المناسبات | |
|
|
12-09-2010, 03:24 PM | #1 |
|
معنى قوله تعالى: (ولا تنس نصيبك من الدنيا)
السؤال : ما معنى الآية : (وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا)
الجواب : الحمد لله لأهل العلم في تفسير هذه الآية قولان مشهوران : القول الأول : أن المعني : لا تنس نصيبك مما أباح الله لك فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح ، فإن لربك عليك حقًّا ، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقا . "تفسير ابن كثير" (6/253) . وهذا قول الحسن وقتادة وابن جريج . وقد سئل الإمام مَالِكٌ رحمه الله عَنْ هذه الآية فَقَالَ : (أَنْ يَعِيشَ وَيَأْكُلَ وَيَشْرَبَ غَيْرَ مُضَيِّقٍ عَلَيْهِ فِي رَأْيٍ) انتهى . "المنتقى" (4 / 302) . ويؤيده قوله تعالى قبلها : ( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ ) أي : استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة ، في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات ، التي يحصل لك بها الثواب في الدار الآخرة ، ولا تنس مع ذلك نصيبك من الدنيا . فلا نأمرك أن تتصدق بجميع مالك وتبقى ضائعا ، بل أنفق لآخرتك ، واستمتع بدنياك استمتاعا لا يضر دينك ، ولا يضر بآخرتك . راجع : "تفسير الطبري" (19 / 625) - "تفسير ابن كثير" (6/253) – "زاد المسير" (6/241) - "تفسير السعدي" (ص/623) . "والإسلام وسط في العمل للدنيا والآخرة ، فكل منهما عبادة لله تعالى ، وتحقيق لغاية الوجود الإنساني ضمن شروط معينة ، بينما تأرجحت المذاهب الأخرى بين الاهتمام بالنواحي المادية الذي يظهر في المدنية الغربية الحديثة ، وأصبح معبودها هو المال والقوة والرفاهية والرقي المادي - وبين الإزراء بهذا الرقي المادي والمتاع الدنيوي كما هو الشأن في المذاهب التي تدعو إلى الرهبنة وتعذيب الجسد من أجل الروح وتهذيبها للوصول إلى مرحلة الفناء ، أما الإسلام فيقول الله تعالى : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) البقرة /201 ، وقوله : (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) القصص/77 " . "بحوث ندوة أثر القرآن في تحقيق الوسطية ودفع الغلو" (ص/400) . والقول الثاني : لا تنس نصيبك من الدنيا بأن تعمل فيها للآخرة . وهذا القول اختاره أكثر المفسرين ، وهو قول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما . قال الشوكاني : "قال جمهور المفسرين : وهو أن يعمل في دنياه لآخرته ، ونصيبُ الإنسان : عمرهُ وعملُه الصالح . قال الزجاج : معناه : لا تنس أن تعمل لآخرتك ، لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا الذي يعمل به لآخرته" انتهى . "فتح القدير" (4/266) . وعن مجاهد قال : عمرك تعمل فيه لآخرتك . "تفسير ابن أبى حاتم" (9 / 3010) . وقال مجاهد أيضا : لا تترك أن تعمل في الدنيا للآخرة حتى تنجو من العذاب ، لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا أن يعمل للآخرة . "تفسير البغوي" (6 / 221) . وقال عون بن عبد الله : إن قوما يضعونها على غير موضعها (وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا) : تعمل فيها بطاعة الله . "تفسير الطبري" (19 / 524) . وقال الطبري يقول : ولا تترك نصيبك وحظك من الدنيا ، أن تأخذ فيها بنصيبك من الآخرة ، فتعمل فيه بما ينجيك غدا من عقاب الله . "تفسير الطبري" (19 / 524) . وقال القرطبي : "اختلف فيه ؛ فقال ابن عباس والجمهور : لا تضيع عمرك في ألا تعمل عملا صالحا في دنياك ؛ إذ الآخرة إنما يعمل لها ، فنصيبُ الإنسان : عمره وعمله الصالح فيها ، فالكلام على هذا التأويل شدة في الموعظة . وقال الحسن وقتادة : معناه : لا تضيع حظك من دنياك في تمتعك بالحلال وطلبك إياه ، ونظرك لعاقبة دنياك . فالكلام على هذا التأويل فيه بعض الرفق به وإصلاح الأمر الذي يشتهيه" انتهى . "الجامع لأحكام القرآن" (13 / 314) . ولا منافاة بين القولين فالمؤمن لا ينسى نصيبه من الدنيا ـ فيتمتع بها تمتعاً مباحاً ، لا يجره إلى الحرام ، ويستعين بهذا المباح على طاعة الله تعالى ، فهو ترويح عن النفس ، واستجماع لنشاطها . والمؤمن لا ينسى نصيبه من الدنيا ، وهو عمله الصالح الذي سيصحبه في قبره ، ولهذا أثنى الله تعالى على من يدعو قائلاً : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) البقرة/201 . قال ابن كثير : " فجمعت هذه الدعوةُ كلَّ خير في الدنيا ، وصرَفت كلّ شر ؛ فإن الحسنة في الدنيا تشملُ كلّ مطلوب دنيوي ، من عافية ، ودار رحبة ، وزوجة حسنة ، ورزق واسع ، وعلم نافع ، وعمل صالح ، ومركب هنيء ، وثناء جميل ، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عباراتُ المفسرين ، ولا منافاة بينها ، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا . وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العَرَصات ، وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة " انتهى . "تفسير ابن كثير" (1/558) . والله أعلم اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع |
من مواضيعي في الملتقى
|
|
12-29-2010, 10:36 AM | #2 |
|
اين الردود اخوانى هذا موضوع مهم
|
من مواضيعي في الملتقى
|
|
12-29-2010, 01:50 PM | #3 | |
|
بارك الله فيك أخي على هذا الطرح الطيب جزاك الله كل خير ... لك مني أجمل تحية . |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
12-29-2010, 02:44 PM | #4 | |
أبو جبريل نوفل
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اخي الكريم و الحق انني لا اجد اختلافا في اقوال العلماء في تفسير الاية لقول النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه "يقول الصحابي سعد بن ابي وقاص : - كان النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا مريض بمكة ، فقلت : لي مال أوصي بمالي كله ؟ قال : ( لا ) . قلت : فالشطر ؟ قال : ( لا ) . قلت : فالثلث ؟ قال : ( الثلث والثلث كثير ، أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم ، ومهما أنفقت فهو لك صدقة ، حتى اللقمة ترفعها في في امرأتك ، ولعل الله يرفعك ينتفع بك ناس ، ويضر بك آخرون ) . و قال صلى الله عليه و سلم أيضا في الحديث الصحيح "في بضع أحدكم صدقة قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أما يكون عليه وزر ؟ قالوا : بلى ، قال : فلم تحتسبون بالحرام ولا تحتسبون بالحلال ؟ فكل فعل و لو كان من باب الاستمتاع بالحلال يحتسب فيه الأجر عند الله و هو من زرع الدنيا لحصاد الآخرة و الله تعالى اعلم. |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
12-30-2010, 05:40 AM | #5 |
|
جزاكم الله جميعاخيرا وجعل هذه الأعمال فى ميزان حسناتكم
|
من مواضيعي في الملتقى
|
|
12-30-2010, 08:38 AM | #6 | |
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يحضرني هنا قول للحسن البصري رحمه الله فقد قال : يا ابن آدم لا غنى بك عن نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أفقر ، والذي نفس الحسن بيده ؛ ما أصبح في هذه القرية مؤمن إلا وقد أصبح مهموما حزينا ، وليس لمؤمن راحة دون الله ، الناس ما داموا في عافية مسرورين ، فإذا نزل البلاء ؛ صاروا إلى حقائقهم ؛ فصار المؤمن إلى إيمانه والمنافق إلى نفاقه ، فسارعوا إلى ربكم ؛ فإنه لا يزال العبد بخير ما كان له واعظ من نفسه ، وكانت المحاسبة من همته . وأيضا هذا الأثر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه :عن أبي قلابة، وعن غير، واحد أن فلانا مر به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أوصوني، فجعلوا يوصونه وكان معاذ بن جبل في آخر القوم فمر بالرجل فقال: أوصني يرحمك الله، قال: " إن القوم قد أوصوك ولم يألوا، وإني سأجمع لك أمرك بكلمات، فاعلم أنه لا غنى بك عن نصيبك من الدنيا وأنت إلى نصيبك من الآخرة أفقر فابدأ بنصيبك من الآخرة، فإنه يسمو بك على نصيبك من الدنيا فتنتظمه انتظاما ثم يزول معك أينما كنت " بارك الله فيك على هذا الطرح القيم جعله الله في ميزان حسناتك |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
|
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
معنى قوله " إذا أمن الإمام فأمنوا "ومتى يكون التأمين | أبو إسحاق | ملتقى الآداب و الأحكام الفقهية | 3 | 10-24-2018 04:16 PM |
قوله تعالى :(والليل إذا عسعس ) | طالب العلم | قسم تفسير القرآن الكريم | 4 | 01-05-2013 11:44 PM |
قوله تعالى (وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ | طالب العلم | قسم تفسير القرآن الكريم | 3 | 12-25-2012 12:25 AM |
لماذا اختلاف صيغة الفعل في قوله تعالى (ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون)؟ | ابو عبد الرحمن | ملتقى القرآن الكريم وعلومه | 8 | 05-30-2012 11:41 PM |
حِكَم وأسرار من قوله تعالى( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ) | ورد | قسم تفسير القرآن الكريم | 8 | 01-08-2012 10:39 PM |
|