كاملاً تشعر بسعادة لا توصف، لأن طبيعة النفس متوافقة تماماً مع خصائص هذا الدين، والذي أنزل هذا الكتاب هو الذي جبل هذه النفس، ولذلك يضيع الإنسان، ويشقى، ويتمزق، وتنشأ عنده صراعات إلى أن يصل إلى الله، فإذا وصل إليه كان أسعد الناس، وإذا وصل إليه سكنت نفسه، واطمأن قلبه، وصحت رؤيته، وسدد الله كلامه، ووفقه في الدنيا وفي الآخرة.
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾[سورة السجد: 18]
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾[سورة القلم: 36]
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾[سورة القصص: 61]
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ ﴾[سورة الجاثية: 21]




الاختلاف بين البشر

﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾سورة البقرة 213

أنواع الاختلاف :

لماذا يجتمع المسلمون؟
لأن إلههم واحد، وكتابهم واحد، ونبيهم واحد، ولأن التشريع الذي ينصاعون له ليس من عند أنفسهم بل من عند خالقهم، وهذا أحد أسباب وحدتهم، وحينما يدعون هذا التشريع فتركهم له أحد أسباب فرقتهم.
أحد الأصدقاء كلما ذهب إلى بلد غربي يسمعهم يطعنون في واقع المسلمين، وتخلفهم، وفقرهم، وخصوماتهم، وحروبهم الداخلية، قال لي: ضقت ذرعاً أينما أذهب، هؤلاء لا يرون الإسلام من خلال الكتاب والسنة، بل من خلال واقع المسلمين، فقال لي: لقد صار عندي قناعة أن أقول لهم انظروا إلى واقعنا المتخلف، انظروا إلى فقرنا، وإلى الخصومات فيما بيننا، هذا كله بسبب تركنا لمنهج ربنا، فصار حجة معاكسة، والدليل على أن منهجنا صحيح أننا حين تركناه انظروا ماذا حل بنا؟!


1 ـ خلاف نقص المعلومات وهو طبيعي لا يُمدح ولا يذم :
الخلاف الأول خلاف اختلاف نقص المعلومات وهو طبيعي، في آية أخرى:
﴿ وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ﴾[سورة يونس: 19 ]
خلاف نقص المعلومات طبيعي، فلو فرضنا أنَّنا في يوم التاسع والعشرين من رمضان وسمعنا صوت مدفع، يا ترى أهو مدفع الإثبات أم هناك في الجبل صخرة تفجر من أجل شق طريق؟
صرنا في اختلاف، لماذا اختلفنا؟
لنقص المعلومات، فإذا استمعنا إلى أنه قد ثبت أن غداً أول أيام عيد الفطر انتهى الاختلاف إذْ توضحت المعلومات، فهناك اختلاف طبيعي جداً لا يمدح ولا يذم، هذا اختلاف نقص معلومات.


2 ـ اختلاف عدوان وبغي وأهواء ومصالح :
أما إذا جاء الحق هنا تكون المشكلة:
﴿ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ﴾[ سورة آل عمران : 19 ]
البينات جاءت. المسلمون الآن لا تبتعدوا كثيراً؛ فالمسلمون معهم كتاب واحد من المشرق إلى المغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، ومعهم سنة واحدة، ونبي واحد، مع ذلك فهم مختلفون، ملل ونحل، وطوائف ومذاهب، ونزعات واتجاهات، إلى درجة أنك تحار ما هذه الفرقة مع أن عوامل الوحدة بين أيدينا، لماذا يتعاون أعدائنا وبينهم قواسم مشتركة لا تزيد عن خمسة بالمئة، ولماذا نحن نتقاتل وبيننا قواسم مشتركة تزيد عن خمسة وتسعين بالمئة؟ إنه اختلاف أهواء، واختلاف مصالح:
﴿ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ﴾[ سورة آل عمران : 19 ]
البغي هو العدوان، وحينما أريد أن آخذ ما ليس لي أعتدي، وحينما أريد العدوان أبحث في النصوص عن شيء يغطي عدواني، وحينما أريد أن آخذ ما ليس لي أنا معتدٍ، لأن الإنسان مثقف مفلسف بالأساس، فهو يبحث عن تبرير لعدوانه، ويختلق أنواع التبريرات، فالاختلاف الأول اختلاف حيادي، لا يمدح ولا يذم، اختلاف نقص المعلومات، أما الاختلاف الثاني فهو اختلاف عدوان وبغي وأهواء ومصالح، ولذلك تجد أكثر الأديان مع أنها ذات نصوص واحدة اختلفت، وتشعبت، وتمزقت، ونشأت بينها العداوة والبغضاء، ثم الخصومات، ثم القتال، ثم سالت الدماء بينهم:
﴿ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ﴾[ سورة آل عمران: 19 ]
بغياً أي عدواناً، بغى عليه أي اعتدى عليه:
﴿ بغياً بينهم ﴾
ولذلك استعيذوا بالله من اختلاف العدوان، واشكروا الله على اختلاف التنافس. وسيأتي بعد قليل اختلاف راقٍ جداً،
أنا قد أختلف معك، وكلانا يحبه الله عز وجل، قد أختلف معك لضعف المعلومات، وهذا اختلاف طبيعي، وقد أختلف معك بسبب عدواني، وهذا اختلاف قذر، واختلاف يبغضه الله عز وجل، قال تعالى:
﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾[ سورة المائدة: 2 ]
احملوا هموم المسلمين، وتعاونوا.



3 ـ اختلاف التنافس :
القسم الثالث:
﴿ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ﴾
إنسان وجد أن الدعوة إلى الله عز وجل هي أعظم الأعمال، وإنسان آخر وجد أن تأليف الكتب أطول أمداً، والدعوة الشفهية أعمق أثراً لكنها قصيرة تنتهي بموت الداعي، أما تأليف الكتاب فقد يكون الكتاب أضعف تأثيراً لكنه أطول أمداً، وإنسان آخر يتجه إلى بناء المساجد، وإنسان رابع أسّس المياتم، وإنسان خامس أسّس جمعية خيرية، وإنسان سادس أصدر كتباً إسلاميةً، فكل إنسان اجتهد أن يرضي الله بطريق التنافس، هذا شيء مقبول، مقبول منهم جميعاً، فما قيمة الدعاة من دون مسجد، فهذا الذي بنى المسجد، وهيّأ راحة المصلين فيه، إذْ هو دافئ في الشتاء بارد في الصيف، مفروش فرشاً نظيفاً، فيه مرافق عامة جيدة، هذا الذي عمل بيديه وبجهده وخبرته، واستخدم علمه بالهندسة ليوفر للمصلين مكاناً مريحاً، فهذا وصل إلى الله من خلال هندسته، والذي طلب العلم من وقت مبكر، وتعلم، ودرس في هذا المسجد هذا وصل إلى الله عن طريق التعليم، وهذا أمَّ الناس في الصلاة، وهذا ألَّف كتاباً صار مرجعاً، أنا لا أنسى مرة عدت إلى آية في بعض التفاسير، وجعلتها محور خطبة، ولاقت عند الناس قبولاً طيباً جداً، وقد أثنى الناس جميعاً على هذه الخطبة، وأنا اعتمدت في خطبتي على تفسير قديم، انتبهت إلى أن هذا المفسر مات قبل ألف عام، ولكن خيره مستمر، هو ماذا فعل؟ ترك تفسيراً رائعاً، ثم توفاه الله عز وجل، كل من قرأ هذا التفسير، واستفاد منه ونقل ما فيه للناس، في صفيحة المفسر الذي ألف هذا الكتاب، وقد تجد كتاباً في الحديث الشريف متداولاً بين المسلمين تداولاً عجيباً، ما من مسجد، وما من بيت، وما من معهد إلا وفيه هذا الكتاب، فالذي ألفه له نيات عالية جداً، فالله عز وجل جعل هذا الكتاب متداولاً بين كل المسلمين، إنسان يرى التأليف، وإنسان يرى الدعوة، وإنسان يرى الرد على الخصوم، وآخر يرى خدمة الآخرين، وإطعام الطعام، والعناية بالأيتام والأرامل، فهذا كله مقبول. الآن بالعلم هذا يرى أن علم العقيدة هو كل شيء، وعلم التوحيد أصل الدين، ويأتي إنسان يرى التفسير أهم شيء، أن تفسر هذا القرآن، ويأتي إنسان آخر في علم الحديث، يتعمق إما بالمتن أو بالمصطلح، يقول لك: السنة فيها تبيان كتاب الله عز وجل، وإنسان يؤرخ لهذا التاريخ المجيد، وينقي هذا التاريخ مما دخل فيه وليس منه، إنه إنسان عظيم، إنسان يجدد هذا الدين، قد نختلف اختلاف تنافس، وقد نختلف اختلاف نقص معلومات، ونحن معذورون، وقد نختلف اختلافاً - لا سمح الله - عدواناً وبغياً، اختلاف مصالح وأهواء، فنحن ساقطون من عين الله عز وجل، وقد نختلف اختلاف تنافس، فاختلاف التنافس يحبه الله، في النهاية كلنا متكاملون، وكل واحد منا يكمل أخاه، ولذلك قال علماء التوحيد: أمة النبي عليه الصلاة والسلام معصومة بمجموعها، بينما شخص النبي معصوم بمفرده.



قال تعالى:
﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾

أي سيدنا آدم والسيدة حواء وأولاده وهو نبي كريم، والتوجيه واحد، والتغذية واحدة، والمنبع واحد وهو الوحي، ولكن حينما نشأت المصالح والأهواء اختلفوا، فما الذي يجمعنا؟ الحق. ما الذي يفرقنا؟ الهوى، هذه قاعدة، الأهواء تفرق والحق يجمع، وعظمة الحق أنه من الله، أما حينما يأتيك التشريع من إنسان، وهو مرتب لمصلحته قد ترفضه، لأنه إنسان مثلك، شرع ومنعك، أما حينما يأتيك التشريع من خالق الأكوان فإنك ترضى به، فالناس لا ينصاعون إلا لتشريع سماوي، أما التشريع الأرضي فهو في الأعم الأغلب لمصلحة من وضع هذا التشريع دائماً وأبداً، والذي يشرع تأتي المواد كلها لمصلحته، وقد تغفل مصالح الآخرين، ولذلك ما دام التشريع أرضياً فهناك حروب، وخصومات، ومذابح لا تنتهي إلى يوم القيامة، أما إذا كان التشريع علوياً من عند الله عز وجل فقد انتهى الأمر، فهذا كلام ربنا، حينما ينتفع المشرع بما شرع تنشأ خصومات لا تنتهي، إذا كان المشرِّع من بني البشر، وهو منتفع بما شرع، وحصل هناك خصام لوجود طرف آخر يرفض هذا التشريع، أما حينما يأتي التشريع من عند خالق الأرض والسماء ينصاع الناس:
وسيدنا آدم وزوجته وأولاده كانوا على منهج واحد، وعلى وحي وتوجيه واحد، فاتفقوا وتعاونوا، ولكنهم تفرَّقوا عندما دخل الهوى، والآن يجتمع أناس على عمل طيب، وعندما يدرُّ هذا العمل عليهم أرباحاً طائلة يختلفون، إذْ صار هناك مال، ومكاسب مادية، ويريد كلّ إنسان أن يأخذ أكبر حصة له ويتجاهل حق أخيه، فتنشأ الخلافات، وكم من شركة انهارت، وكم من مشروع رائع تحطم بسبب الأهواء، فالأهواء تحطم، والحق يجمع ويوحد، وهذه قاعدة أساسية.


لو تتبعنا كلمة (واحدة) في القرآن الكريم :
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة . وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة)
﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ﴾.
﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ﴾[سورة الزخرف: 33]
وآيات كثيرة جداً في القرآن الكريم أشارت إلى أن البشر من أصل واحد ، ومن جبلة واحدة ، ومن خصائص واحدة ، ومن فطرة واحدة .


الحق يجمع والأهواء تفرق، والمبادئ تجمع والمصالح تفرق، والمبادئ متكاملة أما المصالح فمتناقضة:

﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ..)

﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ﴾


عندما اختلفوا، ودخلت الأهواء، أخذ الأنبياء يأتون تباعاً، وكلما جاء نبي وضح منهج الله عز وجل، وأمر الناس بطاعته، ونهاهم عن معصيته، وحكم الشرع الذي هو من عند الله محل الأهواء التي هي من عند البشر:

﴿ فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ﴾
لمن أطاعهم:
﴿وَمُنذِرِينَ﴾
لمن عصاهم:
﴿ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ﴾
فأنت آية بالغة التعقيد، ولك صانع حكيم، ولهذا الصانع الحكيم تعليمات التشغيل والصيانة، فهذه الآلة لا تسلم ولا تؤتي مردوداً عالياً إلا بإتباع تعليمات الصانع، فربنا عز وجل كلما رأى عباده مزقتهم الأهواء، وانحازوا إلى مصالحهم، وأثمر هذا عداءً، وقتالاً، وخصومات، وعداوات، أرسل نبيّاً آخر مع منهج قويم، أمرهم ونهاهم، وبّشرهم وحذّرهم، وأعطاهم كتاباً افعل ولا تفعل،
﴿ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ﴾
إذا جاءت كلمة الكتاب في القرآن معرفة بأل دلَّت على مطلق منهج الله عز وجل، مطلق المنهج،
﴿ بالحق ﴾
هذا الكتاب بالحق، من عند الحق، ومن عند العدل الرحيم الحكيم، كتاب بالحق، أي لابَسَ نزوله الحق، هو من عند الحق، والحق في كل دقائقه وجزئياته.



﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ...﴾

﴿ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ﴾
اختلف الناس باختلاف أهوائهم ومصالحهم، فإذا جاء التشريع من عند خالق البشر ممن لا ينتفع بتشريعه رضي به الناس،
عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:
((يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً فَلَا تَظَالَمُوا، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئاً، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئاً، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ))[مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ ]

ربنا عز وجل غني على أن ينتفع بالتشريع، لكن الإنسان إذا شرع مفتقر إلى أن ينتفع بالتشريع، فإذا انتفع بالتشريع كان له خصوم يرفضون هذا التشريع، وإذا دققت وعمقت تجد أن كلَّ خلافات البشر في الأرض اختلاف مصالح، وأهواء، وتنازع، وثروات مما يشعل الحروب بينهم، فالحروب عند المسلمين حروب دعوة، وحروب نشر حق، وريادة أمم، أما الحروب الآن فهي مرة حروب نفط، ثم حروب ماء، ثم حروب قمح، أو حروب مناطق نفوذ، الحروب كلها من أجل المصالح والثروات والمكتسبات، وحروب أحياناً من أجل الإذلال والتدمير والإهلاك، فاختلفوا،


العدل يسع الجميع :

قاضٍ في العهد العباسي فيما أذكر طُرِق بابه، فسأل خادمه: مَن لدى الباب؟
فإذا بطبق من التمر، أو من الرطب في بواكيره، وكان هذا القاضي معروفاً بحبه هذا الرطب في بواكيره، فهو أكلٌ نفيس جداً، وفاكهة غالية، وبمستوى عالٍ جداً، في أوله، فسأل خادمه من قدم هذا الطبق يا بني؟
قال: رجل لدى الباب، قال: صفه لي، قال: صفته كيت وكيت، فعلم أنه أحد الخصوم، أو أحد المتداعيين، فرد الطبق، وبعد أيام طلب مقابلة الخليفة، وطلب منه أن يعفيه من منصب القضاء، قال: ولمَ؟
قال: والله جاءني غلامي قبل أيام بطبق من الرطب في بواكيره، وعلمت أنه من أحد المتخاصمين، وفي اليوم التالي تمنيت أن يكون الحق مع الذي قدم هذا الطبق، مع أني لم أقبله، فكيف لو قبلته؟
هذا العدل، فالعدل يسع الجميع:

﴿ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ﴾

إذا كان التشريع إلهياً انصاع كل الناس له، وبالمناسبة لو أن واحداً يدّعي أنه مسلم وجئته بحكم شرعي قرآني، وتلكأت نفسه في قبوله فليس بمؤمن، لأن الله عز وجل يقول:
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾[سورة الأحزاب: 36]
أنت عبد والذي جاء بهذا الكتاب نبي كريم، وهذا الكتاب من عند خالق عظيم، فإذا وضعت أحكام الكتاب على بساط البحث والمناقشة فلست مؤمناً:
﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾[سورة النساء: 65]


محاربة الله ورسوله أن تشرع تشريعاً يتناقض مع تشريع الله أو يبتعد عن تشريع الله:
:
﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾
كيف يحارَب الله؟‍‍ الله عز وجل لا تدركه الأبصار، الحرب بالمفهوم الأرضي أن تقاتل إنساناً، وتستلب ما عنده، أن تحتل أرضه، أن تستولي على ثرواته، أن تأخذ متاعه، الحرب صِدام، لكن كيف يحارَب الله؟ الحقيقة أن الله يحارَب بإحداث تشريع خلاف تشريع، لأن التشريع من حق الله وحده، الجهة الصانعة هي الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها، فحينما نشرع نحن تشريعاً بعيداً عن تشريع الله، أو مخالفاً لتشريع الله فكأنما حاربنا الله، هذه حقيقة أولى، محاربة الله ورسوله أن تشرع تشريعاً يتناقض مع تشريع الله، أو يبتعد عن تشريع الله، أو يفسد الإنسان.

التشريع الإلهي يحقق للإنسان سعادته في الدنيا والآخرة :

أيها الأخوة، الله عز وجل حينما خاطب نبيه وقال:
﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً ﴾[سورة الإسراء:73]
إن سمينا الكفار الطرف الآخر فإن جهد الطرف الآخر من آدم إلى يوم القيامة أن يبدلوا منهج الله، أن يبدلوا منهج الله بمنهج أرضي يحقق للإنسان شهواته، ويبعده عن المسؤولية، القضية واضحة جداً، إما أن تختار الله أو الدنيا، إما أن تختار الآخرة أو متاع الحياة الدنيا، إما أن تختار أن تتبع منهج الله أو أن تتبع هوى نفسك، فالتشريع الإلهي يحقق للإنسان سعادته في الدنيا والآخرة.
تعريف آخر للتشريع الإلهي دقيق جداً: هو أنك إذا صنعت آلة هذه التعليمات التي مع الآلة من أجل صيانة الآلة من التلف، من أجل صيانتها من العطب، من أجل أن تعطي هذه الآلة أعلى مردود، فكأن تشريع الله عز وجل من أجل صيانة الإنسان من أن يشقى في الدنيا والآخرة، فالجهة الوحيدة الخبيرة القادرة على إسعاد الإنسان عن طريق تعليمات دقيقة مفادها افعل ولا تفعل، هذه الجهة هي الله عز وجل، بمعنى أن الله هو الخبير بما يسلمك وبما يسعدك.

إذاً: الطرف الآخر مهمته أن يأتي بتشريع خلاف التشريع الإلهي، الربا يجمع الأموال في أيد قليلة ويحرم منها الكثرة الكثيرة، وتشريع الله عز وجل أن يكون المال متداولاً بين الناس جميعاً، الكتلة النقدية ينبغي أن تكون متداولة بين الناس، أما حينما يعتدى على شرع الله، فنسمح للمال أن يلد المال عندها يتجمع المال بأيدٍ قليلة، وتحرم منها الكثرة الكثيرة، فنحن بتشريع الربا حاربنا الله، بمعنى؛ أننا أحللنا تشريعاً مناقضاً لتشريعه، لأن الله سبحانه وتعالى أحل البيع وحرم الربا، فنحن شرعنا الربا، فلما شرعنا الربا صار هناك في كل بلد فرق طبقي كبير جداً، هذا وراء كل مآسي البشرية، أي أن يمتلك عشرة بالمئة من سكان الأرض تسعين بالمئة من موارد الأرض، وأن يعيش الباقون على فتات هؤلاء العشرة بالمئة، هذا يتناقض مع تشريع الله، فإذا قرأتم في القرآن الكريم قوله تعالى: " يُحَارِبُونَ اللَّهَ "، أي يشرعون تشريعاً يتناقض مع تشريع الله، تشريع الله عز وجل مهمته صيانة الإنسان من الفساد، صيانته من الشقاء، صيانته من التعاسة، لأن الله سبحانه وتعالى أدرى بمن خلق، وهو الخبير، هو الوحيد الذي يعلم ما يصلحنا وما يفسدنا.

امانى يسرى محمد متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-2025, 09:51 PM   #39
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 38

امانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of light

افتراضي

      

مفتاح العلم السؤال

(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)سورة البقرة

السؤال دليل الصدق :

إنك بمجرَّد أن تهتم بشيء تسأل عن دقائقه، وتفاصيله، ومَداخله، ومخارجه، وأخطاره، وأبعاده، وملابساته، ولذلك فعلامة صدق أصحاب رسول الله أنهم سألوا النبي عليه الصلاة والسلام .
﴿ يَسْأَلُونَكَ ﴾
فالسؤال دليل الصدق، وحينما لا يسأل الإنسان هناك احتمال جيِّد لصالحه، قد يكون الأمر واضحاً جداً له فلا يسأل، وقد يلقي أستاذٌ درساً، ويسأل الطلاب: هل هناك من سؤال؟ فإذا كان الدرس واضحاً جداً، والطلاب استوعبوا دقائقه فلا أحد يسأل، فهذه حالة، أما الطالب البعيد عن موضوع الدرس، والشارد، الذي يعيش بجسمه في قاعة الدرس، وقلبه خارج الدرس، فهذا إذا قيل له: أتسأل؟ يقول: لا يوجد سؤال، لا يسأل، فالذي لا يسأل إما لوضوحٍ شديدٍ عنده، أو لعدم اهتمامٍ بأصل الموضوع.

فعلى كلٍ العلم مِفتاحُه السؤال، ولئن تسأل فتكون في نظر الآخرين جاهلاً أفضل ألف مرة من أن تخطئ ولا تسأل، وليس العارُ أن تكون جاهلاً، ولكن العار أن تبقى جاهلاً، وليس العار أن تخطئ، ولكن العار أن تبقى مُخطئاً، والمؤمن الصادق يسأل، ولا يعبأ كثيراً بمكانته، لأن هناك رجلين لا يسألان؛ المُستحيي والمُتَكَبِّر، والحياء في العلم جهل، والكبر في العلم جهل.
لكن بقي موضوع دقيق في موضوع السؤال، هذا الإنسان الذي يُسأل، إذا علَّق تعليقاً قاسياً على سائلٍ منع السؤال، فينبغي له أن يتقبَّل السؤال بصدرٍ رحبٍ واسعٍ، وأن يحترم السائل، وأن يُثني عليه، حتى يشجِّع غيره أن يسأل.

أحياناً يسأل الابن أباه سؤالاً، قد يكون سخيفاً، فيصب الأب جام غضبه على ابنه، ولم يدر الأب أنه أجرم في حق ابنه، لن يسأله بعد ذلك سؤالاً، لا، مهما بدا لك السؤال سخيفاً تافهاً يجب أن تحتفل بالسائل، وأن تثني عليه، وأن تقول له: بارك الله بك، هذا دليل اهتمامك، وهذه النقطة التي أثرتها جوابها: كذا وكذا وكذا، فموقف المسؤول سوف يُسأل عند الله يوم القيامة، مفتاح العلم السؤال، كم من إنسان كره مادةً في التعليم من أستاذٍ قاسٍ في ملاحظته! فاسأل ما بدا لك، ورد في الأثر أن: تواضعوا لمن تعلِّمون، وتواضعوا لمن تعلَّمون منه.
يجب أن تتواضع لمن تُعَلِّم، طبعاً هناك قصص تُروى، وهي للتَنَدُّر ولا يؤخذ منها حكمٌ شرعي؛ تروي الكُتب مثلاً أن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يعاني من ألمٍ في مفاصله، وكان يلقي درساً أمام تلامذته المقرَّبين، وكان ماداً رجله، فدخل رجلٌ قويم الهيئة، طويل الجثّة، عريض المَنكبين، يرتدي عمامةً، يبدو أن أبا حنيفة رحمه الله تعالى استحيا منه فرفع رجله، فجلس في مجلسه، وبعد أن انتهى المجلس سأل ـ الموضوع كان حول صلاة الصبح ـ قال له: يا إمام كيف نصلي الصبح إذا طلعت الشمس قبل الفجر؟ قال له: عندئذٍ يمدُّ أبو حنيفة رجله.
طبعاً هذه قصة للتنَدُّر، أما أن يؤخذ منها حكمٌ شرعي! الحكم الشرعي نأخذه من موقف رسول الله عليه الصلاة والسلام، الحكم الشرعي نأخذه من الكِتاب والسُنَّة، هذا هو الحق، فالنبي مشرِّعٌ في أقواله، وأفعاله، وإقراره، كان يُسأل بغلظة ـ أعطني من هذا المال يا محمد، فهو ليس مالَك ولا مال أبيك ـ وكان بإمكان النبي أن يلغي وجود هذا السائل الفظ، ولكنه قال: "صدق إنه مال الله.
المؤمن متواضع لمن يسأله، مهما بدا لك السؤال سخيفاً، تواضع لمن تتعلَّم منه، وتواضع لمن تعلِّم، فهذا التعليق على كلمة:

﴿ يَسْأَلُونَكَ ﴾
أنت حينما تسأل تستعير خبرة المسؤول، وقد تزيد عن خمسين سنة، خبرات متراكمة خلال عمر طويل، تأخذها مجَّاناً بسؤال مؤدَّب، اسأل ما بدا لك..


(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)سورة البقرة

معنى الإنفاق :

الحقيقة للإنفاق معنىً موسَّع جداً؛ أن تنفق مما رزقك الله، لا يوجد إنسان على وجه الأرض لا يوجد عنده شيء، إنسان عنده عِلْم، وإنسان عنده خِبْرَة، وثالث عنده قُدْرَة، ورابع عنده مهارة، وخامس عنده مال، وسادس عنده مكانة وجاه، وسابع عنده قدرة على الإقناع، فماذا تنفق؟
أنفق مبدئياً مما رزقك الله:

﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾[ سورة البقرة: 3]
﴿الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾[ سورة البقرة: 3]

أيْ إنَّ شطر الدين الأكبر وهو الإنفاق شطره أن تعرف الله، وأن تستقيم على أمره، وأن تُنْفِق، فإنسان لا ينفق هذا إنسان لا يؤكِّد صِدْقَهُ، لماذا سمَّى الله الصدقة صدقةً؟
لأنها تؤكد صدق المؤمن، فهناك أشياء لا تكلِّفك شيئاً، فأن تأتي إلى بيت من بيوت الله شيء لطيف، فالإنسان قد يستمع إلى درس، وقد يلتقي مع أخوانه، وأن تتوضأ، وتصلي في الصيف، الصلاة نشاط، وأن تذهب إلى العمرة شيء لطيف، وسفر مريح، وتسكن في فندق، تأكل وتشرب، وتطلع، وتطوف حول البيت وتأتي، وعملنا عمرة، أما حينما تؤمر أن تنفق من مالك ـ المال محبَّب ـ وطبعك يقتضي أن تأخذه لا أن تنفقه، فحينما تنفق المال هذا يؤكِّد صدق المؤمن، فالحقيقة الصدق يظهر في الأعمال المُتْعِبَة، ولذلك سمىَّ الله عزَّ وجل التكليف تكليفاً لأنه ذو كُلْفَة.


إن أردت أن تنفق من مالك فيجب أن يكون هذا المال مالاً حلالاً:

إذاً الإنفاق مفروغٌ منه، لم يُسأل عنه النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن سُئل: ماذا ننفق؟
فجاء الجواب إجابةً للسؤال وزيادةً عليه، ما هي الزيادة؟
فقال الله عزَّ وجل:

﴿ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ ﴾
[ خير ] يجب أن تنفق خيراً، أي تنفق مالاً حلالاً، وأن تعطي علماً نافعاً، لا أن تُعَلِّم السحر، وأن تنفق من مالٍ حلال، وأن تطعم طعاماً طيِّباً تأكله أنت وتقبل عليه، لا أنك إذا كرهت الطعام أنفقته، فهذه كلمة [ خير] واسعة جداً، إن كانت بالجاه يجب أن تعين مظلوماً بجاهك، لا أن تعين ظالماً على أكل مال الناس بالباطل، تقول: إنني وضعت مركزي كله، لا، وضعت مركزك كله لنصرة الظالم لا المظلوم، [ خير ]، إن أردت أن تنفق من جاهك فيجب أن يكون هذا الإنفاق خيراً لنصرة المظلوم، وإن أردت أن تنفق من مالك فيجب أن يكون هذا المال مالاً حلالاً، جمَّعته مِن كَدِّ يمينك وعرق جبينك، إن أردت أن تنفق علماً فيجب أن تنفق علماً نافعاً ينتفع به المتعلم في الآخرة، لا أن تنفق علماً يفسد حياة المسلمين.
هناك مِهَنٌ كثيرة أساسها إفساد أخلاق المسلمين، وإفساد البيوت؛ أنا أعلِّمك تصليح هذه الأجهزة، أنت ما فعلت شيئاً، أنت ما أنفقت، هذا العلم الذي تعلَّمته والذي تعلِّمه للآخرين أساسه إفساد البيوت المُسلمة، الإنفاق يجب أن يكون إنفاقاً خيراً؛ إنْ في المال، أو في العلم، أو في الجاه، أو في أيّ شيء آخر. فهذه الزيادة، أجابهم الله عزَّ وجل عن سؤالهم، وزاد عن إجابتهم بشرطية أن يكون الإنفاق من خيرٍ..

﴿ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ ﴾
أقرب الناس إليك.

في آيات الإنفاق أربعة معان دقيقة هي :

1 ـ الإخلاص :
آيات الإنفاق اليوم التي وردت في أواخر البقرة فيها أربعة معان دقيقة ؛ المعنى الأول :
﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ﴾
الإخلاص :
﴿وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾
أحياناً الإنسان في علاقاته المادية ، إن كان موظفاً بدائرة ، يثبت مركزه عند رئيسه بنشاط زائد ، بدوام منضبط ، بإنجاز كثيف ، بهدية يقدمها له أحياناً ، بخدمة خاصة يقدمها ، بإظهار التفاني في العمل ، هدفه يثبت مركزه عند رئيسه ، في تثبيت مركز ، وتقوية مركز ، وبالتعبير العامي : تركيز وضع ، يقول لك : ركز حاله ، أي عمل عملاً تجاه رئيسه ، يجعل مكانته قوية عنده ؛ إما بعمل زائد ، بإخلاص ، بتفان ، بدوام منضبط ، بإنجاز كثيف ، إذاً أليس الأولى أن يثبت الإنسان مركزه عند الله ؟ والآية واضحة جداً :
﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾[سورة البقرة:265]
هذا المعنى الأول ، المعنى الأول أن الإنسان إذا أنفق بإخلاص يثبت مركزه عند الله ، يقوي مكانته ، والنبي الكريم يقول : " ابتغوا الرفعة عند الله " ، أي لا تبتغوها عند الناس ، الإنسان فان ، والإنسان قد لا ينتبه ، قد لا يكافىء ، أي الإنسان ليس أهلاً لذلك ، قد يكون ليس أهلاً لتمحضه كل إخلاصك ، قد يكون غافلاً عن أعمالك ، قد تكون إمكانيته لا تستوعب أعمالك ، قد ينسى ، قد يتشاغل عنك ، تُصاب بخيبة أمل ، لكن اجعل كل إخلاصك لله عز وجل ، هذا أول معنى .

2 ـ أي شيء تنفقه يعلمه الله :
المعنى الثاني :
﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾[سورة البقرة:270]
إذا الإنسان قدم هدية ، طبعاً الشيء الأساسي أن يعلم المهدى إليه أنها من فلان ، يضعون بطاقة أحياناً ، يضعون شريطاً أحياناً ، باقة ورد ، تقدمة من فلان ، أي من لوازم الهدية أن يُعلم من تقدم إليه أنها من فلان .
فربنا عز وجل هذه حاجة عند الإنسان ، يا ربي أنا هذا العمل مني ، هذه الحاجة مضمونة :
﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾[سورة البقرة:270]

3 ـ خير الإنفاق يعود على الإنسان يوم القيامة :
المعنى الثالث :
﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ﴾[سورة البقرة:272]
هذا الإنفاق في ظاهره لله ، أما في حقيقته فلك ، سيعود خيره عليك ، إذا الإنسان أطعم لقمة في سبيل الله يراها يوم القيامة كجبل أحد ، لقمة إذا أطعمتها في سبيل الله ، فكيف بما فوق هذه اللقمة ؟

4 ـ الخير يعود على الإنسان في الدنيا قبل الآخرة :
الشيء الأخير ؛ المعنى الرابع :
﴿وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ﴾
في الدنيا .
المعنى الأول : ثبت مركزك بالإنفاق ، المعنى الثاني : أي شيء تنفقه الله يعلمه ، المعنى الثالث : خير الإنفاق يعود عليك يوم القيامة ، والمعنى الرابع : وفي الدنيا وقبل الآخرة ،
كل شيء تنفقه يعوضه الله عليك بنص هذه الآية ، وسبع آيات أخر حصراً :
﴿وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾[سورة البقرة:272]

الشيء الخامس :
﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾[سورة البقرة:274]
معنى ذلك : ضمنت سلامة الماضي والمستقبل ؛ لا خوف عليهم فيما هم قادمون عليه ، ولا هم يحزنون على شيء تركوه ، هذه أكبر مكافأة .
امانى يسرى محمد متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-2025, 09:52 PM   #40
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 38

امانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of light

افتراضي

      

لمن تنفق ؟
(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)سورة البقرة

﴿ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ﴾

إذا اهتم كل إنسان بوالديه، واهتم بإخوته الذكور والإناث، واهتم بأعمامه وأخواله، وعمَّاته وخالاته وأولادهم جميعاً، صار هناك دائرة ضمان اجتماعي موحَّد، فهذه الدوائر تتصل وتشكِّل المجتمع بأكمله، وهذا نظام الإسلام، الأقربون أولى بالمعروف، لا تُقبَل زكاة إنسانٍ وفي أقربائه محاويج، لأن الناس أنت لهم وغيرك لهم، أما أقرباؤك المُقَرَّبون إليك، لأنك تعلم سرَّهم ونجواهم، وتعلم أوضاعهم، ومعيشتهم، وحاجتهم، وكل ظروف حياتهم، مَن لهم غيرك؟ فهذا الذي يُهْمِل أهله، يهمل والديه، ويهمل أقرباءه، وذَوي قرابته ويهتم بالغرباء، هذا إنسان توازنه مختل..
لذلك صلة الرَحِم مِن أعظم الأعمال في الإسلام، إن صلة الرحم مغطَّاة بأربعين حديثاً صحيحاً، لعلَّها تزيد في الرِزق ـ كما قال عليه الصلاة والسلام ـ وتنْسأ في الأجل، أي يمتلئ عمرك بالأعمال الصالحة فكأنه زاد، بهذا المعنى تقريباً.


هناك دعوةٌ إلى الله خاصةٌ لأقربائك :

صلة الرحم أيها الأخوة تبدأ بزيارة، وتتابع هذه الصلة بتفقُّد أحوال من حولك، ثم بالمُساعدة، ثم بالدعوة إلى الله. فهناك دعوةٌ إلى الله خاصةٌ لأقربائك، قال تعالى:
﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾[ سورة الشعراء: 214-215]
إذا اهتم كل واحد بأخواته، وأصهاره، وأولاد عمِّه وعماته، وأولاد خاله وخالاته، وزارهم، ودعاهم إلى الله، قدَّم لهم شريطاً، وقدَّم لهم هدية، وأعانهم، وعمل لقاء أسبوعياً شرح لهم فيه آية أو حديثاً، وإذا اهتم كل واحد بأقربائه، بدعوة إلى الله، فهذه أعلى درجة من الدعوة. ولا تنسَ أيها الأخ الكريم أن الدعوة إلى الله فرض عين، لا تُعفى من الدعوة إلى الله إطلاقاً لأن الله عزَّ وجل يقول:
﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾[ سورة يوسف: 108 ]
كلام الله عزَّ وجل، علامة اتباعك لرسول الله أنك تدعو إلى الله، إما أن تتكلَّم، وإما أن تقدِّم للناس شريطاً، أو تدعوهم إلى مسجد، لا بد من أن تقدِّم شيئاً لهؤلاء، فهذه دعوة إلى الله في حدود ما تعلم، ومع من تعرف هذه فرض العين، وأساساً الدعوة إلى الله رُبْع النجاة:
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾[ سورة العصر: 1-3 ]

﴿ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ﴾
أما اليتيم، وهو الذي فَقَد والده، أو فَقَد أمه، أو فَقَدهما معاً، فحينما يهمله المجتمع، ويرى رفاقه في بحبوحة، وفي بِشْر، وفي سعادة، آباؤهم معهم، يغدق آباؤهم عليهم كل خير، تجده يحقد على المجتمع، وقد يحقد على القدر الذي أفقده والده، وقد يكفر بالله، أما إذا وجد اليتيم رعاية كافية مِن عمِّه، ومِن خاله، ومِن جده، ومِن صديق والده، ووجد رعاية كاملة، وصلة، وإكراماً، حُلَّت المشكلة، فاليتيم أي يتيمٍ يحتاج إلى أن تنفق عليه؛ إما من وقتك، وإما مِن اهتمامك، وإما من مالِك، من أجل أن تنسيه فقده لوالده.

﴿ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ ﴾
المسكين هو الذي لا يستطيع أن يكسب رزقه، هذا أولى الناس بأن يأخذ من مالك الذي تنفقه في سبيل الله.

﴿ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾
المنقطع، فعظمة هذا الدين إذا كنت مسافراً وسُرقت محفظتك، فأنت الآن فقير فقراً طارئاً، لك بلد، ولك محل تجاري، ولك شركة، وتملك ما تملك، أما هنا فأنت لا تملك شيئاً، جعل الله لهذا نصيباً من الزكاة، أرأيت إلى هذا التضامن؟ لو كنت مسافراً في أيّ بلدٍ إسلاميّ، وفقدت مالك فجأةً بعملٍ عدواني، فأنت مَعْنِيٌّ بهذه الآية الكريمة ال تعالى:
﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾
حجم عملك بالضبط، مقدار التضحية، وثمن الشيء، الوقت الذي بُذِلَ من أجله، والعقبات التي زُلِّلت، والصوارف التي تجاهلتها، كله عند الله معلوم..
لذلك سبب سعادة المؤمن أن علاقته مع الله، والله يعلم، الله عزَّ وجل لا يحتاج إلى بطاقة، ولا إيصال، ولا قَسَم، ولا شهود، بل يعلم السر وأخفى..
امانى يسرى محمد متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-14-2025, 07:44 PM   #41
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 38

امانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of light

افتراضي

      

(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )(217) سورة البقرة
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ ﴾

الحكمة من تحريم القتال في الأشهر الحرم :

الحقيقة يقول الله جل جلاله في آيةٍ أخرى:
﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾[ سورة التوبة: 36 ]

رجب، وذو القعدة، وذو الحجَّة، ومحرَّم، ما حكمة هذه الأشهر؟
لأن الله جل جلاله هو خالق البشر، وهو الخبير، فإن نَشِبَت حربٌ بين فئتين، أو بين جماعتين، أو بين أمَّتين، أو بين دولتين، فما الذي يحصل؟
الحرب تستعر وتستمر حتى تحرق الأخضر واليابس ولا تقف،والإنسان أحياناً يُضَحِّي بكل شيء، ويُحْرِق ويتلف كل شيء من أجل كرامته، فإذا نشبت الحرب تعلو قضية الكرامة الإنسانية، فكل خصمٍ مصرٌ على متابعة الحرب، فإذا جاء هذا الشهر الحرام، فهذا منهج الواحد الديَّان، تقف الحرب، وليس هناك منتصر ولا منهزم، ولا غالب ولا مغلوب، فإذا ذاق الناس طعم السِلم، وارتاحوا، وأمنوا، فلعلَّهم يُتابعون طريق السلام، وهذه حكمة الله عز وجل، فحروبٌ كما تعلمون نشبت بين أمتين، أو جماعتين، أو شعبين مسلمين، كانت الكلفة مليون قتيل والدولتان المتحاربتان تراجعتا مئَتي عام، فلو أنهما طبَّقتا منهج الله عز وجل لما وصلتا إلى هذه النتائج المدمِّرة..

هذه بعض الحِكَم، فالحرب والقتال في الأشهر الحُرُم محرَّم من أجل حفظ ماء الوجه، وحقن الدماء، وحفظ الأموال، وسلامة الحياة.

﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ ﴾
ما حكم القتال فيه؟
فقال الله عز وجل:
﴿ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ﴾
أيجوز أن يقاتل فيه؟ أيجوز أن تسفك فيه الدماء؟ أيجوز أن تسلب فيه الأموال؟ أيجوز أن يؤسر الأسير في الشهر الحرام ؟

لن تكون حرمة هذا الشهر سبباً لطغيان أهل الباطل :

قال تعالى:
﴿ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ﴾
من حيث المبدأ، ولكن هناك عمل أكبر منه..
﴿ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

فالإنسان دون أن يشعر، تجد الشاب في أسرة ـ أنا أعالج قضايا جزئية صغيرةـ لا يصلي، يأتي بعد منتصف الليل كل يوم، له أصدقاء سوء، متفلِّت، غير منضبط، لا توجد عليه مشكلة بالأسرة أبداً.
أما حينما يلتزم مسجداً، ويغضُّ بصره، ويرفض أن يختلط بمَن لا تحل له، ويرفض أن يخرج على ما ألِفَه مَن حوله، يقام عليه النكير، أليس هذا صداً عن سبيل الله؟
ما دام الإنسان في فسقٍ وفجور لا أحد يحاسبه، بل إنهم يثنون عليه، أما حينما يلتزم شرع الله، ويرفض الاختلاط، ويرفض أن يغش الناس، ويرفض أن يتجاوز حدوده بل يلتزم ويخشى الله عز وجل، تقام عليه الدنيا ولا تقعد، أليس هذا صَدَّاً عن سبيل الله؟ فمن أكبر الجرائم أن تصد الناس عن سبيل الله.
هناك أسلوبٌ آخر: الشاب إذا التزم يُصَدُّ عن التزامه. الآن إذا التزم هذا الشاب مع إنسان فلا بد أن يطعنوا في هذا الإنسان، وذلك لوجه الشيطان، ولا بد من أن يسفِّهوا مثله الأعلى، وأن يسفهوا عمله، فلا بد من أن يُتَّهم هذا الذي التزم معه، كصدٍ عن سبيل الله، والإنسان أحياناً يصد عن سبيل الله وهو يشعر، وأحياناً كثيرة يصد عن سبيل الله وهو لا يشعر، فكأن شيطاناً ينطقه، وكأن شيطاناً يدفعه، وكأن جهةً خبيثة تُغْرِيه، فإذا تحدَّث لا يتحدث إلا حديثاً لا يرضي الله عز وجل، فلا يتثبَّت، ولا يتأكَّد، ولا يتحقق، لذلك:
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ ﴾
أكبر من أن تُنْتَهَك حرمة هذا الشهر، فلن تكون حرمة هذا الشهر سبباً لطغيان أهل الباطل.


(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ .... (217) سورة البقرة

( قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)

الصد عن سبيل الله له وسائل كثيرة جداً :

أيها الأخوة... لنحذر جميعاً دون أن نشعر فنصد عن سبيل الله؛ فإنسان سلك طريقاً صحيحاً، وآخر عاهد الله على أن يضبط لسانه، وثالث عاهد الله على أن يغض بصره، ورابع له جلسة مع أصدقاء، وهذه الجلسة ليس فيها ما يرضي الله، فانسحب منها، دَعْهُ يصطلح مع الله، فهناك شياطين الإنس يصدُّون عن سبيل الله وهم لا يشعرون، وكم من إنسانٍ يصدُّ مَن حوله عن سبيل الله وهو يحسب أنه يحسن صنعاً.
فأنت حينما لا تتأكد مما تقول، فبدون دليل أو تحقق أو تريث تتهم إنساناً جمع الناس على الحق، فأنت ماذا فعلت؟
صددت الناس عن سبيل الله. لمجرد أن ترى إحدى قريباتك المحارم قد تحجَّبت، إن ازدريت حجابها ولو عن طريق المزاح،
فأنت بذلك صددت عن سبيل الله وأنت لا تشعر، فيجب أن تشجعها، وأن تثني عليها، وعلى قرارها.

أحياناً يأتي إنسان من بلادٍ بعيدة فيها كل شيء مريح، ولكنه خاف على مستقبله، ومستقبل أولاده، فعاد إلى وطنه ليخدم أبناء وطنه، فهناك مَن يتَّهمه بالجنون، هذا الذي يتهمه بالجنون يصد عن سبيل الله. طبعاً حينما يأتي الإنسان من بلدٍ متطور، غني، متفوق في الدنيا، إلى بلدٍ نامٍ سيواجه صعوبات كثيرة، فيجب أن تشجعه، والله أنا أقول لإنسان أراد أن يعود إلى وطنه ليخدم أمَّته: واللهِ ما اتَّخذت في حياتك كلِّها قراراً أصوب من هذا القرار، ولا أحكم من هذا القرار، والله عز وجل سوف يوَفِّقَكَ ويأخذ بيدك، ويحمي لك أولادك، فشَجِّع لأن الصد عن سبيل الله له وسائل كثيرة جداً، فإنسان ترك بلاد الكفر، بلاداً ترتكب فيها الفواحش على قارعة الطريق، بلاداً لا يمكن أن يضمن لأولاده بقاءهم فيها مسلمين؛ وجاء إلى بلده الأم ليخدم أبناء أمَّته، وقد يتحَمَّل بعض الصعوبات، لمجرد أن تخَطِّئه بهذا القرار فأنت ممن يصد عن سبيل الله.

فتاة مؤمنة تعرفت إلى الله، فلبست الحجاب، لمجرد أن تقول لها مثلاً: هذا الحجاب أذهب بعضاً من جمالكِ. فأنت صددتها عن سبيل الله دون أن تشعر، ولمجرَّد أن ترى إنساناً أراد الحلال وترك الحرام، ورضي بالحلال القليل، وترك الحرام الكثير، إن قلت له: لَمْ تكن عاقلاً في هذا السلوك، يجب أن تعلم علم اليقين أنك صددت عن سبيل الله.

صد الناس عن سبيل الله جريمة أكبر مِن أن تنتهك حرمة الشهر الحرام :

والله أيها الأخوة أكاد أقول لكم: هناك مليون أسلوب، دون أن تشعر، كله صد عن سبيل الله، قال: هذا أكبر من أن تنتهك حرمة الأشهر الحرم، أن تصد الناس عن سبيل الله، أن تمنع شاباً يصلي، وأراد طاعة الله، ورضي بالقليل الحلال وزهد بالكثير الحرام فتقول له: أنت مجنون بهذا العمل، فهذا صد عن سبيل الله، وعلى الإنسان قبل أن يقول كلمةً لا ترضي الله أن يحاسب نفسه حساباً كثيراً:
((إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاٍ))[ الترمذي عن أبي هريرة ]

أحياناً بالمِهَن اليومية هناك أساليب مربحة وتربي ثروة طائلة ولكن فيها مخالفة، فأنت حينما تلزم جانب الشرع، ولا تقبل الاختلاط في معهدك فرضاً، أو تلزم جانب الشرع ولا ترضى أن تنتهك حُرُمات الله عز وجل في عملك الرسمي، أو في عملك التجاري فيقل دخلك، فأنت حينما تقول لهذا الإنسان: أخطأت، وليس هذا هو الطريق الصحيح. فقد صددت الناس عن سبيل الله. فربنا عز وجل جعل صد الناس عن سبيل الله أكبر جريمة، بل أكبر مِن أن تنتهك حرمة الشهر الحرام..
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

لعلي ألممت بجانبٍ من معاني هذه الآية، الصد عن سبيل الله في كل عصر، وفي كل مصر، وفي كل بيئة، إنك حينما تثَبِّط عزيمة مؤمن فأنت قد صددته عن سبيل الله، وحينما تُسَفِّه عملاً مشروعاً فقد صددت عن سبيل الله، وإذا رأيت إنساناً يتصدَّق بماله، وقلت له: احفظ قرشك، أمسك يدك. هو ماذا يفعل؟ هل ينفق ماله على الملاهي؟ بل ينفق ماله في سبيل الله، ولمجرد أن تخوفه من الفقر إذا أنفق ماله في سبيل الله فقد صددت عن سبيل الله.
الموضوع يحتمل شواهد كثيرة جداً، وكل واحد منا محاسب على كل كلمة يقولها، فقد يتكلم بكلمة لا يلقي لها بالاً، فيهوي بها في جهنم سبعين خريفاً، لا تكن عوناً للشيطان على أخيك، كن عوناً له على الشيطان.
لقد حدثني مرة أخ متألم جداً من أخ زوجته فقال لي: شكوت له أخته، فقال لي: طلقها وبأول كلمة، يقول طلقها! فإذا دفعت الناس إلى تطليق زوجاتهم فقد صددت عن سبيل الله، وإذا دفعت الناس إلى أكل المال الحرام فقد صددت سبيل الله، وإذا دفعتهم إلى الحرام فكذلك صددت عن سبيل الله.



﴿ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ ﴾
كلمة " كفر " كلمة كبيرة جداً، لكن لهذه الكلمة معنى ضيّقاً ولها معنى مُتَّسِع، فالمعنى الضيِّق:
أن تنكر وجود الله، أو أن تنكر هذه الأديان السماوية، أما المعنى الموسَّع: فحينما ترفض حكماً لله، فهذا كفر.
فإذا قلت مثلاً: إن قطع اليد، هذا الحد لا يتناسب مع هذا العصر، فهذا عصر حقوق الإنسان، وكرامة الإنسان، والإنسان هو الهدف، فأنت إن قلت هذا الكلام المعسول كفرت دون أن تشعر، لأنك رددت حكماً ورد في القرآن الكريم، والله عز وجل يعلم السر وأخفى ويعلم ما سيكون، فحينما ترفض حكماً لله، وحينما ترفض مثلاً (الاستثمار الرَبَويّ) يقول: هكذا العالم كله يثمِّر أمواله عن طريق البنوك والربا، فماذا نفعل؟ لا بد من هذا، تقول له: يا أخي هناك آية:
﴿ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ﴾[ سورة البقرة: 279 ]
يقول: هذا القرآن ليس لهذا العصر، فأنت حينما ترفض حُكْماً من أحكام الشرع الثابتة بالكتاب والسُّنة، فهذا نوعٌ من الكُفْر.


أنواع الكفر :
الكُفرُ عِندَ العلماءِ نوعان :

كُفرٌ أكبر ، وكُفرٌ أصغر .
فالأصغر موجِبٌ لاستحقاق الوعيد دونَ الخلودِ في النار .
كُلُكم يعلم : أنهُ يخرجُ من النار من كانَ في قلبهِ مثقالُ من خير .
فالكُفرُ الأصغر هوَ الذي يُوجبُ الوعيد , وعيدَ اللهِ عزّ وجل , ولكنهُ لا يخلدُ صاحبهُ في النار , يخرجُ منها .
يقولُ عليه الصلاة والسلام فيما رواهُ الإمامُ مُسلم والإمامُ أحمد, عن أبي هُريرة رضيَ اللهُ عنه:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ, وَالنيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ))[أخرجه الإمام مسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]
الآن النياحة على الميت : ضرب الوجه ، تمزيق الشعر ، شق الصدر ، الولولة , هذه كُفر , كما قالَ عليه الصلاة والسلام .
يقولون عن الميت : الجسر تحطّم , أين الله عزّ وجل ؟ تسمع كلمات في مناسبات الحزن كُلُها كُفر , جهل , كأنَّ هذا الذي توفي هوَ الرزّاق , وهوَ القيّوم ، وهوَ الحي الذي لا يموت ، كُل إنسان يموت , فلذلك الاعتدال في الحزن من علامة الإيمان , والمبالغة في الحزنِ من علامة الجهل .

الفرق بين الكفر الأكبر والأصغر :

أنتَ إذا كفرت بالخالق , والرب , والمُسيّر , والحكيم , والعليم , والرحمن الرحيم , وكفرتَ برسول الله , وبهذا القرآن , هذا كُفر أكبر .
أمّا هذا الأمر لم تُطبقهُ ؟ لماذا ؟ لأنكَ لا تعرفُ قيمتهُ , فأنتَ كافر بهذا الأمر .
يعني الكُفر : عدم تطبيق أمرٍ فرعيٍ من أُمور الدين , كُفرٌ أصغر .
مثلاً إذا قالَ لكَ اللهُ عزّ وجل :
﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾
[سورة البقرة الآية: 221]
الآن : أحضر لي واحداً مُسلماً , عِندهُ بنت بسن الزواج , جاءهُ خاطب شاب , مؤمن مستقيم , له مجلس عِلم , يخشى الله , يخاف الله , في قلبهِ رحمة , عِندهُ إنصاف , لكن منزلهُ صغير , في أحد أطراف دمشق , وعملهُ متواضع , ودخلهُ محدود ، ثمَ يأتي خاطب , لهُ معمل , ولهُ سيارة فخمة , ولهُ بيت واسع , وشاب وسيم , لكن لا يُصلي , يُصلي الجمعة فقط , وإذا أحرج بالمناسبات فيشرب , إذا كانت أسرة مسلمة , قالت : هذه الموافقة على زواج هذا الشاب الموسِر , الغني الوسيم , رقيق الدين , هذا كُفرٌ بهذه الآية , معناها : أنتَ هذه الآية غير مؤمن بها , لكن كُفر أصغر وليسَ أكبر .



الكفر بشكل مطلق :
ويقول عليه الصلاة والسلام :
(( اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ : الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ , وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ ))[أخرجه مسلم في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]
(( من أتى كاهِناً أو عرّافاً , فصدّقهُ بما يقول , فقد كفرَ بما أنزلَ اللهُ على محمد ))
عندما ربنا قال :
﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾[سورة النمل الآية: 65]
باللهِ انظر لي بالفنجان , ويتنبأ لكَ قبضة ، لكَ عدو ، شخص يريد أن ينفعكَ ، أنتَ حينما تسألهُ عن المستقبل , فأنتَ كفرت بهذه الآية , كلمة لا يعلم الغيب , فأنتَ لستَ مؤمناً بها , هذا كُفر , لكن نستطيع أن نقول : خرجَ من المِلّة ، بجهنم خالداً مُخلّداً , غير معقول هذا الكلام .
عَنْ جَرِيرٍ قال , قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ :
(( اسْتَنْصِتِ لي النَّاسَ , فَقَالَ : لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا , يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ))[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, والنسائي في سننه]
يعني هذه الحروب , وهذه المنازعات , وهذه التفرقة , وهذا التشتت , والتشرذم , والتبعثر كما يقولون ، وكُلٌ يدّعي وصلاً بليلى , وكُلٌ يتهم الآخر ، هذا الوضع المتمزق , هذا سمّاهُ النبي كُفر ,
لكن كُفر بقولهِ تعالى :
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾
[سورة آل عمران الآية: 103]
كُفر:
﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
[سورة الأنفال الآية: 46]
كُفر بما دعا إليه النبي للمسلمين :
كالبنيان المرصوص ، لا تحسسوا ، لا تجسسوا ، لا تنابزوا ، لا تدابروا ، لا تحاسدوا ، لا تنافسوا , وكونوا عِبادَ الله أخواناً .
أنتَ هذه الأحاديث لم تعبأ بها , فأنت كافرٌ بها ،
قال تعالى :﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾[سورة المائدة الآية: 44]
إذا لم تحكم بما أنزلَ الله , فهذا كُفرٌ بما أنزلَ الله ، إن لم تحكم في موضوع واحد , بحُكمٍ أنزلَ اللهُ فيه حُكماً , فقد كفرتَ بهذا الحُكم , وإن رفضتَ القرآنَ كُلَهُ , فقد كفرت بالقرآن , كما قلتُ في أول الدرس :
بين الأبيض والأسود آلاف الألوان الرمادية , آلاف الألوان الرمادية , الإيمان إيمان ، والكُفر كُفر ، وبينمُها درجاتٌ شتى .
ابن عباس قال : ومن لم يحكم بما أنزلَ اللهُ فأؤلئكَ هم الكافرون , ليسَ بِكُفرٍ ينقلُ عن المِلّة , بل إذا فعلهُ فهوَ بهِ كُفرٌ ، بهِ بعضُ الكُفر هذا كلام ابن عباس ، وليسَ كمن كفرَ باللهِ واليوم الآخر.
قالَ عطاء : هوَ كُفرٌ دونَ كُفرٍ , وظُلمٌ دونَ ظُلمٍ , وفِسقٌ دونَ فِسقٍ .
هذا الكلام ليسَ معناهُ أن يطمئنَ الإنسان ، أنا أخافُ من التطرف إن نحوَ اليمين وإن نحوَ الشِمال ، هؤلاءِ الخوارج الذين كفروا لأصغر الذنوب انحرفوا ، وهؤلاء الذين تسامحوا فقالوا : لا يضرُ مع الإيمان معصية أيضاً انحرفوا .
في فِرقة تقول : لا يضرُ مع الإيمان معصية .

الخلاصة :
على كُلٍ الكُفرُ كما قُلنا قبلَ قليل :
كُفرٌ أكبر وهو الذي يوجب الخلودَ في النار .
وكُفرٌ أصغر وهو الذي يوجب التوبة , ويوجب تحققَ الوعيد إذا لم يتب صاحبه .
وتكفير الناس هذا ليسَ من شأن الناس , هذا من شأنِ ربِّ الناس , وأنتَ في أعلى درجات , ورعكَ إن رأيتَ عاصيّاً ادع لهُ أن يتوب , واذكر اللهَ عزّ وجل على أن نجّاكَ من هذه المعصية ، أمّا أن تُنصّبَ نفسكَ وصيّاً على الناس , توزع ألقاب الكُفر والإيمان على الناس , أو تضيقُ نظرتُكَ فتعتقدُ بصلاحِ جماعتكَ فقط , وتُكفّرُ بقية الجماعات , فهذا من ضيق الأفق , ومن أمراض المسلمين الوبيلة , وهذا الذي فرّقهم وشرذمهم وفتتهم , وجعلهم ضِعافاً في العالم .
امانى يسرى محمد متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-23-2025, 05:38 PM   #42
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 589

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جزاكم الله خيرا
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* يا أبت
* كيف يتخلص من حسده لإخوانه ؟
* صندوق دعوي في البيت
* الحياء من الإيمان
* فضل شـهـر مـحـرم وفـتـاوى عـاشـوراء
* البيت المسلم
* لا تدخلوا حتى يؤذن لكم

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد
   
الكلمات الدلالية (Tags)
-د.محمد, البقرة, النابلسى, تفسير, راتب, صورة
 

   
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
د.محمد راتب النابلسي - تفسير سورة الفاتحة امانى يسرى محمد قسم تفسير القرآن الكريم 6 09-20-2025 06:53 PM
برنامج قصص الصحابة للدكتور محمد راتب النابلسي عادل محمد ملتقى الكتب الإسلامية 1 06-04-2020 10:37 PM
د : محمد راتب النابلسي: (إحدى عشر حقيقة لابد أن تعرفها) الزرنخي ملتقى الحوار الإسلامي العام 2 07-01-2017 05:25 PM
اسطونة تفسير الدكتور محمد راتب النابلسى كامل تقلب صفحاته بنفسك الشيخ ابوسامح قسم الاسطوانات التجميعية 2 08-11-2016 07:04 PM
اسطوانة تفسير الدكتور محمد راتب النابلسي للقرآن الكريم عادل محمد قسم الاسطوانات التجميعية 1 08-11-2016 06:57 PM


   
 

vBulletin® v3.8.7, Copyright ©, TranZ by Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009